الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رغيف الجياع بقلم:عزيزة محمود خلايلة

تاريخ النشر : 2013-09-28
رغيف الجياع
عندما يهجم الجوع على العشّ، تغادر العصافير أعشاشها، وتهجر فراخها، وتنسحب في الظّلام، وتودّع فرخاً لم تعد تملك قوته، وتُحلّق مع الطّيور المهاجرة ، وتشطب من قاموسها مفهوم الأوطان.
تضوّر جوعاً، ربط على الجوع بطنه، وشدّ الحزام، صار يشتهي رائحة الخبز، ويتمنّى لو أنّه يرى قشور الفواكه، حتّى ولو في المنام، واختلّت مواصفات الجسم، فتكوّرت عظام الجمجمة، وانكمش البطن، ودبّ السّلّ في العظام، وصارت الأقدام، أدقّ من الأقلام، وصار من السّهلً عليك أن تحصي العظام، عَبَرَ ثلثيّ مثلث الرّعب ، الفقر والمرض، ولم يبق سوى الموت الزّؤام، واشتكى الجوع والعري، فلمّا اضطرّ غير باغ ولا عاد، أخذ رغيفاً من خبز الجيران.
عقدت له محكمة، وتوافد القضاة من كلّ مكان؛ ليشهدوا جريمة مروّعة تقشعرّ لها الأبدان، ارتكبها فاسق تحت جنح الظّلام، طرق رئيس المحكمة بالصّولجان، واستُدعي الشّهود العدول، وأقسموا الأيمانً المغلّظة على أنّهم رأوه رأي العين ، في ذات المكان، يهجّم تحت جنح الظّلام، ويجتاح الحمى، ويختلس رغيفاً من خبز الجيران.
قال محامي الادّعاء: إنّ المجرم الماثل أمامكم سرق دون أن ترفّ له عين، أو يتحرّك له جفن، وارتكب جريمته، بدم بارد تحت جنح الظّلام، وتعدّى على حقوق الآخرين، وروّع العباد، وأشاع الفساد، ووقع في المحظور، لا تحسبوا الأمر صغيراً، فالسّيل يجري من النّقط، والنّقطة تفتّت الصّخر إذا استمرّت في النّزول، ها هو اليوم يسرق رغيفاً، وغداً قد يسرق رغيفين، حتّى يصل به الأمر إلى سرقة أوطان، ومثل هذه السّرقات تشكّل تهديداً لأمن البلاد، وتسبّب اختلالاً في الموازنات، وهدماً لأركان الدّولة، وزعزعة لأمنها، لذا يجب إنزال أقسى العقوبات بحقّ هذا الظّالم المارق اللّعين.
ولمّا سألوه اعترف بلا مقاومة قائلاً: لمّا شممت رائحة الخبز، تجتاح الولاية الأمريكيّة، أخذت رغيفاً، وطاوعت نفساً بالسّوء أمّارة.
سأله القضاة هل أنت مذنب؟ مذنب يا سادتي ولكن، في حالات الجوع ، عندما تصبح حياة الإنسان أقوى طرف من أطراف المعادلة، يُحَلّل بعض الحرام، عندما يدخل الجوع من النّافذة، تخرج من الأبواب كلّ الأديان، وترفع راياتها، وتعلن استسلامها، وتُعدَّل قواعد الحلال والحرام، وينسحب الوعّاظ، ويخرجون بصمت من المعادلة، ويُختَم العقل بالشّمع الأحمر، ويُهدَّدُ الشّرف الرّفيع، وينهار الحصن المنيع، على رؤوس الجميع، عندما تصغر المسافة بين الرّغيف والكفن، فتصبح أصغر من المسافة بين السّبابة والوسطى، أو بين أيّ إصبعين، عندها يجب على أبي ذرٍ أن يشهر سيفه، ويلوّح به متعجّباً ممن جاع ولم يخرج على النّاس شاهراً سيفه، وأنا ما شهرت سيفي في وجه إنسان، بل شهرته من أجل الرّغيف، كافر من يختلس الملايين، ومؤمن من يسرق الرّغيف، مجرم من يسرق قوت الجياع، وبريء من اضطرّ لسرقة الرّغيق، كيف يكون الإنسان شريفاً، في وطن لا يؤمّن للجائع رغيفاً؟ يا حضرات السّادة، ما نفع الإفادة إن لم تعترفوا بعهر حضارتكم؟ التي تجعل أمثالي يسرقون الرّغيف، يا أمراء الغزو احملوا عهركم وانصرفوا كفاكم عاراً أن يضطرّ الفقير في أوطانكم إلى سرقة الرّغيف.
غرمه القاضي بعشرة دولارات، وعندما تأكّد أنه لن يمتلك دولارا واحداً ولو بعد سنوات، سدّدها عنه، شاهد القضاة دمعا غزيراً في العينين، فتضاربت معتقداتهم حول الأسباب، بعضهم قال: هو الشّعور بالألم، وآخر رأى أنّها دموع النّدم، وثالث تخيّل أنّه اشتهى اللّقَم، ولما سألوه عن الأسباب، قال: نهبوا الملايين، بل المليارات، فهل سيحاكمون؟ اختلسها الغيلان وهم في حالة شبع، بل في حالة تّخمة، بلعها الحيتان، وهم بكامل قواهم العقليّة، وبكامل وعيهم، بأنّها تمثّل رغيفي الذي لو وفّروه ما سرقت.
عزيزة محمود خلايلة
مشرفة اللغة العربيّة/ مكتب تربية الخليل.
Email:[email protected].
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف