الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إرهاب من نوع آخر يتنامى أوروبيا بقلم:الدكتور بهيج سكاكيني

تاريخ النشر : 2014-04-13
إرهاب من نوع آخر يتنامى أوروبيا
بقلم:الدكتور بهيج سكاكيني

هنالك إرهابا يتنامى في داخل الدول الأوروبية لا يقل خطورة عن الارهاب الذي تشهده منطقتنا العربية والمتمثل بإرهاب المجموعات القاعدية والسلفية الجهادية والوهابية التكفيرية، وخاصة إذا ما ترك لهذا الارهاب أن يتفشى داخل المجتمعات الأوروبية. هذا الارهاب السياسي والفكري الأوروبي يتمثل باتساع وتزايد التأييد الشعبي للأحزاب والمجموعات التي تتبنى أفكارا قومية يمينية شوفينية متطرفة الى جانب ايديولوجية فاشية ونازية.
ولعل الاحداث الأخيرة التي حدثت في أوكرانيا قد سلطت الاضواء بشكل أكبر على التيارات الفاشية والنازية ذات أفكار قومية شوفينية تجاه الأقليات القومية والأجانب. ولقد لعبت هذه المجموعات دورا رئيسيا في السيطرة على الميدان في العاصمة كييف أثناء الاعتصام، حيث كانت تقوم بالأعمال التخريبية ومنع موظفي الدولة للوصول الى أماكن عملهم، الى جانب الاستيلاء على بعض المباني الحكومية، وتنظيم الاشتباكات مع رجال الشرطة الاوكرانيين وإقامة المتاريس وإطلاق النار على رجال الامن الاوكرانيين. والبعض من هذه المجموعات المتطرفة مثل النازيون الجدد ( Right Sector ) لديها ميلشيات مسلحة ظهر بعضها أثناء الاعتصام. وكان من احدى الشعارات التي ملئت الميدان أثناء الاعتصام " أوكرانيا فوق الجميع" يعود لهذه المنظمة وهو نفس الشعار الذي طرحته النازية أيام هتلر. أما الحزب اليميني القومي المتطرف الذي يتبنى أفكار شوفينية ولاسامية فهو حزب سفبودا Svoboda والذي يشغل 37 مقعدا في البرلمان الاوكراني الحالي، ولهذا الحزب أكثر من وزير في الحكومة المؤقتة الغير شرعية في أوكرانيا، وزير الدفاع، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ووزير الزراعة ووزير البيئة، ووزير التعليم. هذا بالإضافة الى مراكز حكومية يشغلها أيضا حزب النازيين الجدد ( Right Sector)، الذي تقوم قوات الناتو حاليا بتدرب عناصره العسكرية النازية الان على الأسلحة الثقيلة لتكون جزءا من الجيش الاوكراني الذي تحاول الولايات المتحدة بناءه في أوكرانيا كما صرح مؤخرا عضوا من أعضاء الكونغرس الأمريكي الذي تقاعد حديثا (مؤسسة رون بول للسلام والازدهار 10 ابريل 2014). ,يلاحظ البعض بان هذه أول مرة منذ عام 1945 التي يشغل بها أعضاء في منظمات وأحزاب فاشية ونازية مناصب وزارية في دولة أوروبية Counterpunch) 14 مارس 2014 ). ولقد كتب أحد الصحفيين الأمريكيين مؤخرا مقال بعنوان "هل الولايات المتحدة تدعم النازيين الجدد في أوكرانيا؟"، حيث قام بتصنيف الأحزاب والمجموعات اليمينة المتطرفة والقاء الضوء على الاجتماعات بين السناتور جون ماكين وكذلك مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المسؤولة عن الملف الاوكراني فكتوريا نولاند مع قيادات الحزب الفاشي سفبودا قبل وبعد الانقلاب على حكومة ياكونوفيتش ( SALON 25 فبراير 2014).
الامر لا ينحصر البتة في أوكرانيا فاليمين الفرنسي المتطرف المعروف بمواقفه العدائية والعنصرية تجاه المهاجرين وقوانين الهجرة الفرنسية ما زال يزداد شعبية في الشارع الفرنسي كما تشير استطلاعات الرأي وكذلك ما يحققه من مكتسبات وخاصة على نطاق الانتخابات المحلية. فلقد بينت الاستطلاعات التي أجرتها محطة التلفزيون الفرنسي BFM مؤخرا ( American Interest 19 أكتوبر 2013 ) أن 46% من الذين صوتوا يرون بمارين لوبان (والتي استلمت رئاسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسي عام 2011 من والدها المعروف بمواقفه العنصرية والتي لم يجد حرجا على الاطلاق للمجاهرة بها ضد المهاجرين) بأنها أفضل مرشحة لمعارضة الحزب الاشتراكي الحاكم. وعلى قول الصحيفة فأن "هذه النسبة تعتبر عالية جدا لسياسي من اليمين المتطرف وخاصة وأنها شبهت سد الطرقات الفرنسية من قبل المسلمين أثناء تأديتهم للصلاة بالاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية". وهي شخصية مثيرة للجدل في الأوساط الفرنسية لمواقفها العنصرية والمناهضة للمهاجرين والهجرة والمسلمين، ولاعتبارها ان قضية الهجرة " هي مشكلة القرن الواحد والعشرون" وأنها تكلف الحكومة الفرنسية ما يقرب من 70 مليار دولار تقريبا (نيو يورك تايمز 9 يناير 2014) ولم توضح من اين جاءت بهذا الرقم. ولذلك فإن حصولها على 18% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2012 قد شكل مفاجأة كبيرة في الأوساط السياسية الفرنسية التي لم تعير لترشيحها آنذاك أهمية كبيرة. والذي يبدو أن الشعبية التي تتمتع بها السيدة لوبان لها ارتدادات خارج فرنسا، كما يتضح من علاقات حزبها بالأحزاب اليمينية المتطرفة على الساحة الأوروبية، وهي تسعى جاهدة لتكوين تحالف ما بين الأحزاب الأوروبية اليمينية المتطرفة يهدف الى زعزعة استقرار مؤسسات الاتحاد الأوروبي عند وصول ممثلين عن هذه الأحزاب الى البرلمان الأوروبي في الانتخابات التي ستجرى ما بين 22- 25 من شهر مايو المقبل في جميع الدول الاوروبية. ويدور التنسيق الان ما بينها وبين جيرت فيلدرز زعيم حزب "الحرية" اليميني المتطرف في هولندا حول إمكانية قيام هذا التحالف العريض. وبالرغم من عدم وجود نوع من الاتفاق حول إقامة هكذا تحالف من قبل منظمات وأحزاب معدودة على اليمين المتطرف أمثال حزب الاستقلال البريطاني، والحزب الديمقراطي في السويد على سبيل المثال (صحيفة الانديبدنت اللندنية 15 أكتوبر 2013)، فان هنالك تخوف جدي من قبل الدول الأوروبية حول إمكانية وصول اعداد كبيرة نسبيا من هذه المجموعات المتطرفة الى البرلمان الأوروبي مما سيعطل او يضع العراقيل امام عمل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث أنها ستسعى الى نسف الاتحاد الأوروبي من الداخل. ولقد صرحت مارين لوبان مؤخرا بان الاتحاد الأوروبي "حالة عالمية شاذة" ولا بد في يوم من الأيام " أن ينهار مثل الاتحاد السوفياتي" ( American Interest 19 أكتوبر 2013).
والذي يبدو أن القوى اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية منقسمة عموديا، بين تلك المتواجدة في دول أوروبا الشرقية وتلك المتواجدة في أوروبا الغربية، نظرا للظروف المختلفة التي نشأت فيها هذه الحركات والتي ربما أوجدت نوع من التمايز ما بينها. ومعظم التيارات أو الأحزاب اليمينية المتطرفة في دول أوروبا الغربية باستثناء الجبهة الوطنية البريطانية وزعيمها نك جريفن لا تقيم علاقات مع تلك المتواجدة في دول أوروبا الشرقية، وذلك لان معظمها تتسم بسمة لاسامية بالإضافة الى وقوفها ضد حركة مثليي الجنس ( رويتر، وارسو 9 ابريل 2014).
يتواجد في هنغاريا أكبر حزب يميني متطرف في دول أوربا الشرقية وهو حزب Jobbik المشارك في الحكومة الهنغارية اليمينية حيث تسيطر الأحزاب اليمينية على ما يقرب من ثلثي أعضاء البرلمان الهنغاري، وحيث يشكل حزب Fidesz وزعيمه فيكتور اوربان الأغلبية البرلمانية (نيو يورك تايمز 7 ابريل 2014). ويمتلك الحزب اليميني المتطرف Jobbik 23 مقعدا من مقاعد البرلمان الهنغاري. وقد حصل هذا الحزب على 20.7% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في 6 أبريل من هذا العام، محققا زيادة مقدارها 4% من تلك التي حصل عليها في الانتخابات الماضية عام 2010 ( American interest 9 ابريل 2014). ومن الواضح ان الحزب لا يكتفي بأن تكون توجهاته وايديولوجيته القومية الشوفينية محصورة في هنغاريا بل يسعى جاهدا لتصدير هذه الأفكار المسمومة، حيث يقيم علاقات وثيقة مع عدد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في عدد من دول أوروبا الشرقية مثل بولندا. ويعتقد البعض ان الحزب يقدم معونات مادية لبعض من تلك الأحزاب والمجموعات. ولا تقتصر علاقته على بولندا بل يتعداها الى سلوفاكيا، وبلغاريا وغيرها، وهو الأكثر تأثيرا فيما بينها كما ورد في تقرير رويتر (رويتر، وارسو 9 ابريل 2014). وفي رسالة وجهت الى رويتر مؤخرا أوضح الحزب أنه يأمل أن تتوحد شعوب وسط وشرقي أوروبا في " تحالف يمتد من بحر الادرياتيك الى بحر البلطيق ضد القمع اليورو-أطلسي".
في النهاية نود ان نؤكد عل نقطتين أساسيتين. أولهما هو أن بروز بعض هذه التيارات اليمينية المتطرفة التي يتبنى بعضها أفكارا نازية وقومية شوفينية ونموها اتى على أعقاب الازمات الاقتصادية التي عصفت في الدول الأوروبية وخاصة الأخيرة، حيث جاء صعود شعبية هذه الأحزاب المتطرفة متوازيا مع الازمة الاقتصادية الحادة التي ما زالت تهدد بعض الدول بإعلان افلاسها. وفي مثل هذه الظروف التي تولد مشاكل اجتماعية جمة وبطالة عالية يسهل انتشار الأفكار القومية الشوفينية ضد الأجانب والمهاجرين بغض النظر عن جنسياتهم. النقطة الثانية فهي أنه وبالرغم من وجود تباين وتمايز في بعض المواقف بين حزب وآخر من هذه الأحزاب المتطرفة الا انه تلتف حول نقاط وقيم مشتركة التي يمكن تلخيص ابرزها بما يلي:
1. انها جميعا تقف ضد الاتحاد الأوروبي وتسعى الى تدميره. وهذا ينبع من رؤية قومية منغلقة واعتبار أن البقاء في هذا الاتحاد يعني فقدان السيادة وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل. ويرى الكثيرون أن الشروط التي وضعت على الدول الأوروبية وخاصة فيما يتعلق بسياسة التقشف الاقتصادية للانضمام للاتحاد، أدت الى ظهور او تعميق الأزمة الاقتصادية في البلد المعني، كاليونان على سبيل المثال. ومن هنا فان هذه الأحزاب المتطرفة تسعى الى الترشح للوصول الى البرلمان الأوروبي حتى تعطل او تعرقل عمل مؤسساته وأجهزته من الداخل، وخاصة وأنها لا تمتلك السلطة في بلدانها.
2. هنالك امتعاض من قوانين الهجرة واستقبال المهاجرين الأجانب، لأي سبب كان. وبالتالي فإنها جميعا تتبنى سياسة ضد المهاجرين. وعلى سبيل المثال فان حزب النازيين الجدد اليوناني المعروف باسم الفجر الذهبي Golden Dawn والمرشح لكسب مقاعد في البرلمان الأوروبي في الانتخابات القادمة، يصرح بعض القياديين فيه بان الحزب يعمل على تخليص البلد من "الرائحة النتنة" للمهاجرين (رويتر، وارسو 9 ابريل 2014). أما مارين لوبان فهي " تعارض موجات المهاجرين المسلمين وتغلغل الإسلام في المجتمع الفرنسي". وهي تعتقد انها اقل تطرفا من جيرت فيلدرز الهولندي الذي يقارن القرآن الكريم بكتاب "كفاحي" لهتلر الذي كتبه أثناء وجوده في السجن والذي اعتبر أنه الكتاب المقدس للنازية (صحيفة الانديبدنت اللندنية 15 أكتوبر 2013). وفيلدرز معروف بعدائه للعرب والمسلمين ولقد سبق وان طالب بطرد المغاربة من هولندا واصفا إياهم ب "الحثالة" (فرانس 24/ا ف ب 14 مارس 2014 ). ويجدر الإشارة هنا الى أنه من المتوقع أن يحتل هذا الحزب مركز الصدارة في هولندا في انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في مايو المقبل. وأشارت أحدث استطلاعات الراي ان حزب "الحرية" سيكون أكبر حزب في البرلمان الهولندي اذا ما أجريت الانتخابات العامة في الوقت الراهن.
3. جميعها تقف ضد الأقليات مثل "روما" وهم اقلية اثنية معظمهم من الغجر يتراوح عددهم 10 ملايين يقطنون دول أوروبا الشرقية وكذلك اليهود والعرب والأفارقة على وجه التحديد. وعلى سبيل المثال فلقد دعى رئيس احدى المنظمات اليمينية السلوفاكية الى الفصل العنصري لمجموعة Rome الاثنية وإيجاد طرق "إنسانية" للحد من نسلهم (رويتر، وارسو 9 ابريل 2014 ). هذا وقد بينت الاحصائيات ازدياد ملموسا في الاعتداءات ذات الطابع العنصري في السنوات الأخيرة في فرنسا (نيو يوركر 14 نوفمبر 2014 ، 29 نوفمبر 2014 ( CNN .

من الواضح من كل ما سبق ان الأحزاب اليمينية المتطرفة بدأت تتأسس وتضرب جذورا على الساحة السياسية الاوربية وان بعضها قد تمكن من الوصول الى المشاركة في الحكم كما هو الحال في كل من هولندا والنمسا وهنغاريا واكرانيا، وان جميعها تسعى الان للوصول الى البرلمان الأوروبي لتدميره من الداخل لأنها بمجملها تقف ضد سياسة الاندماج الأوروبي. وان هذه الأحزاب والمجموعات تمتلك أجندات ضد الأقليات العرقية والاثنية كما أثبتت ممارساتها على أرض الواقع، وانه في حالة وصولها الى السلطة فإنها ستعمل على التضييق على هذه الأقليات بممارسات عنصرية تشمل جميع مناحي الحياة المختلفة. والخطر الأكبر ربما يتأتى من المجموعات النازية التي تضم في صفوفها كوادر عسكرية مدربة على استخدام السلاح والذي يمكنها من استخدامه وبالتالي تهديد الامن الأوروبي والتعايش السلمي في دوله.


الدكتور بهيج سكاكيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف