كيف صار نوع من التوت البري الأحمر جرجيرا؟ ج. ٣
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
عصاها الفضية
تحت حجر الرحى
تحت مزالج المزلج
تحت الغربال
وتحت الحوض الخشبي
من شجرة إلى شجرة
ومن عشبة إلى عشبة
فرّقت أغمارَ القمح الظريفة
لأسبوع بحثت عن ابنها
عن طفلها ولدها
بحثت في الرُّبى وفي الغابة
ووسط جذوع الأرض البور
نظرت الخلنجَ
واخترقتِ الآكام
احتفرت حتى جذور العرعر
وباعدت بين الأغصان
مشت مفكّرة
مضت مسرعة
فالتقت بنجم
سجدتْ قدّامَ النجم:
يا نجمُ يا مخلوقَ الخالق
أتعرف ولدي؟
أين طفلي الصغير؟
تفّاحتي الذهبية؟
أجاب النجمُ:
حتى لو عرفتُ فلن أقرَّ
فهو خالقي أنا أيضا
لهذه الأيام الصعبة
لألتمع في البرودة
وأتلألأ في العتمة
مشت مفكرة
مضت مسرعة
التقت بالقمر
سجدت قدّامَ القمر:
يا قمرُ يا مخلوقَ الربّ
أتعرفُ ولدي؟
أتعرفُ أين صغيري؟
أين تفاحتي الذهبية؟
أجاب القمرُ:
حتى لو عرفتُ فلن أقرَّ
فهو خالقي أنا أيضاً
لأسهرَ وحدي في الأمسية
ولأرقدَ في النهار
مشت مفكرة
مضت بخفّة
فالتقت بالشمس
جثت أمامَ الشمس:
يا شمسُ يا مخلوقةَ الربّ
أتعرفين ولدي؟
أتعرفينَ أينَ طفلي؟
أين تفاحتي الذهبية؟
أجابتِ الشمسُ:
بلى أنا أعرفُ ولدَكِ
فهو خالقي أنا أيضا
لهذه الأيام الجيّدة
لأسطعَ كالذهب
وأتألّق كالفضّة
بلى أنا أعرف ولَدَكِ
آه منك ومن ابنك
هو ذاك هناك طفلُكِ
تفاحتك الذهبية
في المستنقع حتى خصره
في الوحل حتى إبطيْهِ
الفتاة الذلبلة ماريتّا
بحثت عنِ ابنها في المستنقع
وجدتِ الطفلَ في المستنقع
أتت به إلى البيت
وهكذا فإنّ لصاحبتنا ماريتّا
نشأ صبي وسيم
ولكن لا أحدَ يعرف اسمَه
أو بماذا سيُدعى
سمّته أمّه زهرة
نعتْه الغريبُ بالكسول
بحث عمّن سيُعمّده
فتّش عمّن سيسمّيه
وصل العجوزُ العرّاب
فيروكاناس ليعمّدَه
تكلّم العجوزُ فقال
بنفسه نطق الكلمة:
لن أكونَ عرّاباً لممسوس
لن أعمّدَ الطائش
فهو لم يختبر بعد
لم يختبر للحكم عليه
من سيختبر الصبيَّ؟
من سيختبرُه ومن سيحكمُ عليه؟
الأزلي الثابت فاينا
عندئذٍ راح يقضي
عندما انتشل الصبيَّ منَ المستنقع
منَ الأرض ابن ثمرة التوت
ليوضعَ الصبيَّ على الأرض
بحذاء ربوة ثمر الفريز
أو فلينقل إلى المستنقع
وليضرب رأسُه بالعصا
قال الصبيُّ وعمرُه نصفُ شهر
صرخ ابنُ الأسبوعين:
الويلُ لكَ أيها العجوزُ الهرِم
العجوز التعسُ المؤرق
لقد أسأت الحكم
وأخطأت في قضائك
فليس ثمّة علّة كبيرة
أو صنيع سيّء
لتنقلَني إلى المستنقع
ولتشجّ رأسي بالعصا
عندما كنتَ أنتَ بعدُ فتى
استعرت طفلاً من أمّك
فدية عن رأسك
جزية عن نفسك
وعندئذٍ لم ينقلك أحد
إلى المستنقع
عندما كنت بعد فتى
حينذاك جررت العذارى
إلى قاع البحر
فوقَ الوحل الأسود
عمّده العجوزُ بسرعة
عمّده مستعجلاً
سُمّي ملكاً لكاريالا
حارساً للقدرة كلّها
استشاطَ فاينا غضباً
غضب وأحسّ بالفضيحة
ثم راح يمشي بنفسه
على ساحل البحر
وهناك راح يغنّي
ينشدُ لآخر مرّة
غنّى فخلق قارباً من نحاس
زورقا نحاسيّاً
اقتعد مؤخرةَ المركب
وراح يمخُرُ عرض البحر
تكلّم عندَ رحيله
قال عنذ ذهابه:
لينصرمِ الوقتُ
ولتمرّ الأيامُ
فسيحتاجُ إليَّ مرّةً أخرى
سيبحثُ عنّي ويشتاقُ إليّ
للحصول على سامبو جديد
لصناعة قيثار حديث
ولأجلبَ قمراً جديدا
ولأركّزَ شمساً جديدة
عند اختفاء الشمس والقمر
وعند زوال الفرح كلِّه
الأزليّ فاينا إثر ذاك
وجّه سفينتَه
قاربه النحاسيّ
مركبُه النحاسيّ
وثمّة حيث تلتقي الأرض بالسماء
مكثَ هنالك في سفينته
لبثَ في مركبه
ترك القيثارَ وراءَه
المعزف الجميل لفنلندا
ترك الفرح الأليّ للناس
وللأطفال ترك كنزاً من الأغاني”.
جوابي على السؤال في العنوان: لستُ أدري!
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
عصاها الفضية
تحت حجر الرحى
تحت مزالج المزلج
تحت الغربال
وتحت الحوض الخشبي
من شجرة إلى شجرة
ومن عشبة إلى عشبة
فرّقت أغمارَ القمح الظريفة
لأسبوع بحثت عن ابنها
عن طفلها ولدها
بحثت في الرُّبى وفي الغابة
ووسط جذوع الأرض البور
نظرت الخلنجَ
واخترقتِ الآكام
احتفرت حتى جذور العرعر
وباعدت بين الأغصان
مشت مفكّرة
مضت مسرعة
فالتقت بنجم
سجدتْ قدّامَ النجم:
يا نجمُ يا مخلوقَ الخالق
أتعرف ولدي؟
أين طفلي الصغير؟
تفّاحتي الذهبية؟
أجاب النجمُ:
حتى لو عرفتُ فلن أقرَّ
فهو خالقي أنا أيضا
لهذه الأيام الصعبة
لألتمع في البرودة
وأتلألأ في العتمة
مشت مفكرة
مضت مسرعة
التقت بالقمر
سجدت قدّامَ القمر:
يا قمرُ يا مخلوقَ الربّ
أتعرفُ ولدي؟
أتعرفُ أين صغيري؟
أين تفاحتي الذهبية؟
أجاب القمرُ:
حتى لو عرفتُ فلن أقرَّ
فهو خالقي أنا أيضاً
لأسهرَ وحدي في الأمسية
ولأرقدَ في النهار
مشت مفكرة
مضت بخفّة
فالتقت بالشمس
جثت أمامَ الشمس:
يا شمسُ يا مخلوقةَ الربّ
أتعرفين ولدي؟
أتعرفينَ أينَ طفلي؟
أين تفاحتي الذهبية؟
أجابتِ الشمسُ:
بلى أنا أعرفُ ولدَكِ
فهو خالقي أنا أيضا
لهذه الأيام الجيّدة
لأسطعَ كالذهب
وأتألّق كالفضّة
بلى أنا أعرف ولَدَكِ
آه منك ومن ابنك
هو ذاك هناك طفلُكِ
تفاحتك الذهبية
في المستنقع حتى خصره
في الوحل حتى إبطيْهِ
الفتاة الذلبلة ماريتّا
بحثت عنِ ابنها في المستنقع
وجدتِ الطفلَ في المستنقع
أتت به إلى البيت
وهكذا فإنّ لصاحبتنا ماريتّا
نشأ صبي وسيم
ولكن لا أحدَ يعرف اسمَه
أو بماذا سيُدعى
سمّته أمّه زهرة
نعتْه الغريبُ بالكسول
بحث عمّن سيُعمّده
فتّش عمّن سيسمّيه
وصل العجوزُ العرّاب
فيروكاناس ليعمّدَه
تكلّم العجوزُ فقال
بنفسه نطق الكلمة:
لن أكونَ عرّاباً لممسوس
لن أعمّدَ الطائش
فهو لم يختبر بعد
لم يختبر للحكم عليه
من سيختبر الصبيَّ؟
من سيختبرُه ومن سيحكمُ عليه؟
الأزلي الثابت فاينا
عندئذٍ راح يقضي
عندما انتشل الصبيَّ منَ المستنقع
منَ الأرض ابن ثمرة التوت
ليوضعَ الصبيَّ على الأرض
بحذاء ربوة ثمر الفريز
أو فلينقل إلى المستنقع
وليضرب رأسُه بالعصا
قال الصبيُّ وعمرُه نصفُ شهر
صرخ ابنُ الأسبوعين:
الويلُ لكَ أيها العجوزُ الهرِم
العجوز التعسُ المؤرق
لقد أسأت الحكم
وأخطأت في قضائك
فليس ثمّة علّة كبيرة
أو صنيع سيّء
لتنقلَني إلى المستنقع
ولتشجّ رأسي بالعصا
عندما كنتَ أنتَ بعدُ فتى
استعرت طفلاً من أمّك
فدية عن رأسك
جزية عن نفسك
وعندئذٍ لم ينقلك أحد
إلى المستنقع
عندما كنت بعد فتى
حينذاك جررت العذارى
إلى قاع البحر
فوقَ الوحل الأسود
عمّده العجوزُ بسرعة
عمّده مستعجلاً
سُمّي ملكاً لكاريالا
حارساً للقدرة كلّها
استشاطَ فاينا غضباً
غضب وأحسّ بالفضيحة
ثم راح يمشي بنفسه
على ساحل البحر
وهناك راح يغنّي
ينشدُ لآخر مرّة
غنّى فخلق قارباً من نحاس
زورقا نحاسيّاً
اقتعد مؤخرةَ المركب
وراح يمخُرُ عرض البحر
تكلّم عندَ رحيله
قال عنذ ذهابه:
لينصرمِ الوقتُ
ولتمرّ الأيامُ
فسيحتاجُ إليَّ مرّةً أخرى
سيبحثُ عنّي ويشتاقُ إليّ
للحصول على سامبو جديد
لصناعة قيثار حديث
ولأجلبَ قمراً جديدا
ولأركّزَ شمساً جديدة
عند اختفاء الشمس والقمر
وعند زوال الفرح كلِّه
الأزليّ فاينا إثر ذاك
وجّه سفينتَه
قاربه النحاسيّ
مركبُه النحاسيّ
وثمّة حيث تلتقي الأرض بالسماء
مكثَ هنالك في سفينته
لبثَ في مركبه
ترك القيثارَ وراءَه
المعزف الجميل لفنلندا
ترك الفرح الأليّ للناس
وللأطفال ترك كنزاً من الأغاني”.
جوابي على السؤال في العنوان: لستُ أدري!