في وحدته القاتلة يأنس إلي كتابه؛ فهو جليس عمره وفيّ، أدمن رائحة الورق، يتفقد كتبه كل صباح ، يرمقها بعينه ويحتضنها بروحه ،يلبسها أبهى الحلل و يهدهدها كفلذات كبده ، يأنس فيها بأبوة لم يَجُد بها الزمن عليه، في زاوية بعيدة من مكتبته رمق أحدها،مازالت أوراقه تتمتع بنضارتها، لا يبدو عليه أثر الشقاء الذي اكتنف غيره لم يقرأه قط حين اشتراه منذ خمسة وثلاثين عاماً،أغمض عينيه ،ظللت وجهه سحابة سوداء سرى معها في عروقه برقها، و قصف أذنيه رعدها عنما طالع عنوانه المسطور بخط عريض( فنّ تربية الأبناء).