الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"أخلاق" الجيش الاسرائيلي تحت "الانديجينا"بقلم الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين

تاريخ النشر : 2014-08-20
"أخلاق" الجيش الاسرائيلي تحت "الانديجينا"بقلم الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين
"أخلاق" الجيش الاسرائيلي تحت "الانديجينا"

بقلم الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين
سجن جلبوع المركزي
2/8/2014
منذ ما يزيد عن شهر وغزة هاشم تتعرض لأشرس عدوان بربري وهمجي تنفذه الآله العسكرية الاسرائيلية ضد كل اشكال الحياة في القطاع الصامد، فالقتل والتدمير هما الهدف الرئيسي لهذه الحرب العدوانية الظالمة، اعتقاداً من صناع الموت والقرار السياسي في حكومة الاحتلال بأن الحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية في أوساط الفلسطينيين بين الحين والآخر سيردعهم ويبقيهم تحت سقف الهزيمة النفسية كما ألمح إلى ذلك في أحد كتبه ما يسمى بوزير "دفاع" جيش الاحتلال الاسرائيلي (موشيه يعالون).

فعلى مايبدو بأن الحقد والكراهية العنصرية، وشغف الانتقام، وشهوة القتل المسيطر على عقولهم لازال يحجب عنهم حقيقة أن إرادة الشعوب لايمكن أن تنهزم مهما طال عمر الاحتلال، وهذه حتمية تاريخية لاخلاف عليها.

فاجتثاث الشعب الفلسطيني من وطنه، وعدم السماح بتبلور كيان سياسي مستقل يمتله لازال يشكل الهاجس الاكبر الذي يؤرق تفكير الحكومات الاحتلالية المتعاقبة، وما الحديث عن السلام إلا مماطلة سياسية لخداع المجتمع الدولي، والرأي العام العالمي، وكسب المزيد من الوقت "الشرعي" لتعزيز وجود الاحتلال، وخلق ظروف وشروط جديدة لإعادة التفاوض عليها، كما عبر عن هذه السياسة بشكل واضح رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسبق (اسحق شامير) إبان مؤتمر مدريد للسلام عام 1991م.

وفي هذا السياق يجب إدراك الدافع وراء محاصرة واغتيال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، ورفض التعاطي مع اعتدال الرئيس أبومازن والمبادرة العربية للسلام، ومحاولة اسقاط حكومة الوفاق الوطني التي تمثل أحد الأهداف للحرب المسعورة التي تشن على قطاع غزة.  ومن بين الاستدلالات التاريخية على التوارث الرسمي لهذا النمط من التفكير، عُينت (عيدا سيرين) بعد احتلال عام 1967 رئيسة للجنة ترانسفير هدفها تشجيع سكان قطاع غزة على الرحيل عن أرضهم، وكان (ليفي اشكول) رئيس وزراء حكومة الاحتلال في حينه يسألها مرة كل أسبوع: "كم عربياً رحّلت حتى الآن".

وبناء على ذلك تتحرك كل مؤسسات الاحتلال، و"أخلاق" الجيش الاسرائيلي لايمكن الحكم عليها من خلال ما يتبجح به الناطقون العسكريون باسمه، أو المحللون السياسيون، أو إعلامّي وسياسي اسرائيل الذين يظهرون عبر وسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الاعلام الاسرائيلي، وانما ممارسات الجيش على أرض الواقع هي التي تمنح الاحكام قيمتها، سلباً أو إيجاباً، فاستهداف وقتل وجرح الآف المدنيين الأبرياء وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم، وقصف المنشآت الاكاديمية والدينية والصناعية والحكومية والزراعية وغيرها، والقضاء على المصادر المساعدة على الحياة كافة من مياه وكهرباء ومستشفيات، كل ذلك يشير إلى أن ما يجري على الأرض من مذابح ومجازر بحق المكان والسكان لايعدو كونه حرب إبادة جماعية تشن على شعبنا للخلاص منه تحت يافطة الدفاع عن النفس، فشرعنة هذه الجرائم الوحشية، وتجريم شرعية المقاومة هو النهج ذاته الذي اتبعته سلطات الاحتلال منذ نشأة الثورة الفلسطينية المعاصرة وحتى يومنا الحاضر.

ومن بين المفارقات "الاخلاقية" المزعومة لهذا الجيش المجرم، بأنه يطالب الفلسطينيين بإخلاء منازلهم قبل قصفها، لكن أجهزة حماس العسكرية تمنعهم من القيام بذلك بالقوة، ومع هذا يسارع إلى إطلاق وإلقاء الآف الأطنان من القذائف والصواريخ المتفجرة فوق بيوتهم دافناً المئات منهم تحت الركام، ومخلفاً آلاف الجرحى والآف البيوت المدمرة، والأدهى من هذا كله أن صفارة الإنذار "الاخلاقية" التي يحذر من خلالها هؤلاء الأبرياء لا تمنحهم ثانية واحدة للنجاة، لأنها مجرد صاروخ تحذيري محدود الانفجار، حتى وإن انتزع بمعيته بعض الأرواح، يتبعه بعد عدة دقائق "أبطال سلاح الجو" بالقاء حمولتهم "الدفاعية" من عشرات الصواريخ الامريكية الصناعة والتمويل، والتي يزن أقلها الطن الواحد من المتفجرات.

فيالي هذه "ألاخلاق الحميدة"، التي تصف رجال المقاومة الفلسطينية بالجبناء لأنهم يلجأون إلى الانفاق تحت سطح الأرض، بينما تصف الطيارين بالأبطال والشجعان بالرغم من ارتفاعهم ألاف الأمتار فوق سطح الأرض،  وعلاقتهم باحداثيات الأهداف التي يقصفونها لا تتجاوز المكعبات والنقاط السوداء على شاشات راداراتهم!!

أوليس حرباً بهذا العالم "الحر" من العدالة أن يتساءل: أين سيذهب هذا الغزي بعد ترك بيته الذي لم يعد يمتلك في هذه الدنيا شيئاً سواه؟ وأين هو المكان الآمن الذي سيلجأ إليه في هذا القطاع المحاصر والمحروم من كل مقومات الحياة في بقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز مساحتها 365كم2؟

فإن لم تمنعه حماس –كما تدعي اسرائيل- من الاخلاء، سيمنعه الواقع المرير الذي يحياه، لأنه متى تساوت قيمة الحياة مع الموت لايعد للخيارات معنى!! بدليل أن الذي استجاب لأوامر الإخلاء لم ينجُ من الموت الذي لاحقه لينال منه تحت راية المؤسسة الاممية في مدارس الأمم المتحدة، والتي بدورها أكدت على لسان وبدموع ممثلها في قطاع غزة بشاعة وبربرية الاحتلال، فالمدارس المكتظة باللاجئين كانت خالية تماماً من أية مظاهر عسكرية تذكر!!

قرابة الستين عائلة فلسطينية، تم إبادتها بشكل كامل، أو شبه كامل، والذريعة "الاخلاقية" لهذه الجريمة، ان البيت استهدف بسبب وجود أحد أفراده الذين يخطط لإلحاق الأذى بالمواطنين الاسرائيليين، فهل يوجد منزل اسرائيلي واحد لا يحتوي على جندي عامل أو في قوات الاحتياط، يشارك أو يعد نفسه للمشاركة في قتل الفلسطينيين في قطاع غزة، أو حيثما اتيحت له الفرصة لذلك؟! فكيف يمكن نعت صواريخ المقاومة التي لم تقتل سوى ثلاثة مدنيين حتى الآن، بالعمل الإرهابي في الوقت الذي توصف فيه الصواريخ الإسرائيلية التي أزهقت حتى الآن أكثر من (1900) روح، وقرابة 10000) جريح، وسحقت آلاف المنشآت والبيوت بالصواريخ "الدفاعية" وفي أفضل الحالات بالاستخدام المفرط للقوة!!

إن الكراهية التي تغرسها اسرائيل جراء جرائمها الوحشية في نفوس الفلسطينيين ومحيطهم العربي والإسلامي، وفي أوساط مناصريهم حول العالم أخطر بكثير من الصواريخ التي يطلقها رجال المقاومة في محاولاتهم المتواضعة لصد العدوان، وردع الصدف الاسرائيلي، على أمل خلق نوع من التوازن التكتيكي في موازين القوة العسكرية بين طرفين غير متكافئين اصلاً، لأنه من الظلم أن يصور الصاروخ الفلسطيني إعلامياً، وكأنه يقابل ويوازي الصاروخ الإسرائيلي من حيث التأثير والفاعلية، فحجم الرأس المتفجر لأكبر صاروخ فلسطيني لا يتعدى (20كغم)، أما الصاروخ الاسرائيلي فيتجاوز أل (1000 كغم)، بمعنى آخر، كل الصواريخ الفلسطينية التي استخدمت لغاية الآن، يقابلها عشرة صواريخ اسرائيلية من بين الآلاف التي سقطت فوق بيوت غزة ورؤوس قاطنيها، فالصاروخ الحقيقي الذي يصعب نزع فتيله هو الكراهية، والكراهية لاتزول إلا بزوال الإحتلال بعد جيل أو جيلين على الأقل!! فهل يدرك (نتنياهو) وطغمته الحاكمة أنهم لازالوا يحصدون ما زرعه (بن غوريون) وزمرته، وبأن الجيل الاسرائيلي القادم سيجني ثمار ما يغرسون اليوم؟!

إبان الاستعمار الفرنسي للجزائر أصدر قانوناً عرف باسم قانون الأهالي (الانديجينا) وهو يبيح لأصغر حاكم فرنسي أن يسجن الجزائري خمسة أيام ويغرمه خمسة عشر فرنكاً، وله أن يضاعفها، واذا كانت رتبة الحاكم كبيرة فيحق له أن يزيد العقوبة حتى تصل إلى النفي خارج الوطن لمدة عام دون أن يتمكن الجزائري من الدفاع عن نفسه.

وفي فلسطين كل جندي اسرائيلي بمثابة حاكم، فهو على الحواجز والمعابر حاكم، وعلى أبواب المجمعات التجارية حاكم، وفي الأماكن السياحية حاكم، وفي الشارع حاكم، وأينما وجد حاكم، ولديه صلاحيات مفتوحة خاضعة لتفسيره الشخصي لمفهوم الأمن "فيحق" له أن يجبر إمرأة فلسطينية بالولادة على الحاجز العسكري، ويحق له أن يوقف ويعري من يشاء من الفلسطينيين اذا ما اشتبه بهم، ويحق له منع إقامة الصلاة في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وكنيسة القيامة متى يشاء، ويحق له أن يمنع مرور الآف العمال عبر الحواجز العسكرية لأنه في ذلك اليوم اختلف مع صديقته وتعكر صفوه، ويحق له أن يعتقل ويزج في السجون، ويحق له أن يضرب الفلسطيني ضرباً مبرحاً اذا لم تعجبه ابتسامته ونظرته أو تثاقل من رؤية منظره، ويحق له أن يطلق عليه النار ويرديه قتيلاً لأنه رفض الإنصياع للأوامر التي تحط من كرامته، ويحق.. ويحق.. ويحق.. لأنه اسرائيلي ولأنك فلسطيني، ففي كل الأحوال الفلسطيني مدان، لأن "اخلاق" الجندي الاسرائيلي لا تسمح له أن يقوم بأي عمل خارج نطاق القانون (تفسيره الشخصي للأمن).  وبما ان اسرائيل دولة تمييز إثني وليس عنصري وحسب، فإن "أخلاق" الجيش الإسرائيلي تحت "الانديجينا" أي تحت تحت الصفر.

وفي اعقاب هذه الحرب الفاشية الظالمة، وبعد أن ندفن شهداءنا ونضمد جراحنا، علينا كفلسطينيين أن نجلس سوياً، ونعيد تقييم وتقويم أخطائنا، وفي مقدمتها اعادة صياغة علاقاتنا الدولية على قاعدة: أن الانحياز للقاتل جريمة بحق شعبنا، والصمت تواطؤ مع المجرم، فقد آن الأوان لوضع حد لكل من يعتقد بأننا الطرف الأضعف في المعادلة ويسهل الضغط عليه، وهذا الأسلوب هو الذي فرض حضورنا على الخارطة الدولية مع بداية ثورتنا المعاصرة.  فالاهتمام الامريكي والدولي بحياة جندي اسرائيلي وقع في قبضة المقاومة الفلسطينية، وتجاهل المجازر البشعة والدمار الشامل المرتكب بحق القطاع وأهله، ونسيان آلاف الأسرى والمختطفين الفلسطينيين، لا يعبر عن وقاحة وعهر هذه الدول والمؤسسات فقط كما يحاول أن يصور الأمر بعض المحللين والكتاب.  ولكنه يأتي نتاج طبيعي للغة السياسة الصارمة المتبعة من قبل سلطات الاحتلال في مخاطبة هذه الدول والمؤسسات، ولّلغة السياسية المرتبكة، المستخدمة من قبلنا، فلا يمكن أن ننجح سياسياً على الصعيد الدولي اذا ما استمرينا في مخاطبة ود حلفاء اسرائيل على حساب حلفائنا، فاقترابنا المتهاون من هذه الدول يجب أن يبقى مشروطاً باقترابها من مصالحنا وحقوقنا المقرة دولياً، لأننا لسنا الطرف المعتدي، ومقاومتنا للإحتلال حق مشروع لن نسمح بالمساومة عليه، حتى وإن تضمنت تضحياتنا جزءاً من علاقاتنا الدولية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف