قالتْ سنبدأُ من هنا.. للشاعر: علاء نعيم الغول
قرأتْها الشاعرة المصرية: ثريا نبوي
((كانت تقولُ ليَ انتظرني
كي نفتِّشَ عن مكانٍ بين قَلْبَينا
لنزرعَ فُلَّةً للصيفِ، نفتحَ نافذاتٍ للفراشِ
و نُسْكِنَ الشمسَ البعيدةَ في شفاهِ الزعفرانِ،))
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
حروفٌ يانعة وارفةُ الظلال يُحدّثُنا من خلالها شاعرُ الهايكو المُرهف عما دار بينه وبين حبيبته غزة، في رحلة الحب والأمل؛ انتظارًا لرياح تغييرٍ ترُشُّ عليهما الغَدَا..
وقد توحَّدا وتوحَّد الحُلمُ الوطنيُّ في قلبيهما، وبات يشغَلهما التفتيشُ عن مكانٍ لزرعِ فلةٍ للصيف في هذه المسافةِ الفاصلة بينهما.. في إشارةٍ إلى نقاء الحُلم واندياحِ شذاه.
وما أروع أن يقترن إنباتُ الفلِّ بفتح نافذاتٍ للفراش؛ ناهيك عن تعليق هذه اللوحة السريالية الأبدع على جِدار الحُلم:
" و نُسْكِنَ الشمسَ البعيدةَ في شفاهِ الزعفرانِ" !!!
هي إذًا وبلا مُماراة؛ روعةُ تحقيق المستحيل عندما تتوحَّدُ الهمَم؛ فلِمَ الإحجام؟!
.....................................................
((و مرَّةً كانت تقولُ ليَ انتظرْني عندَ عُشْبٍ نابتٍ
جنبَ الطريقِ و كُنْ قريبًا من بنفسجةٍ تلوِّنُ
خاصراتِ الرَّملِ بالقمرِ الخجولِ،))
::::::::::::::::::::::::::::
وها هي ذي دعوةٌ لتقاربٍ أشدَّ وطأةً حين قالت له:
" انتظرني.. عندَ عُشْبٍ نابتٍ جنبَ الطريقِ "
لتؤكدَ له كم هو غالٍ ذلك العُشبُ؛ رغم أنه قد لا يُلقي أحدٌ إليه بالاً؛ ولكنه بعضٌ منها؛ لا يجبُ التفريطُ فيه.. ولعلهُ هو كلمةُ السرِّ التي تُحدِّدُ مكان الانطلاق.
"وكُنْ قريبًا"...أمرٌعسكريٌّ حاسمٌ ولا أدلَّ على ذلك مِن اقتضابِه..
"من بنفسجةٍ تلوِّنُ خاصراتِ الرَّملِ بالقمرِ الخجول"
أتصورُ أن المقصودَ بالرمل هنا هم مَن تَعقِدُ الحبيبةُ عليهم الأملَ في الثورة؛ الثوار
ولذلك أصدرت أمرها الصارمَ بالوجودِ قربَهم، وقريبًا مِن "بنفسجةٍ" حافزةٍ لهم؛ تُعِدُّهم في ظلالِ بَتَلاتِها الأسطوريةِ؛
لعلها رمزٌ للآيةِ الشافيةِ المُنقِذة: (وأعِدّوا لهم ما استطعتُم مِن قوةٍ)؛
مع الاحتراسِ من ذيوعِ السرِ، فـَ "القمرُ الخجولُ" هو ما يَخفَى نورُه، وتتخفَّى معه أسرارُ الثورةِ والحروب...
هي إذًا دعوةٌ للصلاةِ والثورة؛ حيث يتطابقُ الِفعلان أو العملان كما ذهبت الرائعة نازكُ الملائكة!
.........................................
((و مرَّةً قالتْ تشَبَّثْ بي لِنعْبُرَ صمتَ
هذا الليلِ بالقُبَلِ الطويلةِ،
و انتظرتُ مسافةً من شارعينِ و غيمةٍ و عرَفتُ
أنَّ معَ الصباحِ نكونُ أقربَ للتسامُحِ و اقتسامِ
تَفَتُّحِ النوَّارِ و الضَّوْءِ المسافرِ في رفوفِ الطيرِ،
قالتْ لي سنبدأُ من هنا و نُعيدُ أوَّلَ ما اعترفتَ به
على طولِ المساءِ و شاطئٍ لَمْ يكتَمِلْ.))
::::::::::::::::::::::::::::::
"قالت تشبَّثْ بي".. جملةٌ موحِيةٌ واشيةٌ بأمومةٍ تحتاجُ إلى رسامٍ ماهرٍ ليُصوِّرَ ما اشتملت عليه من حنانٍ ودفءٍ وتعاضُد.. ولكن.. لِمَ التشبُّث؟
ويُجيبُنا الشاعر:
"لِنعبُرَ صمتَ هذا الليلِ"..الكابوس، الاحتلالَ الجاثمَ على صدورِنا، تردِّي أحوالنا، تراخينا، تناحُرَنا، اتفاقَنا على ألا نتَّفِق!..
وبعد الانتظارِ "مسافةً من شارعينِ و غيمةٍ"!! وما أروعه من مِقياسٍ للانتظار؛
لقد امتدَّ القياسُ- باستخدامِ واو العطف الذكيةِ هذه- ليملأ ما بين الأرضِ والسماءِ
وبعد أن عرفَ الشاعرُ- مُسقِطًا على قارئه ما يُريدُه منه-
"أنَّ معَ الصباحِ نكونُ أقربَ للتسامُحِ و اقتسامِ
تَفَتُّحِ النوَّارِ و الضَّوْءِ المسافرِ في رفوفِ الطيرِ"
تقعُ مُفاجأةُ الهايكو الرائعة:
"قالتْ لي سنبدأُ من هنا"
هنا... حيث تتسعُ مساحاتُ التسامحِ، ويُصبحُ اقتسامُ الخيرِ والضوء والجمال، والوردِ والماءِ النقيِّ كما ذهب الشاعر في رائعةٍ أخرى؛ حينَ يُصبِحُ كل ذلك وأكثر؛ من معالمِ الطريق؛ طريقِ التحرير.. هنا... تكون أنقى وأطهرُ نقطةٍ للبدء..
هنا ...حيث تتجلى أقاصي احتياجاتنا إلى "تشبُّثِ" كلٍّ: بالقيَم، بأخيه، بالوطن الأمّ؛ فمِشوارُ الألفِ ميل يبدأُ بخُطوةٍ واحدة؛ وتلك هي الخطوةُ الأولى على الطريق.
...................................
وتبقى كلمات:
إن شاعرًا يُعطِّرُ قصائدَه السابحةَ في بحور الإنسانِ والأوطان؛
بأشذاءِ حدائقِ الهايكو بديعة الألوان
ويؤطِّرُها بأطواقِ الفلِّ والياسمين وينثرُ بين سطورِها رِقةَ الأقحوان،
ويُحْييها بانفعالاتِ الزنبقِ، واعترافاتِ الورد، وعطاءِ الريحان،
ثم يُسيِّجُها بالسِّروِ والسِّنديان؛
لَجديرٌ بأن يُترجَمَ شعرُه ويُدرَّس، والبدايةُ كانت في جامعةِ برشلونة في بلادِ الأسبان
فمُباركٌ ما كان وما سوف يكون، حين يُترجمُ إلى لغاتٍ أخَرَ بإذن الرحمن
قرأتْها الشاعرة المصرية: ثريا نبوي
((كانت تقولُ ليَ انتظرني
كي نفتِّشَ عن مكانٍ بين قَلْبَينا
لنزرعَ فُلَّةً للصيفِ، نفتحَ نافذاتٍ للفراشِ
و نُسْكِنَ الشمسَ البعيدةَ في شفاهِ الزعفرانِ،))
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
حروفٌ يانعة وارفةُ الظلال يُحدّثُنا من خلالها شاعرُ الهايكو المُرهف عما دار بينه وبين حبيبته غزة، في رحلة الحب والأمل؛ انتظارًا لرياح تغييرٍ ترُشُّ عليهما الغَدَا..
وقد توحَّدا وتوحَّد الحُلمُ الوطنيُّ في قلبيهما، وبات يشغَلهما التفتيشُ عن مكانٍ لزرعِ فلةٍ للصيف في هذه المسافةِ الفاصلة بينهما.. في إشارةٍ إلى نقاء الحُلم واندياحِ شذاه.
وما أروع أن يقترن إنباتُ الفلِّ بفتح نافذاتٍ للفراش؛ ناهيك عن تعليق هذه اللوحة السريالية الأبدع على جِدار الحُلم:
" و نُسْكِنَ الشمسَ البعيدةَ في شفاهِ الزعفرانِ" !!!
هي إذًا وبلا مُماراة؛ روعةُ تحقيق المستحيل عندما تتوحَّدُ الهمَم؛ فلِمَ الإحجام؟!
.....................................................
((و مرَّةً كانت تقولُ ليَ انتظرْني عندَ عُشْبٍ نابتٍ
جنبَ الطريقِ و كُنْ قريبًا من بنفسجةٍ تلوِّنُ
خاصراتِ الرَّملِ بالقمرِ الخجولِ،))
::::::::::::::::::::::::::::
وها هي ذي دعوةٌ لتقاربٍ أشدَّ وطأةً حين قالت له:
" انتظرني.. عندَ عُشْبٍ نابتٍ جنبَ الطريقِ "
لتؤكدَ له كم هو غالٍ ذلك العُشبُ؛ رغم أنه قد لا يُلقي أحدٌ إليه بالاً؛ ولكنه بعضٌ منها؛ لا يجبُ التفريطُ فيه.. ولعلهُ هو كلمةُ السرِّ التي تُحدِّدُ مكان الانطلاق.
"وكُنْ قريبًا"...أمرٌعسكريٌّ حاسمٌ ولا أدلَّ على ذلك مِن اقتضابِه..
"من بنفسجةٍ تلوِّنُ خاصراتِ الرَّملِ بالقمرِ الخجول"
أتصورُ أن المقصودَ بالرمل هنا هم مَن تَعقِدُ الحبيبةُ عليهم الأملَ في الثورة؛ الثوار
ولذلك أصدرت أمرها الصارمَ بالوجودِ قربَهم، وقريبًا مِن "بنفسجةٍ" حافزةٍ لهم؛ تُعِدُّهم في ظلالِ بَتَلاتِها الأسطوريةِ؛
لعلها رمزٌ للآيةِ الشافيةِ المُنقِذة: (وأعِدّوا لهم ما استطعتُم مِن قوةٍ)؛
مع الاحتراسِ من ذيوعِ السرِ، فـَ "القمرُ الخجولُ" هو ما يَخفَى نورُه، وتتخفَّى معه أسرارُ الثورةِ والحروب...
هي إذًا دعوةٌ للصلاةِ والثورة؛ حيث يتطابقُ الِفعلان أو العملان كما ذهبت الرائعة نازكُ الملائكة!
.........................................
((و مرَّةً قالتْ تشَبَّثْ بي لِنعْبُرَ صمتَ
هذا الليلِ بالقُبَلِ الطويلةِ،
و انتظرتُ مسافةً من شارعينِ و غيمةٍ و عرَفتُ
أنَّ معَ الصباحِ نكونُ أقربَ للتسامُحِ و اقتسامِ
تَفَتُّحِ النوَّارِ و الضَّوْءِ المسافرِ في رفوفِ الطيرِ،
قالتْ لي سنبدأُ من هنا و نُعيدُ أوَّلَ ما اعترفتَ به
على طولِ المساءِ و شاطئٍ لَمْ يكتَمِلْ.))
::::::::::::::::::::::::::::::
"قالت تشبَّثْ بي".. جملةٌ موحِيةٌ واشيةٌ بأمومةٍ تحتاجُ إلى رسامٍ ماهرٍ ليُصوِّرَ ما اشتملت عليه من حنانٍ ودفءٍ وتعاضُد.. ولكن.. لِمَ التشبُّث؟
ويُجيبُنا الشاعر:
"لِنعبُرَ صمتَ هذا الليلِ"..الكابوس، الاحتلالَ الجاثمَ على صدورِنا، تردِّي أحوالنا، تراخينا، تناحُرَنا، اتفاقَنا على ألا نتَّفِق!..
وبعد الانتظارِ "مسافةً من شارعينِ و غيمةٍ"!! وما أروعه من مِقياسٍ للانتظار؛
لقد امتدَّ القياسُ- باستخدامِ واو العطف الذكيةِ هذه- ليملأ ما بين الأرضِ والسماءِ
وبعد أن عرفَ الشاعرُ- مُسقِطًا على قارئه ما يُريدُه منه-
"أنَّ معَ الصباحِ نكونُ أقربَ للتسامُحِ و اقتسامِ
تَفَتُّحِ النوَّارِ و الضَّوْءِ المسافرِ في رفوفِ الطيرِ"
تقعُ مُفاجأةُ الهايكو الرائعة:
"قالتْ لي سنبدأُ من هنا"
هنا... حيث تتسعُ مساحاتُ التسامحِ، ويُصبحُ اقتسامُ الخيرِ والضوء والجمال، والوردِ والماءِ النقيِّ كما ذهب الشاعر في رائعةٍ أخرى؛ حينَ يُصبِحُ كل ذلك وأكثر؛ من معالمِ الطريق؛ طريقِ التحرير.. هنا... تكون أنقى وأطهرُ نقطةٍ للبدء..
هنا ...حيث تتجلى أقاصي احتياجاتنا إلى "تشبُّثِ" كلٍّ: بالقيَم، بأخيه، بالوطن الأمّ؛ فمِشوارُ الألفِ ميل يبدأُ بخُطوةٍ واحدة؛ وتلك هي الخطوةُ الأولى على الطريق.
...................................
وتبقى كلمات:
إن شاعرًا يُعطِّرُ قصائدَه السابحةَ في بحور الإنسانِ والأوطان؛
بأشذاءِ حدائقِ الهايكو بديعة الألوان
ويؤطِّرُها بأطواقِ الفلِّ والياسمين وينثرُ بين سطورِها رِقةَ الأقحوان،
ويُحْييها بانفعالاتِ الزنبقِ، واعترافاتِ الورد، وعطاءِ الريحان،
ثم يُسيِّجُها بالسِّروِ والسِّنديان؛
لَجديرٌ بأن يُترجَمَ شعرُه ويُدرَّس، والبدايةُ كانت في جامعةِ برشلونة في بلادِ الأسبان
فمُباركٌ ما كان وما سوف يكون، حين يُترجمُ إلى لغاتٍ أخَرَ بإذن الرحمن