الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عن الانتخاب والملوك ومن ضلوا اختيار السلوك بقلم: آصف قزموز

تاريخ النشر : 2014-04-20
عن الانتخاب والملوك ومن ضلوا اختيار السلوك  بقلم: آصف قزموز
عن الانتخاب والملوك ومن ضلوا اختيار السلوك

بقلم: آصف قزموز
19/4/2014
يُروى أنه في إحدى البلاد المنسيَّهْ، التي كانت تعيش في ظل الملكيَّه، حيث كان يتم اختيار الملوك من قبل الشعب بحريَّهْ، على أن لا تتجاوز فترة حكم الملك أكثر من عام واحد بديمقراطيَّهْ. وعندما تنتهي ولاية الملك يجري ترحيله ليعيش حياته الباقيَهْ، في إحدى الجُزُر النائيِهْ، بِزُهْدِ أبي العتاهِيَهْ، في عرض البحر بستين داهِيَهْ.
واستمر الوضع على هذه الحال، فلا يجري انتخاب الملوك جزافاً ولا عمال على بطال. ومثل تعاقب الحكام على النظم في باقي البلدان ، بمختلف العصور والأزمان. ففي إحدى المرات، كان أحد الملوك ينهي فترة ولايته كسلفه من الولاةْ. فقام الناس وكما جرت العادة بإعداد المراسيم اللازمَهْ، لترحيله لتلك الجزيرة الهائمَهْ. حيث ألبسوه ملابس فاخرَهْ، وزينوا شوارع المدينة احتفاءً بخلعه وترحيلِه للجزيرة من جهة، والإعداد لانتخابات الجديدة لاختيار الملك الشرعي الجديد. وبينما كان الفرح برحيلِه ووداعِهِ عميما، كان الحزن والألم يعتصر قلبَه على هذه النهاية الأليمَه (يعني الدايْمَ الله، ولو دامَت لغيرك ما وصلت إلك، وما طار طيرٌ وارتفع إلاَّ كما طار وَقَعْ، طبعاً لو كل إنسان فينا أخذ هذه المقولات دائماً بعين الاعتبار والوعظ لكنا جميعاً والبلاد والعباد بخير زائدٍ على ازديادْ).
المهم، صَعد المليك لظهر السفينة، بقامته العالية الرزينَهْ، بعد أن جابوا به أنحاء المدينَهْ، ميمماً وجههُ شطر الجزيرة اللعينَهْ. ليكمل ما تبقى لهُ من العُمُرْ، ويحيا حياة الجُزُرْ، ما بين الأدغال والحجار السُّمُرْ.
وفي طريق العودة ما بين الجزيرة والمدينَهْ. يتصادف أن التقوا بحطام السفينَهْ. التي كانت قد غرقت للتَّوْ، ولم يتبق سوى شاب تعلَّق على لوحِ خشبٍ في عِز النَّوْ. فسَحبوهُ وأنقذوهْ، وعرضوا عليه فرصةً لم يحلم بها أبو أبوهْ. وبعد أخذٍ ورَدٍّ ومفاوضَهْ، وافق أن ينتخبوه مليكاً سنةً واحدَهْ.
وبعد أن استمع للشروط والتعليماتْ، وبأنه سينقل بعد عامٍ ليعيش في الجزيرة حتى المماتْ.
فلما تولى الشاب عرش المملكهْ، بدأ التشاور مع الوزراء في الرواية المُربَكَهْ. وسألهم ما إن كان ممكناً زيارة الجزيرَهْ، التي سيقضي بها ما تبقى من حياته القصيرَهْ.
ولما وصل بصحبتهم للجزيرهْ، رأى فيها الغابات والأجمات الكثيرهْ، وكل الحيوانات المفترسَة والشريرهْ، التي لا ينجو منها بصير ولا ذو بصيرَهْ، وداخلها يوماً عبوساً قمطريرا. فوجد جثث الملوك السابقينْ، ملقاة على الشمال واليمينْ، وعلى الفور أمر بجمع مئات العاملينْ، من شجعان ومن أبطال ومصارعينْ، لتنظيف الغابة من الضواري وجثث الحيوانات والبني آدمينْ.
بذل المليك شهرين من المتابعة الحثيثَهْ، من أجل جزيرةٍ آمنةً نظيفَهْ. ولما عادت الى الجزيرة حياتها الآمنَهْ، ونظفت من كل الشوائب والأشجار والمياه الآسِنِهْ، أمر بزراعة الحدائق والأشجار المثمرة، وتربية الحيوانات والطيور الداجِنَهْ.
ومع حلول الشهر الثالث من حكمهِ، شيدت المصانع والمباني والموانئ بإصرارهِ وجهدهِ، فتحولت الجزيرة وحياة الناس بفضلهِ، لدوحَةِ غنّاء تنطقُ بحضارةِ عهدِهِ.
فتزهَّد بالقليلِ من أموالِهِ الوفيرَهْ، وأنفق جلُّها لتحسين حياة الناس وإعمار الجزيرَهْ، وكل هذا إن دَلَّ على شيء فإنما يدل على الذكاءِ ونقاءِ السريرَهْ.
وبعد انقضاء تسعَة شهورٍ من حكمهِ، جمعَ الحكومةَ كي تنظُر في أمرِهِ، بأن يزور الجزيرة قبل نهاية عهدهِ. ولأنه الحُر المليك المنتخبْ، رفض الوزراء في حكومتِهِ الطلَبْ، طبعاً لو عِناَّ إحنا ما راح يعجبنا العجَبْ، ولا حتى صياماَ في رجَبْ.
بدأ الناس بتحضير ملابسه الفاخِرة، وتزيين الفيل الذي سيُقِلّهُ إلى الباخرهْ، نحو الجزيرة التي سيقضي بها أيامَهُ الآخِرَهْ. وذلك بعد انقضاء العام حَسْبَ القانونْ، حيث كاد يصيب الناس مَس من الدهشَة والجنون، لأن الملك كان يتبسَّم فرحاً بكل هدوءٍ وسُكونْ، ولم يكُن مهموماً أو عبوساً ولا مَحزونْ.
فلما سألوه عن سِرِّهِ أجابهُمْ: أسلافي حَكموا مشغولين بذاتِهِمْ، وخَلوا كل شيء عَ عِلاَّتو وْعِلاَّتِهِمْ. أما أنا انشغلت في التخطيط والتعمير إلكُو وإلي، من أجل ضمان مستقبل شعبي وِبلادي مع مستقبَلي.
صحيح إن الرؤساء والملوك، صاروا ييجوا بالانتخاب الديمقراطي، لكن عمر ما واحد منهم غادر الحكم بدون عصاه. وها هم أمام ناظرينا يقاتلون صباح مساء ويهدمون البيت والقنديلْ، ويقتلون الزنابق ليزرعوا البنادق والعمل الرزيلْ.
فبدلاً من أن يحكموا لمستقبل شعوبهم فيكون مستقبلهم مضموناً وتحصيلاً حاصلاً، وضعوا الشعوب والأوطان ملكاً لهم ولأبنائهم من بعدهم، والحبايب من حولهم.
ليس مهماً أن تفوز بثقة الناس في الصناديق، لأن الأهم هو أن تعمل لأجل التكريس والاستثمار اللاحق بهذه الثقة لصالح تطبيق الأهداف التي اختاروك لأجلها والتي تنضوي مصالحك الفردية في إطارها، والحفاظ عليها وحمايتها دوماً تحصيل حاصل.
لم تكن أية انتخابات مطلق انتخابات هدفاً بحد ذاته، إلاّ عندما يكون مقررها مُؤْثِراً لمصالحه الضيقة على المصلحة العامة.
فالملوك المتعاقبون كانوا ينتخبون لمدة عامٍ كامل، لكنهم في كل مرة كانوا ينصرفون لأهوائهم ومصالحهم الآنية ولم يفكروا يوماً بعمل ما يمكن أن يقيهم شرور ذاتهم ومستقبلهم، وكأنما هم مخلدون على الكرسي وهم يعلمون الحقيقة المرة ونهاية الشوط المتاح لهم لمدة عام، فهلكوا جميعاً إلاَّ الأخير الذي عمل وحضر للمستقبل قبل أن ينغمس بالذات.
من هنا نجد العديدين ممن تبوؤوا مناصب هامة ومختلفة لا يجدون اليوم من يحترمهم أو حتى من يلقي عليهم التحية.
لكن ثمة كثيرين ممن عملوا لغدهم وبلادهم وشعوبهم وما زالوا خالدين بأعمالهم ولم يبرحوا الذاكرة.
القضية ليست قضية الملك أو الحاكم عموماً، بل إن الأمر ينطبق على أداء وسلوك كل إنسان في موقعه، لأن كل شخص في موقعه مَثَلُهُ مَثَلِ الملك والملوك آنفي الذكر.
فمثلاً عندنا نستطيع قول الشيء الكثير عن الانتخابات، التي ننادي اليوم بها صباح مساء، باعتبارها تشكل خشبة خلاص من الانقسام الحاصل فينا، مع أن الواقع والنوايا المحمولة على طبيعة الانقسام، لا تشيران للمستقبل المأمول ولا تؤديان إليه، لأن مصالح المنقسمين وأجنداتهم تطرق بشدة على رأس المصلحة الوطنية العامة العليا والدنيا في آنٍ معاً.
فما لم نعمل ونخطط من البداية لغدنا أولاً، لن ننجح في عبور حاضرنا، وما لم نُصلح ذاتنا في ولأجلِ حاضرنا، لن نسلم في غدنا وسنخسر حاضرنا ويَشُوهُ ماضينا.
لا يساورني أدنى شك بنوايا الرئيس أبو مازن الصادقة بامتياز تجاه مسألة إجراء الانتخابات، لا سيما وأن الترتيبات اللازمة من قبل لجنة الانتخابات باتت في معظمها جاهزة، القرار السياسي ما زال مخطوفاً بين يدي "حماس"، التي لا ترى لها مصلحة في إجراء الانتخابات ولا المصالحة برمتها، وهذه الحقيقة ما زالت تتبدى للسامع والناظر منذ اليوم الأول للانقسام. ولعمري إني أكاد أجزم، بأن الانتخابات هي خطوة ضرورية واستراتيجية في التئام البيت الفلسطيني، لكن مصالحة بدون اتفاق واضح ومسبق على برنامج سياسي واضح وموحد وأجندة واحدة موحدة، لن ترى النور، وسيبقى الشعب الفلسطيني يدور في دوامة ما بين أجندتين وبرنامجين سياسيين متعارضين، ويبقى الطرفان الرئيسان "فتح" و"حماس" منشغلين باستثمار ظروف وشروط إدارة الأزمة بدلاً من العمل على حلها، لا بل إن تعايشاً وتطبيعاً هادئاً بات يكلل العلاقات الثنائية بينهما، في حين ستظل باقي الفصائل تشكل فرق عِملة بين مصالح الطرفين.
وفي هذه الحالة حتى لو ذهبنا الى خيار الانتخابات وأجريناها بمن حضَر بصيغة جعل الوطن دائرة واحدة بحيث الضفة تنتخب غزة، أو حتى أي صيغ أخرى، فإن أمام السلطة ومنظمة التحرير مهام شاقة وصعبة لا بد من إنجازها وحسمها لتمكين أية عملية انتخابية وإنجاحها، ليس أقلها تفعيل وتجديد مؤسسات وفصائل منظمة التحرير وفي مقدمة الأولوية منها حركة فتح بكل ما تعنيه الكلمة من مؤسسات وهيئات، لاستعادة لياقتها اللازمة لعبور المرحلة بأقل الخسائر الممكنة. لا بل ما لم نستفد مما جرى ويجري في مصر وبلدان الربيع العربي وعكس تلك الاستفادة جدياً في عمليات الإصلاح والتفعيل المشار إليها، فإن في موقف الرئيس الحازم من هذا الأمر، الرد الأبلغ على الرفض المتكرر من قبل حركة حماس لإجراء الانتخابات العامة، والعرقلة المتعمدة لوساطات المصالحة.
الرئيس محمود عباس أبو مازن استطاع بحكمته، أن يضع حكومة نتنياهوا والسياسات الاسرائيلية المتعنته في الميزان الدولي، محملاً إياهم كامل المسؤولية عن عرقلة المفاوضات وتخريب العملية السلمية، تماماً مثلما يضع اليوم حركة حماس وسياساتها المتعنتة هي الأخرى في الميزان، وفي اختبار عسير أمام شعبها، محملاً إياها كامل المسؤولية عن عرقلة المصالحة ولانتخابات.
نعم يا سادتي، قد نجري انتخابات ونختار من نريد، لكن إذا لم نعمل ونخطط للمستقبل ونضمن شروط النجاح لما بعد الانتخابات، فسينهار كل شيء ونخسر كل الذي راكمناه وأسسناه، وسيكون الرابح الوحيد هو الخَصم.
فالملوك الذين اختيروا وانتخبوا ديمقراطياً جميعهم قضوا وأكلتهم الوحوش والضواري في الجزيرة النائية باستثناء الأخير الذي عمل لغدهِ ومستقبلهِ الذي هو من مستقبل بلده وشعبهِ وليس العكس.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف