الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في فهم العنف المدرسي للحدّ منه! بقلم:تحسين يقين

تاريخ النشر : 2013-09-30
في فهم العنف المدرسي للحدّ منه!
تحسين يقين   
لو عدنا إلى طفولتنا قليلا، لتذكرنا أنه تمت تربيتنا بدون عنف!
قلت لابني ابن الحادية عشرة: يا محمد أنت تميّز الأمور، فاختار ما ترى أنه السليم، إن لم تعرف فاسأل من تثق به، أو لعلك تبحث في الانترنت قليلا، أو في مكتبتنا؛ فالمعرفة متوفرة..فإذا فعلت سلوكا ترى أنت نفسك أنك غير راض عنه، فما أنا فاعل؟ فكّر بقناعاتك، ولا يكن التزامك بما أنت مقتنع به خوفا مني وأمك..لا أحبك خائفا يا ولدي..
هكذا حينما صرت أبا، رحت أفكّر كيف أمارس التربية والتنشئة في البيت، منذ الأشهر الأولى لأطفالي، أجتهد رأيي وزوجتي، ونقرأ ونسأل الآباء والأمهات..وخلال ذلك كنت أتذكر طفولتي، وكيف تمت التربية في أسرتنا..وخلاصة ذلك: تمت التربية في البيت بعيدا عن العنف..فلا والدي رحمه الله ولا والدتي حفظها الله مارسا العنف تجاهنا..ولم يقتصر ذلك على أسرتنا، بل شمل الكثير من الأسر، حتى أن حوادث العنف في البيوت وبين الأفراد كانت محدودة..
وهنا يمكن لكل منا تذكر تفاصيل وأمثلة عشناها صغارا، تبين إبداع الآباء والأمهات في التربية والحنان المقترن بالتربية على الإنجاز والاحترام..وهي تربية على القدوة حيث كنا نتعلم ونحاكي فعل الوالدين والمعلمين لا القول فقط..
إذن ما علينا لو عدنا إلى تاريخنا الشخصي والاجتماعي لنرى أين نجحنا وأين أخفقنا، وكيف نبني على الناجح. والحديث عن العلاقات الداخلية في أسرة-مجتمع المدرسة، ليس بعيدا عن البيت..يؤسس للسلام في المدرسة والشارع..والعالم..
مؤخرا أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي سياسة الحد من العنف وتعزيز الانضباط المدرسي، وهو أمر إيجابي وضروري بل واجب تربوي واجتماعي ومجتمعي وسياسي أيضا..وهو مرتبط بالحكم الرشيد والإدارة الرشيدة. 
كانت الجمل الافتتاحية في كلمة الوزير إبداعية جذبت الحضور، بل ووضعتنا جميعا أمام مسؤولياتنا إن أردنا أن نقوم بها:
"- كيف نجعل من المدرسة المكان الذي يرغب فيه الطالب؟ هذا تساؤل تربوي.
 - طفل يتعلم بكرامة في أجواء آمنة بعيدا عن التهديد تزيده ثقة بنفسه، وتجعله أكثر استعدادا للتعلم. هذا رأي تربوي.
- لا يتعلم الطالب للامتحان بل ليحمل ما تعلم مهارة حياتية للمستقبل. هذا تحد تربوي."
أما الجملة الأولى-السؤال الأخلاقي والتربوي والاجتماعي والفكري- فهي ترغيب الطفل/ة بالمدرسة وبالتعلم، وعدم تنفيره منها..فإقبال الأطفال النفسي على المدرسة يضمن الحد الأدنى من الإقبال على التعلم، حتى ولو كان غير جذاب في جزء كبير منه.
والثانية، تعني الكثير في مجال التربية على الكرامة، فلا حياة مدرسية بدون كرامة للمتعلمين..ولا يحتاج هذا المفهوم لتفصيل وتفسير، فقط يحتاج لفعل..
الثالثة، كانت محور نقاشي مع طفلي أحمد، في الصف الخامس، كان حديثه عميقا حين قال لي: الامتحانات غير ضرورية، المهم أن يفهم ويستفيد، ان يتعلم ليس فقط من أجل الامتحانات، بل من أجل أن يطبق ما يتعلمه في الحياة، ويكون مسرورا لا خائفا ولا متضايقا...وأن يكون التعليم المدرسي كافيا، لا أن يعود للبيت مثقلا بالواجبات المدرسية..اسمها مدرسة..من التدريس..
قلت لأحمد: ما رأيك أن تكتب أنت ذلك..!
قال اكتبه أنت..
قلت نكتب معا..
أحمد وأطفال كثيرون من استطاعوا التعبير، أو من لم يستطيعوا يدركون بعمق ما التعليم المطلوب للحياة، حياتهم ومستقبلهم، بل لعلهم صاروا يقيمون الأساليب التربوية، ويقيمون الامتحانات والتقويم التربوي..
هناك علاقة بين المكان والتعليم وهدفه، أي تلك الأسئلة الثلاثة، فليس التساؤل إلا سؤالا..
تحدث وزير التربية والتعليم العالي  د. علي أبو زهري تحدث عن نتيجة دراسة حديثة للوزارة حول "تحديات التعليم في فلسطين والمتعلقة بصعوبات التعلم تقول أن طلبة الصف الرابع الأساسي الأضعف تحصيلا هم أكثر عرضة للعنف"، فماذا عن طلبة الثالث والخامس..؟ ماذا عن الفصول-الصفوف الأخرى؟ إنه بدون دراسة نستطيع توقع ذلك، لربما نحن لسنا بحاجة للدراسة بقدر حاجتنا لوجود سياسات تعليم تتجلى داخل الصفوف..في تعليم المباحث والتعامل مع المتعلمين ..داخل الغرف وساحات المدرسة..ولعلي أكرر ما أقوله باستمرار: ما قيمة أي سياسة وبرامج إن لم تنعكس على الصفوف..على الطلبة تعلما وسلوكا؟ بل إن درجة وجود ذلك في المدارس، هو التقييم الحقيقي لقادة العمل التربوي الرسمي ووكالة الغوث والأهلي الخاص..
فهل سننجز ذلك؟ كيف سنضمن ذلك؟ أظن لو عدنا للأصول التربوية في العلم بالقدوة..يعني الكثير..لأنه يعني الفعل لا الحديث. فليس رائعا الحديث من خلال أسلوب الوعظ والإرشاد ولا الترهيب والترغيب! نطمح أن نربي الأطفال من الداخل، وليس من السطح الخارجي..تماما كما نطمح لوجود أدب عميق وإنساني وفن، وخطاب ديني فكري إنساني، بعيدا عن التخويف..حتى نضمن أن يكون التزام الطلبة قادما من دواخلهم..لا من السطح، حتى إذا زال المؤثر والمراقب عادوا سيرهم الأولى..
ولعل حديث الوزير أبو زهري كان يصب في هذا الفهم حين قال: "هذه قضايا لا تعالج بمزيد من دورات في طرائق وأساليب تدريس المباحث المختلفة أو مهارات إدارية بل بمعارف وفهم للسلوك الإنساني وتعديل اتجاهات تجعل من البيئة التربوية مكانا خصبا لنمو شخصية متكاملة متوازنة للفرد."..والصراحة هذا خطاب إبداعي جديد في أروقة الوزارة.
وأرغب بإضافة أمر أراه مهما، وأزعم أن التربويين الحقيقيين يدركونه، وهو أن المعلم القادر على التعليم في غرفة الصف، سيكون جاذبا لطلبته، فما نفع التدريب إذا كان المعلم غير قادر على العطاء، أو لا يريد ذلك، أو يمثل ذلك، أو يقوم بذلك كموظف...؟
من هنا، من علاقات دافئة بين الطلبة والمعلمين، تنبع العلاقات الطيبة أيضا بين الطلبة أنفسهم..وهنا يصبح حب المدرسة والإقبال عليها واحترامها عرفا عاما، يصعب تجاوزه، ويندر ذلك.
وبالرغم من تقديرنا لهذه الخطوة التربوية، إلا أننا نجد أنفسنا في تفكير  نقدي تجاه  المنطلقات، ففي حديث الوزير نقرأ:
"لم تكن هذه السياسة بغرض وضع إجراءات لضبط النظام داخل أسوار المدرسة فقط، بل إنها تعمل على تشكيل منظومة قيَميَّة تساعد الطالبة والطالب على التمييز بين ما هو مقبول وغير مقبول، مما يضمن لهما حقهما ويحترمان حقوق الآخرين، حتى يصلا إلى درجة من الانضباط الذاتي، ويحملاه معهما كمهارة حياتية مستدامة".
الحقيقة أن الطلبة أصلا يميزون بين ما هو مقبول وما هو غير ذلك. لذلك يصبح الفعل الاستراتيجي المطلوب هو كيف؟ كيف نضمن أن يلتزم الطلبة من داخلهم، في ظل استخدام مفردة الانضباط، وكأننا في ساحة عسكرية؟! إن كلمة الحد والانضباط توحي بالعنف!
أما قوله "اعتمدت التدخل التربوي وتقديم البدائل أساسا لتعديل السلوك، مع ضرورة المحاسبة على السلوك المخالف، وبما يجعله تعلما غير مباشر للأقران، لتعزيز السلوك المرغوب وتجنب غير المرغوب. ولهذا هي وثيقة معلنة للطلبة والأهل لتضمن الانسجام بين البيت والمدرسة في تعزيز السلوك المرغوب. كما تحدد الأدوار لكل شريك في جعل البيئة التربوية آمنة خالية من العنف. ليصبح جيل المستقبل أدوات سلم أهلي ودعاة سلام عالمي."
أما قراءتي لما سبق، فإنني أراها منسجمة مع ما سبق، حيث أنه تقرر السلوك المرغوب من وجهة نظر الكبار، وبذا فهي تفرض فرضا، أما الحديث عن المحاسبة فيأتي مدعما لفكرة العقاب، في حين أتساءل: كيف تضمن وثيقة "سياسة الحد من العنف وتعزيز الانضباط المدرسي" الانسجام بين البيت والمدرسة في تعزيز السلوك المرغوب، في ظل اختلافات بنيوية في التنشئة، إضافة إلى الاختلاف حول السلوك المرغوب من غير المرغوب، في ظل فهم أحادي..؟
فحين "تعلن وزارة التربية والتعليم العالي وقف العمل بكافة التعليمات والأنظمة المعمول بها للانضباط المدرسي، وبدء العمل بسياسة الحد من العنف وتعزيز الانضباط المدرسي في كافة المدارس الفلسطينية. وتتطلع إلى أن تصبح مدارسنا صديقة للطفل، صديقة للمعلم.."، فإننا نرجو ألا يكون التغيير شكليا، ونتمنى أن يكون عميقا..حتى تصبح المدرسة صديقة الطفل.
وحتى تصبح المدرسة صديقة الطفل، فهذا يعني أن نتأمل معنا الصداقة، وهو يبعد كثيرا عن معاني الانضباط والحدّ والمحاسبة...!
والكلام عن الصداقة يعني أن تكون إدارات المدارس ومديريات التربية والوزارة كل أولئك أصدقاء للمعلم أيضا، فهل هم كذلك؟ كل واحد له إجابته الصريحة.
فحين نخوف المعلم  بما ذكرته أدبيات سياسة الحد من العنف والانضباط المدرسي، من "حيث أن قانون الخدمة المدنية لم يأخذ بالاعتبار طبيعة المهنة وخصوصيتها، ولمّا كان المعلم قدوة، فكان لابد للسياسة أن تذكِّر بسلوكات تعرِّضه للمحاسبة إن أتى عليها لأنه يحاسب الطالب عليها"، فمعنى ذلك أنه سينعكس على صداقة المدرسة والمعلمين للطلبة، إنها منظومة متكاملة.
الدراسة-السياسة- وخطاب الوزارة طموح، وجديّ يريد التغيير، لكن الوسائل ما زالت تقليدية، غير إبداعية بما يكفي، لكننها بداية ضرورية وليست نهاية..
 كانت الجمل الافتتاحية في كلمة الوزير إبداعية، لكن التأمل في الخطاب-السياسة-الدراسة، يعني أن نوصي أنفسنا بالإبداع أكثر.
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف