الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفنّ جماليات بقلم: حسين أحمد سليم

تاريخ النشر : 2014-04-21
الفنّ جماليات بقلم: حسين أحمد سليم
الفنّ جماليات


بقلم: حسين أحمد سليم


ينبغي أن يكون ذهن الفنّان كالمرآة, يمتلئ بالعديد من الصّور والمشاهد يوازي قدر ما يوضّح أمامه من أشياء. وإنّ حوافز الميول المهذّبة هي التي تميل ببعض الشّباب إلى أن يشتغلون بالفنّ الذي يشعرون نحوه بالحبّ الطّبيعي. إن عقولهم تستمتع بالرّسم متعة خالصة, لأنّ طبيعتهم الذّاتية من تلقاء نفسها, تجتذبهم نحوه, دون توجيه من أحد, بل عن ثقافة فطريّة. ومستحثّين بهذه المتعة, ثمّ يعزمون على أن يكون لهم أستاذ, من أجل إدراك الكمال في الفنّ. وينبغي أن يمدح من يجيء إلى الفنّ من خلال الحبّ الذّاتي له ومن خلال التّهذيب الفطري. وهناك من يشتغل بالفنّ عن فقر وعن حاجة إلى كسب العيش, فيخلطون الرّغبة في الرّبح بالحبّ الخالص للفنّ.

عندما تريد الطبيعة أن تهب الفنّان شيئا فإنها تهبه بدون ما حدّ. والقوّة في اكتساب الشّهرة في أي فنّ من الفنون تكمن في الاجتهاد الذّاتي للفنّان والمثابرة ولا يقلّ عنهما موادعة الطّبيعة والأوقات.

الفائدة العظمى من الفنّ, الفرح والانشراح الذي ينبع من التّصوير والرّسم والنّحت. والفنّ نوع مقدّس ويستخدم للإصلاح المقدّس. والإنسان إذا ما وهب نفسه للفنّ يتجنّب الشّرّ الكثير الذي يحدث إذا كان المرء بطّالا. وهو غنى في الابتهاج بذاته وله أعظم البهجة حقيقة. والإنسان يكتسب ذاكرة عظيمة باقية بذلك إن التمسه باعتدال. والأهمّ أن الله يمجّد حينما يرى أنه قد وهب مثل هذه العبقريّة لواحد من مخلوقاته يكمن فيه مثل هذا الفنّ. وكلّ العقلاء سيودّون الفنّان من أجل فنّه. ولو كان المرء فقيرا فيمكنه بمثل هذا الفنّ أن يبلغ الثّروة العظيمة والغنى.

الله وحده يعلم كيف يحكم الجمال, أمر من أمور التّأمّل, وينبغي على المرء أن يستحضر كلّ شيء مميّز طبقا للأحوال, لأننا في بعض الأشياء نعتبر ذاك جميلا, بينما في أحوال أخرى نراه ينقصه الجمال. الحسن والأحسن, فيما يختص بالجمال ليس من السّهل تمييزها, لأنّه سيكون من السّهل تماما عمل شكلين مختلفين لا يطابق أحدهما الآخر, وبعد فنادرا ما يمكن أن نقدر على الحكم أيّهما قد يزيد في الجمال. فما هو الجمال, لا أعرف …

من أشياء عديدة وجميلة يمكن أن يتجمّع شيء حسن, مثل العسل يجمع من عدة أزهار. وما يحسبه العالم جميلا نحسبه أيضا جميلا ونكدّ لإنتاجه. والشّكل الجيّد لن يسُتطاع عمله بدون صناعة وعناية, ولذلك ينبغي أن يحسن تقدير الجيّد قبل أن يشرع المرء في العمل به إذ أنّه لن ينجح مصادفة. و أعتقد أن الطّبيعة هي المنبع والمصدر في مثل هذه المسائل وهي الخيال لرجل التّخيل. وأعتقد كذلك أن كمال الشّكل والجمال متضامنان في صناعة الإبداع الفنّي.

الفنّان ذو شجاعة مفرطة وحقيقيّة, يرغب في أن يقلّد بالألوان كلّ الأشياء التي أثمرتها الطّبيعة, حتّى تبدو تلك الأشياء حقيقة. بل ويحسنها حتّى يمكن أن تكون صورة غنيّة وملأى بالتّفاصيل المتعدّدة
.
إنّ فنّ النّحت أعظم ثماني مرّات من أي فنّ آخر مؤسّس على الرّسم, لأنّ التّمثال له ثمانية مناظر … وينبغي أن تكون كلهاّ متساوية الجودة. لترى أحسن عظمة هذا الفنّ.

والنّحت أب للفنون جميعا بما في ذلك الرّسم. وإذا كان أمرؤ نحّاتا قديرا ذا أسلوب جيّد في هذا الفنّ, فمن السّهل أن يكون رسّاما ومصوّرا. والفرق بين التّصوير والنّحت عظيم كالفرق بين الظّلّ والموضوع الذي يلقي بهذا الظّلّ.

الرّسم الحقّ ليس شيئا غير ظلّ النّحت البارز. والنّحت البارز لهذا يصير أبا للرسم, وذاك الشّيء المعجب الجميل الذي نسمّيه التّصوير هو رسم ملوّن بالألوان التي تظهرها الطّبيعة. وعليه لا يعدو التّصوير أن يكون منظرا من المناظر الرّئيسيّة الثّمانية المتطلّبة في التّمثال.

نحن الفنّانين نأخذ الحرّيّات عينها التي يأخذها الشّعراء والمجانين. والخلق الفنّي, لغز تشكيلي حائر في ولادة كينونته الجماليّة, مذ وعى الإنسان نفسه على هذه الأرض... والإبداع في الرّسم والتّصوير, سرّ دفين, أودعه الخالق في رحم العقل البشريّ, مذ سوّاه خلقا متكامل, يوشّي الوجود الإنسانيّ, أوشحة جمال, ترفل لها العين, ويخفق لها القلب, ويعتصر لها العقل...

تنهمر رؤى الفنّ التّشكيلي بألوانه المتعدّدة, بوح ومضات طيفيّة أخرى في معراج نورانيّ قائم, ممتد بين الأرض والسماء... خيط فضّيّ شفيف لامع, تتلألأ ذبذباته اللونيّة, طيف في حزم متعدّدة, تنتشر خيوط سيّلاتها في كلّ ناحية وفراغ فضائيّ, تضيء كلّ الأشياء, فإذا الجمال الكونيّ حلقات متواصلة, قوام الوجود المادي, ببعد روحيّ نورانيّ...

لوحات طبيعيّة الخلق... ينظر إليها المرء في موشور قزحيّ قدريّ, رافل العين سحرا, دامع البصر نورا... وكأنّه أمام ساحر كن فيكن, تبهره أعماله, ينجذب البصر والقلب والعقل بحكم الحبّ اللونيّ, إلى الإبحار في أسرار الألوان, في تدرّجها, في ظلالها وتنوّعها, في أبعادها وشفافيتها, ويسحره بريقها, وفق مستوى وعيه, في صفائها وشفافيتها...

الإنسان منذ نشأته يميل إلى الفنّ بشكل عام, لوحة قوس قزح السّماويّة, الممتدّة في الفضاءات, في زمان معين... المرء يحبّ الألوان بالفطرة التي فطر عليها, ألوان الطّيف المنبثقة من كنه النّور الأبيض, المتشعّبة حبّا توافقيّا أصيلا فيما بينها, سباعيّة في سبيكة حزميّة ممتدّة إلى ما شاء الله ...

ينظر الفرد إلى اللوحة اللونيّة القزحيّة, رافعا بصره إلى السّماء, يمتع نظّره بها, يعشق مزجها, ويهوى خلق الألوان الجديدة بشوق... يلجأ إلى الألوان, لجوءه إلى الطّبيعة طلبا للرّاحة والهدوء... رابط خفيّ, وسرّ محيّر, في كنهه تواصل ممتدّ بين الإنسان والفنّ والألوان لخلق الحياة الفنّيّة من خلال اللوحة...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف