الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غزة بين أدرعي والعذاب الصامد بقلم: السيّد: مــــزوار محمد سعيد

تاريخ النشر : 2014-07-27
غزة بين أدرعي والعذاب الصامد


لقد كانت هناك منذ أمد بعيد مساحة ترغب في البكاء بشدة، تلك المساحة هي فلسطين، فيها ندبة العرب، تلك التي سموها بغزة، وعلى جبينها خطوط شيخوخة سميت بمدينة السلام، ومع ذلك ظلت القدس مسرحا للحروب والخساسة بكل ما تحمله الدماء والصور من مفاهيم، لإسرائيل الرواية، ولغزة والقدس والبراءة المسروقة التعبير بالصور.
لنترك السياسة لأصحابها، ولنترك الإنسانية لأهلها، ولنترك الخير لحاملي لوائه، ولنترك الشفقة للعاملين عليها والمستثمرين لها، ودعوني فقط لأتحدث عن الفلسفة التي قادت العالم إلى تقبل مثل هذه المآسي دون تحريك ساكن، دعوني أتحدث عن بربرية القرن الواحد بعد العشرين فهل أتى بجديد؟
من الإخوة الأعداء، منذ أبناء العم الذين كتب عليهما الشقاء والبراءة تعاني، وأسوأ أشكال هذه المعاناة هي التي تولد من رحم التجاهل، ومحاولة مساواة القاتل بالقتيل، وهذا ما لا يقبله منطقي رغم كل ما بذلته من جهد من أجل ذلك، لكن الفيلسوف فشل في معركة تقبل ضحايا الموت على أنهم هم المذنبين. لقد فشل فعلا وقولا.
لا يستطيع أحد الانكار بأنّ ما يحدث في فلسطين هو بمعزل عنه، خاصة في زمن الامكان الأكبر، وعليه فإن المشاعر المتضاربة هي جلية للغاية، مع أنني لا أحب أن أكون ملكيا أكثر من الملك، ومع ذلك فإن من الواجب على ما أعتقد في الحد الأدنى أن أبين ما يجول في عقلي لعل من الحكمة أن يكون للإنسان رجاء العاقلين بدل أن يستكين في عمق التضرع الذي يجيده الضعفاء.
لقد آلمتني الصور كغيري الوافدة من أرض القديسين الأوائل، وهي لا تسرّ عقلا على ما أعتقد، خاصة تلك التي تجعل من موت الكثيرين بأحدث وسائل الفتك البشري سببا لفرح الطرف الثاني وكأنّ الأمر كله يتلخص في طاعة إله احتكره البعض لذاته الجماعية من دون العالمين. إنه لأمر يدعوا إلى العجب!
مهما كان الحق في امتلاك تلك الأرض فهذا لا يبرر قتل البراءة بـ: ( F16)، والاحتفال على أنقاض المئات من الضحايا، ومن بعد ذلك الصراخ في وجه العالم: من لم يساند أعمالنا القذرة فهو معاد للسامية!؟ أليس هذا من منطق "ضربني وبكى، سبقني واشتكى"؟
الساميون في كل الكتب التي عدتُ إليها هي مفردة تضم صنفيْن من البشر، الأوّل هم اليهود، والثاني هم العرب (كنعان)، فلما "معاداة" السامية هي تحمي اليهود فقط؟ أليس هذه من مفارقات المفاهيم والمصطلحات؟
لقد أفزعني كثيرا قتل القنبلة العنقودية للبراءة الفلسطينية، وإن كنتُ أكثر دقة فإن من المفيد العودة إلى المعاجم والقواميس، لتبيان ما يلي: العنف هو ظاهرة حيوية في الإنسان على الرغم من أنه غير مرغوب فيه من قبل الكثير من الشرائع والقوانين، ولكن منذ مؤتمر فرساي سنة 1919م، أصبح للعنف نظاما دوليا خاصا، كرست مشروعية استعماله من قبل الغرب بطريقة مفرطة وبلا عقاب، كما أنه كان ضمن المبررات الجاهزة لاستغلال البراءة البشرية من أجل أغراض أقرب لأهداف قراصنة القرن السادس عشر في مياه البحر المتوسط.
إنّ أعنف أشكال العنف هي تلك التي تشرب من نهر العقيدة العمياء، وهذا ما يحدث في أرض "السلام"، بحث هو يمثل الغاء كليا للآخر بطريقة شاملة، ومبررة مسبقا، وعلى هذا الأساس كان من اللزوم العودة إلى تأثير المحرك المتواري المتمثل في "الايمان" لسحق الآخر قربانا إلى الاله، إنه أخطر مما حدث في اليابان سنة 1945م.
"... فهناك نرى الميل والشك، ومجرد الاحتمال، هذه الأمور المعبرة عن صور مختلفة للتردد توضع في مكانها من (الحقيقة) الساطعة التي تعبر عن الاقتناع العقلي في أصفى صوره... "
(مالك بن نبي، القضايا الكبرى، دار الوعي-الجزائر، 2013م، ص: 190)
لقد شهد التاريخ الفلسفي الكثير من مظاهر العنف والعنف المضاد، ولعل المعركة الدامية التي جرت بين رجال الدين والفلاسفة هي الأوضح في كل فقرات هذه المراحل التاريخية، لكن هذا لم يصل إلى درجة التقبل كما يتقبل الضمير العالمي الأعمال العنيفة على أرض السلام.
من البديهيّ على ما أعتقد بأن يكون هناك عنف بين الأفراد، الجماعات، الدول.... الخ .... ومن المفهوم أن يكون هناك شجب وإدانة كما استنكار لهذا العدوان من ذاك الطرف أو تلك الفئة، لكن أن تُنسب أسباب لا يقبلها العقل لتبرير القتل والتنكيل بضعفاء يدافعون عن حقهم في الحياة فهذا لا يقترب من البداهة، وغير مفهوم على الاطلاق أن يصمت "الضمير" العالمي متقبلا عدد الأطفال الصرعى دون أن ينتفض بأضعف الإيمان "الشجب والندب".
لقد نجح أصحاب هراوات الموت في أرض السلام في أن ينتجوا ثقافة اللين القاسي من جهة، والتعبئة النموذجية من جهة أخرى، حتى كان لهم أن يعبثوا بمقدرات العالم كما يشاؤون.
ثقافة اللين القاسي هي عملة بوجهيْن، الاوّل داخلي ليّن، يجعل من الجبهة الداخلية "الاسرائيلية" فضاء ديموقراطيا، حرا ويتوفر على كامل شروط الرفاهية من خدمات وعناية، بينما القسوة هب الوجه الثاني، وهي تكون موجهة لكل المخالفين من كل أصقاع العالم، خاصة هؤلاء الجماعات "شعب فلسطين الشرعيّ" التي من "حق" الجبهة الداخلية سلبهم أسماءهم، كلماتهم، تقاليدهم وأعرافهم دون التعبير عن "مقاومتهم" أو الاعراب عن تذمرهم، عليهم (الفلسطينيين) أن يستقبلوا أصحاب "حسنات" الموت بصمت حتى لا يزعجوا آلهة الدمار الشامل للإنسانية.
أما فيما يخص التعبئة النموذجية فإنها موجهة إلى شعوب الأرض الأخرى التي تحمل ثقافة تختلف عن ثقافة عالم الاسلامي عموما والعرب على وجه الخصوص، ووسائلها تتركز أساسا في الدعاية، مما يجعل القاتل هو المظلوم، والقتيل هو الظالم، هي معركة على مستوى الادراك الجماعي لأمم تحاول اقتحام مجاهيل أرض السلام، وبما أنّ القراصنة الذين يديرون المنزل الأبيض داعمون للقاتل المظلوم، فإنّ هذا يسهّل دور هذا الأخير في صنع صورة تراجيدية جعلت من العالم متفرجا أعمى وأخرس، وهو يشاهد "الميركافا" تسحق أظلع الشيوخ والنساء والأطفال، كما جعلت هذا العالم غير مبال بصور الفوسفور الأبيض وهي تحرق بصخب أجساد الأحياء. إنه مشهد سحرة فرعون يعاد بطريقة معاصرة ودقيقة.
عندما يلعب البشريّ لعبة الآلهة فإنه خاسر لا محال، ومن يحاسب الناس على حقوقهم في الحياة فإنه زائل مهما طال به الزمن، ومهما بلغ من قوة، أعلم علم اليقين بأنّ النبل لا يأت من الضعف، لكنني متيقن من ناحية مرآوية جليلة بأنّ "استعمال" القوة من أجل الاعتداء على حدود الأزل الحكيم هو أمر يقود إلى الهلاك بلا مقدمات، لأنّ صرخة البراءة أقوى من أيّ انفجار فيزيائي.


السيّد: مــــزوار محمد سعيد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف