الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مفهوم جديد لـ "الوطن" قَيْد التأسيس!بقلم: جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2014-04-24
مفهوم جديد لـ "الوطن" قَيْد التأسيس!بقلم: جواد البشيتي
مفهوم جديد لـ "الوطن" قَيْد التأسيس!
جواد البشيتي
في القرن الحادي والعشرين، حيث تأتي "العولمة"، إتْيان النار على الهشيم، على "الأصول (الواقعية والتاريخية)" لكثير من المفاهيم، التي ما زالت تَحْكُم (وتتحكَّم في) فِكْرَنا، وطريقتنا في التفكير، تشتد الحاجة إلى إعادة تعريف "الوطن"، بما يجعل هذا المفهوم (القديم قِدَم الأوطان نفسها) أكثر تَوافُقاً مع "محتواه الواقعي الجديد"؛ فالهوَّة اتَّسَعَت بين هذا المفهوم المتقادِم وبين الواقع الجديد للأوطان.
"الوطن"، وفي ثقافتنا الشرقية على وجه الخصوص، هو دائماً مدار تقديس وتمجيد وتعظيم، وإنْ اجتهد "إسلاميون" كُثْر في النأي بعقول (ومشاعر) العامَّة من المواطنين المسلمين عن "الوطن" بصورته الذهنية المثالية هذه؛ وفي الأردن، مثلاً، حرصت الدولة على إدراج "الوطن" في منزلة تتوسَّط منزلتين "مقدَّستَّيْن"؛ فالشعار في كثيرٍ من الأمكنة المهمَّة هو "الله، الوطن، المَلِك"؛ ولَمْ أرَ هذه "الثلاثية (التي اشتهر بها الشَّرْق)" تغدو "رباعية"، بِضَمِّ "الشعب (أو الأُمَّة)" إليها؛ مع أنَّ "الشعب" يُعْتَرَف به، في الدستور، على أنَّه مَصْدَر السلطات جميعاً في الدولة، وتُصَوَّر "إرادته (الانتخابية الحُرَّة)" على أنَّها مَصْدَر الشرعية في الحُكْم. والسبب في هذا "الاستثناء"، وذاك "التمجيد"، يَكْمُن في طريقتنا في فَهْم الأمرين (الوطن والشعب) والنَّظَر إليهما؛ فـ "الوطن" هو هذه الرقعة (الخالدة، الثابتة، الدائمة) من الأرض، والتي هي "مِلْكِيَّة خاصَّة" لنا على مَرِّ الأجيال؛ أمَّا "الشعب"، فمُتَغَيِّر، لا يستقر على حال، ولا يحتفظ بـ "نقائه العرقي" لأسباب شتَّى، في مقدَّمها منطق "دولة المواطَنَة"، والذي يُتَرْجَم بعضٌ منه بـ "تجنيس غُرَباء"، فتَخْتَلِط الأعراق ، ويتَّسِع مع اختلاطها التنوُّع الثقافي واللغوي..، ويذهب هذا الاختلاط، في "عصر العولمة"، بالبقية الباقية من "النَّقاء العرقي" للشعب؛ ويظل "الوطن"، من ثمَّ، هو الأجدر بالتقديس والتمجيد والتبجيل!
إنَّهم يقولون بهذا، أو بما يشبه منطقاً ومفهوماً ورؤيةً؛ مع أنَّ تاريخ الأوطان والأُمَّم يقيم الدليل، في استمرار، على أنَّ "الوطن السَّرمدي"، أيْ الأرض التي تعود مِلْكِيَتِها إلى جماعة بشرية بعينها منذ فجر التاريخ، هو خرافة، لا تَعْدِلها خرافة إلاَّ خرافة "العرق النَّقي (الذي لا تشوبه شائبة)"؛ ولو سَعَيْنا إلى حلول لـ "النزاعات الوطنية (أيْ النزاعات التي مدارها ملكية أوطان، أو أجزاء من أوطان)" لاقتضى هذا الأمر إعادة توزيع الأوطان جميعاً؛ لأنَّ أي وطن هو أرض تعاقبت على العيش فيها جماعات بشرية مختلفة.
"الوطن" سيكولوجياً هو الذي لو شُغْلِتُ بالخُلْد عنه نازَعَتْني إليه بالخُلْد نفسي؛ وهذا "الخُلْد" نراه اليوم في "المهاجِر الغربية"؛ فشبابنا، الذي أَكْرَهَه "وطنه (العظيم الجميل الحبيب)" على الهجرة إلى الغرب، بَحْثاً عن حياة كريمة (وبأوجهها المختلفة) له ولعائلته، يَحنُّ، في استمرار، إلى وطنه، ومسقط رأسه، وأهله وأحبائه وأصدقائه، وإلى كثير من الأمكنة التي له ذِكْريات فيها؛ وهذا الحنين يَحْمِله على زيارة الوطن؛ ومع ذلك، تَحْكُم مصالحه الشخصية والعائلية الجديدة خياره وقراره؛ فالهوَّة تَتَّسِع بين رغبته في زيارة الوطن ورغبته في العودة النهائية إليه. وهذا "المهاجِر" يتجنَّس، عمَّا قريب، بجنسية الدولة الغربية التي يعيش ويعمل فيها، ويصبح مواطناً (في دولة المواطَنَة) يتمتَّع بحقوق المواطنة كاملةً؛ فإنَّ وطناً ثانياً قد أُعِدَّ له (وعلى يديِّ "العولمة" على وجه الخصوص).
لقد عَرَفَ التاريخ دولاً (ممالك وإمبراطوريات) يحكمها حُكَّام بِزَعْم أنَّ سلطانهم (وسلطاتهم) مِنْحَة لهم من الله؛ لكنَّه لم يَعْرِف إلاَّ وطناً واحداً منحه الرَّب لجماعة بشرية بعينها، هي "بنو إسرائيل"، مع أنَّ هذا الوطن (أرض الميعاد) كان أرضاً مأهولة بغيرهم زمناً طويلاً!
وظلَّ "الوطن"، زمناً طويلاً، "مفهوماً فلاَّحيَّاً"، يشبه كثيراً، بماهيته وخواصه، قطعة أرض يملكها فلاَّح، يمثِّل، في ثقافته وخواصِّه السيكولوجية، "الوطن"، بمفهومه الأكثر شيوعاً وانتشاراً؛ فهذا المفهوم هو الأكثر توافُقاً مع نمط عيش أبناء الريف.
القبائل البدوية كانت الجماعات البشرية الأقدم في عيشها بمنأى عن "الوطن"، واقِعاً ومفهوماً؛ فـ "الأُممية الأقدم" كانت العاقبة الحتمية لنمط عيش القبائل البدوية؛ وفي القرنين التاسع عشر والعشرين، وبعد نشوء ورسوخ "الدولة القومية" في الغرب الصناعي الرأسمالي، بدا النظام الرأسمالي، بطبقتيه وهما العمال والرأسماليين، متوفِّراً على التأسيس لواقِعٍ يتضاءل فيه وَزْن "الوطن"؛ فالعمال، على ما قال ماركس، لا وطن لهم، وليس ممكناً، من ثمَّ، سلبهم شيئاً (أيْ الوطن) لا يملكونه؛ أمَّا "الرأسمال" نفسه، فَعَرَف من التطوُّر ما جَعَل أصحابه أكثر تَحَلُّلاً من "الوطن"، واقِعاً ومفهوماً؛ وفي القرن الحادي والعشرين، بَدَت العولمة قاب قوسين أو أدنى من هَدْم "الوطن القديم"، واقعاً ومفهوماً، ومن ابتناء "وطن جديد"، بينه وبين "الوطن القديم" من أوجه الاختلاف والتباين أكثر بكثير مِمَّا بينهما من أوجه التشابه والتماثُل. وعلى الهامِش من هذا العالَم، نرى عالَمنا العربي يستحثُّ خطاه في السَّيْر في مسارٍ آخر؛ فَمِنَ "وطني حبيبي، الوطن الأكبر" انتقلنا إلى "الأوطان (العربية) الصغيرة"، فإلى "أوطان الطوائف (وأشباهها)"؛ وكأنَّ "التديين" لـ "السياسة" و"الدولة" قد امتدَّ إلى "الوطن"!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف