الأخبار
الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزةحماس تتمسك بوقف إطلاق النار وضغوط أميركية على نتنياهو للمشاركة بالمفاوضاتمسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين السابق: حماس جادة بالتوصل لاتفاق وإسرائيل لا تريدإعلام إسرائيلي: نتنياهو يصدر بيانات ضد إبرام الصفقة تحت مسمى مسؤول دبلوماسيحماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصل
2024/5/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة الكاتبة مرمر القاسم الأنصاري ل ديوان التضاريس تنعطف جنوبًا للشاعر نبيل نعمه الجابري

تاريخ النشر : 2013-08-08
قراءة الكاتبة مرمر القاسم الأنصاري ل ديوان التضاريس تنعطف جنوبًا للشاعر نبيل نعمه الجابري
قراءة الكاتبة مرمر القاسم الأنصاري ل ديوان التضاريس تنعطف جنوبًا للشاعر نبيل نعمه الجابري


مثل صبيّ المذبح ،تحفُّ حاشية عباءته بوحل الدّرب من بوابة المعبد حتّى خشبة المسلخ،يرفع مظلة كبيرة فوق رأس القس،ثم يرفع رأسه عاليًا.قال وهو يخبِّئُ دموع الرِّضى:إنَّ كلّ شخصٍ تمطر السّماء وتبلّلُ روحه هو شخصٌ صالح.
ثم يهبط بخطوات حذرة والناس يراقبون خيطيَ حذائه الغاطسين في الطّين،سمع همس أحدهم"الأردية السوداء تحدِثُ قرقرة مثل البطون الخاوية" التفت نحوه قائلًا بل هي مثل أرواح أشجار فارعات تبزغ علوًا من الجنوب.

طقس لكتابة التّراب

عندما أفاق من صمته التراب
احتشدت حناجر الماضين
تُلقم الذات
بما استودعته لأيام القيظ السماء
منذ تيه صوفي الملامح كان النبأ

عناوينه تشبه القبعات حين يُشَكّل المطر هدبًا في حوافها،وفي الاقتباس أعلاه من نص"طقس لكتابة التّراب"الشاعر هنا يهذي ليقدّم شهادة لــ"هو،أفاق" كان في الماضي،وهو الغائب عن الحاضر المنتظر مستقبلًا بعد أن غافله "فلقم الذات بما استودعته" ثم من حيث كان يدري لقم التّراب بالتّراب.

ما أضمره صعلوك

(تعرفي الذي أبديته، لا يحتمل تعرفي الذي لم أبده)( )
ويتسع المعنى .......

البدء
تحضُّ على اقتراف الجنون
والشفاه يتعتق فيها المدى
أريق الترابَ وسُلّمة البياض مثل ريح قلقة
تفصح عن اغتراب الدّم بالشريان
فكلما زادت حدة النبر
يهتز عودي


لم يكن الصمت ليروي عنه حكاياته،لو يتّسع الوقت للإجابة سننتظر ألف حياة كي نعيش بعدها كما ضمر الصعلوك،وهنا صعلوكنا شاعر سبق العصر، كان يكتب كالحالم ،مغمض العينين،فيفضح غاية الطّين،ويشي به التّبغ كلّما اهتزّ عوده،وهذا يحدث شعريًا وفكريًا،لأن الفعل في غالبية نصوص الكاتب نبيل هي أفعال ماضية،نصّب نفسه من خلالها مؤرخًا يدرِّس"القارئ"تاريخ الأولين.
وهذه عناصر تؤكد هيمنته على روح النص، ولو أننا عزلنا "الشاعر"عن القصيدة فإنها تفقد روحها المحرّكة للماضي والآن "الحاضر"ولولا هذه لما خلقت حالة الإبداع في هذه اللوحات.

في حين ليست هناك نمطيّة يمكن تحديدها في تلك اللآلئ ،أما انفصاله عن الثّبات وتحوّله إلى أشكال متحرّكة ذات صوت" ريح،ودم،ونبر" تهزّ الريح عوده فيسمع حفيفه ويعلو النبر ليسمع دفق دمه.
وكأنما الشاعر هنا وليد مع بدء كلّ قصيدة يخلق من جديد،في حين لن نعثر على ولادة تقليدية في حياة النص المفتوحة تعمُّدًا على واقعه الذي ينبثق عنه وعلى دلالاته المشعّة من ولادته المتكررة دون نمطيّة،وبذلك تتجلى روح الشاعر فتسمو سموًّا بأرواح قصائده،فيدخل بذلك نفوس المتلقّين ليصير أقرب لاستثارة مكنون النفس.

يظهر من أساليب التّجريد الذاتي "ورأيته مراوغًا في بعض الأبيات"للكاتب الإنسان في كتاباته،عودته بأشكال أخرى غير الّتي تعوّد عليها القارئ"أنا" في الشعر الحديث،وذلك ما يجعل قراءة النص ليست باليسيرة،فالتّشبيه هنا غير مباشر ونابع من مخيّلة الشاعر،وهذا النوع من الكتابة لا يطرب فئة ليست صغيرة من القرّاء والنّقاد.
يحدّثنا الشاعر عن سيرته الجنائزية وكيف كانت فوضى الطقوس تضرب عمق فلسفة الجنوب في حين ظلّ هو الأقوى بسموه وانحيازه التام للحياة ،للإنسانية لكسب المتلقي واحتضانه في المشاركة العاطفية والوجدانية والمسؤولية.


إغماضةُ جرحٍ لغصنِ زيتون

شيطانا من شعر
صرت أبحث عن صارية أجمع فيها المدى بقارورة سندباد..
(قديمي – جديد)، (جديدي – قديم)

هنا يهبط من علياء مخيّلته في استعارة استعمل فيها التّشبيه المباشر لأسطورة السندباد فنتج عنه "قديمي،جديد،جديدي قديم" وكي يفهم هذا النص تحديدًا يجب أن يُقرأ دفعة واحدة،فمن الصعب تجزأته،لنفهم شكل علاقته بالوقت،الزمان والمكان.

كما أن في تلك النصوص منجزًا تقنيًّا معاصرًا نلمس من خلاله مجهودًا
من أجل بعث الدفء والتواصل الحميمي من خلال تقاسم القصيدة بينه وبين المتلقي.
في بعض النصوص نعثر على الارتداد عن الغموض التجديدي والعودة إلى إحياء الشعر غير المتطرّف المتوازن في بنية فنية وجمالية نستسيغها بما يعيد للشعرية العربية والقصيدة مذاقها بأسلوبيته السلسة ومناخ قصائده النفسي الوجداني والطبيعي ،في حين عمل الشاعر على تخليص نفسه من البيئة الجغرافية والدينية.

مطاف.. بمعراجكِ نبيٌ

حين تندسين كثواني اللهفة بخلايا الوجد
أعلقُ بتراب التكوين
ويغدو حفرةً جسدي
تختبئ فيه الجميلاتُ
كلُّ المتطلعاتُ لرؤية النهر المتدفق بين الأصابع
يتوحدن في أنثى تشبهكِ.

لا يمكن أن تكون مصادفة ،كأن ريحًا عاتية تشيّع المشاهد،في تسارع تقرقع الصّور المعلّقة على الموقد،فيعيد لثقافة الاندساس كينونتها الأصيلة ويمنح للأنثى حقها بالتّفرّد بها.

كما نلاحظ في هذا الديوان إقصاء الشاعر للذكورية الحامية،والّتي هي موضع تأمل منعزل تمامًا عن النص، تلك الذكورية الأشدّ قوة بطبيعة الحال،والّتي يحلم بها الإنسان "الذكر"كإعلان عن قوة ذاتية أو استعراض جنسي تستطيع بشكل خاص أن تفتح الأجساد والأبواب،بأفكار متعلقة بالذكورية تكون فيها الرمزية مباشرة ،الصوت فيها صراخ والحنو فيها فج وقيد،إلا أنه لن يستطيع من خلالها تحليل ما هو ثابت ليحلق.فيظهر هنا ذكاء الشاعر في تقنيته التجريدية ،في حين لم يفقد رجولته بل عمل على تبرئتها من المعتقدات ونفى عنه قساوة الذكورية ،ومن جانب آخر تطفو سمات الإنسان دون الإغراق في "الأنا" بانضباط توظيف المفردة وجمالية الصور الشعرية.

وحدهُ الطّينُ.. يتجلى



وحيداً أطأ الطينَ
قصائدي خطوات يرتبك فيها الماء
تربض في ثرثرة تجتاح الأروقة
وحيداً أطأ الطينَ
مأهولاً بدهاليز الفطنة عند الأبواب
يذوي الفجر على عتبة ضوءٍ
فينام المرمل بسهد الليالي على شبق الطيوف
وحيداً أطأ الطينَ

قضم التّفاحة فسقطت حروفه بذورًا على سرّته،بينما ظلّ الوقت ينتصب في وجه الطّين هناك،ما وراء النهاية،"هو" لا يمثل نفسه كعاشق أو ضحية ،هو لا يدّعي أنه يألم ولا يلقي بالتّهم والعتاب، إنه مجموع إنسان سما بأرواحه سمو الكهنة.
كلّما تنهّد ترتعش قصيدة،فتكتسي غابة جرداء،ونسقط في عميق الأرض،تتسع من بيت الإبرة حتّى أقصى الاتجاهات،فتغدو كلّها شمالًا لعميق الجنوب.
استند الكاتب في مسعاه إلى اعتماد الوسطية مبتعدًا عن التطرف في الغموض،ليروم الفوز بشكل الصورة الشعرية الفنيّة مستعينًا بمخيال خصب.من جهة ، ومن جهة أخرى امتاز بسهولة الاستيعاب.
ترك ختمه آخر الديوان_

هذي الدّروب المشفرة بالمسير... المتمردة على الانتماء
أبواب مشرّعة نحو الله
ونحن المترعون بذاكرة المدن القصّية
الطاعنون في الغياب
نندس في جيب السؤال، نرتكب الرّحيل مراراً
علّنا ندرك حكمة الجنوب


نحتَ تضاريسه دون الإشارة إلى جغرافيا المكان لا من قريب ولا من بعيد،حتّى في انزياحه للمعنى جلّ شاراته "دينية"،طبيعة،إنسانية،وكالعالِم حاول تغير وجهة البوصلة من شمال الكرة الأرضية إلى جنوبها،فحفر أثرًا بليغًا في جنوب نقطة الارتكاز،جنوب الجسد،وخزائن التّكوين،جنوب جنوننا حين يكون الموت حاجة ضرورية للمقابر.!

ومع أنني لأول مرة أقرأ هذا الديوان للشاعر نبيل نمعه والذي هو أول عمل شعري له والصادر عن دار فضاءات عمّان "الأردن" إلا أنني شعرت أن له فلسفته الخاصة في الشعر.

لولا الجنوب لما أدركنا طهر الاتجاهات الأربع يا خاصرة الأرض الممغنطة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف