الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لماذا أدمن على ركوب القطار !!(5) بقلم:حميد طولست

تاريخ النشر : 2014-04-17
لماذا أدمن على ركوب القطار !!(5) بقلم:حميد طولست
لماذا أدمن على ركوب القطار !!(5)

توطئة: لغزارة الأحداث والروايات وأحاديث البطولات الدانكيشوطية  الغريبة والمسلية ، التي تحدث على متن القطارات وبمحطاتها ، - بغض النظر عن الخطأ والصواب - قررت الاستمرار في تناولها والانخراط في محيطها ومناخها ، كدراسة للتحولات التاريخية الكبرى عقلية التركيبة المجتمعية المغربية التي تستعمل القطارات في تنقلاتها اليومية أو الموسمية وما تملّكتها من سلوكات سيئة فرضتها تحديات سياسية واقتصادية وثقافية وجغرافية ووجودية تعلن نذرها وآفاقها ورؤاها على متن القطارات وبداخل محطاتها ، وعليها ربما أن تقطع لإثبات شيء من تحضرها ..

ـــــ الساعة تشيرُ إلى الخامسة والنصف صباحا بمحطّة فاس، درجة الحرارة مستطابة ، بل ومبهجة جداً .. عشرات الركاب يلجون المحطة ويخرجون .. دخل علينا المقصورة رجل ثلاثيني وقد هده التعب ، جلس في المقعد الفارغ بين السيدة المدججة بنقاب أسود لا يسمح لأي جزئ من جسدها بالظهور غير عينين جميلتين كما تبدوان كلما أزاحت عنهما نظارات داكنة هي الأخرى ، وبين رجل أربعيني مُجلبب وسمين .. شعر بالدفء بينهما وأحس وكأنهما يحتضناه .. وضع حقيبته -كل متاعه- فوق ركبتيه وأسدل عليها رأسه وغرق في نوم عميق .. لا شك في أنه قضى ليلة صاخبة أو شاقة ؟ ..

أثناء سير القطار الهادر ، لا أحد يأبه بالآخر ، الكل يمارس هوايته المفضلة في قتل الوقت ، واحد من الركاب ، وأظنه أجنبي ، يقرأ كتابا ضخما ، يظهر من عنوانه أنه في السوسيولوجيا ، وآخر يُسوِّد مربعات الكلمات المتقاطعة ، وثالث منهمك في إلتهام قطعا من لا ادري أي شيء يستخرجه خفية ويلقي به في فيه ويلوكه بتصنع مبالغ فيه ، ورابع ينظر إلى كآبة مناظر باديتنا المنسابة بسرعة خلف النافذة ، أما الخامس ، عفوا ، الخامسة ، لأنها فتاة جميلة ، كانت طوال الوقت تحاول تلافي نظرات الراكب السادس ، ذاك الشاب الوسيم ذي البذلة الرمادي وربطة العنق السوداء ، الذي جالس قبالتها ولم يحيّد عينيه عنها ، فكانت المسكينة ترسل نظراتها بعيدا دون ان تركز في شيء ما ، أما السابع وهي المرأة المنقبة التي ما فـتـئـت تختلس بين الفينة والأخرى ، نظرات متفحصة ومريبة إلى كل من في المقصورة ، ثم تعود لتغرق في مصحف صغير ، أما الراكب الثامن ، فقد أدار "برابولاته البيولوجية اللاقطة " آذان وعيون الصقر الصحافية ، نحو كل من بداخل المقصورة وحتى خارجها في المقصورات المجاورة ، لمراقب ما تجري الأمور بها  . لقد كان ذلك الراكب الثامن هو أنا ، والذي رغم المقولة الفلسفية الصحيحة في الكثير من جوانبها القائلة بأن : الذي يتخصص في المراقبة نادرا ما يعيش ويستمتع غاية المتعة بما يحدث في القطارات ومحطاتها .. يمر بائع الأغذية ، يشتري الركاب أكلا وقهوة وشاي ومشروبات ، كل واحد يشتري لنفسه ويأكل أمام الآخرين ، بلا ضيافة .. بحث الرجل ثلاثيني في جيب سترته وفي جيوب سرواله ثم محفظته ، بعدها  بدأ يدور في المقصورة وتحت كراسيها ، كمن يبحث عن شيء دقيق ضاع منه محاولا تخفيف منسوب الحزن الذي لم يستطع رغم رباطة جأشه وعناده ان يتغلب عليه أو يخفيه على الأقل .

انتفض من مقعده واقفا كثور اسباني انهكته السهام .. صاح : راها خدماتني بنت الق... (كلمة نابية نستحي من ذكرها مع أنها عبرة عادية تدل على بائعات الهوى)  سرقت بزطامي ، فيه الباسبور والفيزا و"الكونترا" (عقد الشغل )والفلوس ديال فرانسا !!  .. لم نفهم في البداية لكلامه معنى ..

شعر بدوار قوي ، خطرت بباله أفكار جعلته يطأطئ رأسه ويغمض عيناه ثم يفتحهما ، و كأنه يطرد رؤى مليئة بأشباح وأوهام تذكره ببؤس "الزلط " الذي كان قاب قوسين أو أدنى من توديعه نهائيا برحيله إلى الخارج  .. شعر برغبة في البكاء لكنه يقاومها ، ثار على نفسه ، إتكأ على يديه وجمع كتفيه الى عنقه وتكور في مقعده ..

وبينما هو في حيرة وارتباك ، فإذا بصوت رجل يناديه من آخر الممر : آآسي محمد ، آآسي محمد ، أنت اللي مشاو ليك لوراق ؟؟ أجاب بلهفة ، وكأن الأمل طرد الألم  .. وهرول نحو مناديه الذي ليس إلا مراقب التذاكر : آييييه أنا !!  رد المراقب : إوا أجي معايا عفاك راه لقينا هوم في بيت الما مع النقاب ديال شي وحدة !!.

دخل القطار محطة الرباط ، نزلت ووقفت أتفحص عيون الراكبات عليّ اتعرف على عيني السارقة المنقبة .. لم افلح في مسعاي .. انطلق القطار مغادراً محطة الرباط المدينة إلى وجهته المعتادة .. وضعت قدمي على السلم الكهربائي فأخذني للأعلى خارج بطن الأرض التي تقع تحتها السكة ..
حميد طولست [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف