الحقّ المرّ
أنّه تديّن كاذب، ليس سوى تراكم لمحفوظ من الآيات والأحاديث، وتسفيط لأكداس من الشّعارات، وأنماط من الثّياب، وأوردة صباحيّة تقال من أجل إقناع المحيطين بأنّنا متديّنون، لكنّنا بدعوى عند الضّرورة نبيح كثيراً من الأمور المحظورة، وفي الخفاء نبيح ما لا نبيحه في العلن، ما زلنا عند الوضوء نبالغ في كشف الأيدي والسّيقان ليعلم القاصي والدّاني بأننا لبينا نداء الأذان، وبأنّنا سنصلّي لله فرضاً، ونؤدي القدّاس على مرأى ومسمع من كلّ النّاس، ما زالت ألسنتنا تدبّج خطباً عصماء وفتاوى جوفاء، وتقول أحد أحد ، وقلوبنا تصرخ وثن وثن.
إنّه فكر كاذب، ما زلنا نحمل فكراً اشتراكيّاً صرفاً، يتحدّث عن ضرورة إعادة توزيع الثروات، وإطعام وكسوة الجياع، ونكدّس أموالنا في الخفاء في البنوك الربويّة، ونتنافس في شراء مزيد من الأراضي، وتكديس مزيد من العقارات، ولا تخرج نفوسنا عند التّطبيق عن شيكل واحد من أجل فقير أو جائع، لكنّنا عند النّقاش نفوق ماركس ولينين وكلّ منظّري الاشتراكيّة.
إنّه حبّ كاذب، يتحدّث كلّ الرّجال والنّساء عن تقديس الحياة الزّوجيّة، وروعة الحياة الأسريّة، وفي الخفاء تتطاول عيون النّساء لتحضن كلّ رجال البشريّة، وتتصاعد خيانات الرّجال، لتتجاوز ما ملكت الأيمان، إلى ما حازت الشّمال.
إنّها مبادئ كاذبة، ففي جميع المؤسسات بلا استثناء، يتنافس المسؤولون في التّباهي بما بذلوا من جهود للصّعود بمؤسّساتهم والرّقي بها، والتّضحية بالغالي والنّفيس من أجل نهضتها، فهذا مسؤول لم ينم منذ عام سهراً على نهضة مؤسسة، وذاك مرابط منذ عشرين عاماً في حراسة مؤسّسة، وفي الحقيقة أنّ كلّ المؤسّسات بفضل كلّ الجهود، لم تعرف منذ ألف عام ما معنى الصّعود، وتتساقط بتسارع رهيب في وحل التّراجع والهبوط؛ لأنّهم أعملوا معاولهم لهدمها، وهم من وصلوا بها إلى هاوية سحيقة، وغطّسوها في مستنقع قذر لا مخرج لها منه.
إنّها ادّعاءات كاذبة، فكلّ الشّعب يضع نظريّات في التّكاتف والتّراحم والتّوادّ والتّآلف، شعارات مع وقف التّنفيذ، ولا ترى إلّا تنافراً وتناحراً، وتفاخراً بما لم تحزه الأيدي، وحازته الأظافر.
لو كان تديّنهم صادقاً لفقنا عصر صدر الإسلام بألف عام، ولو كان فكرهم صادقاً لفقنا المهاجرين والأنصار توزيعاً وتآخياً وعدالة، ولو كان حبّهم صادقاً لحيزت لنا المدينة الفاضلة، ولو كانت مبادؤهم صادقة لحطمّت مؤسّساتنا رقماً قياسيّاً في الصّعود، فلماذا نسبح في وحل الهزيمة وكلّهم صادقون؟
عزيزة محمود خلايلة.
مشرفة اللغة العربية
مكتب التربية والتعليم
Email : [email protected]
أنّه تديّن كاذب، ليس سوى تراكم لمحفوظ من الآيات والأحاديث، وتسفيط لأكداس من الشّعارات، وأنماط من الثّياب، وأوردة صباحيّة تقال من أجل إقناع المحيطين بأنّنا متديّنون، لكنّنا بدعوى عند الضّرورة نبيح كثيراً من الأمور المحظورة، وفي الخفاء نبيح ما لا نبيحه في العلن، ما زلنا عند الوضوء نبالغ في كشف الأيدي والسّيقان ليعلم القاصي والدّاني بأننا لبينا نداء الأذان، وبأنّنا سنصلّي لله فرضاً، ونؤدي القدّاس على مرأى ومسمع من كلّ النّاس، ما زالت ألسنتنا تدبّج خطباً عصماء وفتاوى جوفاء، وتقول أحد أحد ، وقلوبنا تصرخ وثن وثن.
إنّه فكر كاذب، ما زلنا نحمل فكراً اشتراكيّاً صرفاً، يتحدّث عن ضرورة إعادة توزيع الثروات، وإطعام وكسوة الجياع، ونكدّس أموالنا في الخفاء في البنوك الربويّة، ونتنافس في شراء مزيد من الأراضي، وتكديس مزيد من العقارات، ولا تخرج نفوسنا عند التّطبيق عن شيكل واحد من أجل فقير أو جائع، لكنّنا عند النّقاش نفوق ماركس ولينين وكلّ منظّري الاشتراكيّة.
إنّه حبّ كاذب، يتحدّث كلّ الرّجال والنّساء عن تقديس الحياة الزّوجيّة، وروعة الحياة الأسريّة، وفي الخفاء تتطاول عيون النّساء لتحضن كلّ رجال البشريّة، وتتصاعد خيانات الرّجال، لتتجاوز ما ملكت الأيمان، إلى ما حازت الشّمال.
إنّها مبادئ كاذبة، ففي جميع المؤسسات بلا استثناء، يتنافس المسؤولون في التّباهي بما بذلوا من جهود للصّعود بمؤسّساتهم والرّقي بها، والتّضحية بالغالي والنّفيس من أجل نهضتها، فهذا مسؤول لم ينم منذ عام سهراً على نهضة مؤسسة، وذاك مرابط منذ عشرين عاماً في حراسة مؤسّسة، وفي الحقيقة أنّ كلّ المؤسّسات بفضل كلّ الجهود، لم تعرف منذ ألف عام ما معنى الصّعود، وتتساقط بتسارع رهيب في وحل التّراجع والهبوط؛ لأنّهم أعملوا معاولهم لهدمها، وهم من وصلوا بها إلى هاوية سحيقة، وغطّسوها في مستنقع قذر لا مخرج لها منه.
إنّها ادّعاءات كاذبة، فكلّ الشّعب يضع نظريّات في التّكاتف والتّراحم والتّوادّ والتّآلف، شعارات مع وقف التّنفيذ، ولا ترى إلّا تنافراً وتناحراً، وتفاخراً بما لم تحزه الأيدي، وحازته الأظافر.
لو كان تديّنهم صادقاً لفقنا عصر صدر الإسلام بألف عام، ولو كان فكرهم صادقاً لفقنا المهاجرين والأنصار توزيعاً وتآخياً وعدالة، ولو كان حبّهم صادقاً لحيزت لنا المدينة الفاضلة، ولو كانت مبادؤهم صادقة لحطمّت مؤسّساتنا رقماً قياسيّاً في الصّعود، فلماذا نسبح في وحل الهزيمة وكلّهم صادقون؟
عزيزة محمود خلايلة.
مشرفة اللغة العربية
مكتب التربية والتعليم
Email : [email protected]