الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مقدمة لقراءة الخطاب الثقافي الظلامي العربي المعاصر بقلم:د. عبدالله عيسى

تاريخ النشر : 2014-07-28
مقدمة لقراءة الخطاب الثقافي الظلامي العربي المعاصر بقلم:د. عبدالله عيسى
مقدمة لقراءة الخطاب الثقافي الظلامي العربي المعاصر
د. عبدالله عيسى *

يدهشك الخطاب الثقافي المعاصر ، ليس بالتباسه على ذاته كما كان من قبل إذ يتقنع ببلاغة التحايل على تأويلاته برمزية حمّالة أوجه أو بانكفائه على تجريدية تبذل عطاء مريباً للقبض على المسافة بين غموضها المريب أيضاً ولا جدواها التي تدعو للتفكّه في أحايين كثيرة ، بانقسامه على ذاته في سرد تعريفات غريبة واقتراح إعادة قراءة مريبة لمفاهيمنا وقيمنا الثقافية ، وبالتالي محاولة جر ّ البنى الذهنية إلى حظيرة الظلامي ّ عبر التحالف مع دعاة النكوص إلى الثابت القديم في تاريخنا - المؤسسة على محو الآخر ونسف أواصر التعايش وتدمير روابط السلم الأهلي على حوامل دينية أو مذهبية أو طائفية  ، أو الإحتشاد خلف رواية العدو ّ لوجودنا وحضارتنا عبر اقتناص روايته  القائمة على القتل وتقديمها بوصفها نفقاً يخرجهم إلى العالمية عبر الحصول على جوائز مسيّسة أصلاً ًْ ومرهونة بالتواطئ على القيم الثقافية والإنسانية لعالمنا .
أ- ففي مقابل المنجز الحضاري المؤصل على تثوير الثقافة العربية بالتقاط عناصر التحول المضيئة فيها ، وإعلان القطيعة مع النموذج القديم والتصورات التي أنتجته ، عبر تقدم مقترحات ثقافية قامت على نسف هذا النموذج ، أدوات ٍ وتصورات ٍ ، عبر حركات تجديدية تنويرية مسّت عمود الثقافة العربية وقدمت تضحيات كثيرة ، عبر اصطدامها بأصحاب النقل وفتاوى القتل والتكفير والاتهام بالزندقة ، كما تم في سحل الفلاسفة كالحلاج والسهروردي وشعراء مثل ابن برد وحرق كتب كمؤلفات بن رشد ، واتهام بالزندقة كالمعري ، مثالاً لا حصراً في تاريخنا ، وفي وقتنا المعاصر مثل قتل فودة ، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ ، وتكفير نصر حامد أبو زيد ، مثالاً لا حصراً أيضاً ، يرتد مثقفون ، أو هكذا هيئ لنا أنهم كذلك طالما أن الثقافة هي  موقف و مسلك حضاري يتقدم إلى جهة الحداثة ويقبض على روح الإنساني المعتصم بالتعايش بين الكائنات والثقافات  المتعددة والسلم الأهلي وبرفض التحالف مع القتل ومحو الآخر المختلف ، ليتحالفوا مع دعاة الفكر الظلامي الذاهب بوحشية قتل الآخر المختلف مذهبياً أو طائفياً أو ثقافياً حتى ، وتدمير أوابدنا الحضارية مسيحية أو إسلامية ، كما يحصل في سوريا والعراق بأيدي منظمات إرهابية مثل داعش والنصرة ولفيفهما . فكيف يمكن لهؤلاء أن يؤيدوا أو يصمتوا على تكفير ودعوة قتل أحد أهم الأسماء الثقافية التي أحدثت تثويراً وتطوراً عمودياً في وعينا وثقافتنا مثل أدونيس ؟ أو ينحازوا إلى منع فيروز ، مثالاً ، في المناطق التي احتلها هؤلاء الإرهابيون ليقيموا عليها إماراتهم وخلافتهم ؟ وما المبرّر اللفظي الذي يسوقونه بصمتهم المرعب والمريب على تدمير المعالم الثقافية الفريدة ، كما في معلولا السورية - المدينة الوحيدة في العالم التي لا تزال تتحدث بالآرامية لغة السيد المسيح وتحتفظ لذاتها بالمدرسة الوحيدة في العالم أيضاً التي تعلم هذه اللغة المقدسة لمعظم أبناء البشرية ويحصل في العراق من تدمير مقابر الأنبياء ، وفي كلا البلدين استحلوا دماء وأموال المسيحيين بوحشية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني برمته .
ب- ثمة صمت مفزع ومريب أيضاً على هجوم أصحاب دعوات تجييش العقول وجرٌها إلى حظيرة  الظلامي ّ . فإذا كان  بعض المثقف  ، وبالتالي جزء من الخطاب الثقافي ، قد اتهم مسبقاً بأن أصبح بوقاً دعائياً للسلطة الثقافية القائمة ، وهي في كل وجوهها أكثر تقدماً وتطوراً من الشعار الديني المرتبك و المربك في آن ، طالما أنها ، وبمعزل عن إدارة بعضها لعناصر التحول الجديد في عالمنا ، قامت ببناء وتطوير أشكال وأدوات الحداثة المعاصرة عبر تلاقخها مع الثقافات الأخرى ودعمها لثقافة التجديد والتجدد في دولنا المعاصرة كإنشاء المسارح ودور السينما والمكتبات وتشجيع النشر والعمل الإبداعي والثقافي وإقامة مهرجانات دولية وسواها من صور تتحرك بواقعنا إلى مناخات عصرية حداثية ، فإنه بعض هذا المثقف ، أو من يدعي ذلك أو يقدم بهذا اللقب ، يتحالف مع ما سمي تيار " الإسلام السياسي " ، أو يغض البصر والكلمة عن امتداداته ، وهو الذي ، أقصد هذا التيار ودعاته ، سن ٌ صكوك الفتاوى والخطب و أعلن الجهاد ضد الدول العصرية التي اصطلح على تسميتها " دول ما بعد الإستعمار " المعاصرة ، ومؤسساتها وجيوشها ، في إطار حملة تفضي إلى تفتيت هذه الطول وصوملتها ، فغدا هذا النمط من المثقفين وأشباههم أشبه بطابور خامس لهؤلاء الظلاميين .
والمدهش المريب في آن أنهم أصبحوا أبواقاً للظلامية هذه . من خلال إعادة صياغة منتج قدمه الإعلام القادم على رائحة النفط و  الطربوش العثماني في تحالف مع سطوة الموديل المقدم من سلطة الموديل الغربي والأمريكي .
وهكذا ، تآمروا على المنجز الثقافي الأصيل في وعينا ووجودنا ، بأن أرادوا تعسفاً تقديم  تعريفات الواقع والثقافة بما ينسجم وهيمنة  السياسة و الثقافة العدوة آلذاهبة إلى تفتيت دولنا المعاصرة وتهديم أواصر حضارتنا المستندة أساساً على التعايش والتعدد والسلام الأهلي . وهكذا ، يسمون الإلتزام بقيمنا وثقافتنا المعاصرة العصرية المتجددة زندقة ، و الوقوف إلى جانب خط الثقافة المقاومة يصفونه تعسفاً كفراً .
ج- ينبغي كشف الخطاب الثقافي هذا المتحالف مع الخطاب الظلامي ، وتعريته ، بل ومحاربته بكافة الإشكال . فلا يمكن السماح لهؤلاء الظلاميين ومن يتحالف معهم  أن يذهبوا بعيداً بإحراق كتب أدونيس أو تراث فيروز ، مثالاً لا حصراً. أو تدمير معالمنا الثقافية ، بما فيها المتاحف وتدمير مقتنياتها الثقافية التي تهم الإنسانية جميعاً تحت حجة انها أصنام محرمة . وكذلك الوقوف في وجه أصحاب رفض ثقافة المقاومة بدعوى الدخول في مضارب المشروع الغربي ،  والتصدي لدعوات التدخل العسكري ، بما يخدم المشروع العدو ّ، لضرب دولنا المعاصرة وجيوشها التي تشكل حصناً للحفاظ على  الدولة العصرية ، أو تقديم آيات الشكر للعدو على قتله للفلسطيني الصامد بفعل امتداد خط المقاومة  والممانعة ورسوخه في وجداننا ، أو دعوته لضرب دولنا ومكافأته بقيام سلام معه . سلام مع القاتل العصري الفذ ّ . لقد سقطت الأقنعة وبدت وجوههم بملامح أعداء ثقافتنا الأصيلة .
* شاعر وأكاديمي مقيم في موسكو
Abdulla_issa@ hotmail.com
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف