الأخبار
2024/5/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إبريز باريز في ذكر فيصل بن عبد العزيز بقلم: علي صالح محمد الضريبي

تاريخ النشر : 2012-11-08
إبريز باريز في ذكر فيصل بن عبد العزيز بقلم: علي صالح محمد الضريبي
بقلم: علي صالح محمد الضريبي - كاتب بحريني


الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز آل سعود، المولود في عام 1906، والذي استشهد في 25 مارس 1975، غيلةً على يد ابن أخيه (البرنس المتأمرك) فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، في 25 مارس 1975، عندما قام بإطلاق النار عليه خلال استقبال الملك لوزير النفط الكويتي حينها عبد المطلب الكاظمي (وهذا الوزير يستحق أن نطلق عليه لقب وزير البين على غرار غراب البين، فخلال زيارته الأولى للخارج كوزير للنفط وكانت للسعودية، حدث ما حدث من اغتيال الملك فيصل، وعند أول اجتماع يحضره لوزراء دول الأوبك في فيينا، إنتهى هذا الاجتماع بأكبر عملية اختطاف شملت جميع وزراء نفط المنظمة على يد الإرهابي العالمي كارلوس!!)

إن أكثر ما يستوقفني ويهمني كمسلم عربي عند التطرق لسيرة الملك فيصل، من المهد إلى اللحد ولجنات الخلد - بإذن الله تعالى – هي فترة صناعة المجد، والتي ابتدأت عندما تم تنصيبه ملكاً على الشقيقة السعودية في 2 نوفمبر 1964، وهي الفترة التي نستطيع اختزالها في "الرجال أفعال"، ولعلي اكتفي منها – ولا اكتفي! – بسرد قصة اللقاء الذي جمع الملك الرجل – رحمه الله وأخلف علينا بمثله - بالرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول، بحضور رئيس وزرائه – ورئيس فرنسا فيما بعد – جورج بومبيدو، قبيل حرب حزيران 1967، وحاشا أن أنسى في هذا المقام أن أنوّه بحكامنا المعاصرين المعصورين عبر "الفرنسية" - من فرط إعجابي! - "بنسوار يا حكامنا الحلوين، وغنيلهم يا كارلا بروني!":

ديغول: يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل في البحر، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في هذا العالم رفض هذا الأمر الواقع..

الملك فيصل: يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا! إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا أنت انسحبت مع الجيش الإنجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ. فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي، وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديغول، "إن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً".

عندها دهش ديغول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل، فغير لهجته وقال: يا جلالة الملك يقول اليهود، بأن فلسطين هي وطنهم الأصلي، وجدهم الأعلى وُلد هناك..

أجاب الملك فيصل: فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت فيه أن اليهود جاءوا من مصر!؟ غزاة فاتحين... أحرقوا المدن خلالها وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما!؟ ونحن العرب أمضينا مئتي سنة في جنوب فرنسا، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها..

رد ديغول: ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها !!

أجاب الفيصل الصارم: غريب!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس، وأكثر السفراء يلد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس!! فمسكينة باريس!!لا أدري لمن ستكون!؟

فسكت حينها ديغول، وضرب الجرس مستدعياً بومبيدو، وكان جالساً مع الأمير سلطان بن عبد العزيز ورشاد فرعون سفير السعودية حينها بفرنسا. وقال ديغول: الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السلاح المصدر لإسرائيل.

ولا ألوم بعد موقف العزة المشرف للملك فيصل في القصة أعلاه، قيام شاهد العيان المذكور، الرئيس الفرنسي بعدها جورج بومبيدو - وكان مطالعاً للشعر العربي – بطلب ترجمة بيت شعر المتنبي:

ولم أرى في عيوب الناس شيئاً
كنقص القادرين على التمامِ


للفرنسية وأن يتم كتابته على ظهور دبابات الجيش االفرنسي !!

كما لا ألوم نفسي حينما نطقت شعراً وقهراً على الشهيد الملك فيصل بن عبد العزيز:

يا سمي الحسام قد أُغمد الحسامُ
وتثاقلت من بعدك الأقدامُ

والخيل تبكي من ضيمها
لأيٍ عَقْرَت قومك الإقدامُ !؟



وأورفوار وفي القلب أوار يا فلسطين.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف