الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الارهاب والولايات المتحدة..وهل نحن أمام سيناريو تغيير نظام جديد؟ بقلم:د. بهيج سكاكيني

تاريخ النشر : 2014-06-24
الارهاب والولايات المتحدة......وهل نحن أمام سيناريو تغيير نظام جديد؟
بقلم:الدكتور بهيج سكاكيني
التلكؤ الأمريكي في تلبية الطلب العراقي الرسمي من قبل الحكومة العراقية في قصف مواقع دولة الإسلام في العراق والشام ومنع أو إعاقة تقدمها الذي اعتبره الكثيرون مذهلا نحو العاصمة بغداد في الأيام الأوائل، لما تمثله بغداد العاصمة من دلالة واهمية استراتيجية ومعنوية وعسكرية أيضا، أثار العديد من التساؤلات لدى البعض. وكان البعض يتساءل لماذا ترسل الولايات المتحدة بطائرات دون طيار (درونز) الى دول مثل اليمن والباكستان وأفغانستان بحرية مطلقة ودون الطلب من هذه الدول وبدون حصول الإدارة الامريكية عل اذن مسبق من حكومات هذه الدول لاستخدام أجوائها في ملاحقة من تدعي أنهم عناصر ينتمون الى منظمات إرهابية والذي في أغلب الأحيان يذهب ضحية هذه الاعتداءات والقصف العديد من المدنيين، كما تشير الاحداث في هذه البلاد، وتتردد في الحالة العراقية؟
وتساءل البعض لماذا لم تقم الولايات المتحدة بقصف مواقع داعش؟ وهي التي وضعت هذه المجموعة التكفيرية على لائحة الارهاب، ومعرفتها التامة بالخطر الذي يمكن ان تشكله هذه مجموعة على المنطقة برمتها، وخاصة اذا ما سمح لها أو اتيح لها فرصة الامتداد الجغرافي على الأراضي السورية والعراقية والسيطرة على رقعة جغرافية واسعة ومترابطة وغنية متميزة بوجود ابار نفط ومحطات تكرير للبترول الخام، بالإضافة الى أنها باتت تهدد وحدة الأراضي العراقية، هذه الوحدة الجغرافية المهتزة أصلا، بفعل الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق عام 2003 وما تبعه من تدمير ممنهج للدولة العراقية وكامل مؤسساتها وبناها التحتية، وفرض وتكريس نظام سياسي طائفي ودستور كتب بأيدي أمريكية لهذا الغرض. الم تكن الولايات المتحدة وطبقتها السياسية وما زالت تنعق ليلا ونهارا أنها تحارب الارهاب؟
من الواضح ان القضية ليست قضية محاربة الارهاب فتاريخ الولايات المتحدة الأسود يدلل بشكل واضح لا لبس فيه أنها صنعت الارهاب وخاصة في أمريكا للاتينية في فترة الثمانينات وإيجاد ما سمي بفرق الموت على أيدي السفير الأمريكي المشهور نيغروبنتي، للقيام باختطاف وقتل والتنكيل بكل حر شريف ولم يسلم رجال الدين ولا الراهبات من هذا الارهاب المدعوم أمريكيا. والولايات المتحدة مارست الارهاب منذ عقود باستخدامها القنبلة الذرية عام 1945 في اليابان، والأسلحة الكيماوية من الفسفور الأبيض والغاز الاورانجي في منطقة جنوب شرقي أسيا في حربها على فيتنام في سبعينيات القرن الماضي وقتلت ما يقرب من ثلاثة ملايين في تلك المنطقة من لاوس وكمبوديا وفيتنام. كل هذا قبل أن نشهد دعمها للإرهاب بكافة اشكاله وتفاصيله ومجموعاته التكفيرية التي ما انزل الله بها من سلطان في سوريا. نسوق نبذة من هذا التأريخ الأسود للتذكير لنستخلص العبر والدروس.
الولايات المتحدة لا تقف ضد الارهاب ولا تحاربه، وهي التي رفضت مرارا وتكرارا الدعوات في الأمم المتحدة من تعريف ما هو الارهاب، حتى يتمكن ما يسمى بالمجتمع الدولي من تحديد الارهاب وكيفية مجابهته. الولايات المتحدة تستخدم الارهاب الذي تمارسه هذه المجموعات الظلامية سواء في سوريا أو العراق كما استخدمتها في ليبيا لخدمة مآربها ومخططاتها وضمن استراتيجيتها الإقليمية والكونية، وابتزاز الدول الضعيفة التي لا تستطيع محاربة هذه الآفة السرطانية المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر من قبلها بمفردها. وبالتالي تقوم الدول المعنية بطلب المساعدة الامريكية وهنا تبدأ الإدارة بوضع الشروط لدرء وابعاد الآفة السرطانية عنها. وهذا ما حصل في نيجيريا للتعامل مع المنظمة الإرهابية باكو حرام التي انتعشت في ظل المناخ الذي خلفه تدخل قوات الناتو وامريكا في ليبيا، التي أصبحت بؤرة لتصدير الإرهابيين والسلاح الى أكثر من دولة وخاصة الى سوريا. وهو الحاصل الان في العراق الذي دمر كلية بالغزو الأمريكي المباشر عام 2003، وعلى الرغم من صرف ما يقارب من 20 مليار دولار على بناء الجيش العراقي وتسليحه، فانه ليس بوضع تسمح له بالقضاء كلية على هذا الارهاب الزاحف، ومن ثم قام بعمليات تعبئة عامة لتشكيل قوات دفاع مدني لتساعد في القتال الى جانب قواته. الأولوية الان يجب ان تنصب في دحر المجموعات الإرهابية في العراق ومن هنا لا بد ان تلتم كافة القوى الوطنية وبغض النظر عن الانتماءات السياسية أو الطائفية في هذه المعركة المصيرية، ودون اللجوء الى الولايات المتحدة التي هي أساس البلوى التي ابتلي بها العراق وما الت اليه الأحوال الى ما هي عليه الان.
ان الأهداف السياسية للولايات المتحدة هي الإبقاء على الصراعات الطائفية في العراق وتأجيجها واستخدام أقذر الوسائل والأساليب التي تحقق لها ذلك لكي تصل الى الهدف الابعد ربما، وهو تقسيم العراق على أسس مذهبية وطائفية وعرقية متناحرة فيما بينها، لضمان الهيمنة الكاملة على المنطقة وتامين الحماية والهيمنة للكيان الصهيوني الغاصب، وضمان تدفق البترول والغاز الطبيعي بأسعار مناسبة للاقتصاد الغربي. لقد أسست الولايات المتحدة نظاما سياسيا طائفيا وفرضته على الشعب العراقي كقوة محتلة، ولعبت على ورقة الشيعة والسنة ووضعتهم في مجابهة بعضهم البعض، منذ بدء الاحتلال ولغاية هذه اللحظة، وقامت بخلط الأوراق وجندت ادواتها في المنطقة. وعلى الجميع ان يدرك أن النيران ستأكل الجميع وان في فترات قد تكون مختلفة ومتفاوتة، فالهدف كان وما زال هو مزيد من تدمير العراق، ومزيد من تمزيق نسيجه الاجتماعي وعدم السماح له بأن يعود معافى ليأخذ دوره كقوة فاعلة في المنطقة، وهو البلد الذي يملك من الخيرات والكفاءات والكثافة السكانية والموقع الجغرافي، ما يؤهله للعب هذا الدور الذي يليق به وبشعبه بكافة مكوناته. من يعود الى الادبيات الصهيونية وخاصة تلك التي تحدثت عن التحديات والمتغيرات على المستوى السياسي والاقتصادي الداخلي للكيان الصهيوني والتحديات والمتغيرات في السياسة الخارجية لثمانيات القرن الماضي التي على الكيان الصهيوني انتهاجها، يدرك جيدا أن فكرة تقسيم الدولة السورية ولبنان والعراق وغيرها من الدول العربية على أسس مذهبية وطائفية قد وضعت على سلم أولويات الكيان الصهيوني، وكان الهدف الرئيسي للغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 هو تقسيم لبنان على هذا الأساس واخذ هذا كمقدمة لتقسيم المنطقة بكاملها. ولقد كان الكيان الصهيوني ينظر الى ان خطر العراق في تلك المرحلة يشكل الخطر الأكبر عليه، وطالما بقي هنالك إمكانية لعودة العراق لدوره وقدراته فان هذا الخطر لن يزول. ومن هنا نستطيع ان نفهم أن تقسيم العراق هو مطلب صهيوني يراد تنفيذه من الولايات المتحدة، وبالتالي وضعه على الاجندة الامريكية.
على المدى القريب تسعى الإدارة الامريكية لإزاحة رئيس الوزراء المالكي بالرغم من أن الحكومة جاءت بانتخابات رسمية، فاز حزبه ائتلاف دولة القانون بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات ابريل الماضي. ويجدر التذكير هنا بان الولايات المتحدة هي التي أصرت على تنصيبه ودعمه عام 2006 ومن ثم اعيد انتخابه عام 2010. والذي يبدو ان الإدارة الامريكية تربط مساعدة العراق حاليا وذلك بالتدخل العسكري بغض النظر عن محدوديته بشروط سياسية، من الأرجح ان يكون تنحية المالكي عن رئاسة الوزراء من بينها، بالإضافة الى توقيع اتفاقية مع الحكومة العراقية الجديدة ورئيس الوزراء الجديد على الموافقة على توجد قوات أمريكية في العراق وإعطاء الحصانة القانونية لهذه القوات لأي جريمة ترتكب من قبل هذه القوات حتى وان كانت ترقى الى جرائم ضد الانسانية، وهذا ما كان ان رفضه رئيس الوزراء المالكين مما سبب تعكير الأجواء بينه وبين الرئيس أوباما. وهنالك العديد من التصريحات للطبقة السياسية الامريكية بشأن ضرورة تنحي المالكي، متهمة إياه بعدم اتخاذ الخطوات لرأب الانقسام الطائفي وتحميله كامل المسؤولية لهذا الانقسام، متناسية في ذلك أنها أي الولايات المتحدة هي من فرضت وكرست نظاما سياسيا طائفيا وعرقيا في العراق. كما أن السعودية والامارات وقطر تضغط في اتجاه تنحي المالكي الذي اتهم السعودية صراحة بدعم الحركات الاحتجاجية والهجوم المسلح على المدن الرئيسية مؤخرا. ويتم تداول بعض الأسماء في المرحلة الحالية ومن ضمنها أحمد الجلبي وهو المعروف بقربه من رجالات الكونغرس والمخابرات المركزية الامريكية وكان من الشخصيات المفضلة من المحافظين الجدد لرئاسة الوزراء في العراق. ولقد كان من الشخصيات التي كان لها الأثر الأكبر في استصدار قانون تحرير العراق في الكونغرس الأمريكي عام 1998 الذي يلزم أي رئيس اـ للولايات المتحدة بالعمل على اسقاط نظام الرئيس صدام حسين، كما انه قام بتزويد المعلومات الملفقة للمخابرات الامريكية حول أسلحة الدمار الشامل والتي سهلت وساهمت في الغزو الأمريكي للعراق. بالإضافة الى ذلك فهو من كان وراء قانون إجتثاث البعث. ومن المؤكد ان شخصية بكل هذه المواصفات ستكون من المرشحين من قبل الإدارة الامريكية لتولي منصب رئاسة الوزراء فيما إذا تمكنت من تنحية المالكي.
في النهاية نود ان نؤكد على ان المسؤولية الرئيسية لما حدث ويحدث في العراق حاليا انما هو ثمرة ونتاج طبيعي للاحتلال الأمريكي الذي أدى الى تدمير الدولة العراقية بكل مكوناتها ومؤسساتها، وإقامة نظاما سياسيا قائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، ووضع دستورا للبلاد يكرس الطائفية والعرقية وينسف سبل التعايش السلمي بين مكوناته الاجتماعية، وان الطريق الوحيد للخروج من المشاكل التي تعصف بالعراق على جميع الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية ..الخ، لا يتأتى باللجوء الى القوى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بل يتأتى عن طريق الشعب العراقي بكافة مكوناته الاجتماعية والسياسية وأسس المواطنة الحقة التي بالضرورة تنبذ المصالح الفئوية والطائفية والمذهبية والعرقية. هذا هو المخرج الوحيد للعراق والا فان شبح التقسيم سيبقى مهيمنا على الساحة، وبهذا تدمير للعراق وكل العراقيين.

الدكتور بهيج سكاكيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف