"هل حوّاء هي من أخرج آدم من الجنّة؟"
"قراءة وتأمّل في لُغة القرآن الكريم".
كثيرًا ما تتردّدُ فكرةُ أنّ حواء هي التي أخرجت آدمَ من الجنّة، وما هذا إلا دليلٌ من آلاف الأدلة على انحدار المستوى الثقافي عند بعض المسلمين، إذ أنهم لا يفكّرون في أخذ آرائهم من القرآن الكريم في قضية تحدَّث فيها وصدحَ بفصل الخطاب.
كنتُ مؤخّرًا وصديقي العزيز Amr Wasel نتحادثُ حتى أتى ذِكْرُ هذه المسألة بشكلها الصحيح، ثم ذكرنا الخطأ الفادح الشائع بين المسلمين، فعزمتُ على الإضاءة على هذا الموضوع بشكل عام.
قال تعالى في سورة طه:
"وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)"
1 – بدأ الحق تبارك وتعالى في ذكر هذه القصة بِذِكر نسيانِ آدمَ عليه السلام ونفى وجود العزمِ عنده؛ وحوّاء غائبة عن السياق، وذلك تمهيدًا لما سيكون من أمرِهِ في القصّة.
2 – حذّرَ الله تعالى آدمَ مُنفرِدًا من الشيطان عمومًا إذ قال له ( إنّ هذا عدوٌّ لكَ ولزوجِكَ) ثم حذّره خصوصًا من احتمال محاولة الشيطان إخراجه وزوجه من الجنة، فالخطاب لآدمَ، وحوّاء غائبةٌ عن السياق.
3 – أخبر الله تعالى آدمَ عليه السلام بأنّه ليس هناك ما ينقصه في الجنّة فيطمع فيه إن أغراه الشيطان! عندما قال له: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)، فانقطع عن آدم عليه السلامُ بذلك العُذر في أن يتّبع الشيطان.
4 – ثم كانَ الحدثُ الرئيسُ إذ قال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى).
فكان المَدخلُ الذي دخل منه الشيطان لآدمَ هو الطمعُ في الخلود، وهذا يوضحُ أنّ آدمَ لم يكن موعودًا بأنه مخلّدٌ في تلك الجنة، وهذا الأمر كان ينقصهُ في تلكَ النعمة؛ أن لا تزول عنه، ثم أن تكون مُلكًا له لا يبلى، وذلك بأن يخلُدَ هو وزوجه في هذا النعيم، لذلكَ ضعُفَ آدمُ عليه السلام أمامَ هذا الأمر، فكأنّه – والله تعالى أعلم – قد ظنّ بربِّهِ أنه لهذا أمره أن لا يقرب تلك الشجرة، لأنه لا يريد له الخلود!!! وكانت معصية آدم الكُبرى قبل اتّباعِهِ للشيطان؛ هي سوء ظنِّهِ بربِّهِ؛ ذلك أنّ الشجرة هي عينُها وليست شجرةً أخرى! .. وما زالت حوّاء غائبةً عن السياق والمشهد! ..
5 – ثم قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)
أكلَ من الشجرة كِلاهُما؛ أي آدمُ عليه السلام وحوّاء التي لم تكن تعرفُ لمَ عزمَ آدمُ عليه السلامُ على الأكل من الشجرة، إنّما اتّبعتْهُ اتّباع المرأة لزوجِها على الفِطرة، فكان هنا فقط ظهورها في المشهد، بدليل أنّ الله تعالى قال كنتيجة لهذا (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) ولم يجعل حوّاء مشتركة في هذه المعصية، إنّما كانت تطيعُ زوجها.
فمن الذي أخرجهُما من الجنّة
الشاعر عماد نصار
"قراءة وتأمّل في لُغة القرآن الكريم".
كثيرًا ما تتردّدُ فكرةُ أنّ حواء هي التي أخرجت آدمَ من الجنّة، وما هذا إلا دليلٌ من آلاف الأدلة على انحدار المستوى الثقافي عند بعض المسلمين، إذ أنهم لا يفكّرون في أخذ آرائهم من القرآن الكريم في قضية تحدَّث فيها وصدحَ بفصل الخطاب.
كنتُ مؤخّرًا وصديقي العزيز Amr Wasel نتحادثُ حتى أتى ذِكْرُ هذه المسألة بشكلها الصحيح، ثم ذكرنا الخطأ الفادح الشائع بين المسلمين، فعزمتُ على الإضاءة على هذا الموضوع بشكل عام.
قال تعالى في سورة طه:
"وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)"
1 – بدأ الحق تبارك وتعالى في ذكر هذه القصة بِذِكر نسيانِ آدمَ عليه السلام ونفى وجود العزمِ عنده؛ وحوّاء غائبة عن السياق، وذلك تمهيدًا لما سيكون من أمرِهِ في القصّة.
2 – حذّرَ الله تعالى آدمَ مُنفرِدًا من الشيطان عمومًا إذ قال له ( إنّ هذا عدوٌّ لكَ ولزوجِكَ) ثم حذّره خصوصًا من احتمال محاولة الشيطان إخراجه وزوجه من الجنة، فالخطاب لآدمَ، وحوّاء غائبةٌ عن السياق.
3 – أخبر الله تعالى آدمَ عليه السلام بأنّه ليس هناك ما ينقصه في الجنّة فيطمع فيه إن أغراه الشيطان! عندما قال له: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)، فانقطع عن آدم عليه السلامُ بذلك العُذر في أن يتّبع الشيطان.
4 – ثم كانَ الحدثُ الرئيسُ إذ قال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى).
فكان المَدخلُ الذي دخل منه الشيطان لآدمَ هو الطمعُ في الخلود، وهذا يوضحُ أنّ آدمَ لم يكن موعودًا بأنه مخلّدٌ في تلك الجنة، وهذا الأمر كان ينقصهُ في تلكَ النعمة؛ أن لا تزول عنه، ثم أن تكون مُلكًا له لا يبلى، وذلك بأن يخلُدَ هو وزوجه في هذا النعيم، لذلكَ ضعُفَ آدمُ عليه السلام أمامَ هذا الأمر، فكأنّه – والله تعالى أعلم – قد ظنّ بربِّهِ أنه لهذا أمره أن لا يقرب تلك الشجرة، لأنه لا يريد له الخلود!!! وكانت معصية آدم الكُبرى قبل اتّباعِهِ للشيطان؛ هي سوء ظنِّهِ بربِّهِ؛ ذلك أنّ الشجرة هي عينُها وليست شجرةً أخرى! .. وما زالت حوّاء غائبةً عن السياق والمشهد! ..
5 – ثم قال تعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)
أكلَ من الشجرة كِلاهُما؛ أي آدمُ عليه السلام وحوّاء التي لم تكن تعرفُ لمَ عزمَ آدمُ عليه السلامُ على الأكل من الشجرة، إنّما اتّبعتْهُ اتّباع المرأة لزوجِها على الفِطرة، فكان هنا فقط ظهورها في المشهد، بدليل أنّ الله تعالى قال كنتيجة لهذا (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) ولم يجعل حوّاء مشتركة في هذه المعصية، إنّما كانت تطيعُ زوجها.
فمن الذي أخرجهُما من الجنّة
الشاعر عماد نصار