الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قفزة في المجهول أم "مجازفة محسوبة"؟!بقلم: عريب الرنتاوي

تاريخ النشر : 2014-07-21
قفزة في المجهول أم "مجازفة محسوبة"؟!بقلم: عريب الرنتاوي
بقبوله استضافة أكبر مؤتمر للمعارضة العراقية السنيّة على اختلاف تلاوينها الاجتماعية والسياسية، السلمية والمسلحة، يكون الأردن قد خطا خطوة "نوعية" على طريق "إعادة التموضع" حيال الأزمة العراقية ... خطوة كهذه لا شك، ستصيب العلاقات الأردنية مع مكون عراقي أساسي آخر، إصابة مباشرة، وهي العلاقات التي بالكاد تعافت من ذيول وتداعيات "الهلال الشيعي"

  منذ "غزوة نينوى"، وفيما كان المالكي وأركان قائمته وحكومته، ينتظرون موقفاً أردنياً داعماً، حرص الأردن على أن ينأى بنفسه حيال الاستقطابات السياسية والمذهبية الحادة التي عصفت بالعراق ... ظل الموقف الأردني متمسكاً بالحلول السياسية والحوار الوطني وإعادة التوازن إلى النظام السياسي العراقي، بما يؤشر إلى دعم الأردن لمطالب سنّة العراق العادلة برفض الإقصاء والتهميش، وبهذا المعنى، كان الموقف الأردني متناغماً مع مواقف مروحة واسعة من دول الإقليم والعالم، على اختلاف درجة قربها أو بعدها أن هذا الفريق العراقي أو ذاك.

  لكن دعم مطالب العرب السنّة سياسياً ودبلوماسياً شيء، واستضافة مؤتمر للقوى السنية الحركية، التي تعد رأس حربة المعارضة العراقية السياسية والمسلحة، ضد المالكي ونظامه، شيء آخر ... ومن حضروا إلى عمان، هم بالمختصر المفيد، ممثلون عن مختلف الأطياف المسلحة في المحافظات السنيّة، باستثناء "داعش"، وأحسب أن كثيرين منهم لا يرون في "داعش" ما نراه نحن وما يراه العالم بأسره.

  وتثير هذه الاستضافة جملة من الأسئلة والتساؤلات حول أهداف الدولة المضيفة، نحن نعرف ما الذي يريده المعارضون العراقيون من أهل السنة، يريدون حاضنة عربية وإسلامية، فأربيل ليست المكان الأنسب لتجمعهم، مع أنهم يجتمعون هناك ويتحالفون مع مسعود البرزاني، لكن لعمان مذاق عربي وإسلامي مختلف، دع عنك حسابات الجوار و"الجيوبوليتكس".

  البعض عزا الأمر إلى ضغوط شديدة تعرض لها الأردن للقيام بهذه الخطوة ... وعندما يقال ضغوط، تذهب الأنظار غالباً إلى الرياض، في كل ما يخص نظامي الأسد والمالكي ... لكن الأردن الذي اضطر أحياناً لمسايرة بعض الضغوط، نجح في المقابل في مقاومة "أخطرها"، فالجيران كانوا يريدون لحدود الأردن مع سوريا، أن تكون نسخة بالكربون لحدود تركيا مع سوريا، وهذا ما رفضه الأردن من منظور حسابات أمنه الوطني ومصالحه العليا ابتداءً، فلماذا ننجح في مقاومة الضغوط شمالاً، ونفشل في مقاومتها شرقاً؟ ... يبدو أن القصة أبعد من "مجرد" ضغوط.

  ربما تكون هناك حسابات أردنية كامنة وراء هذه الخطوة، منها أن ثمة إجماع واسع يتشكل خلف المطالبة بـ "تنحي المالكي"، وربما وصلت إلى عمان تقارير تقول أن الرجل بات جزءاً من ماضي العملية السياسة في العراق، لا مستقبلها ... ولكن من قال أن المالكي وحده من بين الفريق الشيعي، هو من ستغضبه خطوة استضافة المؤتمر، ألا يمكن أن تقود هذه الخطوة إلى خلق أزمة ثقة بين الأردن والمكون الشيعي في العراق، والذي سيظل مكوناً رئيساً من مكوناته، بصرف النظر عن مصائر المالكي ودوره الشخصي في قادمات الأيام... سؤال مفتوح، يصعب التقين من صحة أية إجابة عليه.

  البعض يرى أن الأردن الذي كانت له بصمات واضحة في خلق وتنشيط ظاهرة "الصحوات العشائرية" في غرب العراق لمواجهة "الطبعة الزرقاوية من تنظيم القاعدة"، التي استهدفت الأردن في أمنه واستقراره، إنما أراد أن يعيد الكرّة ثانيةً، هذه المرة خطر "داعش" أكبر من خطر "الزرقاوي"، ومقاومة هذا التهديد تستلزم حشد قوى أكبر من "الصحوات" وأكثر فاعلية، فكان ما كان من اتصالات ومشاورات، انتهت إلى جمع بعثيين وشيوخ عشائر ورجال دين وجماعات مسلحة من المحافظات "المتمردة" والهدف هو البناء على علاقات بعضها التاريخية مع الأردن من جهة، واللعب بورقة "المصالح المشتركة" من جهة ثانية، فإذا كان الأردن يريد لحدوده الشرقية الأمن والاستقرار، فهذه المكونات السنية، لها مصلحة استراتيجية بحفظ أمن "رئتها" و"شريانها" الأردنيين، وهذا بحد بذاته، سيكون سداً قوياً لمواجهة تهديد "داعش" ... وإذا كانت السعودية باقتدارها المالي الهائل، قد عملت على بناء جدار حديث ومتطور على طول حدودها مع العراق، فربما يكون الأردن قد أراد أن يبني "زنّاراً" من الحلفاء والأصدقاء المعنيين أصلاً بمصالحهم التي قد تتلاقى مصالحنا.

  ومن يتفحص وجوه المشاركين في المؤتمر، يلحظ أن الأردن بات على قناعة، بأن تبدلات عميقة في أحجام وطبيعة وتوازنات القوى داخل المكوّن السنّي في العراق، فالذين وصلوا إلى البرلمان في الانتخابات الأخيرة، ليسوا سوى فاعلين في هذا الوسط، لكنهم ممثلين حصريين له، بل ويمكن القول أن القوى السنيّة الفاعلة على الأرض، ليست هي القوى الفاعلة في البرلمان، وربما لهذا السبب بالذات، وسعت الدبلوماسية الأردنية، دائرة تحركاتها واتصالاتها.

  هناك من يعتقد أن قرار استضافة المؤتمر قد قطع الطريق نهائياً على أحد أكبر المشاريع الاستراتيجية التي عوّل الأردن عليها لحل مشكلتي الطاقة وعجز الخزينة، وهو أنبوب النفط العراقي، بيد أن التفكير ملياً في هذا الأمر، يفضي إلى استنتاج أقل تشاؤماً، مفاده أنه ليس المهم أن تقرر بغداد تصدير نفطها للأسواق العالمية عن طريق الأردن، المهم أن تقرر المحافظات السنيّة كذلك، استضافة الأنبوب وحمايته، فهو سيقطعها في جزئه الأكبر ... ثم أن الأنبوب لا يجلب نفعاً للأردن فحسب، بل ربما تكون لبغداد مصلحة أكبر فيه، سيما في ضوء الالتباس العميق الذي يميز علاقاتها مع أربيل .... ما يعني أن المجازفة في هذا المجال، قد تكون محسوبة كذلك، وليست قفزة في الفراغ، كما قد يظهر من صور المؤتمر وتصريحات الناطقين باسم القوى المشاركة فيه.

  على أية حال، هي "مجازفة" في كل الأحوال، قد تكون محسوبة، وقد لا تكون ... الأردن معني بنجاح "الخطة أ" في علاقاته مع العراق: عراق موحد، وعلاقات جيدة مع مختلف المكونات ... بانعقاد مؤتمر المعارضة في عمان، يبدو أن الدبلوماسية الأردنية قد انتقلت إلى "الخطة ب"، والتي لا تسقط الرهان على وحدة العراق، بيد أنها تلحظ أنها وحدة ستكون وفقاً لأحسن السيناريوهات، وحدة "فيدراليات"، و"نصيبنا" منها "الفيدرالية السنية" المجاورة لحدودنا، ومثلما للأردن مصلحة في علاقات مستقرة مع المكونات العراقية، فإن من باب أولى أن يفكر الأردن بالمكون الأقرب إليه بكل معايير المذاهب والعرقيات والجغرافيا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف