الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سيول مكة المكرمة في العهد العثماني بقلم: أحمد إبراهيم الصيفي

تاريخ النشر : 2014-04-23
مكة المكرمة عبارة عن هضبة دائرية تبلغ مساحتها 900كم² ، تتخلها الجبال والأودية والسهول ، ويحدها من الشرق وادي عرنة ، ومن الغرب وادي فاطمة ، ومن الشمال وادي فاطمة وجعرانة ، ومن الجنوب وادي عرنة و ملكان ونعمان . ويبلغ ارتفاعها عن مستوي سطح البحر ما يتراوح بين 200 إلي 500 متر ، وتصل في بعض المناطق الشرقية والجنوبية إلي ارتفاع مابين 500 إلي 1000 متر عن سطح البحر .

و تقع مكة علي دائرتي عرض 26 : 21 درجة شمال خط الأستواء ، وعلي خط طول 46 : 39 درجة شرق خط جرينتش وهذا بدوره جعلها متأثرة بنطاق الضغط الجوي المرتفع في فصل الشتاء وظهور تيارات هوائية مثلها مثل بقية مناطق شبه الجزيرة العربية ، إضافة لتعرضها لبعض الكتل الهوائية والمنخفضات الجوية مثل الكتل الهوائية القطبية القادمة من المحيط الأطلسي والبحر المتوسط ونتيجة لذلك تسقط الأمطار عليها .

شهدت مكة في العهد العثماني من عام 923هـ وحتي عام 1099هـ حوالي عشرين سيلًا وهم كالأتي : سيل 924هـ ، وسيل 925 هـ ، وسيل 931 هـ ، وسيل 932 هـ ، وسيل 944 هـ ، وسيل 949 هـ ، وسيل 970 هـ ، وسيل 971 هـ ، وسيل 980 هـ ، وسيل 983 هـ ، وسيل 996 هـ ، وسيل 1020 هـ ، وسيل 1024 هـ ، وسيل 1033 هـ ، وسيل 1039 هـ ، وسيل 1043 هـ ، وسيل 1055 هـ ، وسيل 1073 هـ ، وسيل 1081 هـ ، وسيل 1091 هـ . وقد تراوحت تلك السيول من حيث القوة والضعف وكان المعيار في ذلك معرفة مدي ارتفاع السيل في المسجد الحرام بعامة ، والحجر الأسود وباب الحجرة الشريفة والركن اليماني بصفه خاصة وبالتالي يمكن تصنيف السيول كالاتي : السيول العارمة وهي التي وصلت المياه فيها إلي قفل باب الكعبة أو أعلي من ذلك ، والسيول العنيفة وهي التي ارتفع السيل فيها علو مابين الكعبة وأسفلها ، والسيول الخفيفة التي لم تستقر مياهها في الحرم فترة من الزمن .

وبالنظر في تلك السيول نجد أن النسبة الأكبر منها حدث وقت النهار بنسبة 71% والبقية بنسبة 29% في الليل ، ومن الجدير بالملاحظة أن السيول التي جاءت بالليل كان أعظم تأثيرًا في الخسائر من مثيلاتها في النهار وذلك لأن الليل يحد من حركة الناس وبالتالي يزداد الخطر عليهم مثلما حدث في سيل عام 925هـ ، وعام 971 هـ ، وعام 983هـ ، وعام 1039هـ ، 1055 هـ .

وكانت من العوامل االمؤثرة في قوة السيل من عدمه وبالتالي زيادة مخاطره والعكس راجعة إلي طبيعة جغرافية مكة والتي جعلت منها منطقة منخفضة محاطة بالجبال والأودية من كافة الجوانب ، كذلك قلة المساحة المزروعة والتي يمكن أن تقلل شئ ما من الأخطار ، وكذلك مدة جريان السيل ومدي دورها في التأثير في قوة السيل قوته .

تركت السيول التي تعرضت لها مكة في العهد العثماني الكثير من الآثار السلبية والايجابية في نفس الوقت . فمن الآثار السلبية الخسائر البشرية حيث كان السكان يتوفون ويغرقون في مياه السيول مثلم سيل 971 هـ .، و الخراب الذي كان يحل بالدور وأبنية مكة وذلك نتيجة قوة السيول مثلما حدث عام 925هـ ، 931هـ ، 971هـ ، 980هـ ، 1055هـ ، 1073هـ . وفقدان الأموال والأمتعة . ومدي الأذي والخسائر التي تلحق بالمنشأت المائية كالبرك والسدود ومجاري العيون حيث كان يتهدم بعضها وتمتلئ الأخري بالطين والأحجار . ومدي الخسائر التي تحدث بالبساتين والأشجار فقد كانت السيول تقتلعها مثلما حدث عام 925هـ ، 971هـ ، 1091هـ . وعرقلة التنقل والسفر حيث تمنع القوافل التجارية وقوافل الحج من المرور مثلما حدث عام 924هـ ، 931هـ ، 1053هـ .

وعلاوة علي ذلك كانت هناك آثار سلبية أخري تركتها السيول في المسجد الحرام ذاته فقد أدت السيول في تلك الفترة إلي توقف صلاة الجماعة وكذلك الطواف مثلما حدث عام 983هـ ،و 996هـ ، إضافة إلي تهدم بعض أجزاء البيت العتيق مثلما حدث عام 1039هـ ، وكذلك امتلاء الحرم بالأوساخ وتحجرها وتأثر النقوش الموجودة بالسجد .

بالاضافة لما سبق أثرت تلك السيول في مشاعر ونفوس الناس فقد جعلتهم يشعرون بالحزن لما فقدوه من أهل وأموال وممتلكات إضافة لما لحق بالمسجد الحرام من أضرار كل ذلك نشر في قلوبهم الحزن والخوف والرعب والفزع ولاسيما بعد السيول القوية مثلما حدث عام 1073هـ حيث ارتعب الناس وخافوا منه وكان خوفهم نابع من اعتقادتهم أنه كان إنذار لمن كان غافلا عن مصيره حتي شبهوا هذا السيل لضخامته بأنه حل محل الموت كطوفان نوح ، ولولا العناية الالهية لما بقي فرد في مكة المكرمة .

وعلي النقيض من ذلك كانت لتلك السيول بعض الآثار الايجابية التي يمكن اجمالها في الأتي : توفير مياه الشرب حيث كانت السيول تملأ البرك والصهاريج مثلما حدث عام 924هـ . كذلك ساعدت في ري المزروعات الموجودة في البراري وكذلك التي حول الاودية والبساتين داخل مكة مثل سيل عام 932هـ ، و 971 هـ ، 1073هـ . وساعدت أيضًا في انخفاض الأسعار مثلما حدث بعد سيل عام 925هـ حيث كان سعر السمن قبل السيل اثني عشر محلقة وبعده أصبح بعشرة محلقات . وكذلك أثرت علي مياه زمزم حيث أدت إلي زيادتها وارتفاعها حتي كاد يتناول باليد مثلما حدث عام 925هـ . وأدت السيول بمياهها إلي خفض درجة الحرارة مثلما حدث عام 1073هـ " فقد انكسرت صولة الحر في هذه السنة بمكة وشعابها وبالمسجد وأفنيته لنداوة الأرض "

وحيال ذلك لم تقف الدولة العثمانية مكتوفة الأيدي بل بذلت الكثير من الجهود أولها أن قامت بإزالة أضرار السيول والتي لحقت بالمدينة وبالمسجد الحرام مثل رفع الأتربة منها ومن المنشأت المائية ، واصلاح ما خلفته السيول من أضرار في المسجد الحرام ، وثانيًا بمحاولة التقليل من أخطار السيول وأضرارها وذلك عن طريق توسعة مجري السيول وتعميقه مثلما حدث عام 984هـ حيث أمر السلطان مراد الثالث بأن تهدم المنازل والمدارس والأربطة .. إلخ الملاصقة للمسجد الحرام وذلك لأنها تضيق مجري السيل . كذلك انشاء سرداب تحت أرضية المسجد الحرام لتصريف مياه الأمطار والسيول مثلما حدث عام 983هـ وأقامه أحمد بك أمير جده . وكذلك بإنشاء عتبات عالية لأبواب المسجد الحرام والتي قام بها سنان محمود باشا بايعاز من السلطان سليمان القانوني . وكذلك انشاء الحواجز والسدود مثل الحاجز الذي انشأه خوش كلدي عام 948هـ من التربة والحجارة في المعلاة .
وبالرغم من تلك الجهود إلا أنها لم تكن كافية وفاعلة لإيقاف خطر السيول وذلك لكون المدينة انشئت في وادي منخفض ومناسب لتجمع المياه ، وتعدد روافد الأودية مما زاد من تدفق المياه ، وطبيعة منازل ومساكن السكان حيث كانت مبنية علي سفوح الجبال ومجاري الأودية مما زاد من خطورة السيول ، وفجائية الأمطاربمكة وغزارة هطولها ، وأخير قلة المسطحات الزراعية بمكة المكرمة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف