(عرّاب الريح) ديوان قصائد للشاعر عبد السلام العطاري
طلقات سريعة وبحث دؤوب بعيدا عن دنيا الخراب
_________________________________ ابراهيم جوهر - القدس
هذا الشاعر الغاضب يغوص في بقايا الأرض ليستخرج تراثها وحنانها وروحها . إنه يلجأ إلى ما كان هربا مما هو كائن؛ هذا الغريب الذي يصادر روح الحياة ويشوّه حلم الشاعر.
(عبد السلام العطاري) هنا في قصائده المكثفة يطلق النار على التخاذل والقعود ويحثّ على مواصلة الحلم والتشبث به . إنه يحفظ حلمه الكليّ هذا الحلم المفتوح على أفق من جمال وحياة وإبداع وبساتين, يهرب من واقع ملوّث لأنه ليس له، وليس للناس الطيبين الذين تغنّى بهم وأعلى من شأنهم وهم ينظفون ساحاتنا من قاذورات الساسة المنتفعين بدماء قضاياهم الكبرى.
في لغة الشاعر براءة، وغضب، وحنين، وقسوة. وفيها قوة وليونة في الآن ذاته. إنها لغة تسعى للتعبير عن واقع معقد معكّر غير صاف تسيطر فيه البرودة والغربة والاغتراب على المدن والناس والشاعر نفسه الذي لم يجد الاغتراب طريقا إليه بفعل تصديه الواعي وتشبثه بحلمه المستقبلي المبني على براءة الماضي وأصالته.
في ديوان (عراب الريح) يطالع القارئ صورته في مرآة الشاعر الصافية رغم ضبابية الحالة؛ صورة الواثق من غده الذي سيكون، فيأخذ بيده ليسيرا معا نحو أفق من خلاص وحياة.
وقصائد (عراب الريح) السريعة القصيرة أخذت هندستها من الريح السريعة الخاطفة ومن تجوال المسافر الباحث عن حلمه وسط صحراء الحياة الغريبة الطاحنة. لقد جاءت لتشير إلى وجود متحد وإنسان حالم لم يستسلم لما أراد له الأعداء من ضياع واغتراب قاتل.
ولأن الشاعر مرآة قومه وناقل همومهم وجدنا الشاعر في (عراب الريح) ينقل لحظات من ألم وضياع واغتراب وغربة، لكنه في المقابل يعلي من شأن القوة الذاتية المتحدية ويستحثها على مواصلة التشبث بالحلم القادم.
يقدم (عراب الريح) توصيفا للحالة القائمة بلغة تتناص مع الشعر والقرآن الكريم في الغدر الذي كان مع يوسف وإخوته مثلا. ويعارض (محمود درويش) في قصيدة (ريتا) وفي غيرها التي حضرت بروحها ومعانيها وشيء من لغتها لتكون للشاعر لغته الخاصة، وأسلوبه الخاص القائم على التحدي والتعبير الصريح ونقل المعاناة القائمة في سبيل استشراف غد أجمل بدا الشاعر واثقا منه تماما.
لقد لفت انتباهي مجموعة القصائد التي حملها الديوان وهي تعبّر عن هوية الشاعر تعبيرا حمل ال(أنا) الشعرية للشاعر التي هي (أنا) المجموع لا الفرد، الأمر الذي يشير إلى اعتناء الشاعر بفكرة الهوية التي بدأت تصيبها خدوش وتحريفات وشيء من غربة وضياع.
على صعيد المضمون فإن (عراب الريح) انتصر لما يجب أن ينتصر له من قضايا الإنسان الفلسطيني الوطنية والاجتماعية والفكرية والقيمية. وعلى صعيد اللغة الشعرية فقد جاءت قصائد (العراب) بلغة تحمل نفسا خاصا لشاعرها وهي تتجمّل حينا بلغة درويش وحينا بلغة البراءة القروية الهاربة من (غول) المدينة في البراءة والبساطة الصادقة بعيدا عن تعقيد اللفظ.
هذه قصائد تشبه الطلقات السريعة في اختزال لغتها المكثفة لتواكب حركة (العراب) السريعة وهو يبحث عن خلاص قومه ونفسه من خراب قائم.
عرّاب الريح، منشورات دار الشروق للنشر والتوزيع – رام الله، 2013م.
طلقات سريعة وبحث دؤوب بعيدا عن دنيا الخراب
_________________________________ ابراهيم جوهر - القدس
هذا الشاعر الغاضب يغوص في بقايا الأرض ليستخرج تراثها وحنانها وروحها . إنه يلجأ إلى ما كان هربا مما هو كائن؛ هذا الغريب الذي يصادر روح الحياة ويشوّه حلم الشاعر.
(عبد السلام العطاري) هنا في قصائده المكثفة يطلق النار على التخاذل والقعود ويحثّ على مواصلة الحلم والتشبث به . إنه يحفظ حلمه الكليّ هذا الحلم المفتوح على أفق من جمال وحياة وإبداع وبساتين, يهرب من واقع ملوّث لأنه ليس له، وليس للناس الطيبين الذين تغنّى بهم وأعلى من شأنهم وهم ينظفون ساحاتنا من قاذورات الساسة المنتفعين بدماء قضاياهم الكبرى.
في لغة الشاعر براءة، وغضب، وحنين، وقسوة. وفيها قوة وليونة في الآن ذاته. إنها لغة تسعى للتعبير عن واقع معقد معكّر غير صاف تسيطر فيه البرودة والغربة والاغتراب على المدن والناس والشاعر نفسه الذي لم يجد الاغتراب طريقا إليه بفعل تصديه الواعي وتشبثه بحلمه المستقبلي المبني على براءة الماضي وأصالته.
في ديوان (عراب الريح) يطالع القارئ صورته في مرآة الشاعر الصافية رغم ضبابية الحالة؛ صورة الواثق من غده الذي سيكون، فيأخذ بيده ليسيرا معا نحو أفق من خلاص وحياة.
وقصائد (عراب الريح) السريعة القصيرة أخذت هندستها من الريح السريعة الخاطفة ومن تجوال المسافر الباحث عن حلمه وسط صحراء الحياة الغريبة الطاحنة. لقد جاءت لتشير إلى وجود متحد وإنسان حالم لم يستسلم لما أراد له الأعداء من ضياع واغتراب قاتل.
ولأن الشاعر مرآة قومه وناقل همومهم وجدنا الشاعر في (عراب الريح) ينقل لحظات من ألم وضياع واغتراب وغربة، لكنه في المقابل يعلي من شأن القوة الذاتية المتحدية ويستحثها على مواصلة التشبث بالحلم القادم.
يقدم (عراب الريح) توصيفا للحالة القائمة بلغة تتناص مع الشعر والقرآن الكريم في الغدر الذي كان مع يوسف وإخوته مثلا. ويعارض (محمود درويش) في قصيدة (ريتا) وفي غيرها التي حضرت بروحها ومعانيها وشيء من لغتها لتكون للشاعر لغته الخاصة، وأسلوبه الخاص القائم على التحدي والتعبير الصريح ونقل المعاناة القائمة في سبيل استشراف غد أجمل بدا الشاعر واثقا منه تماما.
لقد لفت انتباهي مجموعة القصائد التي حملها الديوان وهي تعبّر عن هوية الشاعر تعبيرا حمل ال(أنا) الشعرية للشاعر التي هي (أنا) المجموع لا الفرد، الأمر الذي يشير إلى اعتناء الشاعر بفكرة الهوية التي بدأت تصيبها خدوش وتحريفات وشيء من غربة وضياع.
على صعيد المضمون فإن (عراب الريح) انتصر لما يجب أن ينتصر له من قضايا الإنسان الفلسطيني الوطنية والاجتماعية والفكرية والقيمية. وعلى صعيد اللغة الشعرية فقد جاءت قصائد (العراب) بلغة تحمل نفسا خاصا لشاعرها وهي تتجمّل حينا بلغة درويش وحينا بلغة البراءة القروية الهاربة من (غول) المدينة في البراءة والبساطة الصادقة بعيدا عن تعقيد اللفظ.
هذه قصائد تشبه الطلقات السريعة في اختزال لغتها المكثفة لتواكب حركة (العراب) السريعة وهو يبحث عن خلاص قومه ونفسه من خراب قائم.
عرّاب الريح، منشورات دار الشروق للنشر والتوزيع – رام الله، 2013م.