فخاخ الكلام ،،، اطلالة أدبية على وطن جريح ،،، لا زال ينزف منذ احتلاله عام ثمانية واربعين او حتى قبل هذا التاريخ بسنوات ،،، يشدك القاص لذاكرة كادت من كم المآسي تذوي وتنهار ،،، منذ سنوات وانا اقرأ للقاص عمر حمش ،،، واتنقل في كل مرة في ذات الجرح ،،، وكأن القاص وظف قلمه هنا وهنا فقط كمشرط يعالج ذات الاصابة ولكن في كل قصة من جانب مختلف لعل الجسد باكمله يشفى من سقم ،،،فخاخ الكلام مجموعة قصصية تتكون من تسع واربعون صفحة من القطع المتوسط ، صدرت عن دائرة النشر في وزارة الثقافة الفلسطينية صمم غلافها الفنان خالد عبد الهادي ولعله اراد ان يبعثر الحروف كما اراد القاص من بعثرة القصص لتفي بالغرض وتستوفيه .مجموعة انيقة ،،، خفيفة الظل ،،، قيمة المضمون ،،، تحاكي ما جال في خاطر القاص وهو يقرأ المشهد الغزيّ خاصة ،،، والوطني عامة ،،، ويعرج على بعض هموم العربان وربيعهم المزعوم ،،، وما الت اليه الثورات المدعية بالتحرر ،،،تتقافز بين القصص وفي مخيلتك ،،، آثار العدو الهمجية ،،، ولكنها جاءت في قالب لا يذكر مباشرة هذا وربما قال هذا صراحة في الـ "اف 16 " ص(29 ) وهو يصور المشهد الدامي ،،، او جنود واقتحامات في مواضع اخرى ،،، ولكنه سرعان ما يدخلك في قالب أدبي ،،، وصور مؤثرة ،،، تنسيك المشاهد المألوفة ليصنع لك صورة حقيقية ،،، أكثر دقة واتزاناً ومعنى ،،، ربما أكثر وضوحاً بل والتصاقاً بفكرك .تجولت عدة مرات بين خمائل القصص التي تكتبني ،،، بل وتصورني كمواطن فلسطيني بل وتشعرني الف مرة ان الغزي كائن أكبر بكثير من أن يشبهني ،،، فهو العملاق الذي طحنته الة الحربية الاسرائيلية مئات المرات ولا زال واقفاً بعنفوان كشجرة سنديان تأبى ان تكسرها الرياح الهادرة بكل صلف.مائة واثنتا عشرة قصة قصيرة تتراروح بين عدة كلمات كما في قصة بعنوان "فحولة " ص (27) لا تتعدى ستة كلمات ادت الفكرة كاملة بلا ادنى شعور ببتر ،،، وقصة بعنوان "وصية" أجملت قضية فلسطين وارتباطها بتراب الارض من جيل الى جيل ،،، كانها تسرد قصة الخلود على مهل ص(3) وكما في قصة "مليك وعصفورة " ص(7) تجسد رسالة ابا عمار الخالدة بين جموع ملوك متهالكة لا تعي حتى ما يرنو اليه من بعيد ،،، بل ويراه قريباً وقريباً جداً . تتجول بين القصص فتقرأ جرحاً غائرا تارة من خلال قصة اجتماعية يسردها القاص تذكيراً بحادثة سمعها او عاصرها ،،، وتارة يأخذك لشاطيء ورمل وحصار ويرسم المشهد مجرداً أمامك كما اراد له ان يكون ،،، فلا ترى نفسك الا منحنيا ترفع القبعة لكاتب يرسمك بدقة فتطمئن روحك لوصول الرسالة الى جيل جديد قد نسي تفاصيل الوطن ومعاناة الانسانية القابعة فيه منذ زمن.