الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قصة الحبّ من مصر ترجمة حسيب شحادة

تاريخ النشر : 2014-04-15
قصة الحبّ من مصر ترجمة حسيب شحادة
قصة الحبّ من مصر
ترجمة حسيب شحادة
جامعة هسنكي


في شارع مزدحم في القاهرة، ينظر الركّاب الذين على متن الحافلة بتعاطف نحو امرأة شابّة جميلة بيدها عصا صغيرة تشقّ طريقَها بعناية حتى دخول الحافلة. تدفع لمحصّل الحافلة، تتحسّس بيديها ظهورالمقاعد، تخطو في الممرّ وتعثر على مقعد قيل لها إنه شاغر. تستقرّ في مقعدها، تضع حقيبتَها على حضنها والعصا قبالة ساقيها. مرّت سنة على فقدان ليلى لنعمة البصر نتيجةَ تشخيص طبي خاطىء، وهكذا زُجّت على حين غفلة في عالم من الظلام والغضب والإحباط والشفقة على النفس . “كيف يمكن أن يحدث هذا لي؟ إنها قد تتضرع، معقود قلبها مع الغضب. ولكن لا يهمّ كم بكت أو تحدثت بصخب أو صلّت، إنها عرفتِ الحقيقة المؤلمة، بصرُها لن يعودَ إليها ثانيةً. سحابة من الكآبة تخيّم على روح ليلى التي كانت متفائلة ذات يوم. كل ما بقي لها للتشبث به كان زوجها هشام .

هشام كان ضابطاً عسكرياً وأحبّ ليلى من كل قلبه. عندما فقَدتْ بصرَها شاهد هشام كيف غطست في اليأس وكان حازماً في إعانة زوجته لاسترجاع القوة التي تؤهّلها إلى أن تصبح مستقلةً مرّة أخرى. أخيرا، شعرت ليلى أنها مستعدةٌ لاستئناف عملها، ولكن كيف تصل إلى مكان العمل؟ من قبلُ اعتادتِ السفرَ بالحافلة إلا أنّها الآن تشعُر بالرعب والهلع إزاءَ التدبّر بنفسها في المدينة. تطوّع هشام ليوصلها إلى مكان العمل كلّ يوم، على الرغم من أن مكاني عمليهما كانا في طرفي المدينة.

في البداية، شعرت ليلى بالارتياح وقام هشام بحماية زوجته الكفيفة التي كانت متقلقلةً حيال أداء أدنى مهمّة. ولكن سرعان ما أدرك هشام أن هذا الترتيب غيرُ عمليّ من حيث الوقتُ والتكلفة. اقتنع هشام بأنه على ليلى السفر في الحافلة مرّة أخرى. ولكن مجرّد التفكير في ذلك جعله ينكمش خوفا وذلا. إنّها ما زالت هشّة جدا ومغتاظة جدا. ماذا سيكون ردّ فعلِها ؟

تماماً كما تكهّن هشام، ذُعرت ليلى عند سماع فكرة استقلال الحافلة مرّة أخرى. “ أنا ضريرة ! ” ردّت بمرارة . “كيف لي أن أعرفَ إلى أين أنا ذاهبة؟ أشعُر كأنكَ تتخلّى عنّي”. تقطّع قلبُ هشام ولكنّه عرف ما كان ينبغي له القيام به. وعد ليلى أن يصاحبَها كلَّ يوم إلى الحافلة حتى تعتادَ ذلك المسار. وهذا بالضبط ما حصل. لمدة أسبوعين بالتمام والكمال اصطحب هشام بزيّه العسكريّ ليلى يومياً ذهابا وإيابا. إنّه علَّمها الاعتمادَ على حواسّها الأخرى لتحديد مكان تواجدها و كيفيّة التكيّف مع بيئتها الجديدة. إنّه ساعدها على إقامة علاقات صداقة مع سائقي الحافلات فأخذوا يولوها عناية ما ويحجزون لها مقعدا .

سافرا كلّ صباح معاً إلى عملها ومن هناك استقلّ هشام سيارة أجرة للوصول إلى مكتبه. على الرغم من أن هذا الروتين كان اكثرَ كلفةً وإرهاقاً من سابقه، عرف هشام أن ذلك ما هو إلا مسألة وقت، ريثما تُصبح ليلى قادرةً على السفر بالحافلة لوحدها. أخيراً قررت ليلى أنّها مستعدة للقيام بالسفر لوحدها. حلّ صباح يوم الاثنين، وقبيل مغادرتها البيتَ، عانقت هشام رفيقَها المؤقت في ركوب الحافلة، وزوجها، وأفضلَ صديق لها . اغرورقت عيناها بدموع العِرفان والامتنان لولائه، لصبره، لحبّه. قالت إلى اللقاء، وللمرّة الأولى، سار كلٌّ منهما في طريقه. حلّت أيامُ الاثنين، الثلاثاء، الاربعاء، الخميس .... وفي كل نهار جرى كل شيء على ما يرام ولم تشعر ليلى بأفضلَ من ذلك.

في صباح يوم الجمعة، استقلت ليلى الحافلة متوجهةً إلى مكان عملها كالمعتاد. بينما كانت تدفع أجرة السفر وتهمّ بالخروج من الحافلة، قال السائق: " يا فتى ، إنّي أحسدك حقّا”. ليلى لم تكن متأكدة فيما اذا كان السائق يخاطبُها أم لا. على كل حال، مَن مِن على وجه الأرض قد يحسُد امرأة عمياءَ كافحت لمجرّد التحلي بالشجاعة للعيش في السنة الفائتة؟ “لماذا تحسُدني؟ ”، ردّ السائق: “يجب أن تشعري برضا كامل لهذه العناية والحماية”. لم تكن لليلى أية فكرة عمّا كان السائق يتحدّث “ماذا تقصِد؟” قال السائق : "أنت تعرفين، في كلّ صباح من صباحات الأسبوع الماضي، كان يقف رجُل وسيم ودمِث بزيّ عسكري في ذلك الركن يراقبُك عند نزولك من الحافلة. انّه يتأكد من عبورك الشارع بأمان ويراقبُك حتى دخولك بنايةَ مكتبِك. ثمّ ينفخ لك قبلة في الهواء، يؤدّي لك تحيّة عجلى وينصرف. إنّك سيّدة محظوظة. دموع السعادة انهمرت على وجنتي ليلى . فبالرغم من أنّها لم تكن قادرةً على رؤيته بالعين إلا انها أحسّت دائما بوجود هشام . كانت مبارَكةً لدرجة أنه قد منحها عطيةً أقوى من البصر، عطية لا حاجة للنظر كي تصدقها - عطية الحبّ الذي يستطيع أن يجلب النور حيث كان الظلام .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف