الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سيد درويش و التذوق الموسيقى بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2014-04-22
سيد درويش و التذوق الموسيقى بقلم:وجيه ندى
فنان غنى فى حب وطنه !



سيد درويش و التذوق الموسيقى
وجيــه نـــدى المؤرخ والباحث فى التراث الفنى و حياة الفنان الكبير السيد درويش , منذ عام 1906 و قد بلغ الرابعة عشره من عمره و عندما انتقل الى الفرقه الثانيه بالمعهد الدينى و كانمقرها مسجد الشوربجى الذى ظل يؤذن فيه طوال العام الدراسى و لكن تيار الفن كان جارفا فصرف الفتى بدافع الموهبه عن التفرغ للدراسه وراح يغذى تلك الرغبه بالانشاد فى حفلات و افراح وندوات كانت فى نفس حى ( كوم الدكه ) ولم يكن ذلك ليصادف مكان الرضى من والدته – و ادى عدم التفرغ للدراسه الى فصله نهائيا من المعهد فى نهاية عامه الدراسى الثانى استغل صوته الموسيقى و ذوقه الفنى المرهف بالاشتغال بالغناء و اضطر الى التردد على المقاهى و المنتديات الليليه و الملاهى ودعته ظروف عمله هذا ان يجارى اهلها من طلاب الطرب عن طريق السكر وان لم تكن المسكرات نزعه مركوزه فى نفسه و لم تكن الكاس غايته وهدفه فهو ربيب اسره متدينه فضلا على انه من حفظ القران الكريم و مرتليه وانما كان يساير قوما لا يلذ لهم الغناء الا اذا شربوا و لا يعبرون عن اغتباطهم الا باهدائهم للمطرب كاسا او كاسين تاكيدا لمحبتهم و اظهارا لتقديرهم لفنه – ولم يكن سيد درويش يعرف المخدرات ايضا فى بادئ الامر و لكن بعض الناس ساقوه اليها ولم يكن ليساق اليها فى يسر لولا انهم اوهموه انها تعينه على السهر و قد كان لهذا جميعه اثر فى تقويض بنيته القويه و كان سيد درويش يرتدى العمامه و هو طالب بالمعهد الدينى و لكنه خلعها عند ما اشتغل عاملا عند احد المقاولين ثم عاد الى ارتداء العمامه فى بدء حياته الفنيه وكان دوره الكبير و الواضح فى ثورة 1919 - وقد غنى قبل الثوره العشرات من الالحان و الكلمات والتى كانت تناطح تلك الزمن وقبل الثوره ومنتلك الاعمال – حلوه البنيه يا بطنها –خفه ودلوعه ياحلاوتها – لما رايت حسن جمالها – و العفه و الانس خصالها – شكيت ان حالى وحالها – فهمت كلامى يا حداقتها – وايضا من الطقاطيق و التى لحنها الشيخ سيددرويش بابا ليه ماتدلعنيش – واللى باحبه دا ليه ما يجيش – بابا قوم دلعنى شويه – خلى حبيبى يرضى عليه – وفهمه كدا بالحريه – اللى يحب ما يخبيش وهذا قليل من كثير غناه الشيخ سيددرويش ولكنى اردت فقط اناعطى صوره لبعض اغانى سيددرويش ومعظمها قبل ان ينفعل وعندما ننقل بعض الاغانى التى لحنها اثناء ثورة1919 و بعدها نشعر بالفارق الكبير بين الحالتين و غنى - فنان ظهرت أعماله فى المسرح السينما والتليفزيون بعد وفاته بسنوات طويلة ، ، إذ أن موسيقاه قد ظهرت ثانية بعد فترة طويلة من التوارىولظروف سياسية زادت على ثلاثين عاما أعقبت وفاته المفاجئة عام 1923 فكيف تعود وبقوة بعد هذا الانقطاع الطويل وتنتشر فى أجيال لم تعاصر السيد درويش ولم تسمع أعماله قط ولد السيد درويش مرتين ، الأولى 1892عندما وضعتة والدتة فطومة الوردانية فى بيتهم بحارة البوابة 17 المعروفة بحارة الحاج بدوى ووالدة هو المعلم درويش مصطفى البحر وتلك ولادته الجسدية والثانية هى ولادته الفنية لوطنه وأمته فى 1917 بالقاهرة فى أسرة بسيطة فى أحد أحياء الإسكندرية العريقة وهو كوم الدكة ، لم ينشأ السيد درويش فى أسرة فنية ولم يجد أحدا يشجعه على السير فى اتجاه الفن ، بل على العكس لقى العنت والتعنيف والإكراه على عمل أشياء لم يجد فيها إحساسه بذاته ، وفى ظل ظروف معيشية غاية فى القسوة كان الفن بالنسبة لمثله ترفا لا يمكن لمسه وحمل الفتى الصغير مسئوليات أكثر من طاقته فقد توفى والدة وامتهن السيد درويش حرفة النجارة وهو فى السابعة، وحملته أسرته على الزواج المبكر فى السادسة عشرة من عمره واضطرته تلك المسئوليات إلى العمل مبكرا من أجل الأسرة الجديدة وهو لم يكمل تعليمه بعد فى هذه الظروف كان الفتى الصغير يبحث عن وسيلة للتعبير عما فى نفسه من ضغوط وعن أحلامه فى الحياة فلم يجد أفضل من الموسيقى ، وانجذب بحسه العالى إلى ما سمعه من أساتذته فى المدرسة وبدأ بحث بنفسه عن مصادر أخرى لهذا الفن فأخذ يتردد على ألأماكن التى تقدم الفنون فى مدينته الهادئة الإسكندرية ، المحلى منها والأجنبى ، ثم بدأ يردد ما حفظه على أسماعهم من الحان و كان السيد درويش طالبا بالمعهد الدينى بمسجد أبى العباس المرسى الشهير ، لكن أصدقاءه وجدوا فى الشيخ الصغير موهبة تستحق الاستماع إليها فدعوه لإحياء حفلاتهم العائلية ، و حاول عندئذ العمل بالفن لكنه لم يفلح ، ومن أعاجيب القدر أنه عندما استسلم لضغوط الحياة وبدأ يعمل كبناء لحساب أحد المقاولين فإذا بهذا العمل نفسه يقوده إلى أبواب الفن فهاهو المقاول يكتشف فيه موهبة ذات فائدة عظيمة عندما سمعه يغنى وسط العمال وهم يرددون غناءه ، لم يكن المقاول فنانا، ومن زاوية مصلحية بحتة عرض على السيد درويش التفرغ للغناء للعمال بينما يحتفظ بنفس الأجر لما وجد أن غناءه أثناءالعمل يزيد من حماس العمال ويجعلهم يعملون بلا كلل أو ملل فاستراح الصغير من عناءالعمل وتفرغ للغناء فى عام 1909 يتدخل القدر مرة أخرى فيسمع غناءه رجلان من الشام وهما أمين وسليم عطا الله صاحبا فرقة مسرحية تعمل بالشام ، عرض الرجلين عليه على الفور العمل بفرقتهما فقبل الشيخ السيد وسافر فى أول رحلة له خارج مصر وعمره حينئذ حوالى 17 عاما ، لكنه لم يمكث غير عشرة شهور لم يوفق فيها ماديا لكنه جمع تراثا موسيقيا قيما خاصة بعد لقائه بالموسيقى المخضرم عثمان الموصلى فى عام 1912 التقى سيد درويش بالموصلى مرةأخرى فى رحلة ثانية إلى الشام مع نفس الفرقة وأكمل خلال تلك الرحلة ما كان يتوق إلى جمعه من مواد التراث وعاد بعد عامين وقد أحضر معه العديد مما عثر عليه هناك من الكتب الموسيقية و اصبح ينتقل و يغنى الاغنيات والتى كانت شائعه و ترددها بعض الاصوات ومنهن اسما الكمساريه و اللاونديه و ايضا عبد الحلى حلمى - و فى عام 1914 عاد السيد درويش للعمل بمقاهى الإسكندرية لكنه لم يكتف بتقديم ما حفظه عن اهل الطرب القدامى ، ولكنه بدأ يبدع ألحانه الخاصة و كانت سر ابداعه هى ملهمته ( جليله ) صاحبة احدى المحلات الليليه وكان ينفرد بها بعد ان توزع محاسنها و تسقى كل عطشان لقد كانت ملهمته ثمهى ايضا باعثة كل الامه – اذ من يدها زاق ذلك الحرمان و عرف العطش الذى لا يرتوى و من هنا تفجر ذلك الالم العبقرى الذى كان يعتصر روحه فيحيلها انغاما مؤثره لانها تحمل من القلب شحنات قويه و هو نفس الالم الخلاق الذى اذا ما هدات ثورة عواطفه بتاثير يقظة الذهن و سيطرته – اتجه بعمق الاحساس بالوجود ويتغلغل الى بواطن المرئيات ليقدمها بدوره الحانا ترسم الواقع وتعبر عنه فى بيئته وفى رائحته و فى مذاقه – ان هذا الالم من شانه ان يشحذ قوى النفس و يفجر طاقاطها و تلك بعض من سيددرويش الفنالن والانسان وليس كله فقدم أول أدواره يا فؤادى لية تعشق من مقام العجم كما ظهرت أغانيه القصيرة السريعة إلى الوجود وغناها بنفسه وعلى سبيل المثال انا هويت وانتهيت حرج علية بابا عشقت حسنك عواطفك دى اشهر من نار ياللى قوامك يعجبنى كما رددهم غيرة من اهل الطرب وبدأ نجمه يعلو فى المدينة عندما سمعة الشيخ سلامة حجازى أثنى عليه وعلى الفورعرض عليه العمل بفرقته بالقاهرة فقبل الشيخ السيد درويش الغناء بين الفصول وهو تقليد معروف فى ذلك الوقت لطول الزمن بين الفقرات لكنه تلقى استقبالا فاترا من الجمهور الذى تعود صوت سلامة حجازى ، وأصيب الشيخ سلامة نفسه بصدمة جعلته يخرج إلى الجمهور ليقدم سيد درويش قائلا : ” هذا الفنان هو عبقرى المستقبل لكن الشيخ السيد أصيب بإحباط كبير جعله يعود إلى مدينته فى اليوم التالى ، 1917 طلب منه التلحين ولفرقةأبيض ولروايةكاملة هى فيــروز شاه كانت فيروز شاه تجربة خاصة من جورج أبيض الذى اعتاد المسرح الجاد وقرر أن يخفف شيئا من مادته فى هذا العرض كى يجتذب جمهورا أكبر مثل ذلك الذى يرتاد المسرح الكوميدى ، ولم تنجح تجربته لكن الجمهور جذبه شيء جديد هوطبيعة واخلاص ألحان السيد درويش ، لقد تركت انطباعا بأن فنا جديدا أتى وأنه أقوى من أن يعرض مرة واحدة لم يكن جمهور تلك الليلة فقط هو المتأثر ولكن تناثرت الأخبار إلى الفرق الأخرى المنافسة التى عزمت على استثمار الحدث لصالحها فتسابقت لاكتساب سيد درويش إلى جانبها واصبح يلحن لجميع الفرق المسرحية بالقاهرة فرق نجيب الريحانى ، على الكسار ، منيرة المهدية ، وكان عطاؤه غزيرا حتى قيل عنه أن باستطاعته تلحين خمس روايات في شهر واحد فى عام 1919 اندلعت الثورة الشعبية بقيادة سعد زغلول وكان للشيخ السيد فضل تغذيتها بالأناشيد الوطنية والأغانى التى تعرضت لكل ما هو وطنى ، وفى طريق الثورة على القصر الفاسد والاحتلال الأجنبى قدمت روايات محلية حوت على كثير من الرمز ضد الاستبداد وأعلت كثيرا من شأن القيم والرموز الوطنية والشعبية وحقيقة قام المسرح بدور كبير فى هذا الاتجاه وكانت ألحان سيد درويش هى السبب فى نجاح هذه المسارح والفرق بانتشارها العارم بين الناس وبسرعة فائقة غير أن طموحات سيد درويش لم تكن مسرحية ولم تكن مادية بل كانت موسيقية بالدرجة الأولى ، هو يريد موسيقى أفضل ، وإن كان المسرح هو الوسط الملائم فليكن ، لكنه اصطدم بإدارات تلك الفرق التى تريد من الهزل كما لا بأس به إلى جانب الجد ، كما تريد تقليل النفقات ما أمكن ، فعمل على إنشاء فرقته الخاصة ليستقل بنفسه فى عام 1921 أنشأ سيد درويش فرقته الخاصة وقدم بها روايات العشرة الطيبة لمحمد تيمور والتى عرضتها فرقة الريحانى اولا وشهرزاد لبيرم التونسى والباروكة لم يكن سيد درويش وحده فى الساحة الفنية وقتها فقد كان هناك عملاقان عالمان هما داود حسنى وكامل الخلعى ، وهما ملحنان الاول يهودىواسمة ديفييد ليفى والخلعى من كوم الشقافة أجادا التلحين خاصة للمسرح وقاما بتلحين أعقد النصوص حتى الأوبرا وكان على سيد درويش ، الذى لم يختلط بهما ، منافستهما وأن يخرج من تلك المنافسة متفوقا وبسلام وربما كان سر ذلك فى ان الفنان الكبير سيد درويش لم يعتبر نفسه محترفا فى أية لحظه ، كان هاويا إلى درجة العشق ، عشق الفن والجمال والحرية والتعبير ، ولم يكن الفن عنده مهنة كغيرها لكسب القوت ، وإنما رسالة سامية وواجب وطنى ، ويذكر عنه رفيق دربه بديع خيرى أنه عندما عانت فرقته من مصاعب مادية كان ينزل إلى وسط البلد وهو مفلس فيسمع ألحانه تقدمها الفرق الأخرى فيعود إليه إحساسه بالسعادة وينسى كل الهموم وهو ما لابد ان نذكرة ما حدث فى عام 1921 قرر سيد درويش بعد نجاحه أن يكتب عن الموسيقى ، فكتب للصحافة مقالات موسيقية كان يقصد بها توعية الجمهور والتثقيف الموسيقى العام واعتبر هذا الميدان الذى لم يرتاده أحد قبله أحد واجباته تجاه الرسالة الفنية التى حمل لواءها ، وكان يختم مقالاته بتوقيع ”خادم الموسيقى السيد درويش“ ، ثم قرر أن ينشر كتابا يضم نوت ألحانه واتفقت معه إحدى الصحف على نشر الكتاب فى حلقات ولم يكن هناك باب إلا وطرقه من أجل توصيل رسالته والمشاركة فى المد الشعبى والقومى الصاعد حينذاك بكل ما يستطيع من طاقة وقد تمنى السيد درويش وهوعلى تلك القمة أن يفعل شيئا طالما حلم به ، أن يذهب إلى أوربا ، وإيطاليا بالذات موطن الموسيقار فيردى محب مصر ، كى يستزيد من العلوم الموسيقية ويقدم ألحانه فى أفضل صورة وفى عام 1923 استعد سيد درويش للسفر لكن القدر لم يمهله ووافته المنية بالإسكندرية مسقط رأسه عندما ذهب إليها ذات فجر بعد سهرة مزاجية وظل يتنفس بصعوبة حتى اشرق الصباح ووافتةالمنية عند شقيقتة فى منزلها شارع الاميرعمر بحى الغيط الصعيدى امام كوبرى الفرخة طريق قناة السويس) وبينما كان الشعب فى فرحة غامرة بعودة زعيمه كانت أسرة سيد درويش تبكيه فى هدوء حزين ولم يتنبه أحد فى الخارج إلى وفاة روح الثورة كان سيد درويش يستلهم ألحانه من الألحان الشعبية البسيطة التى يرددها الناس فى مناسبات مختلفة ، وكان يستمع إلى كافة طوائف الشعب من باعة وشيالين ومراكبية وسقايين وفلاحين وعمال وغيرهم ، وكان له القدرة على تحويل تلك النغمات البسيطة إلى ألحان ذكية يستطيع كل الناس ترديدها فى سهولة ويحكى عنه صديقه الكاتب "بديع خيرى" أنه كان يصطحبه إلى حى بولاق بالقاهرة ليستمع إلى"بائع عجوة" ينادى فى نغمات جميلة مرددا " على مال مكة .على مال جدة .. مال المدينة يا شغل الحجاز وظهرت تلك النغمات فى "مليحة قوى القلل القناوى" التعبير الموسيقى تتلخص مدرستة الفنية فى مبادئ أساسية هى اختيار الموضوع والكلمات التعبير عن الموضوع والكلمة باللحن اختيار النغمات ذات الجذور الشعبية المصرية صياغة الجمل اللحنية فى أبسط صورة صياغة الألحان فى تراكيب حديثة متطورة وإيقاعات شابة مليئة بالحيوية واستطاع سيد درويش التعبير عن هموم وطنه وآماله فى أصدق صورة ،باللحن والكلمة ومن أهم أسباب انتشار موسيقى وألحان سيد درويش أنها بسيطة وسهلة مع عمق نغماتها وتأثيرها القوى فى النفوس ، ولم تكن ألحانه تحتاج إلى أصوات محترفة لترددها ، وقد كانت الأغانى السائدة فى ذلك الوقت من أصول تركية غير معبرة عن البيئة والمزاج المصرى ومليئة بالتراكيب المعقدة والزخارف اللحنية وهو ما كان معروفا بـ "موسيقى الصالونات" يسمعها فقط خاصة العائلات والطبقة الأرستقراطية من الأتراك ، كما أن موضوعاتها اقتصرت على الحب والغرام والهجر والفراق ، لكن سيد درويش استطاع أن يجعل الغناء للجميع ، وأحس المصريون لأول مرة فى العصر الحديث بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم وعن جذورهم ومشاعرهم وعمل سيد درويش كثيرا على إيقاظ الروح الوطنية بين المصريين بألحانه ، ولم يتقاض أجرا عن تلحينه لأعطم ألحانه الوطنية ويكفى النظر إلى بعض مقاطع أغانيه لكى نعرف عن ماذا يتحدث سيد درويش وما الذى يعبر عنه ، ولكى ندرك النقلة الكبيرة التى أحدثها فى أنشودة انا المصرى كريم العنصرين بنيت المجد بين الإهرامين جدودى أنشأوا العلم العجيب ، ومجرى النيل فى الوادى الخصيب لهم فى الدنيا الاف السنين ويفنى الكون وهم موجودين وفى لحن سالمة يا سلامة صفر يا وابور واربط عندك نزلنى فى البلد دى بلا أميركا بلا أوربا مافى شى أحسن من بلدى وفى نشيد قوم يا مصرى قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك، خد بناصرى نصرى دين واجب عليك شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار .. من جمودك كل عضمة بتستجار صون آثارك ياللى ضيعت الآثار .. دول فاتوا لكمجد خوفو لك شعارليه يا مصرى كل أحوالك عجب تشكى فقرى وانت ماشى فوق دهب مصر جنة طول ما فيها انت يا نيل عمر ابنك لم يعش أبدا ذليل"
وفى أغنية طلعت يا محلا نورها طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة ياللا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسة وكذا الحال فى نشيد بلادى بلادى صياغة المؤلف الشيخ محمد يونس القاضى وفى لحن الصنايعية الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية .. والديك بيدن كوكو كوكو فى الفجرية"ياللا بنا على باب الله يا صنايعية .. يجعل صباحك صباح الخير يا اسطى عطية والأغنية التى انتقدت الشباب فى خدمة الجيش الانجليزى يا عزيز عينى وانا بدى اروح بلدى ..بلدى يابلدىوالسلطة خدت ولدى ويقول الموسيقيون فى مصر ، كبارهم وصغارهم كلنا خرجنا من عباءة سيد درويش وهم يعترفون بذلك لأنه كان المجدد الأول فى العصر الحديث ، ولأن التطور الذى أحدثه كيفا وكما كان كفيلا بمد من جاءوا بعده من الفنانين بمدد لم ينفد بعد وقد مضت أكثر من ثمانبن سنة على وفاته ، وتكفى هذه الشهادة لإثبات مدى أصالة عن هذا الفنان ، وكانت الموسيقى قيله من عزف وغناء وتأليف وتلحين لمئات السنين تهتم بالقوالب الشكلية والزخرفة بصرف النظر عن الجوهر والمضمون ، واتفق فى ذلك الفن التركى مع بقايا الفن الأندلسى من الموشحات وانفصال كلاهما بالتالى عن واقع الحياة والناس ، وقد توجه سيد درويش بالموسيقى نحو الأصول الشعبية والتحديث سار على نهج سيد درويش كبار الملحنين فى القرن العشرين ، والذين لم تقتصر ألحانهم على مصر بل ذاعت فى جميع الأقطار العربية ، وهم محمد القصبجى وزكريا أحمد ،واحمد صبرى النجريدىوداوودحسنى ورياض السنباطى ومحمود الشريف واحمد صدقى واخرين، وأحدثت تلك الألحان ثورة جديدة فى الذوق العربى الموسيقى والواقع أن المتتبع لآثار فن السيد درويش فى أعمال الآخرين لا يجدهم فقط قد ساروا على منهجه وإنما يجد أيضا مقاطع كاملة من أعماله فى أعمالهم ،وهم لم يستطيعوا حتى تحويرها أو تغييرها معالمها فظهرت كما هى! وقد يقود هذا إلى الحديث عن سرقة ألحان السيد درويش من قبل الفنانين اللاحقين ، لكن فى رأينا أنه التأثير القوى الذى لا فكاك منه! فهؤلاء الفنانين أساتذة كبار وبوسعهم وضع ألحان غاية فى الثراء وليست السرقة من شيم الأثرياء ،ونحن إذ ننفى عنهم هذه التهمة فهم بعترفون بأنهم واقعون تحت تأثير السيد درويش وأنهم تربوا جميعا فى مدرسته الرحيبة ، ولهذا لا بأس من تتبع آثارة فى موسيقاهم لنعلم مدى ذلك التأتير ولنضع السيد درويش فى مكانته الحقيقية و كثيرا ما وصف بالعبقريةومن مظاهر عبقريته :أن عمره الفنى لم يتجاوز ست سنوات وتوفى عن 31 عاما لكنه أحدث ثورة هائلة فى الموسيقى الشرقية فما مازالت أعماله تردد حتى اليوم استطاع فى تاريخ الموسيقى العربية التعبير باللحن عن الكلمات والمواقف الدرامية أول فنان يجعل من الموسيقى الشعبية فنا قوميا راقيـا وضع أسس المسرح الغنائى التعبيرى وألف أعظم الألحان المسرحية حتى الآن ألف عشرة أدوار غنائية من مقامات مختلفة هى كم صغير فى عالم الأدوار لكنها أفضل عشرة على الإطلاق وضع مقاما موسيقيا جديدا أسماه زنجران جعل الغناء للجميع بعد ما كان مقصورا على المحترفين ظهرت آثاره الفنية فى كل ما جاء بعده من موسيقى لم يستطع أحد حتى الآن تقديم أعمال موسيقية ترقى إلى مستوى اعمالة الموسيقية واستحق سيد درويش لقب أبو الموسيقى المصرية" حيث كانت منزلته الفنية بالشرق كمنزلة " بيتهوفن" بالنسبة للموسيقى الأوربية وقد لقب بالقاب كثيرة ومنهم خالد الذكر فنان الشعب أبو الموسيقى المصرية والموسيقار الاول و نابغة الموسيقى امام الملحنين وعبقرى ونابغة الموسيقى وغيرهم
قدم فى حياتة 10 ادوار هم يافؤادى لية بتعشق ياللى قوامك يعجبنى عواطفك دى اشهر من نار عشقت حسنك ضيعت مستقبل حياتى الحبيب للهجرمايل يوم تركت الحب فى شرع مين انا عشقت وانا هويت وانتهيت مقام حجاز كار كرد وقدم للاجيال 66 طقطوقة ومنهم ادينى فكرك انا كلى معاكاستعجبولة يا افندية لتر الجاز بروبيةاطلع من دول انا مش زيهمالاستيك فوق صدرى يضوىان كنت شارينى ما تبعنيشاهو دا اللى صارانا على كيفكاية العبارة بالذمة قولولى يا رايحين المدبولىبصارة براجةبنجور يا هانمحرج علية بابا خفيف الروح وغيرهم وقام السيد درويش بتقديم اعمالة اللحنية لاكثر من 25اوبريت غنائى ومنهم شهو زادالبروكةهدىعبد الرحمن الناصرالعبرةكلها يومينكليوباترا ومارك انطونيوالعشرة الطيبةولواشفشرقولوا لةرنكلة من دةفيروز شاةالهوارىراحت عليك(بنت الحاوى) البربرى فى الجش ولسةام 44مرحبالهلالاحلاهمقلنا لةاللى فيهمالانتخاباتحلاق اشبيلية وقد غنى الكثير بالحانة من اهل الطرب ومنهم سمحة المصريةحياة صبرى منتهى الوحيدة امينة القبانية نرجس المهديةمنيرة المهديةفتحية احمدنعيمة المصريةالست توددهانم المصرية محمد انور زاكى مرادسيد مصطفىعبد القادر قدرىنسيم نسيمعبد اللطيف البناسيد شطا وحامد مرسى وفيما بعد ردد الحانة محمد عبد الوهاب وابراهيم حمودة وكارم محمود والمطربيين السكندريين عبد الرزاق ابراهيم ونادر زغلول و احمد حمدى وحمدى روؤف وفتحى جمال الدين وعمر محمود وعادل جلال وحورية حسن وعائشة حسن وشهر زاد وغيرهم وكتب المؤلف البارع محمد بديع خيرى مرثية على صفحات مجلة اللطائف المصورة صباح يوم 1 اكتوبر1923وكتب يقول جايين يقولوا البقية فى حياتك ولا ليس حياة من بعدك انت يا سيداللة يعوض مصر خير فى مماتكبنيان يدوم للناس ويفنى اللى شيدياما رثيت غيرك وخففت نوحىمن سحر الحانك ورقة شعوركاما النهاردة دة يحق لى ارثى روحىارثى بلد عدمت ليالى سروركالموت علينا حق بس الاكادة ما ياخدش الا كل نابغ وناصحف الجنة مكتوب لك نعيم السعادة واحنا الشعب مكتوب لنا فى المراسح – وغادر عالمنا 14 سبتمبر 1923 رحمه الله واسكنه فسيح جناته لما قدمه المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيــــة نــــدى وللتواصل 01204653157 01006802177 = [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف