الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"الخراب الجميل" أحمد خلف بقلم:رائد الحواري

تاريخ النشر : 2014-04-23
"الخراب الجميل" أحمد خلف بقلم:رائد الحواري
"الخراب الجميل" أحمد خلف
الرواية من إصدارات دار الطليعة بيروت بالتعاون مع وزارة الثقافة العراقية عام 1981، تتحدث عن واقع الشباب في العراق والهموم التي يحملون، فهم يريدون السفر إلى المدن الأخرى، يعملون لرفع مستوى النضال عند الفلسطينيين من خلال مشاركتهم فيه، إن كان من خلال المعركة أو من خلال الإعلام، وتتحدث الرواية عن بداية انطلاق المرأة العراقية للعمل وكيف كانت تواجه المعارضة الشديدة من الأهل، وتقدم لنا أيضا طبيعة الحياة التي يعيشها الشباب العراقي، فنجد الحب وطريقة التعامل مع المرأة، وأيضا نجد شرب البيرة الذي كان يعتبر مسألة طبيعية عند العراقي.
الكاتب أحمد خلف استطاع أن يرسم لنا صورة واقعية عن الحياة التي عاشها العراقي في العقد السابع من القرن الماضي، ورغم تطرقه إلى الأوضاع في فترة الخمسينيات، إلا أن الرواية تعطي صورة واضحة عن العقد السابع تحديدا، الرواية بشكل عام عادية جدا، هناك انسجام وتطابق كامل بين فكرة الرواية وأسلوب كتابتها واللغة المستخدمة فيها، ونستطيع القول بأنها تقع ضمن مدرسة الرواية الواقعية، فلا يوجد فيها أي شيء من الرمزية أو محاولة تكسير المكان أو الزمان، وهنا تكمن أهميتها كوثيقة أدبية تاريخية، إذا أردنا أن نعتمد على الأدب كوسيلة لتدوين التاريخ الاجتماعي للعراق.
سنحاول هنا أعطاء صورة عن الحياة الرغيدة التي عاشها العراقي في العقد السابع تحديدا، حيث أننا سنعود إلى نفس الكاتب بعد احتلال العراق في مجموعته القصصية "في ظلال المشكينو" لكي نعرف كيف يمكن للأديب أن يتجاوز اللغة العادية إلى لغة نارية، وان يركز أكثر في الجمل والعبارات التي يستخدمها، رغم انه من المفترض أن يكون العكس هو الذي يحصل، فعامل السن كان من المفترض أن يفرض نفسه على الكاتب، وان يستخدم اللغة التي تتناسب مع سنه، لكن الواقع كان أقوى بكثير، من هنا نجده في المجموعة القصصية أكثر ثورية وتمرد على الواقع من الرواية التي كتبت في الفترة الزاهية للعراق، فلم تكن حرب الخليج الأولى قد اشتعلت بعد، وكان العراقي والعراق في أوج ازدهاره وتطوريه. سنعطي شواهد على العديد من النواحي الحياتية التي تناولها الكاتب، لنرى كيف أن اللغة والأسلوب كانا ينسجمان مع الفكرة والمضمون.
ليلي ويوسف يعطيان صورة الحياة الرغدة التي يعيشانها معا "في الفجر أراقب قرص الشمس وهو يبزغ، وفي المساء أراه وهو يغيب ويختفي، وأقول لنفسي: هذا يوم جميل آخر ينتهي، ليبدأ يوم آخر جديد، يا سيد يوسف تمتع قدر المستطاع، نعم سأتمتع" ص12، اعتقد بان هذا الصورة من التأمل تمثل ذروة الراحة والهدوء الذي يعيشه الإنسان، فحالة التأمل والتمتع بالطبيعية غير متاح للكل أو للغالبية، فهو مقتصر على القلة فقط، من هنا نستنتج بالرفاهية التي كانت يعيشها العراقي، فهو متحررا من كل الهموم منسجما مع الطبيعية، يهيشان في انسجام وتكامل.
وها هو النهر الخالد له حضورا في السعادة والمتعة التي يعيشها العراقي "هو ذا يصغي إلى صوت مياه النهر، وهي تتحرك بالقرب منهما بفعل حركة الهواء" ص15، الكاتب يحاول أن يقول بان هناك علاقة انسجام وتكامل بين سعادة العراقي وطبيعية العراق، من دون أن يذكرها صراحة أو مباشرة، لكن نستدل على هذه العلاقة من خلال هذا الوصف.
الطبيعة في العراق لم تكن نهر وشمس بل أيضا طيور وكائنات حية أخاذة، تدفع بالإنسان إلى التماهي أكثر مع المكان وما فيه "سف بالقرب منهما سرب من طيور النورس، وارتفع بطيرانه بداية الأمر، بعيدا في العلو، وما لبث أن هبط شيئا فشيئا، حتى كاد يلامس سطح مياه النهر، قبل أن يختفي بطيرانه، وهو ينحدر، عاد ثانية وارتفع بضعة أمتار واحتفى هناك بعيدا" ص17، بهذه الأجواء الطبيعية الخلابة كان العراقي يتنعم، وهي بالضرورة ستنعكس على تصرفاته، التي بالتأكيد ستكون طبيعية، وتمنحه التفكير بالإبداع، "سوف أرسم شيئا بهيجا هذه الليلة، امرأة نصف عارية مستلقية عند الشاطئ، وثمة طيور وقوارب مهجورة، امرأة وحيدة أمام النهر، ... سأسميها المرأة والشاطئ" ص20، هذا التوحد بين الإنسان العراقي وطبيعية العراق تعطي صورة العلاقة الوثيقة التي تربط الإنسان الأرض، فهي تمنحه كافة الظروف وتهيئة له متطلبات الإبداع، فالإبداع هنا ليس بالضرورة ناتج عن الضغط والمحنة والهم، فهو شيء طبيعي تمنحه الطبيعة للإنسان، فالفكرة القائلة "لا بد من وجود دافع" ـ بالضرورة يكون سيئ أو يشكل ضغطا نفسيا ـ ليست الصائبة هنا، فكان التفكير الإبداعي ناتج عن الطبيعية ذاتها، وهذا الأمر هو السائد في الغرب والدول المتحضرة، فكأن أحمد خلف يقول لنا بان العراقي كان يعيش في مستوى من الراحة والهدوء يتماثل مع أحوال الدول الغربية. من هنا سنجد هموم أو مشاكل العراقي هي مشاكل وهموم عادية يتعرض لها أي إنسان، فليس هناك قهر اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي يثقل كاهله.
من هنا ستكون الأحداث الرواية تدور حول أمور عادية ليست بالقاهرة. أولا: عمل المرأة، "هي ترغب في العمل. تريد أن تعمل في احد المصانع...ومن قبل لم يحصل أن عملت امرأة منهم في مصانع بغداد، ومع الرجال" ص27 و28، هذا الحدث لا يمثل محفز أو مثير لتطور أحداث لاحقة، فهو بشكل طبيعي مهما كانت نتيجته ـ عمل الزوجة أم الرفض ، لا يشكل أهمية كبيرة في حياة الرجل، وهذا دليل على أن هموم ومشاكل العراقي كانت بسيطة وبعيدة عن التعقيد.
ثانيا: العلاقة الحزبية، في حالات كثير تكون الأمور الحزبية لها تأثيرها على الأفراد والجماعات، فعندما تكون الأوضاع هادئة لا بد أن تكون المشاكل والمسائل الحزبية اقرب للحل منها إلى توسيع الهوة بين المختلفين، من هنا نجد العلاقة الودية هي السائد في الحزب، الذي يتفهم دوافع الفرد ويفسرها بطريقة هادئة بعيدة عن التشنجات والتفكير السطحي الذي يركز ويهتم بالشكل على حساب المضمون، "ـ وللآن، كيف أجد نفسي قادرا على العودة إلى التنظيم وهو في السلطة؟ ماذا سيقول الناس عني، إنهم قادرون على نعتي بشتى النعوت.
ـ إنني أفهمك جيدا، أنت لا تريد أن يقال عنك أنك انتهزت الفرصة. ولكنها محض مخاوف، وإذا انتفت هذه المخاوف فما عليك إلا أن تحدثني بدونها، لكنني لا أريد لك أن تتصرف بحياتك كأنك خارج التنظيم" ص60، مشاكل عادية يمكن أن يتعرض لها أي إنسان، يكون في الحزب ويتركه لأسباب معينة، لكن قيادة التنظيم لا تتهم هذا العنصر بالردة أو الخيانة، بل تحلل وتفسر الدوافع التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار لكي تعيده إلى التنظيم، دون أن يشعر بأنه يقدم على فعل غير مبدئي، وهنا تأكيد من الكاتب على أن الأوضاع في العراق كانت تحل المسائل الحزبية بصورة هادئة وبعيدة عن التشنجات والعصبية, كتأكيد على رحابة الحياة في العراق.
ثالثا: صراع الواجب، أيكون في الكلمة أم من خلال الفعل المقاوم ـ المسلح ـ ؟ كل إنسان يقتنع بفكرة ما لا بد أن يعمل ليحققها، إما بالقول أو الكتابة وإما بالفعل والجهد الجسدي، وهذا الأمر يعد مسألة طبيعية عند كل البشر، فها هو محمود يحاول أن يستخدم الإبداع الأدبي المسرحي كبديل عن المشاركة المسلحة في دعم المقاومة الفلسطينية، "ذهابه للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية بعد حوادث أيلول. ثم فشله في المواصلة مع الثورة" ص163، كل هذه المشاكل طبيعية وتحدث عن كل إنسان ولا تعد بالشيء الكبير، فمن خلال "الخراب الجميل" الذي حدث في شخصية محمود بعد عدم نجاحه في مواكبة المقاومة المسلحة، يتجه إلى كتابة مسرحية، كرد فعل على عدم النجاح في الجانب العسكري، من هنا جاء اسم الرواية، "الخراب الجميل" كشيء فني جميل خرج من دوافع تجربة خائبة.
هذا محتوى الرواية، التي دفعنا إلى قراءتها مرة ثانية والتوقف عندها بعد أن قراءنا الأعمال الأدبية العراقية التي تتسم بالحنق والغضب واليأس والكفر، بعد، هذا هو وضع العراقي بعد الاحتلال، فالأدب اصدق صورة، وهو الحقيقة المطلقة، وكل ما يقوله رجال السياسية والدين ما هو إلا خزعبلات وكذب وتزيف للواقع، فشكرا لكل الكتاب العراقيين الذين كشفوا زيف "الديمقراطية" التي جاءت على يد الاحتلال الإمبريالي الأميركي.
رائد الحواري
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف