الأخبار
غالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليمي
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بعض الحقائق التاريخية المغيبة في الاعلام الغربي بشأن الصراع في أوكرانيا بقلم:د. بهيج سكاكيني

تاريخ النشر : 2014-04-19
بعض الحقائق التاريخية المغيبة في الاعلام الغربي بشأن الصراع في أوكرانيا
الدكتور بهيج سكاكيني

مع التصاعد التي تشهده الاحداث في أوكرانيا في المناطق الشرقية والجنوبية على الأخص حيث يتواجد العديد من الروس أو من هم من ذوي الأصول الروسية والناطقين بالروسية التي تعتبر بالنسبة لهم اللغة الام بكل ما تحمله من معنى في الحفاظ على هويتهم القومية وارثهم الثقافي وعاداتهم وتقاليدهم ، ومع وجود حكومة غير شرعية في كييف مسيطر عليها من قبل اليمين المتطرف المطعم ربما لأول مرة بأحزاب ذات جذور نازية وفاشية تجاهر بها علنا، وتهدد وتتوعد المتظاهرين بتلك المناطق بالتدخل العسكري المباشر والتي ربما تفتح الباب أمام حرب أهلية في أوكرانيا، لا يبدو أن هنالك أفاق لحل الازمة قريبا.
لا شك أن الدور القذر الذي لعبته الولايات المتحدة في عملية الانقلاب على حكومة ياكونوفيتش المنتخبة وبغض النظر عن رأينا في هذه الحكومة قد شكل مفاجئة لأولئك الذين يستقون اخبارهم ومعلوماتهم مستندين الى الصحافة الرسمية الامريكية ووكالات الانباء الغربية بشكل عام، وايضا لأولئك الذين لا يعيرون اهتماما بالحقائق والسجلات التاريخية. ولا بد لنا أن نشير الى بعض الحقائق التي قد غابت أو غيبت بالأحرى عن قصد وسبق إصرار من قبل الصحافة السائدة في الولايات المتحدة وحتى ممن يعتبره بعض "الليبراليين" صحافة مستقلة وذات مصداقية مثل "نيو يورك تايمز" و "واشنطن بوست". ومن يراجع افتتاحيات هذه الصحف واراء محرريها على مدى السنوات السابقة، يدرك بشكل واضح ان هذه الصحف قد دعمت وبررت كل الحروب الهمجية التي شنتها الولايات المتحدة وتدخلاتها العسكرية، ليس هذا فحسب بل شاركت بوعي أو بغير وعي في تقديم المعلومات الكاذبة والملفقة التي فبركتها الإدارة الامريكية والمخابرات المركزية الامريكية لتؤخذ كذرائع للتدخل العسكري، وبالتالي فان هذه الصحافة الصفراء الفاقدة المصداقية والشرف المهني، لعبت رأس الحربة للسياسة العدوانية الامريكية سواء في تدخلاتها المباشرة أو الغير مباشرة في دعم الانقلابات وتغيير الأنظمة الغير متماشية بتناغم ورضوخ للسياسة والاستراتيجية الكونية الامريكية. وفي هذا الإطار نود أن نذكر ذوي الذاكرة الضعيفة تغريدة أسلحة الدمار الشامل العراقية، واستخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية والتي أصبح للقاصي والداني انها اكذوبة روجتها وسائل الاعلام الغربية بناءا على معلومات كاذبة وذلك لإعطاء مبرر وغطاء للتدخل العسكري المباشر للقوات الامريكية التي كانت اساطيلها قد جمعت أمام السواحل السورية للبدء بالهجوم، والذي تراجعت عنه الإدارة في اللحظات الأخيرة. واليوم يتكرر نفس الموال بالنسبة للأسلحة الكيماوية السورية لغرض في نفس يعقوب.
نعود الى موضوعنا حول أوكرانيا، لنقول ان هنالك حقائق ووقائع تاريخية تجاهلتها الصحافة الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، وتم القفز عنها وتجاوزها وتجاهلها كلية على الرغم من أنها تشكل أساس المشكلة وجوهرها، والتي لا يمكن النظر الى حل المسألة الأوكرانية دون أخذها بعين الاعتبار.
أن جوهر القضية الأوكرانية يتلخص في روسيا وتمدد حلف الناتو بعد الانتهاء من الحرب الباردة على أثر انهيار الاتحاد السوفياتي ما بين عام 1989 الى 1991. لقد كان الاعتقاد السائد في عام 1990 بأن حل حلف وارسو آنذاك، واتحاد شطري المانيا الشرقية والغربية، وانسحاب القوات الروسية التي كانت ترابط في المانيا الشرقية والتي كان يقدر تعدادها 300000 جندي، بان كل هذا بمجمله لن يؤدي الى تمدد وتوسيع حلف شمال الأطلسي ليشمل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة. وبحسب المصادر فأن وزير الخارجية الامريكي آنذاك جيمس بيكر طار الى موسكو والتقى بالرئيس جورباتشوف ووعد بانه إذا وافقت روسيا على توحيد شطري المانيا وانسحاب القوات السوفياتية، بان الولايات المتحدة لن تعمل على توسيع الناتو "ولو انش واحد الى الشرق". وربما كان من الخطأ كما يراه البعض الان عدم طلب موسكو بتوقيع اتفاقية مكتوبة بدلا من هذا الاتفاق الشفهي، ولكن على ما يبدو أن القيادة الروسية آنذاك كانت معنية بتدبير امورها وهي ترى هذا التفكك والانهيار المتسارع لإمبراطورية كبيرة بهذا الحجم، ولم تكن في وضع يمكنها من فرض هذا الشرط على ما يبدو، فاكتفت بالتعهد الشفهي. هذا التعهد لم تحترمه الولايات المتحدة حيث عملت إدارة بيل كلينتون الى ضم كل من بولندا وهنغاريا وتشكوسلوفاكيا الى حلف الناتو. وفي عام 2004، ضمت كل من لاتفيا وليثونيا واستونيا، واتبعت هذه بضم كل من كرواتيا والبانيا عام 2009 . وفي عهد الرئيس جورج بوش الابن تم نصب منظومة من الصواريخ في بولندا وتشيكوسلوفاكيا في عملية واضحة لاستفزاز روسيا ومحاصرتها، وهي السياسة التي بدأها الرئيس كلينتون. ولا بد من ذكر أن هنالك خمسة جمهوريات سوفياتية سابقة مرشحة للانضمام الى الناتو وهي أوكرانيا، وجورجيا ومولدفيا وكازخستان وأرمينيا وأذربيجان. والى جانب ذلك فان هنالك خمسة جمهوريات سوفياتية سابقة في اسيا الوسطى وهي قرغيستان، طاجكستان، تركمنستان، كازاخستان واوزباكستان، تقوم بتقديم دعم اللوجيستي للقوات الامريكية في حربها في أفغانستان. ومن ينظر الى الخارطة يستطيع أن يستنتج أن تمدد الناتو شرقا يهدف الى احاطة روسيا وعزلها عن محيطها الطبيعي وحرمانها من قاعدتها البحرية الوحيدة للوصول الى المياه الدافئة، ووضع العراقيل أما صادراتها من النفط والغاز الطبيعي التي تصدر الى الدول الأوروبية عبر خطوط وشبكة انابيب تستخدم أراضي الدول المجاورة، والتي تشكل العصب الأساسي للاقتصاد الروسي ونهوض دوره الإقليمي والدولي الذي كسر أحادية القطب الأمريكي.
كان على الغرب وخاصة الولايات المتحدة أن تدرك بان أوكرانيا تشكل خطا احمر بالنسبة لروسيا وخاصة شبه جزيرة القرم القاعدة البحرية للأسطول الروسي، وان تكف عن محاولات جر أوكرانيا الى الناتو بهدف وضع قواته على الحدود مع روسيا. وكان عليها ان تتعظ مما حدث في جورجيا عام 2008 عندما دخلت القوات الروسية للدفاع عن المنطقة التي حاولت القوات الجورجية احتلالها وفرض سيطرتها عليها بالقوة. وإذا ما كانت روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في وضع سياسي واقتصادي ضعيف جدا وخاصة على زمن الزعيم الروسي يلتسن، وبالتالي السكوت على مضد عن أفعال الولايات المتحدة، وتمدد الناتو وقواته لمحاصرة روسيا، فان روسيا بوتين الان في وضع لن تسمح فيه بتجرع كأس المهانة وتحمل الغطرسة الامريكية.
أما النقطة الاخرى الهامة من الوقائع التاريخية التي لم تستطيع الإدارة الامريكية تفهمها فهي خاصة بالشعب الروسي والتضحيات الجمة التي فاقت 30 مليون قتيل في الدفاع عن بلاده ضد الزحف النازي في الحرب العالمية الثانية. هذه الحقيقة التاريخية ما تزال محفورة في وجدان الشعب الروسي ككل، وقد تعمدت وتوحدت دماء شعوب الاتحاد السوفياتي في الحرب ضد النازية وجحافل جنودها التي وصلت على أبواب موسكو العاصمة. وهنالك القصص العديدة التي كتبت حول الدفاع عن موسكو بالإضافة الى حصار ستالينغراد والدفاع الأسطوري عن هذه المدن الرئيسية وما تعرض له السكان هناك. ومن الواضح ان الولايات المتحدة تتغافل عن هذه الوقائع التاريخية أو أن ادارتها تجهل هذا الامر. ولا نستبعد جهل الإدارة الامريكية في الحقائق التاريخية للأحداث، وخاصة عندما نقرأ الخطاب الذي القاه الرئيس أوباما في الاجتماع الأخير للناتو عند مقارنته الأوضاع في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم بما حدث في كوسوفو وانفصالها عن صربيا، حيث قال أن الشعب في كوسفو قد قرر مصيره في الانفصال نتيجة استفتاء شعبي عام بإشراف الأمم المتحدة، والحقائق التاريخية تنفي هذا جملة وتفصيلا. فلم يكن استفتاء عام على الاطلاق، أو استفتاء من أي نوع، اللهم الا إذا اعتبرنا أن إدارة الرئيس بيل كلينتون آنذاك هي الشعب في كوسوفو. نعود ونذكر بتضحيات الشعب الروسي في دفاعه ضد غزو المانيا النازية ونقول بان هذا الشعب لم يقدم عشرات الملايين من خيرة ابناءه في الدفاع عن بلاده، ليعود بعد ما يقرب من السبعون عاما ليرى النازيون الجدد والفاشيون المتمثلين بالحزبين Right Sector و Svoboda المشاركين في شكل فاعل ووازن في حكومة الإنقلابيين على حدوده مرة أخرى. ليس هذا فحسب، بل ان قوات من الناتو وعدد كبير من المخابرات المركزية الامريكية تقوم بتدريب وتسليح مليشيات هذين الحزبين ليشكلوا نواة الجيش الاوكراني الجديد، هذا عدا عن زحف الناتو للتواجد المادي العسكري على الحدود مباشرة مع روسيا.
نظرة سريعة الى هذين الحزبين تدلل ماهيتهم السياسية والأيديولوجية. فحزب Svoboda على سبيل المثال شكل عام 1991 باعتباره خليفة لمنظمة القوميين الاوكرانيين ( OUN) عام 1929 الذي أسسها ستيبان بنديرا، والذي لقب "ببطل أوكرانيا" عام 2010 من قبل رئيس الوزراء السابق فيكتور يوشينكو نزولا عند رغبة حزب Svoboda، مما اثار ردود فعل صاخبة في الدول الأوروبية وذلك لتاريخ بنديرا الأسود حيث انه تعامل مع النازيين وقد حصل على دعم مالي منهم لإنشاء كتيبتين اوكرانيتين لمحاربة القوات الروسية جنبا الى جنب مع قوات النازية. هذا وقد قام بتجميع 4000 من يهود اوكرانيا وتسليمهم الى القوات النازية عام 1941. أما تاريخ الحزب الحديث فليس بأحسن حال فقد حمل الموقع اليكتروني للحزب عام 2010 بيان جاء فيه " لإيجاد أوكرانيا للشعب الاوكراني في مدن الشرق والجنوب (وهذه بالمناسبة التي تقطنها اغلبية من أصول روسية ويتحدثون اللغة الروسية) فان عملية تطهير واحدة لا تكفي، فانه يتوجب علينا الغاء البرلمان، وحظر كافة الأحزاب السياسية، وتأميم الصناعة ووسائل الاعلام ومنع استيراد الكتب من روسيا الى أوكرانيا، ....والتصفية الجسدية لكل المثقفين الذين يتكلمون اللغة الروسية،.....واعدام جميع أعضاء الأحزاب المناهضة لإوكرانيا....".
وحزب Right Sector فهو ليس بأفضل بأي حال من الأحوال، فهو يمتلك أسلحة وميليشيات مدربة على القتال واحدى زعماءه قد شارك في قتال الجيش الروسي في الشيشان، وهو من دعا السلفيين الجهاديين المسلمين في الشيشان بمهاجمة روسيا وذلك لدعم أوكرانيا. ولقد بينت بعض التحقيقات تورط الحزب في كل اعمال الشغب وحرق ممتلكات وقتل عدد من المعتصمين في الميدان ورجال الشرط بعمليات قنص وذلك لتأجيج وتصعيد الموقف، وزيادة حدة الازمة. والشيْ الغريب في كل الاحتجاجات التي عهدناها من تونس الى مصر الى ليبيا الى سوريا الى أوكرانيا، كان هنالك عمليات قنص قتل فيها متظاهرون ورجال أمن. الا يضع هذا تساؤلا كبيرا فيما اذا كان هنالك رابط بينهما من حيث بعض الجهات المحركة أو المدربة؟ نتساءل.
بعد كل هذا العرض يتضح أن الصحافة الامريكية الرسمية تتكتم على بعض الحقائق التاريخية الثابتة، التي تشكل الجوهر للصراع الدائر، وإذا ما تم احتواء الازمة فان الأمور مرشحة للتصعيد ولن نستغرب إذا ما كانت هذه الاحداث ستحمل في ثنياها بذور الحرب الاهلية، الا إذا ما هدئت العقول الحامية الامريكية، وظهور موقف أوروبي واضح لا يكون تابعا أو ملحقا بالإدارة الامريكية.

الدكتور بهيج سكاكيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف