الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أحلام مستعملة بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2014-05-24
أحلام مستعملة بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
أحلام مستعملة

لعادل بن مليح الأنصاري

"الحلم العربي" كذبة عشناها ذات زمن ولم نحقق منها سوى أغنية نبتت عبر فضاء الفن كنبتة هزيلة أصلها صاخب وفرعها هراء .
حلم هذا الإنسان العربي الضائع بين أحلام الشعوب (ربما) لن يتحقق بسبب بسيط وهو إصراره أو في الحقيقة وقوعه سواء على أرض واقعه أو تحت وطأة نظرية المؤامرة المهترئة بين براثن أحلام مستعمله , نعم في حقيقة الأمر أن هذا الإنسان البائس يبحث عن حلمه وهو واقع أصلا في براثن أحلام مستعملة فرضت عليه طوعا أو كرها , وربما طلبته (طائعا , متأمرا , ساذجا , لاهيا , غير مكترث , متكاسلا) ليس هناك فرق , وقال لها " أتينا طائعين" .
ومازالت خارطة العالم العربي أو " غرفة النوم العربي " تضج بأحلام النائمين , فثمة حلم غربي وأخر شرقي وثالث فارسي ورابع تركي وربما هندي وماليزي وكوري , ولكن الحلم العربي هو الوحيد الغائب عن مشهد تلك الغرفة العربية الغائبة عن واقعها المعاش .
الإنسان العربي كرجل كفيف يتخبط بين الحفر ويطلب الغرباء أن يدلوه على الطريق , وكل منهم يأخذه حيث الطريق الأقرب لمبتغاه , ويصم أذنيه وتفكيره عن تلمس طريقه بالأخذ بيد أحد أبنائه المحبين " وهم كثر " , ومازال الغرباء يأخذونه بعيدا عن واقعه وحدود قدرته حتى على العودة .
"الحلم العربي" هو مجرد لحن صغناه من واقعنا المرير الكاذب , ورقصنا على إيقاعاته كالقردة الصماء , وبعد انتهاء الحفل ذهب كل منا ليحلم بحلمه المستعمل كما أراد له سادته من الغرباء .
حلم عبدالوهاب بالجهاد ضد الظالمين الذين تجاوزا المدى , ثم حلمت فيروز بنهر الأردن وهو يغسل أثار القدم الهمجية , ثم مات عبدالوهاب وقد تجاوز الظالمون المدى وعبثوا حتى بالحي الذي يسكنه , ومازالت فيروز تشهد نهر الأردن وهو يغسل القدم الهمجية بنعومة وحب وتناغم حتى أصبحت كأقدام الأم العطوف .
إنها أحلام معلبة استوردناها لعجزنا عن الاتفاق على حلم عربي واحد .
وبدأنا منذ زمن نعاقر تلك الأحلام ليلا لنحققها نهارا اقتتالا وتخوينا وعبثا حتى بمستقبل الصغار .
ولكن كيف يفهم الصغار أن لهم أحلاما عربية خاصة بهم في ظل هذا التوارث والتكريس والخضوع لفتنة الأحلام المستوردة والمستعملة والنتنة ؟
إنهم يرضعونها من ثدي الخطيئة النجس الذي رضعنا منه منذ انحلال الخلافة الإسلامية والتي كانت تحتضن الجميع عربا وعجما , وكيف لهم أن يفيقوا منها ومحيطهم الغث ساقط في براثنها حتى الثمالة ؟
من يعلق لهم جرس الإفاقة ؟
من يهز فيهم ذلك الحلم العربي الغائب , الميت , الضائع ؟
هل سيكبرون غدا ليجدوا أطفال الغرب والشرق والفرس وقد مشوا في ذات الطريق وتجهيز أحلامهم المستعملة ليشربوا من ذات الكأس المسمومة التي تجرعناها ولم نزل ؟
لا أخجل من أن أعلن يأسي من تلك الإفاقة لماذا ؟
لأن حبل الله قطع بيننا , ومازلنا نقطع ما تقطع منه عمدا وبمباركة من أعداءنا !!!
من يعلق الجرس ؟
من يرد أحلامنا إلينا ؟
من يبعث الحياة في الحلم العربي " الذي لم يوجد قط " ؟
إنهم ,,, رجال ,,, لم ,,, يولدوا ,,, بعد .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف