الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رسـالـة عـاجـِلة إلـى الـسـَّيـِّد الـمـَسيحْ..!بقلم:د.عبـدالقـادر حسين ياسين

تاريخ النشر : 2014-04-20
رسـالـة عـاجـِلة إلـى الـسـَّيـِّد الـمـَسيحْ..!بقلم:د.عبـدالقـادر حسين ياسين
رسـالـة عـاجـِلة إلـى الـسـَّيـِّد الـمـَسيحْ...

الدكتور عبـدالقـادر حسين ياسين



يا سـيـِّدي الـفـلـسطـيـني ؛

بـالأمس تـَحـَـلـَّق آلاف الـمؤمـنـيـن من أبـنـاء  شعـبك الفـلسطيني حـول النـار الـمـقـدسـة في كـنيسـة الـقـيـامـة  حـيـث إنـطـلـق  شـعـاع الـنـور لـيـبـدّد ظـلـمـة الـمـكـان إحـتـفـالا بـ "سـبـت الـنـور"... وكغـيره من الأعـياد ترك نـدوباً في الروح، كأنما كان يـنـقـصـنا المزيد...

في الشـهـر الماضي  إحترق قـلبي عـلى شهداء لا أعرفهم ، فلسطين هي الحبل السرّي بين روحي وأرواحهم. بكيتُ مع أمـَّهات تخيّـلتـهـن ينطـوين عـلى أنـفـسـهـن في عـتـمة البيوت، بكبرياء ( كما فـعـلـت والـدتك مريم البتـول) حتى لا يراهـنّ أحـد، هـنّ اللواتي أطلقـن الزغاريد متباهـيات باستـشهاد فـلذات الأكباد.

ارتجـفـت روحي قهراً وغـضباً وأنا أشاهـد عبر الفضائيات أكفّ أطفال فلسطينيين ترفع الرايات، وأصابعهم الرقيقة الداكـنة تجمع نـتـفـاً من لحم بشري محترق تناثر مع شظايا سيارات قصفـتها الطائرات الاسرائيلية  بصواريخ صَهَرت معـدنها، إمعاناً في قـتل الفلسطينيين حرقاً.

سيّارات هي بـعـض محـارق، لا تـنـطـفئ في مدينة إلاً لـتـشـتـعـل في مـخـيم، ثمّ في قـرية، وهكذا دون توقّف...

بالأمس، رأيت أماً  فـلسطـينية تمضي وراء جنازة إبنها ، وجـثـمانه مرفـوع على الأكـف، وهي تمشي ذاهلةً، ضاربةً كفـاً بـكـف، تـتـكـلّم مع نفـسها، كما هو شأن شعـبنا الفلسطيني الذي يغـلق عالم النفاق العربي أذنيه وعينيه عن سماع ورؤية معاناته الجحيميّة :

"الله يرحمه، هو قـليل ما عـمـلوه فـينا! ...من كـثر ما شاف يا حـبـيـبـي..."

لا، ليست كلمات متقاطعة هـذه، إنها جزء من مونولوج فـلسطيني جماعي : أهو قـليل ما يفعـله بنا المحـتـلون؟ إنَّ ما تـفـعـلـه اسرائيل يدفع أبناءنا وبناتنا أن يهاجموا " القـلـعـة المتحركـة" (دبـابـة الميركافـا) بالحجارة ـ  معركة لا مـعـقـولة! ـ  وأن يطلقوا رصاص بنادقهم المتواضعة علي الطائرات الأسرع من الصوت، وأن يصرخوا حتى لا يموتوا في "الخزّان" بصمت ...

في العام الـمـاضي ارتـفـعـت روحـنـا المعـنويّة، فبالمقاومة يحـيا الإنسان لا بالخبز...(ألم تقـل ، يا سيدي ، أنـه "ليس بالخبز وحـده يحيـا الانسـان؟!")، لأن المقاومة وعي، وفعـل، وإبداع، ومعـنى حياة... هـكذا كانت المقاومة في فـلسطين، منـذ أن أسلمك اليهود الى بيلاطس البنـطي ، وهكذا ستبقي رغم البثور والطحالب، والأبطال المزيـَّفـين...

يا سـيـِّدي الـفـلـسطـيـني ؛
يا من كلّلت بالشوك، ورُفعـت عـلى الصليب، ودُقّـت في كـفـّـيك المسامير،
بيت لحم تصرخ من وجع ... والرعـاة  حـَيـارى...
لقد تأخرت، واشتّد على الناس البلاء، وليس في الحياة مسرّة...

أرضنا ، يا سيدي ،  تمزّق بالأسوار، وأشجار الزيتون المثمرة تذبح واقفةً  وتـقـتـلع ، ويسرقها من لم يغرس سوى الشّر...

أخبرك أن جـبـل أبوغـنـيـم ـ حيث كنتَ تستريح متأمّلاً تحتَ صنوبره بيت لحم، ـ لم يعـدْ أخضر... و"أور سالم" التي مشيتَ في أزقـتـهـا حزينة حـُزن مـريـم المـجـدليـة...

لقـد زرعـوا جـبـلـك يا سيدّي بالإسمنت، وبتروا بيت لحم عن أور سالم، فـنداء الأجراس والأذان شرّد في السماء. والصلوات لا تصل من بيت لحم إلى القدس... فهذا زمن الإسمنت والحـديد، يا سيدي ،  فلا حَمام يَهدل، لا عصافير تـُسقـسق، ولا رُعاة على السفوح، ولا ثغـاء أغـنام، لا أجراس تترنّم ، لا "شـِبـَّابات"  تَعـزف بأنفاس رعاة فلسطينيين مطمئنين محبين...

إهـبـط ، يا سـيـدي ، أرجوك...
إرفع إكليل الشوك...
تعال، فأم خليل لم يعـد عـنـدها أبناء : ثلاثة استشهدوا، يعـني قـتـلهم اليهود وأحرقوا قـلبها، وثلاثة في الأسر ، يعـني لوّعـوا قـلبها عـليهم، هي المحرومة من رؤيتهم لأنهم وراء الأسلاك الشائكة تحت شمس صحراء النقـب، وفي برد ليلها...

أشجار التين، والزيتون، والعـنب، والنخيل، تـقـتـل في أرض فلسطين،
فإلي متي سـتـتـأخر يا سيدي؟

هـذا الذي أعـلـمـتـك به، يا سـيّدي ، هـو غـــيضٌ من فـيض مما نعانيه ...

لـقـد طفـح الكيل ، يا سيدي ، وأرجـو أن لا تـعــتـب عـلينا إن نحن لـطـمـنا قـاتـلـنـا على خـدّه الأيسر بـدلا من أن نـدير لـه الـخـدّ الأيـمن... فـليس من العـدل والإنسانيّة أن يـسـتـمر ذلك الوغـد في لـطـمـنا ونحن نسامحه. أنت لا ترضى بهذا يا سيّدي...

في حال تأخرت، يا سيّدي، سنبحث عن سلاح أجدى من صفـعــنا لوجه قاطع أشجارنا، ومُخرّب حقولنا، وهادم بيوتـنا وحارق قـلوب أمهاتنا، ومُضرم الحرائق في بلادنا حتى في  يوم قيـامـتـك هـذا...

عندما يقـتـلـعـون زيـتـونـة من جـذورهـا فـتهـمـتها أنها فـلسطـيـنـيّة، وعـنـدما يسرق شلومو أو إيهـود أو مردخاي شجرةً ليزرعـوها أمام بيوت يحـتـلونها في حيفا، ويافا، والناصرة، وتل أبيب، فهم يعـتبرون أنهم أحّـق بها من الفلاحـة الـفـلـسـطـيـنـية  التي زرعـتها، والفـلاح الفلسطيني  الذي "نكش" الأرض وسـمـّدها، ورعاها غـرسةً نحـيـلة، وشجرةً مثمرةً، مباركة ...

هـذه "دولة" اللصوصيّة والقتل... فمتي تقـوم دولة العـدل يا سيدي؟!

يا سـيـِّدي الـفـلـسطـيـني؛ الـمـتـوّج بالـشـوك ،
اسمح لي أن أسألك :
إلى متى عـلينا أن نتحمّل؟
ألا ترى ،  يا سـيـدي ، أن هـذا الامتحان عـسير، وأننا صـبـرنا كـثـيـراً؟!

إذا كان يـهـوذا الأسخريوطي قـد باعـك لجـلاديك بثلاثين من الفـضـة ، فـإنَّ بين ظهرانينـا ألف يهـوذا يبيعـون شعـبنا (شعـبك الفلسطيني)  في سوق النخـاسـة...والـدفع ، يا سيدي ، وفـقـا لأسـعار البورصـة... بعـضهم يحمل ألقـابـا مثل "أمير المؤمنين" أو "صاحب الجلالـة" أو "فخـامـة الرئيس"...

الـيـوم يحتـفـل الـمـؤمـنـون  في مشـارق الأرض ومـغـاربهـا بـعـيـد الـقـيـامـة المجـيـد!
قـيـامـة من؟!
قـيـامـتـك أنت!
يحـتـفي بك هؤلاء "اليهوذات"، المُـفـسدون في الأرض، الذين يـبـيـعــونك صـباح مساء، يـبـاركون اقـتـلاع زيـتـونـنا الفلسطيني العـريق!...

ورثة يهوذا الإسخريوطي يـبـيـعـونك من جـديد يا سيّدي،
فإن حضرت الى الـقـدس ، يا سيدي ، فاحـذرهم ... لأنهم سـيـتــهـمونك بالإرهـاب، وأخـشى أن يـقـبـض عـلـيـك يـهـوذا فـلـسـطـيـني ويـُسـلـمـك لبنـيامين نـتـنـيـاهـو......

يا سـيـِّدي الـفـلـسطـيـني ؛
أنت صُلبت مرّةً واحدةً، وصَعـدت،
ونحن منذ 66 عـامـا على الصليب يا سـيـّدي!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كـاتب وأكاديمي فلسـطيني مـقـيـم في السـويد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف