الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رفض التأقلم مع التغيير, وعي أم ردة فعل؟ بقلم: علي عاهد عبد الباري

تاريخ النشر : 2014-08-20
رفض التأقلم مع التغيير, وعي أم ردة فعل؟ بقلم: علي عاهد عبد الباري
رفض التأقلم مع التغيير, وعي أم ردة فعل؟
بقلم: علي عاهد عبد الباري
يتميز الإنسان بقدرته العالية على التأقلم خصوصا على الصعيد الاجتماعي, بمعنى انه ومهما كانت الظروف الجديدة مغايرة ومختلفة وغير متوقعه, فإنه يتكيف ولو بالحد الأدنى ليحافظ على الشكل العام للاستقرار, أي التعامل مع التغيير بالقدر الذي يحدد مداه, فتختلف صور التحديد ما بين الانكار و التجاهل او قلب الاقطاب على امل عكس تأثيرها.
صباح يوم السبت 18 تموز, استيقظت على صوت انفجار هائل هز المبنى الذي أسكنه, لم تكن المرة الاولى التي نستيقظ فيها ذلك اليوم على اصوات انفجارات قريبة, لكن هذه المرة كان الاستهداف لشقة سكنية تعلوا شقتنا بطابقين, رائحة البارود تعم البناء المكون من احدى عشر طابقا, والرعب يعم كل السكان, سارعت مع بعض الجيران لمساعدة سكان الشقة المستهدفة ليتجدد القصف على الشقة التي تعلوها أثناء تواجدنا في الاولى, و لم يتوقف القصف بل امتد ليطال استهداف شقق اخرى في المباني المجاورة.لم يكن من سكان الحي الا ان انتابهم الهلع ,وسارع الاغلب لإخلاء بيوتهم بحثا عن الأمن, عائلتي كذلك قررت التوجه الى منزل احد الأقرباء في منطقة "أكثر أمنا"  نسبيا, وهكذا حال اكثر من ربع مليون فلسطيني من سكان اطراف غزة غادروا منازلهم على امتداد ايام العدوان باتجاه قلب المدينة إما لمنازل أقرباء لهم او الى مراكز الإيواء المؤقت, التي استقبلت النازحيين على امتداد تواجدها, و التي يُعتقد أن تكون آمنه لأنها تتبع مؤسسات اممية مُعرًفة لدى قوات الاحتلال هي وكالة تشغيل وغوث اللاجئين "انروا", إلا ان أمنها أيضا  يوصف  بأنه نسبي و ذلك لأنها إستُهدفت أثناء إيوائها للاجئين مرات عدة, سواء خلال هذا العدوان أو سابقاته, والأمثلة لمن يرغب بالمعرفة كثيرة.
اللجوء, وتحديدًا الى مراكز الإيواء يغير نمط الحياة التقليدي للنازحيين الى اقصى درجات التغيير, فكل الأشياء الاعتيادية في حياتهم تتحول وبشكل مفاجئ. يُعاد توزيع كل شيئ, تُزال الخصوصية, تُنزع كل اشكال الترف وتُصبح الأولويات موجهة الى الأساسيات المهمة لإستمرار الحياة, فتوجه الى اقتناص حيز مريح للإستقرار, والى توفير الماء الصالح للشرب, والى توفير ما يسد الرمق وغيرها من الضروريات الأساسية.مراكز الإيواء التي هي في الواقع مدارس بمرافق محدودة, مصممة بالحد الأدنى الذي يوفر للطلاب جو دراسي مقبول, وبالتالي فإن تحويلها الى قرى صغيرة ليس بالشيئ السهل, خصوصا مع عدم وجود كادر مؤهل لقيادة الطوارئ وإدارة الازمات.
منذ اليوم الأول لبدء نزوح سكان شرق غزة, تطوعت مع مجموعة من المتطوعين في استقبال النازحين وتنظيمهم وتسجيلهم في سجلات المركز كما عملنا على توفير ما نستطيع من بعض الاحتياجات الخاصة, كنا نعمل مباشرة معهم وكان واضحا مقدار الأزمة في التواصل على كل المستويات. الصراخ والعنف احيانا كثيرة سائدان على التعقل والتفاهم, العقلانية في ادارة الموارد المتاحة غائبة, كما يغيب الأمل ويزداد انتهاز الفرص لظروف حياة افضل واجمل, كأنما خُلق مجتمع جديد, اختلطت فيه مكونات كانت قد إستقرت على ذواتها, إختلطت قسراَ في كل المشتركات,  اختلطت العائلات والطبقات والدرجات العلمية, ازيلت حواجز القوة و ولِدت علاقات جديدة في طور التًشكل.
هذه التغييرات, تأتي بعد أن عاشت هذه الأُسر فترات عصيبة من التعرض المباشر للموت, وفقد الابناء والأباء والأقرباء واصابتهم بجراح, أو الجهل بمصير بعضهم, ومع استمرار المعركة وتضارب الاخبار وشُحها والشائعات, تتزايد التساؤلات عن وضع منازلهم وأخيرا تتفجر أسئلة المستقبل, ماذا بعد؟
أمام هذه الضغوط, تُزال تفاهمات العقد الإجتماعي و إن مواربة, و تُباح أشكال جديدة غير مألوفة من العلاقات التي تبني توازنات جديدة, كما تظهر حالات عنيفة من الرفض لهذه التشكلات إما بناءًا على التمسك بالاشكال القديمة او لإعتقاد الرافضين بفحش ظلم الانماط الجديدة لهم.
منذ بدأت هذه المعركة, و انا احاول الا اقع في أي مجال يقلل من قدرتي كوعي على تقدير الموقف لحظة الحاجة الى الوعي النقي الذي يخفف الضرر الى ابعد مدى ممكن.هكذا, بت أحاول كتم مخاوفي وخوفي من القذائف المتساقطة, بت اتظاهر بالقوة, اللاإكتراث امام اخوتي  وأصدقائي و كل من أحب, بالعكس ايضا احاول عكس التأثير في محاولة قلب الصورة الى شكل ايجابي من المواجهة, اضافة تجاهلي كل ما يتعلق بما يثيرني على المستوى العاطفي او الانساني, فلا اكتب واحاول تجنب الصور المؤلمة -رغم متابعتي الجيدة لكل المستجدات- بل واحيانًا تجاهٌل كثير مما يقال بداعي انها غير مهمة, وفي اللحظات الحاسمة و رغم الخوف الذي اعتراني, أتصرف بتماسك, احاول أن استكشف الوضع و التفكير بأكثر الخيارات الآمنة المتاحة و التحرك ضمنها.
الحقيقة, أن كل ما أفعله بالواقع لا ينفي ما يحدث, لا ينفي أنني فعليا لاجئ ضمن سلسلة من اللجوءات التي لم اقررها يوما بإرادتي فأنا ولدت لاجئا بمخيم اليرموك بدمشق ولاحقا انتقلنا لليمن ثم عدنا اخيرًا لغزة, ووالدي من قبلي ولد بمخيم الشاطئ بغزة, ثم لجأ الى الاردن إبان حرب 1967, ثم اضطر ان يعيش في سوريا بعد ان صودرت اوراق سفره الاردنية الخاصة باللاجئين. إن جميع هذه التنقلات حدثت  قسرا و بالقوة و بلا قرار,و ودوما كانت العودة الى وضع اللجوء السابق الافضل نسبيا مجهول. أنني محاط باللايقين, وأسئلة المستقبل تزداد الحاحا و غموضا, وللحظة, بت اخاف برود ردّات فعلي تجاه الأشياء, جميلها و قبيحها.
أتمنى أن لا نتأقلم مع هذا الوضع,ألا نعتاده, بل يجب أن نعي بوضوح انه الوضع الشاذ مهما أستمر, وأن غزة الطبيعية التي نحلم بها هي التي لا يفصلها عن هذا الوطن حواجز, ومعابرها  مفتوحة, وتحكمها منظمات سياسية ممتدة على كافة انحاء هذا الوطن.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف