الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غزة أميرة الأحزان و الأحلام بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2014-08-20
غزة أميرة الأحزان و الأحلام بقلم : محمود حسونة
(أن تسبب الخوف للآخرين يعني أن تكون خائفا بقية حياتك ، لم يسبق أن استطاع أحد بث الذعر في قلوب الناس مع احتفاظه بسلامه الداخلي )
يمر بنا قطار أميرة الأحزان والأحلام في المسافة الممطوطة بين ليل الجرح الصاخب و النهارات المشتعلة ، وعبر النوافذ تحدّق فينا وجوها نصف منسية من الشهداء و الأحياء ، و وجوه الأحبة الذين أجبروك على الرحيل عنهم لتبقى مشتعلا في الجسد و الروح ، و تتساءل بحسرة : متى يعود بنا القطار إلى الأمام ؟؟!! لكن القطار يتابع مسيرته مسرعا بصمت الشهداء ودمهم الأنيق الطازج ، أحاول أن أنادي أحدهم ، أو ألوّح له بمنديل يدي المبتورة ، لكن القطار يمضي في الضباب المسائي الكئيب ، لتقول له : وداعا... بلّغ سلامي لكلّهم ، ثم تضمّك غزة عنيفا إلى صدرها المفروش بالمسامير من جديد ، وتستقبلك الغربة كالصفعة ، وتطوف بك في الشوارع المفخخة بكل أنواع القتل جوا و بحرا و برا !! لتتركك غير مستقر في حصارك أمام فوهة الوقت و المدفع ، لتربي الأمل و الصبر و الحلم .
( أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم )
القصف شامل و مضطرب ، جُنّ القصف ، القصف يمزق خبزنا وطفولتنا ودفاترنا وقمرنا ، القصف يلاحقنا في البيوت و الأزقة و الشرفات وفي دورتنا الدموية ، القصف متألق ومدهش ، القصف يُعد الوليمة على بريق الطائرات في صحراء الليل الوحشي، عناق شرس بين الأجسام و القذائف ( لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة. أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ في حلكة الأَقبية.)
والموت يزدحم ويضغط ، من يُنظم ازدحام هذا الموت القادم من عشر جهات ؟؟! كيف يستطيع الواحد منا تدبّر موته أو حياته وسط فوضى الموت ؟! فبين الطلقة والطلقة نبضة واحدة فقط ، فالوقت من دم !!
( نمتُ قبل ساعتين .. وضعتُ قطعتي قُطنٍ في أُذنيّ ,
ونمت بعدما استمعتُ إلى نشرة الأخبار الأخيرة ,
لم تقل إني ميت , معنى ذلك أنني حيّ ..)
لا للنوم ولا لليقظة ، نندهش من أننا ما زلنا أحياء !! نفتش في كل لحظة عن أسمائنا في قائمة الشهداء علنا نجدها !! لكن هناك متسع للموت ، فلا تنس أن تموت ، مُت كما تشاء : خنقا ، أشلاء ، حرقا ، لكن شهيدا شهيدا شهيدا !!
(أَلشهيد يُحاصرني كُلما عِشت يوما جديدا
ويسألني : أَين كنت ؟ )
هناك وقت للحياة و للموت ، نحن أسياد الوقت ، هناك وقت لتفسح طريقا ، لتلتقط أنفاسك ، لتحتضن ضحاياك ، لتصلي ، لتحيي زوارك ،لتمزق الحصار و الذل ، لتكفكف دمك المسفوح و هناك وقت لتطول البطولة .
(و لم نعثر على شيء يدلّ على هويتنا ، سوى دمنا الذي يتسلّق الجدران !! )واقفون بين رصاصتين ، ساهرون بين فوهتين ، خالدون هنا خلود بحرنا الذي يتنهد نسيما مالحا كالدمع ، نراقب الضوء في جرحنا ، نراقب وهج الورد في دمنا ، لم نتعب !! هدفنا أن نكون .
(وفي ما تبقَّى من الفجر أَمشي إلى خارجي
وفي ما تبقّى من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.
سلامٌ على من يشاطرني الانتباه إلي
نشوة الضوء ، ضوء الفراشة ، في
ليل هذا النَفَقْ .)
وجنكيز خان يتسامر كل ليلة عن مصير المدينة ( ألهذا أخذْت حياتي لتصنع منها حياتك ؟! ) يتناول الجعة ، يثمل ويسأل : كم بيتا هدمتم ؟!كم زيتونة اقتلعتم ؟ّ كم طفلا حرقتم ؟! أنا مجنون و مجنون في السلام و الحرب أنا مرعوب وفاشل!! أريد المزيد من القصف و النسف و العسف !!! كم تبقى من الوقت لنشيع الجنازة ؟!! متى سنرقص ؟! متى سنسكر ؟ ! كيف سنحتفل ؟! من سندعو للاحتفال من المتآمرين المنبطحين ،و الضحايا المؤجلين الذين سيدفعون الفاتورة الطويلة لنفقات الاحتفال الجهنمي ؟!! متى سنشرب نخب انتصار الهزيمة بنكهة الدم الحار ؟؟!!
( إلي قاتلٍ : لو تأملت وجه الضحيّةْ
وفكرت ، كنت تذكَّرت ...)
وغزة وسط الإعصار ، مدججة بالحزن و بالأحلام ، تكتظ بالطائرات و الأرواح المسافرة ، و الفرح المسروق ، غزة مدينة الأعياد ، مدينة الولادة والموت ، مدينة الحصار و الأبرياء و الشهداء و اللاجئين ، مدينة التجار الجشعين و الشواطئ و الصيادين المقهورين والموت المفروش كسجادة ، والجرح الذي ينمو كغابات لا حدود لها ، غزة ما زالت ترفع رايات الحلم والفرح ، والطائرات تحوم وتحوم لتصنع كرنفالا جهنميا .
(عندما تختفي الطائرات تطير الحمامات ،
بيضاء بيضاء ، تغسِل خدَّ السماء
بأجنحةٍ حرَّةٍ ، تستعيد البهاء وملكيةَ
الجو واللَهو . أَعلى وأَعلى تطير
الحمامات ، بيضاء بيضاء )

لا تندهش وأنت ترى الإعلانات عن المقويات الجنسية و العطور و المكياج تختلط بصور وأسماء الشهداء ،لا تنزعج وأنت تستمع لقهقهات الشامتين وتحليلات المنظرين المفلسين ، تختلط صور العظماء بأشباح الأنذال ، والجبن بالشجاعة !!!
( وحيدون ، نحن وحيدون حتى الثُمالة
لولا زيارات قوس قُزح
لنا أخوة خلف هذا المدى.
اخوة طيّبون. يُحبوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
ثم يقولون في سرّهم:
ليت هذا الحصار هنا علنيٌّ .. ولا يكملون العبارة: ... )
أصرخ في آذانهم : وجهي كوجهكم ، و الدم الذي يبصم على جوفي المتمرد دمكم وقبلتي قبلتكم ، ورصاصتي رصاصتكم ، لست غريبا عنكم يا ساكني مدن الورق المسلح بالتماثيل .
أجسادنا ستبقى حقلا لمعركتك ، الرحيل عنك صار مستحيلا ، فلا رحيل !! رغم مستنقع الرعب وجحيم الحصار المروّع ، فالرحيل عنك يعني دخول زنازين الذل ، سنبقى هنا على شواطئك الحالمة بالورد و الأغاني و الحب ، سنبقى لك وقودا وشهودا ...
( لما جاءني الأمس ، قلت له:
ليس موعدنا اليومَ ، فلتبتعد
وتعال غداً ! )

بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف