ذكريات من مخيم اليرموك (٣٩)
قصص وحكايا _٢_
أبو أحمد الحداد:
درسنا في صغرنا عن العفو عند المقدرة، وعن الحلم عند العرب، وعن الأحنف بن قيس ومعن بن زائدة ولكن الكثيرين لا يعلم بقصص حدثت في مخيمنا وهاكم إحداها :
قبل أربعين عاما عثر الحاج محمود الكبرا صاحب نادي كمال الأجسام على أجسام حديدية غريبة أثناء مغامراته في الأقنية المائية القديمة في منطقة قناة ترانس والتي تقع شرقي المخيم فأحضرها إلى جاره الحداد أبي أحمد عباس كي يصنع له منها أثقالا ولم يكن بالمحل إلا صديقنا أحمد ابن السبعة عشر ربيعا فما أن بدأ أحمد بلحم الكرات حتى انفجرت به فأردته شهيدا !!
وقد تبين فيما بعد أنها قنبلة قديمة كان ثوار الغوطة يخبئونها هناك لاستخدامها ضد الاستعمار الفرنسي
حضرت الشرطة وحققت بالموضوع وأوقف الحاج محمود ، وكان موعد تشييع الشهيد في اليوم التالي فأصر أبو أحمد على إخراج الحاج محمود من محبسه والتنازل عن القضية ، وبالفعل كان الحاج في مقدمة المشيعين، وفي واجب العزاء.
رحم الله أبا أحمد وأحمد والحاج محمود الكبرا فقد ضربوا أمثلة عجزت كتب الأقدمين أن تأتي بمثلها.
حادثة يلدا :
من القصص المتواترة في مخيم اليرموك والتي لم أشهدها بسبب صغر سني هي حادثة يلدا والتي سمعتها من الذين يكبروني سنة ومن أهل المغدور إبراهيم شحادة من صفورية حيث كان والده أبو إبراهيم قد افتتح دكانا في حارتنا القديمة خلف فرن الحصري بالضبط في الحارة المطلة على شارع جامع الرجولة
قال الرواة وليتهم ما قالوا: أنه في أواخر ربيع عام ١٩٦٠ قام المغدور الشاب إبراهيم شحادة حيث كان يعمل جابي باص بالتوغل في أراضي يلدا ولما رأى شجرة مشمش اشتهت نفسه حبة قرعون فقطفها من الشجرة وأكلها ، ولما رآه بعض الشباب هناك حصلت مشاجرة بينهما كان ضحيتها المأسوف على شبابه إبراهيم،
وطبعا بما أن حية قرعون أو حبتين لا تستحق إزهاق روح فلما علم أهل المخيم بما جرى هجموا على بساتين يلدا وحرقوا بعض المحصولات الزراعية وفي الحال تدخل أهل الحل والعقد من الطرفين لتطويق الحادثة كما كان لتدخل وزارة الداخلية آنذاك التي تتبع لحكومة الوحدة بجهود كل من الضباط عبد الحميد السراج ومحمد الجراح النافذين في حكومة الوحدة ، وعلى الفور تم الاجتماع في مسجد عبد القادر الحسيني وألقيت بعض الكلمات التي تشجع إصلاح ذات البين وتمت المصالحة ، ولا شك أن ذكر مثل هذه الحالة هو للتوثيق كما - سبقني به أخي علي بدوان - ولأخذ العبرة وكما هو معروف صارت يلدا ملاذا لآلاف العائلات الفلسطينية بعد توسع العمار فيها وفي الوقت نفسه غدا المخيم حاضرة لأهل يلدا يبيعون فيه منتجاتهم وخضارهم وحليبهم الذي كان يباع جزء منه مباشرة من ضرع الشاة للمستهلكين بعد نداء الباعة ( حليوهيييييييب) وكما درس معنا في ثانوية اليرموك كثير من طلاب يلدا عندما كانت المدرسة في وسط المخيم قبل أن تنقل إلى أطراف يلدا منذ أكثر من ثلث قرن.
يتبع.......
قصص وحكايا _٢_
أبو أحمد الحداد:
درسنا في صغرنا عن العفو عند المقدرة، وعن الحلم عند العرب، وعن الأحنف بن قيس ومعن بن زائدة ولكن الكثيرين لا يعلم بقصص حدثت في مخيمنا وهاكم إحداها :
قبل أربعين عاما عثر الحاج محمود الكبرا صاحب نادي كمال الأجسام على أجسام حديدية غريبة أثناء مغامراته في الأقنية المائية القديمة في منطقة قناة ترانس والتي تقع شرقي المخيم فأحضرها إلى جاره الحداد أبي أحمد عباس كي يصنع له منها أثقالا ولم يكن بالمحل إلا صديقنا أحمد ابن السبعة عشر ربيعا فما أن بدأ أحمد بلحم الكرات حتى انفجرت به فأردته شهيدا !!
وقد تبين فيما بعد أنها قنبلة قديمة كان ثوار الغوطة يخبئونها هناك لاستخدامها ضد الاستعمار الفرنسي
حضرت الشرطة وحققت بالموضوع وأوقف الحاج محمود ، وكان موعد تشييع الشهيد في اليوم التالي فأصر أبو أحمد على إخراج الحاج محمود من محبسه والتنازل عن القضية ، وبالفعل كان الحاج في مقدمة المشيعين، وفي واجب العزاء.
رحم الله أبا أحمد وأحمد والحاج محمود الكبرا فقد ضربوا أمثلة عجزت كتب الأقدمين أن تأتي بمثلها.
حادثة يلدا :
من القصص المتواترة في مخيم اليرموك والتي لم أشهدها بسبب صغر سني هي حادثة يلدا والتي سمعتها من الذين يكبروني سنة ومن أهل المغدور إبراهيم شحادة من صفورية حيث كان والده أبو إبراهيم قد افتتح دكانا في حارتنا القديمة خلف فرن الحصري بالضبط في الحارة المطلة على شارع جامع الرجولة
قال الرواة وليتهم ما قالوا: أنه في أواخر ربيع عام ١٩٦٠ قام المغدور الشاب إبراهيم شحادة حيث كان يعمل جابي باص بالتوغل في أراضي يلدا ولما رأى شجرة مشمش اشتهت نفسه حبة قرعون فقطفها من الشجرة وأكلها ، ولما رآه بعض الشباب هناك حصلت مشاجرة بينهما كان ضحيتها المأسوف على شبابه إبراهيم،
وطبعا بما أن حية قرعون أو حبتين لا تستحق إزهاق روح فلما علم أهل المخيم بما جرى هجموا على بساتين يلدا وحرقوا بعض المحصولات الزراعية وفي الحال تدخل أهل الحل والعقد من الطرفين لتطويق الحادثة كما كان لتدخل وزارة الداخلية آنذاك التي تتبع لحكومة الوحدة بجهود كل من الضباط عبد الحميد السراج ومحمد الجراح النافذين في حكومة الوحدة ، وعلى الفور تم الاجتماع في مسجد عبد القادر الحسيني وألقيت بعض الكلمات التي تشجع إصلاح ذات البين وتمت المصالحة ، ولا شك أن ذكر مثل هذه الحالة هو للتوثيق كما - سبقني به أخي علي بدوان - ولأخذ العبرة وكما هو معروف صارت يلدا ملاذا لآلاف العائلات الفلسطينية بعد توسع العمار فيها وفي الوقت نفسه غدا المخيم حاضرة لأهل يلدا يبيعون فيه منتجاتهم وخضارهم وحليبهم الذي كان يباع جزء منه مباشرة من ضرع الشاة للمستهلكين بعد نداء الباعة ( حليوهيييييييب) وكما درس معنا في ثانوية اليرموك كثير من طلاب يلدا عندما كانت المدرسة في وسط المخيم قبل أن تنقل إلى أطراف يلدا منذ أكثر من ثلث قرن.
يتبع.......