الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما هي الديمقراطية وكيف تصلح في مجتمعاتنا؟ بقلم: د. محمد رياض

تاريخ النشر : 2013-07-15
ما هي الديمقراطية وكيف تصلح في مجتمعاتنا؟ بقلم: د. محمد رياض
الديمقراطية مثل أنظمة قيادة السيارات بحاجة لإضافة تعديلات ميكانيكية لتعمل بشكل أكثر فعالية في مناطق مختلفة جغرافياً ومناخياً، لذلك تعالوا لنقوم بعملية تفكيك وفحص وتمحيص للنظام الديمقراطي من ناحية إصطلاحية وقانونية لنرى كيف يمكن أن يعمل بطريقة أكثر فعالية في مجتمعاتنا العربية.
كما تعلمون فإن الديمقراطية لغةً تعني حكم الشعب وهي مركبة من كلمتين يونانيتين: ديمو وتعني الشعب أو عامة الناس وكراتيا وتعني الحكم، وهناك انواع متعددة من أشكال الحكم الديمقراطي، مثل الديمقراطية المباشرة: وتتمثل في تصويت الشعب المباشر على الدستور والقوانين المختلفة، والديمقراطية النيابية وتعني إيصال الشعب لممثلين عنه إلى البرلمان ليقوموا بإصدار القوانين وبإنتخاب ومراقبة عمل هيئة تنفيذية (حكومة) تدير شؤون البلاد، كذلك هناك ديمقراطيات ليبرالية تقوم أساساً على توفير ضمانات إضافية للحقوق الفردية والشخصية للأفراد والأقليات، مثل حرية ممارسة الإعتقادات والشعائر الدينية وحرية التجمع والتعبير وحرية الصحافة وحرية الإعتقاد وضمان حريات الممارسات الخاصة الأخرى للأفراد.
وهناك ديمقراطيات ملكية دستورية يكون فيها للملك بصفته رمزاً مجمعاً عليه من قبل الشعب خصائص تمثيلية تتراوح بين دولة وأخرى، وهناك ديمقراطيات مركزية تتركز فيها السلطة بيد البرلمان والحكومة التنفيذية واخرى لا مركزية تتوزع فيها السلطات التشريعية والتنفيذية على مراكز متعددة داخل الدولة بحيث تكون هناك مجالس منتخبة تمتلك صلاحيات تشريعية وتنفيذية محددة في المحافظات والبلديات وربما الولايات داخل الدولة، وما إلى ذلك، وهكذا، هناك دوماً أشكال وتقسيمات ومفاهيم مرتبطة بأي نظام ديمقراطي يجب تحديد معالمها.
كذلك هناك أسس ومبادىء ملازمة لعمل أي نظام ديمقراطي مثل مبدأ فصل السلطات الذي يقتضي أن تمارس هيئات إدارة الدولة من تشريعية وتنفيذية وقضائية عملها بصورة منفصلة ومستقلة تماماً عن تدخل الهيئات الأخرى، وهناك مبدأ فصل الدين عن التشريع ويعني ان تكون القوانين الصادرة عن الهيئات التشريعية المختلفة أو الأنظمة الصادرة عن الهيئات التنفيذية أو الأحكام الصادرة عن الهيئات القضائية غير معبرة أو متأثرة أو مرتبطة بإعتقادات وميول دينية وذلك لضمان سلامة مبدأ حكم الشعب لنفسه وعدم تحول الدولة إلى النظام الثيوقراطي والذي يعني إختصاص طبقة (الثيوقراط) أو رجال الدين بالتشريع داخل الدولة.
كذلك هناك ديمقراطيات إقتصاد - مقيد تحافظ على سيطرة اجهزة الدولة على مصادر الإنتاج الرئيسية (ثروات طبيعية، بترول، ماء، كهرباء، ثروات مائية، الخ.) وهناك ديمقراطيات إقتصاد- حر لا تجيز لأجهزة الدولة التدخل في إدارة قطاعات إقتصادية وما إلى ذلك.
العقد الإجتماعي هو ما ينقص مجتمعاتنا العربية لتطبيق الديمقراطية؟
كما هو موضح أعلاه، يجب ان يكون هناك توافق بين جميع الفئات المجتمعية على الدخول في علاقة تعاقدية رضائية أو ما يعبر عنه الفيلسوف جان جاك روسو بنظرية (العقد الإجتماعي) للإتفاق على نوع وشكل وآليات ومبادىء وماهية النظام الديمقراطي المزمع تطبيقه، بحيث نحقق عامل (الإستقرار المجتمعي) ونضمن عدم تغير نظام وشكل إدارة الدولة ومفاهيمها الأساسية في علاقتها بمواطنيها وحقوقهم الأساسية كلما صعد إلى الحكم تكتل معين يحظى بنسبة 50% + 1.
هذا العقد التوافقي هو ما ينقص مجتمعاتنا العربية، حيث أن هذه المجتمعات تحاول حالياً الإنخراط في عمليات ديمقراطية بدون التفاهم على تحديد معالمها وشرائطها وضوابطها، وبالتالي سيؤدي هذا إلى إستمرار النزاع والتقلب وعدم الإستقرار داخل المجتمع، تماماً كما سيحصل من نزاع متوقع بين شركاء في علاقة تجارية يقومون بوضع أموالهم في مشروع قبل الإتفاق على شروط العقد وملامحه.
وهنا قد يسأل سائل: وما المشكلة في أن نأخذ من الديمقراطية بمفهوم وآلية صندوق الإقتراع فقط، من غير الإضطرار للتعامل مع جميع أسس ومبادىء النظام الديمقراطي؟
والإجابة أننا لا نستطيع! لأننا بذلك لانكون عملياً قد فعلنا أكثر من شرعنة حكم غلبة الأقوى على الأضعف، وبذلك لا يعود هناك فرق بين أن تسيطر فئة أو جماعة او طائفة أقوى في المجتمع على الآخرين بالبندقية والقوة وبين ان تسيطر عليهم بحكم تفوقها العددي أو الإقتصادي عبر الصندوق، الإختلاف الوحيد هو أننا بهذه الحالة نكون قد إستبدلنا البندقية بالصندوق لا أكثر.
بمعنى أنه لن يكون هناك فرق عندما نعتمد أسلوب صندوق الإقتراع فقط من غير الاخذ ببقية العناصر الملازمة له، في دولة تشكل فيها طائفة أو عشيرة أو مجموعة عرقية أو تيار سياسي أو أيديولوجي نسبة 50% + 1 وبين ان نشرع إمكانية سيطرة هؤلاء على الدولة بالقوة، ففي كلتا الحالتين نحن نشرع لإستبداد الاكبر والأقوى.
ومن وجهة نظري الشخصية هناك عدة إشكاليات يجب تسويتها توافقياً قبل أن تستطيع مجتمعاتنا خوض غمار تجربة ديمقراطية وهي كالتالي:
1. الإتفاق على طبيعة ونوع النظام الديمقراطي القائم (مركزي /لا مركزي، نيابي/ مباشر/ أو نيابي ومباشر/ليبرالي /لا ليبرالي، علماني مقنن /علماني معدل/ علماني مطلق/لا علماني، إقتصاد مقيد/حر)
2. الإتفاق على علاقة الدين بالدولة ووضع الأقليات الدينية والطائفية وكذلك الإتفاق حول مسألة ضمانة الحريات الشخصية للأفراد والجماعات
3. الإتفاق على علاقة الهيئات المكونة للدولة ببعضها البعض (تشريعية، تنفيذية، قضائية، أمنية)

المشاكل والعقبات:

هناك مشاكل وعقبات أساسية تعيق دون التحول إلى نظام ديمقراطي في مجتمعاتنا العربية وهي على سبيل المثال لا الحصر:
1. المفاهيم العامة السائدة لا تحترم مسألة التنوع الفكري والديني والأيديولوجي، فإلى الآن لا تتقبل هذه المجتمعات وجود تنوع فكري وديني وأيديولوجي داخلي، ويشوب علاقة الطوائف والأديان والتيارات الأيديولوجية المختلفة داخل المجتمع ببعضها البعض نوع من الحذر وعدم الثقة والسعي إلى المغالبة، كذلك لا تتسامح هذه المجتمعات مع أفرادها الذين يسعون لتكوين أطياف مجتمعية جديدة غير مستقرة تاريخياً في هذا البلد أو ذاك.
2. كذلك لا يوجد إعتبار لإحترام الحقوق الفردية الأساسية المتعلقة بالإعتقاد والتعبير، فلا يمكن في مجتمع ديمقراطي ان لا يكون الفرد قادراً على التعبير عن رغباته الإعتقادية والسلوكية بطريقة آمنة!
3. مجتمعاتنا غير متفقة وإن إتفقت فغير مستقرة على نوع وشكل وطبيعة علاقة النظام التشريعي بالشريعة الإسلامية، وكما قلت في مقال سابق: إن أحد أهم المبادىء الديمقراطية الدستورية هو قاعدة (شمولية تطبيق القوانين والتشريعات بشكل متساو على جميع أفراد المجتمع) تصطدم بشكل أساسي مع النزعة السائدة في المجتمعات العربية لتفصيل قوانين خاصة لفئات المجتمع حسب إنتماءها الديني والطائفي، فلا يوجد نظام ديمقراطي حقيقي في العالم يقنن قوانين احوال شخصية مختلفة لإفراده حسب الإنتماء الديني مثلاً، كذلك لا يسمح أي نظام ديمقراطي أن تقوم الدولة بتخصيص جزء من أيراداتها الضريبة أو عائداتها من الثروات الطبيعية لدعم مؤسسات ومراكز وهيئات دينية أو مذهبية حتى لو شكل أتباع هذا الدين أو المذهب نسبة 99% من مجموع تعداد السكن، لأن هذا سيعتبر من وجهة نظر "النظام الديمقراطي" إجحافاً بحقوق ال 1% المشتركين مع الآخرين في دفع الضرائب وملكية عائدات الدولة!

ما الحل إذن؟
كما هو موضح أعلاه تحتاج شعوبنا ان تتوصل لتفاهم توافقي رضائي على أساسيات وعناصر ومبادىء وشكل وماهية نظام الحكم الديمقراطي عبر التوصل إلى (عقد إجتماعي) قبل ان نطالب الجماهير بمجرد التوجه لصندوق الإقتراع.

لذلك اقترح في هذه المرحلة الإنتقالية التي تعيشها أمتنا ان نلجأ لأسلوب نظام (أهل الحل والعقد) ليتم من خلالهم وضع تصور توافقي لطبيعة ونوعية النظام الجديد ثم يتم إستفتاء عموم الناس عليه بشرط حصوله على نسبة تأييد مرتفعة جداً قد تختلف من دولة لأخرى حسب طبيعة التركيبة العرقية والطائفية والعشائرية والدينية فيها.

ومجلس أهل الحل والعقد هذا يجب أن يكون مكوناً من جميع القوى الحية والمؤثرة مجتمعياً، من ممثلين طوائف وأديان وعشائر وأحزاب وتيارات وقوى نقابية كذلك يجب ان يشمل من لهم حضور ملموس على الساحة من مفكرين وفلاسفة ورجال قانون وأكاديميين وإعلاميين ونشطاء مدنيين وغير ذلك، ويمكن أن يكون هذا المجلس موسعاً جداً بحيث لا تستثنى منه أية قوة فاعلة ولها حضور سياسي أو إجتماعي أو فكري أو إقتصادي في المجتمع.

ثم ينتج عن المجلس هيئة تنفيذية مؤقتة بصلاحيات إدارية فقط لتسيير شؤون البلاد حتى يتم التوافق العام على عقد إجتماعي مقبول. وبعد إقرار هذا العقد الجديد، يتم تشكيل لجنة قانونية بحتة وذات صلاحية محددة تتعلق بتقنين مبادىء هذا العقد على شكل دستور ليعرض على التصويت العام.

بعد أن يتم هذا كله، نقول للجماهير تفضلوا إلى صناديق الإقتراع، لان مستقبلكم أصبح مؤمناً.
وقبل ذلك لن يعدوا الأمر عن محاولة إعادة إنتاج الإستبداد بثوب جديد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف