متكومون عند المفترق بصمت الذي يعرف كل الأمور ، متكومون بلا حراك كأنهم قطعوا من جدران المدينة ، عيونهم تحدّق ولا ترى ، عيونهم تبحث عن وقت يسندهم ، ملابسهم الثقيلة لا تقدر على رد البرد العنيد ، التعب و البرد والنعاس يسري في الأٌقدام ويتلوى في الركب ليصير ارتجافا ...
يمارسون حضورهم القهري ولكن ليس كبقية الأشياء،الكوفيات التي تعصر الدماغ لا توقف صخب التفكير ، إذا لمحتهم ترى نموذجا للقهر ، الأذرع الناشفة المعروقة تمتد أمامهم كسيوف مشرعة ، الأسئلة تتكسر في عيونهم المبطنة كالسر العظيم ... تحلقوا حول مائدتهم ، لقمة لقمتان تكفي !!
الطعم في الفم بلا طعم ، الماء في الحلق بطعم الوقت المحترق ... مثقفون ، لكن ذلك لا يخصهم ، لأنهم لا يخصون أحدا ...
عيونهم الشاخصة تستغيث من وحل هائل ، الرتابة جعلتهم يتوحدون مع كل الوقت في وقت ، لا فرق بين صباح ومساء ، لا فرق بين يوم ويوم ، النعاس المزمن يمتد في الأبدان صراخا ...
أمامهم يمتد انحدار أسود عريض ملطخ بالزيت المحروق ، وعن يسارهم أشجار عارية تمد أغصانها في وجه المدينة ، وخلفهم جدار خشن يغرس نتوءاته في لحم الظهر لتوصل البرد إلى الفقرات ... مرا يمر الوقت ... طال انتظارهم ، هل اليوم هو اليوم ؟؟ هل هم أنفسهم ؟؟ هل المفترق هو المفترق ؟؟ مرا يمر الوقت ليزداد الصراخ في عيونهم ، يتحدب الظهر ويلتصق بالركب ...
تمر الوجوه أمامهم لهاثا وعبثا ... بائع جرائد ، أطفال يبحثون أو يضيعون ، مسنون يمارسون هواية الشقاء ، إناث بثياب خانقة ... تتوقف سيارة فارهة ، يداعب صاحبها ربطة عنقه المتهدل كعنق بقرة هرمة ، يحدّق أحدهم فيه بعيون قاسية ويصرخ : إنه هو !! ، لا لا ليس هو !! بلى إنه هو ... إنه خدعة ، كل شيء يخصه خدعة ...
أعمدة الكهرباء منتصبة كهامات منتصرة في مكان لا يليق ... تقفز الشاحنات من قاع المنحدر منتظمة كتوابيت الموت ، تجأر بصوتها ، عجلاتها الضخمة تبطح أسفلت الشارع ، تصدم عيونهم ، تجذبهم ، يدورون مع محركاتها ، يسحقون تحت عجلاتها ، في الرأس دوار ، في الرأس نعاس ، في الرأس حنق ... تقترب منهم ، تقف قبالتهم تلطم بسخامها وجوههم ، يقفون بأجساد معصورة والألم يزعق في الأبدان ، ينحشرون في بطنها لتغادر المفترق .
محمود حسونة ( أبو فيصل )
يمارسون حضورهم القهري ولكن ليس كبقية الأشياء،الكوفيات التي تعصر الدماغ لا توقف صخب التفكير ، إذا لمحتهم ترى نموذجا للقهر ، الأذرع الناشفة المعروقة تمتد أمامهم كسيوف مشرعة ، الأسئلة تتكسر في عيونهم المبطنة كالسر العظيم ... تحلقوا حول مائدتهم ، لقمة لقمتان تكفي !!
الطعم في الفم بلا طعم ، الماء في الحلق بطعم الوقت المحترق ... مثقفون ، لكن ذلك لا يخصهم ، لأنهم لا يخصون أحدا ...
عيونهم الشاخصة تستغيث من وحل هائل ، الرتابة جعلتهم يتوحدون مع كل الوقت في وقت ، لا فرق بين صباح ومساء ، لا فرق بين يوم ويوم ، النعاس المزمن يمتد في الأبدان صراخا ...
أمامهم يمتد انحدار أسود عريض ملطخ بالزيت المحروق ، وعن يسارهم أشجار عارية تمد أغصانها في وجه المدينة ، وخلفهم جدار خشن يغرس نتوءاته في لحم الظهر لتوصل البرد إلى الفقرات ... مرا يمر الوقت ... طال انتظارهم ، هل اليوم هو اليوم ؟؟ هل هم أنفسهم ؟؟ هل المفترق هو المفترق ؟؟ مرا يمر الوقت ليزداد الصراخ في عيونهم ، يتحدب الظهر ويلتصق بالركب ...
تمر الوجوه أمامهم لهاثا وعبثا ... بائع جرائد ، أطفال يبحثون أو يضيعون ، مسنون يمارسون هواية الشقاء ، إناث بثياب خانقة ... تتوقف سيارة فارهة ، يداعب صاحبها ربطة عنقه المتهدل كعنق بقرة هرمة ، يحدّق أحدهم فيه بعيون قاسية ويصرخ : إنه هو !! ، لا لا ليس هو !! بلى إنه هو ... إنه خدعة ، كل شيء يخصه خدعة ...
أعمدة الكهرباء منتصبة كهامات منتصرة في مكان لا يليق ... تقفز الشاحنات من قاع المنحدر منتظمة كتوابيت الموت ، تجأر بصوتها ، عجلاتها الضخمة تبطح أسفلت الشارع ، تصدم عيونهم ، تجذبهم ، يدورون مع محركاتها ، يسحقون تحت عجلاتها ، في الرأس دوار ، في الرأس نعاس ، في الرأس حنق ... تقترب منهم ، تقف قبالتهم تلطم بسخامها وجوههم ، يقفون بأجساد معصورة والألم يزعق في الأبدان ، ينحشرون في بطنها لتغادر المفترق .
محمود حسونة ( أبو فيصل )