الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشهيد محمد بوكرين، أو الثلاثية المقدسة: الامتداد التاريخي – المسار الواضح – القدوة النضالية..بقلم:محمد الحنفي

تاريخ النشر : 2014-04-18
الشهيد محمد بوكرين، أو الثلاثية المقدسة: الامتداد التاريخي – المسار الواضح – القدوة النضالية..بقلم:محمد الحنفي
الشهيد محمد بوكرين، أو الثلاثية المقدسة: الامتداد التاريخي – المسار الواضح – القدوة النضالية.....

محمد الحنفي

[email protected]


الإهداء إلى:

ـ الشهيد محمد بوكرين: علما بارزا في نضال حركة التحرير الشعبية، وفي نضال الحركة الاتحادية الأصيلة، وفي نضال حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

 ـ لبيب بوكرين، ونصوح بوكرين، وكل أبناء، وبنات الشهيد، والأم العظيمة التي كانت، وستبقى مصدر صمود المناضلين الأوفياء.

ـ كل المناضلين الأوفياء لنهج الشهيد محمد بوكرين.

ـ حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي يستمد قوته، وصموده من صمود الشهيد محمد بوكرين.

محمد الحنفي

توضيح لا بد منه:

لقد اعتمدنا في عنوان هذه الأرضية مفهوم "الشهيد" لاعتبارات كثيرة، نذكر منها:

1) أن الشهيد محمد بوكرين لم يمت موتة عادية، بقدر ما أرغم على الموت، ومغادرة الحياة بسبب الممارسة البيروقراطية التي تتميز بها إدارة مستشفياتنا، فهو عندما شعر بالأزمة القلبية، أسرعت به أسرته، ومعها المناضلون الأوفياء، إلى المستشفى الذي كان يفترض فيه أن يكون في خدمة أبناء الشعب المغربي، ولكن إدارة المستشفى أبت إلا أن تمنع الأسرة من الدخول لعرض محمد بوكرين على الطبيب المختص. وبعد الإلحاح المتزايد، والتمسك بالحق في العلاج، دخل إلى المستشفى ليبقى في قاعة الاستقبال إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا.

2) أن الشهيد محمد بوكرين كان متمسكا بالحياة، ونظرا لبيروقراطية إدارة المستشفى أرغم على مغادرة الحياة تحت تأثير الانتظار كسلاح قاتل.

3) أن شخصا مثل الشهيد محمد بوكرين لا يليق به أن يموت موتة عادية، بل لا بد أن تكون موتته موتة غير عادية. وهو ما حصل.

4) أن ذكره بعد وفاته، وبسبب إرغامه على الموت، كما حصل في المستشفى، وبطريقة غير مباشرة، لا بد أن يرتبط بمفهوم الشهيد إكراما له على التضحيات العظيمة التي قدمها من أجل الشعب المغربي، من خلال تضحياته في إطار حركة التحرير الشعبية، والحركة الاتحادية الأصيلة، وفي إطار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. تلك التضحيات التي كلفته عشرات السنين من فقدانه للحرية، بسبب مواقفه، وبسبب انتمائه السياسي.

5) أن تلك التضحيات التي كلفته البقاء داخل السجون المغربية لعدة سنوات من عمره، وفي عهد ثلاثة ملوك مغاربة، مما جعله يعرف بسجين الملوك الثلاثة، تفرض أن نطلق عليه اسم الشهيد؛ لأنه عاش حياة غير عادية، وصمد صمودا غير عادي، وساهم مساهمة غير عادية في بناء الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وفي بناء  الحركة الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والتربوية، والثقافية. وهذه التضحيات، وبالحجم المذكور، تفرض  أن نشرف ونقدر الأخ محمد بوكرين، باسم الشهيد، تقديرا لتضحياته، ولعظمة مساهمته في جميع المجالات.

فهل نكون قد كرمنا محمد بوكرين بربط اسمه بكلمة الشهيد، حتى يتصنف إلى جانب الشهداء الذين يعتز الشعب المغربي بتضحياتهم العظيمة، من أجل أن يتمتع بالحرية، والديمقراطية، والاشتراكية؟

وهل استطعنا أن نكرم الحركة التي اعتبر من مؤسسيها، ومن مقاومي التحريف في بنياتها، من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى أن انفرز حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب ينبذ من بين صفوفه كل ممارسي التحريف، الذين يجدون أنفسهم بممارسته خارجه؟

إن تكريم الشهيد محمد بوكرين حق علينا، وتكريم الحركة المتطورة التي كان ينتمي إليها، وكما انفرز من داخلها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حق علينا؛ لأن التكريم يفرض السير على نهج الشهيد، "ومن يكرم الشهيد يتبع خطاه". وخطى الشهيد محمد بوكرين لا يمكن أن نتصورها خارج حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

مقدمة:

إننا عندما نقبل من قريب، أو بعيد، الحديث عن شخصية عظيمة في التضحية: عن الرفيق الشهيد محمد بوكرين، يعجز القلم عن الاسترسال في إرسال المداد، نظرا لكونه يخجل من عظمة شخصية الشهد محمد بوكرين، ونظرا لعظمة عطائه الذي لا ينتهي بفقدان جسده، بقدر ما يستمر في النمو، والاسترسال من خلال شخصية أي مناضل يسعى إلى العمل على:

1) جعل الطبقة العاملة، الحاملة لوعيها  الطبقي طيلعة المجتمع في النضال من أجل التغيير المنشود في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.

2) بناء حزب الطبقة العاملة، الذي يقود طليعة المجتمع في اتجاه تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

3) بناء الحركة الجماهيرية المناضلة، من أجل فرض تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية لجماهير الكادحين، ومن أجل ثقافة شعبية، وديمقراطية، ومن أجل تمتيع الناس بجميع الحقوق.

4) الحرص على أن تحترم مبادئ العمل الجماهيري المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، والكونية، والشمولية.

5) السعي الحثيث، والمستمر إلى وحدة اليسار، حتى تتوحد جميع جهوده في قيادة النضال من أجل الانعتاق من سيطرة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وبناء مجتمع الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

6) الاسترشاد بتضحيات شهداء حركة التحرر الوطني، الذين قدموا أرواحهم، من أجل فرض احترام كرامة الشعب المغربي، من أمثال الشهيد المهدي بنبركة، والشهيد عمر  بنجلون، والشهيد عمر دهكون، والشهيد محمد بنونة، والشهيد محمد كرينة.

7) مقاومة التحريف بنوعيه: السياسي، والنقابي، من الاتحاد الوطني إلى الاتحاد الاشتراك،ي ومن الاتحاد المغربي للشغل إلى بروز مظاهر الانحراف في الحركة النقابية الحديثة، من أجل قيام حركة سياسية قائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والبناء التنظيمي الثوري، والمواقف السياسية المعبرة عن احترام إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، ومن أجل قيام حركة نقابية تحترم فيها مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية.

8) النضال لا من أجل تلقي التعويض من المؤسسة المخزنية، المسماة ب"هيئة الإنصاف والمصالحة" عن ما يتعرض له أي مناضل في مسيرته النضالية، وخاصة إذا كان هذا المناضل من حجم الشهيد محمد بوكرين، بل من أجل أن يتمتع الشعب المغربي بالحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

9) الحرص على الربط الجدلي بين النظرية، والممارسة، من منطلق أن النظرية لا يمكن أن تتطور إلا على أساس النظرية المتطورة، الموجهة للممارسة، حتى نتجنب ما صار يعرف بالجمود العقائدي، الذي كلف الحركة الاشتراكية ثمنا عظيما.

10) الحرص على الربط الجدلي بين العمل الجماهيري: الحقوقي، والثقافي، والتربوي، والنقابي، والعمل السياسي، سعيا إلى تطوير مطالب الجماهير، وأملا في توسيع دائرة الاستفادة المادية، والمعنوية في صفوف الكادحين.

11) الحرص على تحميل المسؤولية للطبقة الحاكمة، وللأجهزة المخزنية، في مستوياتها المختلفة، فيما يخص ما تعرض له أبناء الشعب المغربي، والعديد من المناطق المغربية من أضرار بسبب الاعتقال، والتعذيب، والإبادة الجماعية، فيما صار يعرف بسنوات الرصاص.

12) الحرص على جبر ضرر المناطق المتضررة من سنوات الرصاص، اعترافا من النظام المخزني بما ارتكبه في حق الشعب المغربي. وجبر الضرر لا يتم بالطريقة التي تم بها عن طريق هيئة الإنصاف، والمصالحة، بقدر ما يتم عن طريق تمتيع جميع المواطنين بجميع الحقوق، وضمان الحماية الصحية، والاجتماعية للمناطق المتضررة، وللأفراد المتضررين، ومساءلة المسؤولين الذين وقفوا وراء إلحاق الضرر بالمناطق المتضررة، وبالأفراد المتضررين فيما صار يعرف بسنوات لرصاص.

13) الحرص على إيجاد دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، حتى يتمكن من تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي بنفسه.

14) الحرص على المطالبة المستمرة بملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وكل المواثيق، والاتفاقيات والإعلانات الخاصة.

فالشهيد بوكرين، الشامخ أبدا، سيبقى رمزا من رموز حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والشبيبة الطليعية، والحركة الديمقراطية، والتقدمية، والحركة اليسارية التي قضى عمره من أجل تقويتها، وتحقيق وحدتها، والحركة العمالية التي قدم ضرائب أكبر من أجل ترسيخ إيديولوجيتها في الواقع المغربي، وفي صفوف الحركة الاتحادي الأصيلة قبل 8 ماي 1983، وفي الالتزام بها في ممارسة الاتحاد الاشتراكي اللجنة الإدارية الوطنية، ثم في ممارسة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي صار يحمل رسالة الحركة العمالية في المغرب.

ورمزية الشهيد محمد بوكرين آتية من كونه:

1) امتدادا تاريخيا لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وللحركة الديمقراطية، والتقدمية، وللحركة اليسارية، وللحركة العمالية/ وللحركات الجماهيرية على تنوعها، وامتداداتها.

2) مسارا واضحا بدون التواء، وبدون غموض، للحركات المختلفة الفاعلة في الواقع المغربي.

3)  قدوة في منهجية العمل لكل المناضلين الأوفياء، أنى كان انتماؤهم الحزبي، أو الجماهيري.
 
الشهيد محمد بوكرين: الامتداد التاريخي:

والشهيد محمد بوكرين يرتبط اسمه بتاريخ حركة التحرر الوطني، وتاريخ الحركة الوطنية، وتاريخ حركة التحرير الشعبية، وتاريخ الحركة الاتحادية الأصيلة، وتاريخ حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي كجزء لا يتجزأ من الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.

وارتباط اسم الشهيد محمد بوكرين بهذه الحركات كلها، يجعله مساهما فيها جميعا، نظرية، وممارسة، وتنظيما، مما يجعل من فكره، وممارسته مرجعا لها إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.

فقد وجد الشهيد محمد بوكرين نفسه بعد ولادته مباشرة في صلب حركة التحرر الوطني، وفي صلب الحركة الوطنية، وهو ما ولد عنده استعدادا، منذ طفولته، وفي سن يافعة، لمواجهة الاحتلال الأجنبي بكافة الوسائل المادية، والسياسية، ومن أجل أن يحصل المغرب على استقلاله الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأنه كان يدرك، ومنذ ذلك الوقت، وكباقي رفاقه في النضال، أن الاستقلال، إما أن يكون كاملا، أو لا يكون، وهو ما جعله ينخرط، ومنذ ،1953 في خلايا المقاومة، وجيش التحرير.

كما أن ديناميكيته، وحركيته التي لا تتوقف منذ طفولته، وحتى استشهاده، جعلته يرتبط بالحركة الوطنية، ويساهم في العمل السياسي الداعم لحركة المقاومة، وجيش التحرير، من أجل أن يستوعب ما يعتمل فيها، حتى يساهم في تطويرها في الاتجاه الصحيح، وحتى يصير عمل الحركة الوطنية داعما لعملية تحرير الإنسان، والأرض، وعلى مدى التراب الوطني المغربي، كشرط للاستقلال الكامل، وبمضامينه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ونظرا لتفاعله مع حركة التحرر الوطني، ومع الجانب الايجابي في الحركة الوطنية، وجد الشهيد محمد بوكرين نفسه من العاملين على إذكاء حركة المقاومة، وجيش التحرير خلال الخمسينيات من القرن العشرين، حتى صارت هذه الحركة مرتبطة بضمير الشعب المغربي، وكادت تسير في اتجاه تحقيق أهدافها في تحرير الإنسان، والأرض، لولا ما وقع في مفاوضات إيكس ليبان، التي أفرزت اتفاقا بين الحركة الوطنية المتمثلة في قيادتها آنذاك، وبين الاحتلال الأجنبي لبلادنا، يقضي بتحقيق أهداف أخرى غير أهداف المقاومة، وجيش التحرير، والمتمثلة بالخصوص في الاستقلال غير الكامل للمغرب، الذي لا يتجاوز الاستقلال السياسي، ليستمر الاستعمار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي بعد استقلال المغرب سنة 1956.

وبما أن على المغاربة جميعا أن يستمروا في النضال من اجل استقلال المغرب، فإن الشهيد محمد بوكرين كان من المناضلين الأوفياء المساهمين في اتحاد الجامعات الاستقلالية في المغرب، الذي كان يقوده الشهيد المهدي بنبركة، الذي شكل أرضية خصبة لبلورة فكرة تأسيس الحركة الاتحادية الأصيلة، تحت اسم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي كان ارتباطه به، ومساهمته في نضالاته التي لا ترضي المؤسسة المخزنية، وأجهزتها القمعية، سببا في قضاء سنوات من عمره داخل السجون المغربية، ليفقد بذلك عمله. لكن ليجد نفسه متفرغا، بعد خروجه من السجن في كل مرة، لتركيز التنظيم، ودعمه وتقويته، وانطلاقا من تشبعه بالفكر الاشتراكي العلمي، فإنه كان من الساعين إلى جعل المناضلين الحزبيين يقتنعون بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، وكان إلى جانب الشهيد عمر بنجلون، من العاملين على بناء التنظيم الحزبي، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وخاصة بعد محطة 30 يوليوز 1972. وهو بالإضافة إلى ذلك كان من العاملين على فضح التحريف داخل الحركة الاتحادية، وداخل الحركة النقابية في نفس الوقت، ومن أجل بناء حركة سياسية، ونقابية، تحترم الأسس المبدئية للاشتراكية العلمية، ومبادئ العمل النقابي.

وهذا العمل الجبار الذي كان يقوده الشهيد عمر بنجلون، ومعه ثلة من المناضلين الشرفاء، من بينهم الشهيد محمد بوكرين هو الذي أنتج لنا:

1) عملية التصحيح داخل الحركة الاتحادية، المتمثل في حركة 30 يوليوز ،1972 والتي أنتجت لنا التوجه الاشتراكي العلمي داخل هذه الحركة.

2) عملية التصحيح داخل الحركة النقابية، المتمثلة في تأسيس النقابة الوطنية للتعليم سنة 1965 لتكون بعد ذلك قدوة للقطاعات الوطنية: الإنتاجية، والخدماتية، التي تأسست فيما بعد، والتي وقفت وراء تأسيس الك.د.ش سنة 1978.

3) اقتناع أعضاء مؤتمر الاتحاد الاشتراكي الاستثنائي، المنعقد في 25 يناير ،1975 بتبني الاشتراكية العلمية كوسيلة، وكهدف، لتصير بذلك مرتكزا لأيديولوجية الحزب، التي يعتمدها المناضلون الأوفياء في مقاومة التحريف داخل الحركة الاتحادية الأصيلة.

4) الاستمرار في مقاومة التحريف، بعد استشهاد الشهيد عمر بنجلون، داخل الاتحاد الاشتراكي، إلى جانب مجموعة من المناضلين الأوفياء، من خلال تواجدهم في الأجهزة الحزبية: المحلية، والإقليمية، والوطنية قبل المؤتمر الوطني الثالث، وبعده مباشرة من أجل:

ا ـ الحفاظ على استمرار الحزب بالتمسك بأيديولوجية الطبقة العاملة، التي تبناها المؤتمر الاستثنائي، وكما وردت في مقدمة التقرير الإيديولوجي.

ب ـ العمل على تنفيذ القرارات الحزبية المنصوص عليها في البيان العام الصادر عن المؤتمر الوطني الثالث، والتي من بينها الانسحاب من المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها البرلمان المغربي، الذي تم تمديد عمره سنة 1980.

5) خوض الصراع المرير بين الخط النضالي الديمقراطي، الذي كان يقوده حينذاك أعضاء من اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذين كان من بينهم الشهيد محمد بوكرين، والذي توج بمحطة 8 ماي 1983 كمحطة للحسم التي اعتقل بسببها 35 مناضلا من بينهم الشهيد محمد بوكرين، بعد أن غادر سجن بني ملال، بمدة لا تزيد عن خمسة عشر يوما.

6) التفرغ لقيادة، وبناء الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية، ومواجهة مواقف الاتحاد الاشتراكي، المكتب السياسي حينذاك، والتي صارت جزءا لا يتجزأ من مواقف الطبقة الحاكمة.

7) وبعد تغيير الإسم من الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية، إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، صارت المهام تتعلق بالهيكلة، وضبط التنظيم، والإعداد للمؤتمر الرابع، ثم الخامس، ثم السادس، وبلورة المواقف المناسبة، واتخاذ القرارات اللازمة، والعمل على تنفيذها على أرض الواقع، وخاصة ما يتعلق منها إما بالمقاطعة، أو المشاركة في الانتخابات، وبإشراف قيادة حزبية، كان الشهيد محمد بوكرين جزءا لا يتجزأ منها، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة.

وبذلك يتبين أن الشهيد محمد بوكرين ،في شخصيته النضالية، ومن خلال مساهماته المتميزة في جميع المحطات النضالية، لا يمكن أن يعتبر إلا امتدادا تاريخيا للحركة، في امتداداتها المتنوعة، وفي تطورها، وفي بلورة إفرازاتها الإيجابية المتوجة بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره امتدادا مستقبليا لحركة التحرر الوطني، وللحركة الوطنية في شقها الديمقراطي / التقدمي / اليساري / العمالي، ولحركة التحرير الشعبية، وللحركة اليسارية، وللحركة الاتحادية الأصيلة، إلى درجة أنه لا يمكن الحديث عن ترسيخ الفكر الاشتراكي العلمي في صفوف المنتمين إلى الحركة الاتحادية، وفي صفوف أبناء الشعب المغربي، دون أن يرد اسم الشهيد محمد بوكرين، ولا يمكن الحديث عن تطور الحركة الديمقراطية / التقدمية / اليسارية / العمالية، دون أن يرد أسم الشهيد محمد بوكرين، ولا يمكن أن نتكلم عن تطور الحركة الجماهيرية، وتفعيلها، دون أن يرد اسم الشهيد محمد بوكرين، ولا يمكن أن نتكلم عن الحركة الجماهيرية العامة، على مستوى المظاهرات، والمسيرات، والوقفات الاحتجاجية، دون أن يرد اسم الشهيد محمد بوكرين.

فالشهيد محمد بوكرين، بأبعاد شخصيته المتعددة، يعتبر على المستوى النظري، والعملي، امتدادا تاريخيا للفعل النضالي، الذي كان يحضر في فكره، وفي ممارسته منذ طفولته، إلى أن غادر واقفا، ومستشهدا يوم 5 ابريل ،2010 حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا، وهو يعاني من الحرمان من الإنقاذ من الأزمة القلبية في قسم المستعجلات، بمستشفى مدينة بني ملال.

وهذا الامتداد التاريخي للشهيد محمد بوكرين، لا يمكن أن يعتبر إلا تراثا مقدسا بالنسبة لحركة التحرير الشعبية، وللحركة الاتحادية الأصلية، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وللحركة الجماهيرية: الشبابية، والحقوقية، والنقابية، وللشعب المغربي الكادح؛ لأن هذه الحركة في تنوعها، وفي امتداداتها، وفي سعيها إلى تحقيق أهدافها، لم تأت من عدم، بقدر ما أتت من تضحيات المناضلين الأوفياء، ومن بينهم الشهيد محمد بوكرين، براحتهم، وبوقتهم، وبما يملكون، وبفكرهم، وبممارستهم من أجل إحداث تراكم نضالي يوجه، ويقود نضالات الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، في أفق تحقيق الأهداف الكبرى المتمثلة في الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

الشهيد محمد بوكرين: المسار الواضح:

والشهيد محمد بوكرين لا يحتاج إلى بذل عناء كبير، من أجل أن نفهمه. فهو واضح وضوح الشمس في كبد السماء. ووضوحه لا يمكن أن ينتج إلا المزيد من المرتبطين بالحركات الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وبالإطارات الجماهيرية: الجمعوية، والحقوقية والنقابية، ولا يمكن أن تنتج، كذلك، إلا ارتفاع عدد المساهمين في الحركات الجماهيرية المناضلة، وفي الوقفات الاحتجاجية.

والوضوح في شخصية الشهيد محمد بوكرين، لا يمكن أن يصير إلا إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا؛ لأن هذه الأشكال من الوضوح هي التي تحدد العلاقة بمناضلي حركة التحرير الشعبية، وبالحركة الاتحادية الأصيلة، وبحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وبالحركة الحقوقية، وبالحركة النقابية.

فالوضوح الإيديولوجي، هو الذي قاد الشهيد محمد بوكرين، ومنذ شبابه، إلى الاقتناع بالاشتراكية العلمية، التي صار يوظف قوانينها في التحليل الملموس، للواقع الملموس، وفي أبعاده التاريخية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي تحوله من مرحلة إلى مرحلة، نظرا لاختلاف الشروط المتحكمة في كل مرحلة على حدة، وهو الذي جعل الاحتكاك به، وبأفكاره مرغوبا من قبل المناضلين في مجموع التراب الوطني، وهو الذي جعل العروض التي كان يقدمها في مختلف الأطر الحزبية، والجماهيرية، أكثر تأثيرا، وهو الذي جعل مساهمته فعالة، على مستوى الحسم مع التوجه الموالي لقيادة الاتحاد المغربي للشغل، كجهاز برصوي حينذاك، في 30 يوليوز 1972، وهو الذي جعله يقود المواجهة الأيديولوجية مع التوجه الانتخابي قبل الحسم معه في محطة 8 ماي 1983. وأهله للمساهمة في قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اللجنة الإدارية، ثم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بعد تغيير الاسم.

وهذا الوضوح الإيديولوجي، الذي تميز به الشهيد محمد بوكرين، هو الذي أهله، ومنذ شبابه، وإلى استشهاده، لمواجهة كافة أشكال التضليل الذي تمارسه أجهزة المؤسسة المخزنية: الإيديولوجية، والمؤسسات الإعلامية للطبقة الحاكمة، والأحزاب اليمينية الرجعية، والتوجهات اليمينية داخل الحركة الاتحادية، مسترشدا في ذلك بالمنطق الاشتراكي العلمي، الموجه الحقيقي للفكر، والممارسة في شخصية الشهيد محمد بوكرين.

والوضوح التنظيمي هو الذي أهله، ومنذ شبابه إلى العمل على أن يساهم في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كمحطة للحسم مع القيادة البورجوازية لحزب الاستقلال، على أن يتمسك بالعمل على صيرورة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية حزبا للطبقة العاملة، باعتباره حزبا ثوريا، يسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كما كان يسعى إلى ذلك الشهيد المهدي بنبركة، والشهيد عمر بنجلون، وكل شهداء الحركة الاتحادية الأصيلة.

والوضوح التنظيمي هو الذي أهل الشهيد محمد بوكرين ليكون من المساهمين في حركة 30 يوليوز 1972، التي حسمت تنظيميا مع قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، المحتواة من قبل القيادة البيروقراطية للاتحاد المغربي للشغل، والتفرغ للعمل على بناء التنظيم الثوري، القائم على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والمستند في بنائه على الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

والوضوح التنظيمي، هو الذي أهل الشهيد محمد بوكرين، ليكون من العاملين على عقد المؤتمر الاستثنائي للحركة الاتحادية الأصيلة، لإنجاز هدفين رئيسيين:

الهدف الأول: تغيير الاسم من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لإزالة اللبس القائم في الساحة السياسية.

والهدف الثاني: الإعلان عن إيديولوجية الاتحاد الاشتراكي القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية كوسيلة، وكهدف، كما جاء في تقديم التقرير الإيديولوجي الذي قدمه الشهيد عمر بنجلون أمام المؤتمر الاستثنائي المنعقد في 25 يناير 1975.

والوضوح التنظيمي، هو الذي جعل الشهيد محمد بوكرين يحرص على أن يكون تنظيم الاتحاد الاشتراكي منسجما مع إيديولوجيته، من أجل أن يصير التنظيم ثوريا، ليجد بذلك نفسه في مواجهة مع الخط الانتهازي / الانتخابي، الذي يحرف الإيديولوجية، ويحرف التنظيم، حتى يكون ذلك التحريف مبررا لاتخاذ مواقف سياسية، تخدم مصالح الانتهازيين في علاقتهم بالأجهزة المخزنية، منذ ذلك الوقت.

والوضوح التنظيمي، هو الذي جعل الشهيد محمد بوكرين يحرص على أن تكون التمثلية في المؤتمر الوطني الثالث، قائمة على أساس تنظيمي صرف، وليس على أساس تعويم المؤتمر بكل من هب، ودب، حتى يكون في مستوى التعبير عن طموحات مناضلي الحزب، وعن طموحات الكادحين في تلك المرحلة، ومن أجل أن يكرس طبيعة بناء الحزب الثوري، كحزب للطبقة العاملة، كما تبين ذلك في معظم ما جاء في بيان المؤتمر الوطني الثالث.

والوضوح التنظيمي، هو الذي قاد الشهيد محمد بوكرين إلى خوض الصراع، باسم الخط النضالي الديمقراطي، من أجل الحفاظ على روية الحزب الإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، ضد الخط اليميني الانتهازي / الانتخابي بعد المؤتمر الوطني الثالث، وبعد اجتماع اللجنة المركزية في 1979، ليسجن عقب أحداث بني ملال، ليقضي مدة في السجن. وبعد خروجه انخرط من جديد في نفس الصراع، ليعتقل بعد أحداث 8 ماي 1983، كمحطة للحسم مع الخط اليميني / الانتهازي / الانتخابي، ويعتقل من جديد، ويتم الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا.

والوضوح التنظيمي، هو الذي يجعله أثناء تواجده في السجن، وبعد خروجه، يوجه، ويشرف على التنظيم بمفهومه الثوري، في إطار الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية، ثم في إطار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حيث صار الوضوح سمة مميزة للتنظيم الحزبي، الذي كان الشهيد محمد بوكرين في قيادته. هذا التنظيم الذي لم يعد فيه مجال للغموض، مهما كان مصدره، وكيفما كان ممارسوه.

وكما كان الشهيد محمد بوكرين واضحا في التنظيم الحزبي، كان واضحا في تصوره للتنظيم الجماهيري، حتى يصير ذلك الوضوح وسيلة لارتباط الكادحين بالمنظمات الجماهيرية، على اختلاف أنواعها: النقابية، والحقوقية، والتربوية، والثقافية.

فعلى مستوى التنظيم النقابي، كان يرى أن التنظيم المناسب لتنظيم العمال، وباقي الأجراء، هو تنظيم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي أفرزه الصراع الذي كان يقوده الشهيد عمر بنجلون منذ بداية الستينات من القرن العشرين، ضد الجهاز البيروقراطي، ولأنه يتوفر على أدبيات تؤهله للربط الجدلي بين النضال المطلبي، والنضال السياسي، ولكونه يحدد الانتماء إليه بناء على الاقتناع بمبادئ العمل النقابي الكونفيدرالي، المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية. وهي مبادئ تتيح الفرصة أمام المناضلين النقابيين، وأمام العمال، وباقي الأجراء، من أجل الإبداع في التنظيم الكونفيدرالي، وفي التوسع التنظيمي، وفي توعية العمال، وفي خوض النضالات المطلبية على جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية. وهذا الوضوح في التنظيم الكونفيدرالي، هو الذي جعل الشهيد محمد بوكرين يعتبر الك.د.ش هي التنظيم المناسب للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى جميع المستويات، وفي جميع القطاعات.

وعلى المستوى الحقوقي، نجد أن الشهيد محمد بوكرين يرى أن الوضوح في التنظيم الحقوقي يتمثل في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، للاعتبارات الآتية:

الاعتبار الأول: أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قام بتأسيسها المناضلون الأوفياء الذين عانوا من آثار ما مورس عليهم خلال سنوات الرصاص.

والاعتبار الثاني: أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تأسست لتصير أداة، وسيلة لمحاربة الخروقات الممارسة في المجتمع المغربي، وفضحها، والعمل على اجتثاثها محليا، ووطنيا، وعالميا.

والاعتبار الثالث: أن الجمعية المغربية واضحة في مرجعيتها، المتمثلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكافة الاتفاقيات، والإعلانات ذات الصلة، مما يؤهلها لنسج العلاقات مع مختلف المنظمات الحقوقية: الدولية، والجهوية، والوطنية، التي تجمعها بها نفس المرجعية.

والاعتبار الرابع: أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تأسست على أساس الاقتناع بمبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والشمولية، والكونية. الأمر الذي لا بد أن ينتج إشاعة حقوق الإنسان بين جميع أفراد المجتمع.

والاعتبار الخامس: أن الجمعة المغربية لحقوق الإنسان هي التي كانت، ولا زالت تملك الشجاعة الكافية لفضح الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في حق أبناء الشعب المغربي، وفضح ممارسي تلك الانتهاكات، مهما كانت مسؤولياتهم في أجهزة الدولة، والمطالبة بمحاكمتهم.

والاعتبار السادس: أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، انتزعت المزيد من المكاسب الحقوقية، وفرضت اعتبار حقوق الإنسان حاضرة في الممارسة اليومية، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وفي جميع القطاعات.

والاعتبار السابع: أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تملك مساهمات عميقة، وتراكما هائلا، حول الوضعية الحقوقية في المجتمع المغربي، وعلى المستوى العربي، والدولي، مما يجعل منها مرجعا أساسيا على مستوى الأدبيات الحقوقية.

والاعتبار الثامن: أن الجمعة المغربية لحقوق الإنسان، استطاعت أن تنسج علاقات نضالية مع العديد من المنظمات الحقوقية: الوطنية، والمغاربية، والعربية، والدولية، مما يمكنها من القدرة على قيادة العمل المشترك مع هذه المنظمات، وعلى جميع المستويات الحقوقية.

وهذا الوضوح المتوفر في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي ساهم فيه الشهيد محمد بوكرين بشكل كبير، هو الذي جعل الشهيد محمد بوكرين يعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هي الإطار المناسب للنضال من أجل تمتيع جميع الناس بحقوق الإنسان، بقطع النظر عن اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو المعتقد، أو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الإنسان.

وعلى المستوى التربوي، نجد أن الشهيد محمد بوكرين، يعتبر التنظيمات التربوية الواضحة في البرامج، والأهداف، الساعية إلى بلورة رؤى تربوية واضحة، تعد الأجيال الصاعدة لمواجهة كافة أشكال التخلف التربوي، السائدة في المجتمع المغربي، هي الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، التي أسسها الشهيد المهدي بنبركة، ثم جمعي التنمية للطفولة، والشباب، لكونهما:

أولا: تقتنعان، معا، مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية.

ثانيا: تسعيان إلى فرض تكريس تربية بديلة لتربية الإذلال، والخضوع المطلق، والانتهازية، والوصولية، والقبول بممارسة الإرشاء، والارتشاء في الواقع المغربي.

ثالثا: تعملان على تمهير الأطفال، واليافعين، والشباب، وتربية مختلف القدرات لديهم، مما يجعلهم في مستوى التحديات القائمة في المجتمع المغربي.

رابعا: صيرورة كل منهما مدرسة للتربية، والتكوين، التي يجد فيها النشء المغربي ما لم يجده في المدرسة المغربية، في مستوياتها المختلفة، وعلى مستوى التراب الوطني.

خامسا: أنهما يعتبران وسيلة لمناهضة تربية التفسخ، والتخلف، والخضوع، والميوعة، وكل أشكال الابتذال السائدة في المجتمع.

وبناء عليه، فالشهيد محمد بوكرين، يعتبر الوضوح في التنظيم التربوي، يتمثل في هاتين الجمعيتين بالخصوص، وفي كل الجمعيات التي تعتمد نفس المنهج.

وعلى المستوى الثقافي، فالشهيد محمد بوكرين الذي كان يحرص، باستمرار، على التمييز بين الثقافة الرسمية / الرجعية، واليمينية، والظلامية المتخلفة، والثقافة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية. وهذا التمييز، هو الذي يجعله يرى أن الوضوح التنظيمي في الجمعيات الثقافية، لا يمكن أن يتجسد إلا في الجمعيات المبدئية: الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، التي تسعى، وبواسطة المكونات الثقافية المختلفة، كالمسرح، والسينما، والقصة، والرواية، والغناء، والموسيقى، إلى تغيير القيم المتخلفة، السائدة في المجتمع، بقيم متقدمة، ومتطورة، حتى تصير وسيلة للتقدم، والتطور، في اتجاه إيجاد مجتمع متقدم، ومتطور، يبني مسلكية أفراده، والمسلكية الجماعية على أسس علمية دقيقة، تنبذ تحكم الفكر الغيبي، والخرافي، في الممارسة الفردية، والجماعية.

والشهيد محمد بوكرين كان فعالا في هذا الاتجاه، وكان من خلال العروض التي يلقيها، والندوات التي كان يساهم فيها، في مختلف الجمعيات الثقافية، وعلى مستوى التراب الوطني، يسعى إلى تحقيق هدفين أساسين:

الهدف الأول: تحطيم، ونقض القيم المتخلفة السائدة، والمتحكمة في المسار العام للمجتمع.

والهدف الثاني: الشروع في بناء منظومة القيم الثقافية: الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، حتى تعمل على تحصين مجموع أفراد المجتمع، من الانسياق وراء قيم التخلف، ومن أجل أن تجعلهم ينطلقون في اتجاه تكريس مجتمع الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، بعد القضاء على مظاهر الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

وهذا الوضوح الإيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، الذي كان يميز مسار حياة الشهيد محمد بوكرين، هو الذي جعل شخصيته أكثر تأثيرا، وأكثر فعلا في المحيط الذي كان يتحرك فيه، سواء كان داخل السجن، أو خارجه، وفي الحركات التي كان ينتمي إليها، وفي الحركة الاتحادية الأصيلة، وفي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وفي كل التنظيمات الجماهيرية التي ارتبط بها، وفي القطاع الطلابي، وفي المجتمع المغربي برمته، وهو الذي سيجعل تأثيره مستمرا، ومتناميا في صفوف الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وفي الحركة الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والتربوية، والثقافية إلى ما لا نهاية.

الشهيد محمد بوكرين القدوة النضالية:

والشهيد محمد بوكرين كان دائما، في حياته، وبعد استشهاده، قدوة للمناضلين على المستوى الوطني، وعلى المستوى العالمي؛ لأن كل مناضل كان ينخرط في مقاومة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، في أفق العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية والاشتراكية، كان يستمد قوته من شخصية الشهيد محمد بوكرين، ومن صموده، ومن شجاعته، ومن منهجه في التحليل، ومن التزامه بالقيام بالمهم الموكولة إليه إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، وجماهيريا.

فاعتبار الشهيد محمد بوكرين قدوة نضالية لدى مناضلي الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، تعتبر مسألة أساسية، ومنذ ارتباط الشهيد محمد بوكرين بحركة التحرير الشعبية، وبالحركة الوطنية، وبالحركة الاتحادية الأصلية في مراحلها المختلفة، وبحركة 8 ماي 1983، وبحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

والقدوة بالشهيد محمد بوكرين تتمثل في المستويات الإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، والثقافية؛ لأن القدوة بأي مستوى من هذه المستويات، تجعل المقتدي في صلب الحركة التي ينتمي إليها الشهيد محمد بوكرين، وفي صلب حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وفي صلب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي صلب الحركة النقابية المبدئية المتمثلة بالخصوص في الك.د.ش، سواء تعلق الأمر بالجانب النظري، أو بجانب الممارسة الموجهة بما هو نظري.

فعلى المستوى الإيديولوجي، نجد أن القدوة بالشهيد محمد بوكرين تتمظهر في جانبين:

الجانب التكويني، الذي يسعى من خلاله المناضلون الديمقراطيون، والتقدميون، واليساريون، والعماليون، ومنهم مناضلو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إلى هضم قوانين الاشتراكية العلمية، المتضمنة في المادية  الجدلية، والمادية التاريخية؛ لأنه بدون الهضم لا يتم التمثل.

وجانب توظيف القوانين المهضومة فيما صار يعرف ب"التحليل الملموس للواقع الملموس" الذي لا يعني إلا أن القوانين الموظفة في التحليل هي قوانين الاشتراكية العلمية المتطورة باستمرار، تبعا للتطور الذي يحصل في القوانين العلمية، وفي التقنيات الحديثة، وفي الفكر العلمي، والفلسفي على المستوى العام.

والمناضلون الأوفياء، عندما يقتدون بالشهيد محمد بوكرين: العلم البارز في كل اتجاه، وعلى مستوى الساحة المغربية على الأقل، إنما يسعون إلى:

1) صيرورة الفكر الاشتراكي العلمي هو المكون لفكرهم، والموجه  لممارستهم النضالية، والمتحكم في مسارهم: من الماضي، إلى الحاضر، إلى المستقبل، حتى يستمر فيهم  فكر، وممارسة الشهيد محمد بوكرين، الذي كان يستند في تجربته النظرية، وفي ممارسته إلى التجارب النضالية الرائعة في تاريخ البشرة، وفي التاريخ القومي، والإنساني، وفي التاريخ المغربي، وخاصة أولئك المناضلين الذين استشهدوا وهم يواجهون الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، لا لتتوقف حركة التاريخ عند حدود تلك التجارب، بل لتصير قدوة نضالية للمناضلين في الحاضر، من أجل تحقيق الأهداف النضالية المتمثلة في الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كمداخل كبرى لبناء المجتمع الذي تختفي فيه كافة الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهذا المجتمع لا يمكن أن يكون إلا مجتمعا اشتراكيا. والمجتمع الاشتراكي لا تحكمه إلا دولة ديمقراطية اشتراكية، باعتبارها دولة للحق، والقانون، ودولة علمانية، تحترم شيوع مختلف المعتقدات الدينية، التي تحترم الحدود التي يجب أن تقف عندها.

والشهيد محمد بوكرين نفسه، صار تجربة نضالية كتلك التجارب التي كان يستند إليها ابتداء بتجارب الشهداء المغاربة، وشهداء الشعب الفلسطيني، والشهداء الإنسانيين كما هو الشأن بالنسبة للشهيد تشي غيفارا.

وتجربة الشهيد محمد بوكرين، لا بد ان تصير نبراسا يضيء الطريق النضالية للشباب بصفة عامة، وللشبيبة الطليعية بصفة خاصة، حتى ينهج نفس النهج الذي يقود إلى مواجهة الاستعباد، الذي لازال متفشيا في المجتمع، والاستبداد الذي يطبع مسار الحكم في المغرب، وفي كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، والاستغلال الذي يمتص قدرات الكادحين في المغرب، وفي كل البلدان ذات الطابع الرأسمالي التبعي، وفي البلدان الرأسمالية، والعمل على فرض الحرية والديمقراطية، والاشتراكية.

2) صيرورة الهاجس التنظيمي حاضرا في ممارسته التنظيمية الحزبية، والجماهيرية.

فعلى مستوى الممارسة التنظيمية / الحزبية، نجد أن الشهيد محمد بوكرين، يصير قدوة للمناضلين الديمقراطيين، والتقدميين، واليساريين، والعماليين:

أولا: الالتزام بالإطار التنظيمي الذي ينتمي إليه حضورا، ومناقشة، وبرنامجا، وتكليفا بالمهام، وغير ذلك مما يقتضيه التنظيم الحزبي، وخاصة في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

ثانيا : العمل على إشاعة التنظيم في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف الشباب لتحقيق هدفين:

الهدف الأول: تغذية الحزب بمناضلين من صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن صفوف الشباب.

والهدف الثاني: إيجاد محيط جماهيري للحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ومنها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لأنه بذلك المحيط تستطيع هذه الحركات جميعا، ويستطيع الحزب أن يتجذر في نسيج المجتمع، ذلك التجذر الذي يعتبر شرطا للاستمرار، والتطور، والقوة، التي تؤهل أية حركة، وتؤهل الحزب لممارسة الصراع، ولقيادته في المجتمع، في إطار الصيرورة النضالية التي تخوضها الحركات مجتمعة، ويخوضها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، اقتداء بالمسار النضالي للشهيد محمد بوكرين.

3) بلورة المواقف السياسية المنسجمة مع الاختيار الإيديولوجي للحركات الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حتى تصير تلك المواقف مؤثرة في الواقع، على اختلاف مستوياته، ومعبرة عن إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. والقدوة النضالية في هذا المستوى، من خلال اعتبار الشهيد محمد بوكرين كان مساهما بشكل كبير في بلورة المواقف السياسية للحركة الاتحادية، منذ تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبعد حركة 30 يوليوز 1972، وخلال المؤتمر الاستثنائي، والمؤتمر الوطني الثالث، وبعد حركة 8 ماي 1983، وفي ظل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قبل وبعد تغيير الاسم، مثالا للاقتداء في اتباع الخطوات المناسبة لبلورة المواقف المناسبة، والمعبرة عن إرادة الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

ومعلوم أن الاقتداء بشخصية الشهيد  محمد بوكرين على المستوى السياسي، ستجعل المناضلين المنتمين إلى مختلف الحركات، وإلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في صلب عملية الصراع، من خلال اتخاذ المواقف المناسبة، والضرورية من:

أولا: الاختيارات الرأسمالية التبعية: اللا ديمقراطية، واللا شعبية للدولة المغربية، ولباقي الدول التابعة، وللنظام الرأسمالي العالمي، سواء كانت تلك الاختيارات اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية. ذلك أن فضح هذه الاختيارات، هو الفرصة المناسبة لجعل الجماهير الشعبية الكادحة تنخرط في مقاومتها، وبواسطة المنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والجمعوية، والتربوية، والثقافية.

ثانيا: من القضية الوطنية المتمثلة في قضية الصحراء المغربية، والجزر المغربية، وسبتة، ومليلية، وغيرها من الأماكن التي لا زالت تحت الاحتلال الأجنبي، من أجل أن تكون تلك المواقف وسيلة للتمسك بمغربية الصحراء، مهما كانت التضحيات التي يقدمها الشعب المغربي، وبمغربية باقي الأماكن المحتلة، وتعبئة الشعب المغربي من أجل الضغط في أفق تحرير جميع أجزاء التراب الوطني التي لا زلت محتلة.

ثالثا: من الهجوم الممنهج على قوت الجماهير الشعبية الكادحة، من خلال السياسة الاقتصادية التي تنهجها الحكومة، لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني / المتخلف، وضدا على مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

رابعا: من الهجوم على المدرسة العمومية المغربية، عن طريق إفراغها من محتواها، وبواسطة البرامج التي تعد أجيالا لا تهتم بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وتستعد للانخراط في ممارسة الطبقة الحاكمة، كنتيجة لمفعول البرامج التعليمية، ولطبيعية التحول الذي تعرفه عقلية نساء، ورجال التعليم الذين صاروا لا يهتمون إلا بتسلق السلاليم والرتب، ولا يعنيهم في شيء إعداد الأجيال الصاعدة إعدادا جيد،ا لمواجهة تحديات الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما يخدم مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة

خامسا: من الإجهاز على المستشفى العمومي، التي تحول، بفعل السياسة الصحية، التي تنهجها الحكومة إلى مستشفى خصوصي، لا يفكر المشرفون عليه إلا بمضاعفة المداخيل، بدل التفكير في المحافظة على صحة المواطنين، ومحاربة كافة الأمراض الجسدية، والنفسية، والعقلية، التي تنخر كيان المجتمع، الأمر الذي يترتب عنه أن لا يتلقى الشهيد محمد بوكرين العناية المركزة اللازمة، وبالسرعة المطلوبة، ضمانا لتمتعه بالحق في الحياة، وكما يحصل لغيره من المواطنين في المستشفيات المغربية كل يوم، وهو ما يقتضي تحريك النقابات، والجمعيات الحقوقية العامة، والمختصة، من أجل اعتبار الحق في الحياة مقدسا، ومن أجل إلزام المسؤولين عن المستشفيات، وعن صحة المواطنين، بإعطاء الأولية لمحاربة مختلف الأمراض التي تخرب الكيان الاجتماعي برمته، وبعد ذلك يطالب المعالجون بأداء واجبهم تجاه المستشفيات العمومية، التي صارت شبه مخوصصة.

سادسا: من غياب الشغل المناسب للمعطلين، والعاطلين عن العمل، ومن طرد العمال، والأجراء من عملهم، ومن غياب تشجيع المقاولات الصغرى، التي تلعب دورا كبيرا في إيجاد مناصب الشغل للعاطلين عن العمل، ومن تشغيل الأطفال، الذين كان يفترض فيهم أن يكونوا جالسين على مقاعد الدراسة.

فمواقف الشهيد محمد بوكرين السياسية من كل ذلك، كانت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، مما يجعله قدوة لكل المرتبطين بالحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية يسترشدون بشخصيته النضالية في:

ـ الارتباط بالواقع في مستوياته المختلفة.

ـ استيعاب مكونات الواقع.

ـ اتخاذ الموقف السياسي المناسب من الواقع.

وعلى مستوى الممارسة التنظيمية الجماهيرية، فإن الاقتداء بالشهيد محمد بوكرين، يعتبر اقتداء بالشهيد عمر بنجلون، والشهيد المهدي بنبركة، والشهيد محمد كرينة، وغيرهم من شهداء حركة التحرير الشعبية، والحركة الاتحادية الأصيلة، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

فالشهيد محمد بوكرين، كان يحرص، باستمرار، على أن تكون التنظيمات الجماهيرية مبدئية، ومبنية على أساس احترام الممارسة الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، وإذا كانت هذه التنظيمات نقابية فيجب احترام مبدأ الوحدوية على مستوى النقابة الواحدة، وعلى مستوى مجموع النقابات، وإذا كانت حقوقية، فيجب أن تحترم بالإضافة إلى المبادئ الأربعة مبدأي الكونية، والشمولية.

واعتبار الشهيد محمد بوكرين قدوة في العمل الجماهيري يقتضي:

أولا: استيعاب مفاهيم المبادئ في مستوياتها التنظيمية / الجماهيرية، حتى تصير واضحة على المستوى النظري.

ثانيا: تمثل مختلف المبادئ على مستوى الممارسة التنظيمية / الجماهيرية، من خلال الحرص على تفعيلها.

ثالثا: مقاومة كافة أشكال التحريف الممارسة في مختلف التنظيمات الجماهيرية، والتي تتمظهر في الممارسة البيروقراطية، وفي تبعية التنظيم الجماهيري لأجهزة الدولة، أو للأجهزة الحزبية، وفي اعتبار التنظيمات الجماهيرية، مجرد تنظيمات حزبية، تقوم بتنفيذ القرارات الحزبية في مختلف المجالات، وفي اعتبارها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. ذلك أن التحريف، ومهما كان، لا يمكن أن يكون إلا عدوا للعمل الجماهيري، ومخربا لتنظيماته، ومنفرا للمعنيين بتلك التنظيمات، بدون محتوى نضالي، وجماهيري.

رابعا: فضح المحرفين، وتعرية ممارستهم على جميع المستويات: التنظيمية، والجماهيرية، وفي أفق جعلهم ينسحبون من التنظيمات الجماهيرية، من أجل جعل ممارساتهم للتحريف منتهية. وفي هذا الإطار فالاقتداء بالشهيد محمد بوكرين، لا يقل أهمية عن الاقتداء بالشهيد عمر بنجلون، الذي أدى ضرائب عظيمة، بسبب محاربته للتحريف النقابي في الاتحاد المغربي للشغل، ومحاربته للتحريف السياسي في الحركة الاتحادية الأصيلة؛ لأنه كان يدرك جيدا أن التحريف لا يمكن أن ينتج إلا تفريخ المزيد من الإطارات النقابية، والسياسية، التي يدعي كل منها أنه يسعى إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والتي يصعب توحيدها مستقبلا نظرا لاختلاف الأسس التي قامت عليها، ولاختلاف الأهداف غير المعلنة التي  تسعى إلى تحقيقها.

خامسا: الربط الجدلي بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي، الذي يجب أن يتميز عن ربط العمل الجماهيري بالعمل الحزبي.

فالربط الجدلي بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي، يحضر في الممارسة التنظيمية لمختلف المنظمات الجماهيرية، وفي بناء الملفات المطلبية، وفي البرامج النضالية، وفي مواقف مختلف المنظمات الجماهيرية، وفي المحطات النضالية الكبرى.

أما ربط العمل الجماهيري بالعمل الحزبي، فيتبين من خلال حرص العديد من الأحزاب على توجيه عمل المنظمات الجماهيرية، أو جعلها مجرد مجال للإعداد والاستعداد لتأسيس حزب معين.

وبالنسبة للأهداف المتوقعة من الربط الجدلي بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي، فإنها تنصب جميعا على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما أهداف ربط العمل الجماهيري بالعمل الحزبي، فتنصب على تحقيق التوسيع الحزبي، وتوسيع المحيط الجماهيري للحزب، والوقوف وراء وصول مختلف الأحزاب السياسية إلى مراكز القرار المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية.

وبناء على ذلك، فالربط الجدلي بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي، لا يتم إلا في الإطارات الجماهيرية المناضلة، وبعيدا عن الأحزاب السياسية، ومهما كانت هذه الأحزاب قريبة من العمل الجماهيري، أو داعمة له.

ولذلك فالعمل الجماهيري المبدئي، هو العمل المنتج، والجاذب للمعنيين به، وعلى جميع المستويات، وهو الذي تتحقق فيه إرادة الكادحين، وهو الذي يستطيع قيادة الجماهير الشعبية الكادحة حتى تحقيق المطالب المادية، والمعنوية للجماهير الكادحة، سواء تعلق الأمر بالمطالب الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو المدنية، او السياسية.

والنضال في الإطارات الجماهيرية المبدئية، وبواسطتها، يعتبر اقتداء بنهج الشهيد محمد بوكرين، والتزاما بذلك النهج لتحقيق هدفين أساسين:

الهدف الأول: تحقيق المكاسب المتحققة على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والهدف الثاني: الاستمرار في تعبئة الجماهير المعنية، من أجل فرض تحقيق مكاسب جديدة، حتى يتم وضع حد للاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، وحتى يتم تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كما كان يسعى إلى ذلك الشهيد محمد بوكرين.

وهكذا يتبين أن اعتبار الشهيد محمد بوكرين قدوة نضالية يتحقق في مجموعة من المستويات:

ا ـ المستوى الإيديولوجي.

ب ـ المستوى التنظيمي.

ج ـ المستوى السياسي.

د ـ مستوى التنظيمات الجماهيرية المبدئية.

ه ـ مستوى النضالات الجماهيرية المطلبية.

و ـ مستوى نقض البنيات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية السائدة، التي يقف وراء تسييدها الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

ز ـ مستوى العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

ح ـ مستوى الربط الجدلي بين النضال الجماهيري، والنضال السياسي.

ط ـ مستوى إشراك الجماهير المعنية في التسيير، واتخاذ القرارات، وتنفيذها، درءا لكل ممارسة تهدف إلى مركزة كل شيء بيد الأفراد.

ي ـ الاستماع إلى الجماهير، والعمل معها، وبها، حتى تساهم في مختلف النضالات المؤدية إلى تحقيق المكاسب التي تهم مستقبلها.

وهذا الاعتبار سيبقى بقاء الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ومنها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وبقاء الحركة الجماهيرية المبدئية، التي ساهم الشهيد محمد بوكرين في تأسيسها، وفي بنائها، وفي تفعيل نضالاتها، كما هو الشأن بالنسبة للك.د.ش، وبالنسبة للج.م.ح.إ، والجمعية المغربية لتربية الشبيبة، وجمعية التنمية للطفولة والشباب، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، وغيرها والإطارات المبدئية المناضلة.

 فلماذا اعتبار الامتداد التاريخي، والمسار الواضح، والقدوة النضالية، ثلاثية مقدسة؟

إننا عندما نرتبط بشخصية الشهيد محمد بوكرين، إنما نرتبط بجملة من المكونات التي تدخل في بنية تلك الشخصية، التي لا تتبدل، ولا تتغير، مما يجعل تلك الشخصية قادرة على الثبات، والاستمرار على نفس المبادئ، ونفس مستوى إنتاج القيم النضالية المتطورة تطور الزمان، والمكان، وتطور الحركة في أبعادها المختلفة. وأهم هذه المكونات التي ساهمت في بلورة شخصية الشهيد محمد بوكرين نجد:

1) الامتداد التاريخي لشخصيته.

2) المسار الواضح لهذه الشخصية.

3) الممارسة النضالية التي لا تمل، ولا تكل أبدا، كما تشهد على ذلك  وقائع حياته من المهد، إلى اللحد.

وكون الشهيد محمد بوكرين يتمسك بهذه المكونات، ولا يبدل فيها، ولا يغير، لا يمكن اعتباره إلا تقديسا لها، سواء تعلق الأمر بالامتداد التاريخي، أو بمسار حياته الواضح، أو بممارسته النضالية.

وتقديسه غير المعلن عن تكوين شخصيته، هو الذي يجعله واضحا، وقريبا من المتلقي إلى درجة الحلول في شخصيته، في كل العروض التي كان يلقيها، في كل الأماكن التي كان يستدعى إليها في الجمعيات، والنقابات، وفي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وفي المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف.

ونظرا لكونه يقدس مكونات شخصيته، فإن هذا التقديس فرض احتلال مكانة بارزة لدى كل المناضلين الأوفياء في الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية والعمالية، ومنها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ولدى المناضلين الأوفياء في الحركة الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والتربوية، والثقافية.

ومادام الشهيد محمد بوكرين يقدس تقديسا غير معلن لمكونات شخصيته، فأجدر بنا نحن الذين نستمد قوتنا من سمات شخصيته، ومن مكونات تلك الشخصية، ومن فكره، وممارسته، أن نعتبر الامتداد  التاريخي لشخصيته، ومسار هذه الواضح، ونضاليته النادرة، وصموده الرائع، مكونات مقدسة بالنسبة إلينا، حتى نحرص على:

أولا: أن تكون شخصية كل مناضل وفي، امتداد تاريخيا للحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لأنه بدون ذلك الامتداد التاريخي للمناضل، لا تكون المصداقية حاضرة.

ثانيا: أن يكون مسار الشخصية المناضلة واضحا: أيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، وجماهيريا، ونقابيا، وحقوقيا، وتربويا، وثقافيا واضحا.

ثالثا: أن تصير ممارسة المناضل الوفي في مختلف الحركات السياسية، والجماهيرية، مثالا للاقتداء، من اجل تحقيق الصمود على المبادئ، وفي المواجهة النضالية حتى تحقيق الأهداف المرسومة سياسيا، وجماهيريا، ومهما كانت التضحيات التي يقدمها المناضلون الأوفياء.

ولذلك، فعناصر القداسة متوفرة في هذه الثلاثية، التي سميناها بالثلاثية المقدسة غير المعلنة، في شخصية الشهيد محمد بوكرين، والتي يجب أن نعلنها نحن اليوم، وبدون حرج، حتى تبقى شخصية الشهيد محمد بوكرين علما بارزا أمام أعين كل مناضل ثوري، وعضوي على المستوى الوطني، وفي كل بلاد الدنيا.

فالتقديس إذن حاضر في الممارسة الإيديولوجية القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، التي تعتمد قوانينها العلمية في التحليل الملموس للواقع، من أجل الخروج بنظرية يتم الالتزام بها في النضال من أجل تحقيق عملية التغيير الشاملة. والالتزام الإيديولوجي في حد ذاته ممارسة تقديسية.

والتقديس حاضر في الممارسة التنظيمية الحزبية، والجماهيرية، المترتبة عن الالتزام بالنهج التنظيمي للشهيد محمد بوكرين، من خلال مساره التنظيمي في الحركة الاتحادية الأصيلة، وفي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وفي الحركة الجماهيرية، في الك.د.ش،  وفي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، وفي غيرها من الإطارات الجماهيرية المبدئية.

والتقديس حاضر في الممارسة السياسية، والجماهيرية، من خلال الالتزام بمنهجية الشهيد محمد بوكرين السياسية، والجماهيرية، المتمثلة في المواقف السياسية للتنظيم القائم على أساس الإيديولوجية القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية... والمواقف الجماهيرية المبدئية. والمناضلون الأوفياء عندما يلتزمون بالمواقف السياسية للحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وعندما يذوبون ذواتهم في ذلك الالتزام ،ويدوسون مصالحهم الشخصية، التي تحضر فيها التطلعات الطبقية بالخصوص، إنما يلتزمون بنهج الشهيد محمد بوكرين، والتزامهم بذلك النهج يعتبر تقديسا له... وعندما يلتزم المناضلون الأوفياء بالمواقف الجماهيرية التي تتخذها التنظيمات الجماهيرية المبدئية، يعتبر كذلك تقديسا لنهج الشهيد محمد بوكرين.

وتقديس النهج الإيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، لا يعني أبدا عبادة الشخصية، بقدر ما يعني الوفاء، والالتزام بالسير على نفس النهج، والاستعداد لتقديم نفس التضحيات، التي قدمها الشهيد محمد بوكرين، تلك التضحيات التي كلفته عشرات السنين من السجن، وكلفته فقدان عمله، ومورد رزقه، ولكنها كذلك أكسبته احترام الجماهير الشعبية الكادحة، والمنظمات الجماهيرية، والأحزاب السياسية وطنيا، وعلى المستوى العالمي لتلك التضحيات العظيمة، التي قدمها الشهيد محمد بوكرين على طريق النضال من أجل الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كعلامات كبرى على إقبار الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

خلاصة عامة:

ومجمل القول، إننا عندما نستحضر في أذهاننا شخصية الشهيد محمد بوكرين، نستحضر الرمز الذي نتمثل شخصيته في فكرنا، وفي ممارستنا، والرمز يرتفع إلى درجة المقدس، بحضوره المستمر في أذهاننا، وفي وجداننا، وفي مسلكيتنا الفردية، والجماعية.

فحضوره في أذهاننا مرتبط بعمليات اشتغال الأذهان التي تحاول الاسترشاد بفكره، وبمنهجه في التفكير، وبعطائه الفكري، وبتأثير فكره في مسار الحركة منذ التحاقه بها، وإلى استشهاده، وبشيوع ذلك الفكر في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبتجذره في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، وبوقوفه وراء التطور الفكري الذي يزداد احتدادا في صفوف الطلبة، والعمال، وباقي الأجراء نظرا لجدلية الفكر من جهة، ولخاصية المنهج الجدلي لفكر الشهيد محمد بوكرين.

وحضوره في وجداننا يرتبط، بالخصوص، بالحرص على ضرورة اعتبار الطبقة العاملة طليعة المجتمع، مهما كان التطور الذي يستهدفها، ومهما كانت الممارسات التي تحاول تغييبها على المستوى النظري، حتى لا يتم نقل الوعي إليها، ومن أجل أن لا تمتلك وعيها الذي يؤهلها للانخراط في الصراع الطبقي، الذي يقوده حزبها الثوري، في أفق تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

فقبل أن ننظم الطبقة العاملة، يجب أن نعمل على تمرير الوعي إليها. وحتى نمرر ذلك الوعي، يجب أن نحب الطبقة العاملة، وأن نستحضر الجانب الإنساني في معاناتها من الاستغلال الممارس عليها، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لأن الحب شرط في الارتباط، والارتباط شرط في عملية نقل الوعي، ونقل الوعي شرط في انخراط الطبقة العاملة في الصراع في مستوياته المختلفة، والانخراط في الصراع شرط في الاقتناع بإيديولوجية الطبقة العاملة، واقتناع الطبقة العاملة بإيديولوجيتها شرط في تقدمها، وتطورها، وتقدمها، وتطورها شرط في تنظيمها، حتى تساهم في بناء حزبها الثوري الطليعي، الذي ليس إلا حزب الطبقة العاملة، القائد الجماعي للنضال الثوري، الذي تمارسه طليعة المجتمع: الطبقة العاملة مع حلفائها الطبيعيين، سعيا إلى تغيير الواقع، مما يساعد على تحقيق الأهداف الكبرى المتمثلة في الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كما نظر لها الشهيد عمر بنجلون في الحركة الاتحادية، وكما عمل الشهيد محمد بوكرين عل ترسيخها في الممارسة النظرية، والحزبية من بعده، وكما يجب أن تبقى أهدافا كبرى، إلى أن تتم عملية التغيير، وتتحقق عل أرض الواقع، ويتم القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

وحضور الشهيد محمد بوكرين في أذهاننا، وفي وجداننا، يصير معبرا لحضوره في مسلكيتنا الفردية، والجماعية، من خلال:

أولا: اعتبار الشهيد محمد بوكرين قدوة نضالية بارزة على جميع المستويات: النظرية، والإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، التي توجه مجمل ممارسة الشهيد محمد بوكرين.

ثانيا: اعتبار سمات شخصيته مطلوبة في القدوة النضالية، وحتى تساهم تلك السمات في بلورة المسلكية الفردية، والجماعية كمسلكية نضالية، وثورية، تهدف إلى اجتثات مظاهر التخلف في المجتمع، التي تقوم سدودا أمام تسييد التنظيم، وأمام ترسيخ النضال الثوري، الذي يقوده الحزب الثوري الطليعي في المجتمع.

ثالثا: اعتبار سمة الصمود، والثبات على المبدأ، والمواجهة المستمرة التي تميز شخصية الشهيد محمد بوكرين مطلوبة من قبل المناضلين الأوفياء، الذين يذيبون ذواتهم في الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، وفي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من أجل تحقق سمة الصمود، والثبات على المبدأ، والمواجهة من خلال المسلكية الفردية، والجماعية، النظرية، والعملية، ومن خلال الارتباط بالتنظيم الموجه لتلك المسلكية.

وهذا الحضور، المتعدد الأبعاد، في شخصية الشهيد محمد بوكرين، من خلال الفكر، والوجدان، والمسلكية الفردية، والجماعية، هو الذي يرفع شخصيته إلى مستوى القداسة عند المناضلين الأوفياء، وهو الذي يفرض اعتبار امتداده التاريخي، ومساره الواضح، وكونه قدوة نضالية، ثلاثية مقدسة، تفرض حضورها، باستمرار، وإلى ما لا نهاية، في التأثير في مناضلي الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وفي مناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذين تتجسد فيهم، وسترتفع وثيرة نضاليتهم، وستعزز صمودهم، إلى أن تتحقق الأهداف الكبرى للحركات المتفاعلة مع شخصية الشهيد محمد بوكرين، ولحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي تتجسد فيه هذه الشخصية إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، ومن خلال اعتباره امتدادا لحركة التحرير الشعبية، وللحركة الاتحادية الأصيلة.

فهل نكون قد وفينا بعض حق الشهيد محمد بوكرين، الذي قضى حياته في السجون في مواجهة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال؟

وهل استطعنا أن نوضح: لماذا اعتبرناه شهيدا؟

وهل يليق بمثله أن يموت موتة عادية؟

وهل وفقنا في اعتبار شخصيته ثلاثية مقدسة؟

أليس من حقنا أن نعتبر امتداده التاريخ مقدسا؟

ألا يمكن اعتبار مساره الواضح مقدسا؟

أليس كونه قدوة نضالية مقدسا؟

إن الوفاء للشهداء، لا يتم إلا بالالتزام بالسير على نهجهم. ونهجهم في استحضار مكونات شخصيتهم، التي أهلتهم للاستمرار في الصمود حتى الاستشهاد. ومكونات شخصيتهم، هي النبراس الموجه لجعل نهجهم حاضرا في المسلكية الفردية، والجماعية للمناضلين الأوفياء على مدى التراب الوطني، وعلى المستوى العالمي، الأمر الذي نسجل، وبمداد الفخ،ر والاعتزاز:

1) أن الشهداء يموتون واقفين، كما الأشجار تموت واقفة.

2) أن الشهداء يستمرون في الحياة، من خلال المناضلين الأوفياء، من خلال الحركة التي ينتمين إليها.

واستمرارهم أحياء في المناضلين، وفي الحركات التي كانوا ينتمون إليها، يشكل مصدرا للصمود الذي لا يتوقف أبدا.

فلينم جسدك في مرقده الأخير أيها الشهيد محمد بوكرين.

ولتستمر في صمودك الأبدي من خلال المناضلين الأوفياء، ومن خلال الحركة الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.

وليصر حزب الطليعة، الديمقراطي الاشتراكي إطارا لتجسيد ثلاثية شخصيتك المقدسة، كما يجسد شخصية الشهداء: المهدي بنبركة، وعمر بنجلون، ومحمد كرينة، وعمر دهكون، ومحمد بنونة، وغيرهم من الذين اعتبرت امتدادا لهم في عطائك، وفي مواجهتك، وفي صمودك، وفي استشهادك، أيها الرفيق الذي يبقى خالدا فينا فكرا، وممارسة، ونهجا.

ابن جرير في 14/04/2010

محمد الحنفي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف