غزّة تنتصر
توالت قوافل الشّهداء في غزّة فأبرق العرب بقوافل أدوية وبطّانيّات ومعلّبات وثلاجات لحفظ الجثامين، وقوافل اتّهامات وخلافات، وقوافل وساطات لوقف إطلاق النّار، يا مظفّر بلّغ أولاد القحبة، أنّ رقعة الاستشهاد اتّسعت، فهل يطمحون لرؤية كلّ الشّعب في ثلاجة، قد وزنتُ كلّ ما حوت قوافل المساعدات فلم تساوِ وزن حذاء شهيد طار، ورجحت كفّة حذاء الشّهيد، ووزنت كلّ ما لديهم من شرف وكرامة فرجحت كفّة حذاء الشّهيد.
لو أنّ ما حدث في غزّة حدث لكلاب أو قطط، لهبّ الغرب نائحاً مولولاً، ولانتفض الشّرق شاجباً مستنكراً، ومطالباً بإعادة النّظر، في واقع مرير يستهين بحقوق القطط، ولملأت صور القطط الجدران، وغطّت الحيطان، ولانبرت كلّ الفضائيات تدين هذا الفعل الفاضح القبيح، وتصفه بأبشع الصّور، ولعقد مجلس الأمن جلسة عاجلة، وطالب بإعدام الفاعلين بلا محاكمة، ولاجتمعت جامعة العهر العربيّة في جلسة طارئة، ولشكّلت ألف لجنة ولجنة لإعادة النّظر في حقوق الكلاب والقطط، ولقال الغرب: فيم نباهي الآن ونحن أوّل من دافع عن حقوق الحيوان؟ ولصرخ الشّرق لقد طفح الكيل وفاض الميزان، جريمة نكراء، وذنب لا يغتفر، هذا سرّ تخلّفنا، منذ زمان ونحن نستهين بحقوق الحيوان، ما ذنب الكلاب والقطط؟
في غزّة يقتل أشرف البشر، وتقصف البيوت على رؤوس ساكنيها، يا حضارات الخسّة هل لديكم خبر؟ الغرب فاجر يداعب كلباً، ويدافع عن حقوق قطّة، ويخطّط لذبح ملايين البشر، والشّرق متآمر فَيدٌ تقدّم الرّغيف، ويدٌ تحزّ بسكين ّ عنق فلسطين فيتهاوى القمر، ويصرخ الشّجر والحجر: اصحوا يا بقر، يا عرب ما تحت الصّفر، يا عرب جزر القمر، ويا مسلمي جزر القمر، السّويد، وألجيريا، ونيكاراغوا، والهونولولو تنتفض غضباً، ولا أسمع لكم حسّاً ولا خبر.
النّار تزحف إلى كلّ بيت في غزّة، والموت يمشي في كلّ شبر، يجري في الشّارع، يهرع إلى المداخل، يقتحم البيوت، يفتّش في كلّ مكان، يجثم على الكراسيّ، يهجم على الأسرّة، يمزّق الوسائد، ويتربّع على الموائد، ويرتقي السّلالم، ويصعد إلى الأسّطح، ومن هناك يقفز إلى بيوت الجيران، أنيابه تمزّق الأبرياء، يخطف الأطفال والنّساء والأحلام، يمحو بمخالبه تاريخ الإنسان.
لكن في غزّة يورق الموت فتصبح له فروع وأوراق وأغصان، وسيقان تصعد من الأرض إلى السّماء، وتستقرّ في الجنان، حين يصبح الموت شهادة، يغدو الموت نيشان.
لمّا غفا شهيد على كتف شهيد، انطلقت صواريخ العزّة، هبطت في تلّ أبيب، ودكّت كلّ المغتصبات، فعلت التّكبيرات في القدس والخليل وجنين، وفي كلّ شبر من فلسطينّ، تمرّ معشوقة الجماهير، فتتبعها العيون والقلوب، متسائلة كم أبكت من عيون، وكم أدمت من قلوب، وكم أخذت بثارات، وكلّما سحقت لبني صهيون هامة، غسلت شيئاً من عار العرب، محاولة رفع هامات مسحوقة تأبى أن تنتصب، فكيف ستنهض وتطالب بالثّأر لنصف رأس بقي لطفل ونصف آخر طار، لعائلات أبيدت، لطفل فقد الجميع، وبقي في المشفى وحيداً، يسترجع الذّكريات الجميلة مع من كانوا يدعون إخوته الصّغار؟
يا صناديد غزّة، يا زعماء المقاومة، يا كتائب القسّام، يا أبا عبيدة وأتباع أبي عبيدة علّمونا فإنّكم جنرالات الحرب، وما نحن إلّا التّلاميذ الصّغار، تلكّأنا، وتأتأنا، وفأفأنا، وحرّفنا، وتهجّينا، حاولنا أن نفكّ الخطّ، فعجزنا عن قراءة حرف واحد في سفر الثّوّار، كلّ الرّتب على أكتافكم، وليس على أكتاف العرب سوى الخزي والذّلّ والهوان، وليس على جباههم سوى العار والصّغار.
في غزّة تنتشر عرن الأسود الضّارية، في قلب كلّ عرين يربض أسد، حوله أشباله، يربض أبو عبيدة وحوله رجاله، إذا سمعت زئير واحد منهم خلت أنّها الزّلزلة، وقلت: إنّ زلزلة السّاعة شيء عظيم{ الحجّ،1} إنّ السّاعة لآتية لا ريب فيها{غافر،59}، إنّ السّاعة آتية أكاد أخفيها{طه،15} في غزّة مليون شبل ولبؤة تجثم في عرين الأسد، يا أسود غزّة علّمونا كيف نجعل لحم بني صهيون مستباحاً؟ يا كتائب القسّام، لقنونا في المجد دروساً لقّنونا، في الثّأر لدماء الشهداء، في خطف الجنود، في صنع العبوات، في إطلاق الصّواريخ، في إحراق الجيبات والمدرّعات، فنحن تلاميذ في الصّفّ الأوّل الابتدائيّ، خرجنا اليوم بقصد الدّراسة، فضعنا، وضلّلنا الطّريق، ولم نصل إلى المدرسة.
يا أبا عبيدة كاد اليّأس يزورنا، فوردتنا أنباء عن عشرات الجنود الصّهاينة الذين قتلوا في معركة حيّ الشّجاعيّة، وعن أَسر الجنديّ، كلّ شيء انقلب، ارتفعت المعنويّات، ، وعاشت فلسطين عرس الأعراس، رقصت القلوب، واهتزّت طرباً، وتمايلت فرحاً، وأطلقت السّيارات في الشّوارع أبواقها، وعلت التّكبيرات، وانطلقت الزّغاريد، ووزّعت الحلوى، وانطلقت المسيرات في كلّ شارع، وخفقت الرّايات، يا كتائب القسّام، وكتائب شهداء الأقصى، وسرايا القدس، وألوية النّاصر صلاح الدّين، وكتائب الشّهيد أبو علي مصطفى، وكلّ أذرع المقاومة لقد قلبتم الميزان، ورفعتم حرارة الإيمان، وزلزلتم ذلك الكيان، فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان { الرّحمن}.
الأحد الموافق 20/7/2014
بقلم عزيزة محمود خلايلة
Email : [email protected]
توالت قوافل الشّهداء في غزّة فأبرق العرب بقوافل أدوية وبطّانيّات ومعلّبات وثلاجات لحفظ الجثامين، وقوافل اتّهامات وخلافات، وقوافل وساطات لوقف إطلاق النّار، يا مظفّر بلّغ أولاد القحبة، أنّ رقعة الاستشهاد اتّسعت، فهل يطمحون لرؤية كلّ الشّعب في ثلاجة، قد وزنتُ كلّ ما حوت قوافل المساعدات فلم تساوِ وزن حذاء شهيد طار، ورجحت كفّة حذاء الشّهيد، ووزنت كلّ ما لديهم من شرف وكرامة فرجحت كفّة حذاء الشّهيد.
لو أنّ ما حدث في غزّة حدث لكلاب أو قطط، لهبّ الغرب نائحاً مولولاً، ولانتفض الشّرق شاجباً مستنكراً، ومطالباً بإعادة النّظر، في واقع مرير يستهين بحقوق القطط، ولملأت صور القطط الجدران، وغطّت الحيطان، ولانبرت كلّ الفضائيات تدين هذا الفعل الفاضح القبيح، وتصفه بأبشع الصّور، ولعقد مجلس الأمن جلسة عاجلة، وطالب بإعدام الفاعلين بلا محاكمة، ولاجتمعت جامعة العهر العربيّة في جلسة طارئة، ولشكّلت ألف لجنة ولجنة لإعادة النّظر في حقوق الكلاب والقطط، ولقال الغرب: فيم نباهي الآن ونحن أوّل من دافع عن حقوق الحيوان؟ ولصرخ الشّرق لقد طفح الكيل وفاض الميزان، جريمة نكراء، وذنب لا يغتفر، هذا سرّ تخلّفنا، منذ زمان ونحن نستهين بحقوق الحيوان، ما ذنب الكلاب والقطط؟
في غزّة يقتل أشرف البشر، وتقصف البيوت على رؤوس ساكنيها، يا حضارات الخسّة هل لديكم خبر؟ الغرب فاجر يداعب كلباً، ويدافع عن حقوق قطّة، ويخطّط لذبح ملايين البشر، والشّرق متآمر فَيدٌ تقدّم الرّغيف، ويدٌ تحزّ بسكين ّ عنق فلسطين فيتهاوى القمر، ويصرخ الشّجر والحجر: اصحوا يا بقر، يا عرب ما تحت الصّفر، يا عرب جزر القمر، ويا مسلمي جزر القمر، السّويد، وألجيريا، ونيكاراغوا، والهونولولو تنتفض غضباً، ولا أسمع لكم حسّاً ولا خبر.
النّار تزحف إلى كلّ بيت في غزّة، والموت يمشي في كلّ شبر، يجري في الشّارع، يهرع إلى المداخل، يقتحم البيوت، يفتّش في كلّ مكان، يجثم على الكراسيّ، يهجم على الأسرّة، يمزّق الوسائد، ويتربّع على الموائد، ويرتقي السّلالم، ويصعد إلى الأسّطح، ومن هناك يقفز إلى بيوت الجيران، أنيابه تمزّق الأبرياء، يخطف الأطفال والنّساء والأحلام، يمحو بمخالبه تاريخ الإنسان.
لكن في غزّة يورق الموت فتصبح له فروع وأوراق وأغصان، وسيقان تصعد من الأرض إلى السّماء، وتستقرّ في الجنان، حين يصبح الموت شهادة، يغدو الموت نيشان.
لمّا غفا شهيد على كتف شهيد، انطلقت صواريخ العزّة، هبطت في تلّ أبيب، ودكّت كلّ المغتصبات، فعلت التّكبيرات في القدس والخليل وجنين، وفي كلّ شبر من فلسطينّ، تمرّ معشوقة الجماهير، فتتبعها العيون والقلوب، متسائلة كم أبكت من عيون، وكم أدمت من قلوب، وكم أخذت بثارات، وكلّما سحقت لبني صهيون هامة، غسلت شيئاً من عار العرب، محاولة رفع هامات مسحوقة تأبى أن تنتصب، فكيف ستنهض وتطالب بالثّأر لنصف رأس بقي لطفل ونصف آخر طار، لعائلات أبيدت، لطفل فقد الجميع، وبقي في المشفى وحيداً، يسترجع الذّكريات الجميلة مع من كانوا يدعون إخوته الصّغار؟
يا صناديد غزّة، يا زعماء المقاومة، يا كتائب القسّام، يا أبا عبيدة وأتباع أبي عبيدة علّمونا فإنّكم جنرالات الحرب، وما نحن إلّا التّلاميذ الصّغار، تلكّأنا، وتأتأنا، وفأفأنا، وحرّفنا، وتهجّينا، حاولنا أن نفكّ الخطّ، فعجزنا عن قراءة حرف واحد في سفر الثّوّار، كلّ الرّتب على أكتافكم، وليس على أكتاف العرب سوى الخزي والذّلّ والهوان، وليس على جباههم سوى العار والصّغار.
في غزّة تنتشر عرن الأسود الضّارية، في قلب كلّ عرين يربض أسد، حوله أشباله، يربض أبو عبيدة وحوله رجاله، إذا سمعت زئير واحد منهم خلت أنّها الزّلزلة، وقلت: إنّ زلزلة السّاعة شيء عظيم{ الحجّ،1} إنّ السّاعة لآتية لا ريب فيها{غافر،59}، إنّ السّاعة آتية أكاد أخفيها{طه،15} في غزّة مليون شبل ولبؤة تجثم في عرين الأسد، يا أسود غزّة علّمونا كيف نجعل لحم بني صهيون مستباحاً؟ يا كتائب القسّام، لقنونا في المجد دروساً لقّنونا، في الثّأر لدماء الشهداء، في خطف الجنود، في صنع العبوات، في إطلاق الصّواريخ، في إحراق الجيبات والمدرّعات، فنحن تلاميذ في الصّفّ الأوّل الابتدائيّ، خرجنا اليوم بقصد الدّراسة، فضعنا، وضلّلنا الطّريق، ولم نصل إلى المدرسة.
يا أبا عبيدة كاد اليّأس يزورنا، فوردتنا أنباء عن عشرات الجنود الصّهاينة الذين قتلوا في معركة حيّ الشّجاعيّة، وعن أَسر الجنديّ، كلّ شيء انقلب، ارتفعت المعنويّات، ، وعاشت فلسطين عرس الأعراس، رقصت القلوب، واهتزّت طرباً، وتمايلت فرحاً، وأطلقت السّيارات في الشّوارع أبواقها، وعلت التّكبيرات، وانطلقت الزّغاريد، ووزّعت الحلوى، وانطلقت المسيرات في كلّ شارع، وخفقت الرّايات، يا كتائب القسّام، وكتائب شهداء الأقصى، وسرايا القدس، وألوية النّاصر صلاح الدّين، وكتائب الشّهيد أبو علي مصطفى، وكلّ أذرع المقاومة لقد قلبتم الميزان، ورفعتم حرارة الإيمان، وزلزلتم ذلك الكيان، فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان { الرّحمن}.
الأحد الموافق 20/7/2014
بقلم عزيزة محمود خلايلة
Email : [email protected]