الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الدخان المتصاعد من فوهة بركان غزة بقلم : السفير خالد محمد النجار

تاريخ النشر : 2014-07-27
الدخان المتصاعد من فوهة بركان غزة  بقلم : السفير خالد محمد النجار
الدخان المتصاعد من فوهة بركان غزة 

بقلم : السفير /خالد محمد النجار
(1)
رغم دعم هيلاري كلينتون لأسرائيل كسائر السياسيين في واشنطن ؛ إلى أنها نظراً لكونها وزيرة خارجية سابقة وزوجة رئيس سابق (بيل كلنتون ) ، محيطة بالتعقيدات التي تواجه إسرائيل في المنطقة .
في كتابها" الخيارات الصعبة" تقول هيلاري كلينتون: نظرا لنسبة المواليد العالية بين الفلسطينيين ونسبة المواليد الضئيلة بين الاسرائيليين نحن نقترب من اليوم اللذي يكون فيه الفلسطينيون في فلسطين التاريخية أكثر من الاسرائيليين وعليه فإن معظم الشعب الفلسطيني سيكون في الدرجة الثانية في المجتمع ولن يكون له الحق في الانتخاب. فما دامت اسرائيل لا تريد انهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية فسيكون من المستحيل على اسرائيل الاستمرار عاجلاً أم آجلاًفي الوضع الراهنكدولة ديمقراطية ويهودية. للإسرائيليين اختيار واحد ، دولة عنصرية أو السماح  بإقامة دولة فلسطينية خاصة بهم.
 
وعلى هذا الأساس فإن هذه المشكلة الديموغرافية للسكان في فلسطين التاريخية بالنسبة لإسرائيل والتي صرح بها نتنياهوعلى قناة "فرانس 24" بقوله: الفلسطينيون ليسوا مستعدين للتسوية بعد بالإعتراف باسرائيل دولة يهودية ؛ فنحن، كما يقول،- لسنا على إستعداد لمنح أراضي ولا نعلم الوضع الذي  سيكون في الأراضي الفلسطينية في الجانب الآخرمن إسرائيل .هل نعترف بدولة فلسطينية قد تكون في حرب دائمة مع إسرائيل . هل سيطلبون من  إسرائيل اغراقها بالاجئيين الفلسطنيين .

في ظل هذا التصور الاسرائيلي ، والذي لا يرى إقامة دولة  فلسطينية على حدود أراضي 1967 ، هو الحل الشامل  ، والطريق المسدود في الحصول على الاعتراف بدولة يهودية ؛تبنت إسرائيل استراتيجية جديدة  لإنتزاع هذا الاعتراف ؛ وقد تمثل في إجراءات الحصار المشدد ،التنكيل بالشعب ،الارهاب من المستوطنيين ، تدمير المقاومة في غزة، وشل الحركة الإقتصادية  لخلق حالة جديدة من الضعف والوهن الفلسطيني يصعب معه المقاومة ، أداة ضاغطة ووسيلة لإنتزاع الاعتراف بالدولة اليهودية. فهو _نتنياهو  _ ، مستلهماً من شارون ، يريد إنتزاع الاعتراف بالدولة اليهودية كما تنتزع الروح من  الجسد ، بوسائل  أدوات التعذيب   للشعب الفلسطيني ..
وكشف نتنياهو عما في صدره إلى أقذر من ذلك .فهو يقول : على الفلسطنيين أن يُعلموا ابنائهم السلام !. عليهم أن يقولوا جهرةً للعالم - نحن "نعترف بدولة يهودية ". فالمستوطنات والحدود ليست هي  المشكله في نظره ! بهذا  ، هو يريد تحويل الشعب الفلسطيني والمنطقة إلى عصر الرقيق . الطاعة الكاملة والانصياع لجبروت القوة .وتحمل الذل والمهانة دون إعتراض .
رؤية " كلينتون"  السابقة لم تكن لتلائم طبيعة اسرائيل التي لا تقبل الحلول الوسط ، ولأنها لا تثق بالفلسطينيين حتى وإن اقترحوا عليها وجوداً كبيراً فعالالقوات” الناتو”  في الأراضي الفلسطينية  لإذابة مخاوف اسرائيل من إرهاب مستقبلي محتمل عليها في حين اقامة الدولة الفلسطينية . اسرائيل ، نظرا لتاريخ الإبادات  التي تعرض لها اليهود في أوربا ، لا تثق حتى في " الناتو" ولا في أوروبا ذاتها . اسرائيل لا تثق إلا في وسائلها الأمنية ونظامها ورجالها على المدى البعيد ؛ ذلك ان كانت اسرائيل ترغب في الحل السلمي أصلا.
(2)
ففي غزة استنسخت إسرائيل أبشع الحقب من التاريخ في الإبادة الجماعية والعنصرية- كحصار “ليننجراد وقصف" برلين" في الحرب العالمية الثانية وتم تطبيقه فعلياً على غزة- كما نشهده الآن -ليس  هذا فحسب بل حُرمت غزة من الكهرباء سنين وتركت تعوم وتشرب من المياه الملوثة  التي تنشر الأمراض المزمنة.
أما في الضفة ، فنظرا للموقع الاستراتيجي لها كمنطقة تحاذي اسرائيل طولا بأكثر من "145 كيلو متر" مع حدود إسرائيل وتضاريس جبلية ومغارات هي ثغرات للمقاومة ، فمنعا لإثارة السكان بالحرب المباشرة والإبادة الجماعية كوسيلة  تدخل إسرائيل في مغامرة تحويل الضفة الى معقل للمقاومة كما هو في غزة ويتسبب في نتائج وخيمة عليها مستقبلا ،اختارت إسرائيل سياسة الموت البطيء ، كالسم البطيء اللذي سرى في عروق الشهيد" ياسر عرفات "وتسبب في وفاته.
تمثل هذا السم البطيء القاتل بإفلات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين المسالمين . لأن مصير الشعوب وبقائها، وخاصةً الغير صناعية،لا يمكن استمرارها دون   الحياة الزراعية وتوفيرالمصادر المائية . فالفقر المدقع- يكون نتيجةً لغياب مصادر المياه مثل الصحراء الكبرى . والازدهار ينمو في  الدول الغنية بالمياه مثل كندا ،وبعض الدول الاوروبية ، واجزاء من الولايات المتحدة . وهذا سببا لهجرة السكان من الصحراء العربية على سبيل المثال لشح المصادر المائية. وليس حرمان قطاع غزة من أية مياه نظيفة إلى لنفس الأسباب المذكورة .
فعدد المستوطنين في تزايد ، ويتناقص معه نصيب المياه للفرد في الضفة ، فتتقلص الحياة الفلسطينية شيئا فشيئا ويزداد الفقر تبعاً لشح المياه والرغبة في الهجرة نتيجةً لذلك. إلى جانب مصادرة الأراضي ، والبيوت تهدم بالقدس، والخليل يشتد عليها الخناق، ومدن الضفة تحاصر. ثم لن تعرف بعد زمن قريب أهي عيب في نظارتك أم ضعف في البصر ، فلا تفرق بين سور المعتقلات وسور الجدار العنصري، وبين طوابير المعتقلين في السجون يحملون الأطباق ينتظرون الطعام ، وبين طوابير الموظفين ينتظرون  أموال" المقاصة" من إسرائيل ثم راتب مستقطع منه أو مقطوع. تلك هي  صبغة ووسيلة الانتقال من مرحلة الاستعباد الى حياة الرقيق التي يرسمها نتنياهو للفلسطينيين . 
فبدلا من تلبية ابسط مطالب الشعب الفلسطيني في غزة المطروحة الآن- الحق في الحياة  والعيش كسائر الشعوب في حرية وكرامة وعوامل اقتصادية تعين القطاع لأن يكون قابلا للحياة - أو تلبية مطالب الضفة الغربية بوقف الاستيطان وإطلاق سراح السجناء ،  تستمر اسرائيل بتعنتها وبتصعيد الصراع  من مراحل عنيفة إلى أعنف ومن القتل الى الإبادة الجماعية ومن العقاب بهدم البيوت الى التدمير الشامل . متبعة نفس أخطاء بعض الدول العربية التي بدأت بانتفاضات مطالبة في بعض الحقوق المدنية ثم إنتهى الأمر إلى الدمار الكلي!

(3)
 قد لا تتمكن المقاومة في غزة من تحقيق جميع أهدافها وقد تتمكن إسرائيل من تحقيق بعض أهدافها ولكن نتائج تلك الحرب التي عبرت عنها "كلينتون"منذ 2012  قولها " لايمكن لإسرائيل الاستمرار في الوضع الراهن فالتطور التكنولوجي في العالم والديموغرافي في الشرق الأوسط يحول دون تحقيق إسرائيل للأمن الكامل". وهذا ما نشهده ألان .
الثورة الفلسطينية بدأت بقنبلة يدوية وسلاح الكلاشينكوف الروسي الصنع وتطورت الى إنتفاضة حجارة ، ثم عمليات استشهادية  فصواريخ بيتيه قصيرة المدى، فصواريخ بعيدة المدى فأنفاق ومصانع باطنية تحت الأرض وطائرات استطلاع وقتالية والتطور مستمر.

ولكن ما قد يغيب عن إسرائيل التي تعبئ العالم إعلاميا ضد ايران لاحتمال تملكها لقنبلة نووية; هي تلك القنبلة النووية في المجتمعات الخاصة في كل من سوريا ومصر والعراق ، تلك الدول التي شردت شعوبها والتي خاض شبابها  معارك طاحنة لسنوات طويلة ، واكتسبت الخبرات الحربية العملية ،  اضافة الى آلام ومآسي لم يعرفها التاريخ. هذه الشعوب توجه اللوم للوجود الإسرائيلي الذي تعتبره جزء من التآمر عليها وما حال بها من دمار  ، كان هذا صحيحا  أم لم يكن ، هذا هو تصورها .
وما ينمي تغذية هذا الفكر ، أفواج  المقاتلين الأجانب  الذين جاءوا من 81 دولة من العالم الى سوريا والعراق كثيراً منهم متطرفين يمقتون إسرائيل وسلوكها في المنطقة ، مع التعاطف مع القضية الفلسطينية ،وعذابات الشعب الطويلة والمتكررة .
في ظل الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والقيادي في المنطقة، تأتي فكرة الأنفاق كوسيلة للمقاومة وهي وسيلة جديدة لم يظهر مداها الكامل بعد في التطور كإستراتيجية للمقاومة من باطن الأرض .
وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار تفجير” فندق كارلتون” في حلب من قبل المعارضة السورية منذ شهور مثالا على ذلك، فماذا لو اتخذت هذه الوسيلة في تفجير مستوطنات أو مواقع عسكرية أو مخازن للأسلحة من  قبل متسللين  من أية جهة كانت. فعلينا هنا أن نتساءل عن النتائج .
وخاصةً في ظل غياب الأمن ووجود الأنفاق وضعف تحكم الدول في حدودها بشكل كامل بدايةً من  حدود مصرإلى حدود تركيا   وتنوع أصناف المقاتلين. واستمرار المظاهرات المتكررة في العالم ضد إسرائيل ،قد يعرض الجاليات اليهودية إلى المخاطر.
(4)
 تقول هيلاري كلينتون :"على إسرائيل أن تحتل المستوى الأخلاقي العالي  وليس إحتلال فلسطين".لكن  إسرائيل انجرفت في المنطقة  إلى الحروب المتتالية على غزة لأدنى مستوى أخلاقي بقتل الأطفال والإبادة الجماعية .واستمرار المظاهراتالمتكررة في العالم ضد إسرائيل ،قد يعرض الجاليات اليهودية في الخارج  إلى المخاطر.ويبقى الحل بأيدي المجتمع الإسرائيلي وفي قيادة إسرائيلية عقلانية لديها تصورعملي للحل والمصالحة مع الشعب الفلسطيني لخلق مجتمع يقتنع في التعايش معها ويقتنع بالتالي بتوفير الأمن والسلامة لها. فإن أمًنت العيش الكريم للشعب الفلسطيني أمِنوها ثم أمَّنوها.

ولربما تختار إسرائيل مواصلة الصراع، وتستمر باللحاق بالفلسطينيين حتى البحر، وإن لم يكن في هذا العصر عصى سحرية تفلق البحر الى نصفين فقد ظهرت عصى سحرية أخرى في أعين الجيل الجديد ، هي الإرادة والذكاء للمقاومة في غزة في استخدام التكنولوجيا .  فالأنضباط ،الثبات،الاصرار،التحدي،والذكاءوالأبتكارفي أساليب المقاومة،  أصبحت "مدرسة " فكرية  تسحر أعين أطياف كثيرة من الشباب من المحيط إلى الخليج. الجيل الجديد من المظلومين ألان يحلم  في اقتناء وسائل للقوةمن  تكنولوجيا مماثلة للحصول على حقوقه وكرامته المسلوبة .

 "وقد يأتي يوماً تستنجد إسرائيل بحزب الله من طوفان المقاتلين المتسللين من الشمال ...كرهوا استمرار الظلم وذاقوا ذرعاً من حالة الاستعلاء الاسرائيلي العنصري المتفاقم . !
 والآن نشهد وسنشهد تداعي الحلم الاسرائيلي في عدة محاور . بنفوذ الصين وروسيا وتحالافاتهم مع بلدان كثيرة كامريكا اللاتينية التي بدأت مواقفها في الظهور ضد إسرائيل .فهذه الآن، ليست معركة غزة وحدها .فروسيا تعاني جاليتها الروسية في أوكرانيا من حرب إبادة على أيدي القوات الاوكرانية الموالية لامريكا . ومصير اسطولها في البحر الأسود في خطر كبير.والصين في صراع حاد  معها على النفوذ في بحر الصين .  وفي مواقف مشاهير الفن  في أمريكا من الحرب  الإسرائيلية والذي صدم الكثير .
 
والعالم الاسلامي الذي قد ينفجر في حالة إستمرار حرب الابادة  ، خاصةً بعد تصريحات اردوغان بان تواطء الغرب في هذه الحرب ما هو إلى حرب صليبية !.
ومن دول المحور التي تعاني من أزمات داخلية عميقة . ومن احرار العالم جميعاً من خلال المظاهرات الدولية ، من شانه الإساءة الكبيرة لسمعة وامن إسرائيل دولياً .
 وفي النهاية ، فان إستمرار الدخان المتصاعد من بركان تلة غزة  ،قد لا يكون إلا تلة صغيرة في جغرافية وتضاريس براكين  المخاطر في المنطقة العربية الملتهبة .وما يلبث أن يحرق وجوه المتخاذلين والمتقاعسين عن نصرة المستضعفين من أهل غزة وفلسطين . .  .
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف