الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إطعام الإنسان أم إطعام الآلة بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2012-10-23
إطعام الإنسان أم إطعام الآلة بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
إطعام الإنسان أم إطعام الآلة
إيران كدولة تدعي أنها دولة برلمان وديمقراطية لا تخرج عن إطار الدول الشمولية ودول العالم الثالث والرابع والخامس بشكل عام , الملالي يتغاضون قصدا عن بعض الاعتراضات والفرقعات الإعلامية وصراعات الرئاسة والانتخابات وما ينتج عنها من أحداث صغيرة أو كبيرة , ولكن هناك حتما خطوطا حمرا يدركها الشعب (حتى حين) ويدركها كل من يضع قدميه على الساحة السياسية داخل إيران , هذه الخطوط الحمراء هي القفز على مكتسبات الثورة ونظامها الوليد من رحم الأقدار التاريخية المفاجئة بذلك الشكل الذي حدث مع قائد تلك الثورة .
إيران الآن تجابه أخطار داخلية وخارجية لا نهاية لها وبكل عناد وغرور !
وبين إطعام الإنسان وإطعام الآلة النووية تكمن معضلة معقدة تتجاوز إيران لتشمل إنسان العالم الثالث أو الرابع وحتى الخامس , العالم ينقسم بين صانع للآلة وبين مُطعم لتلك الآلة , والإنسان الأول الصانع لتلك الآلة تجاوز الكم إلى الكيف في تعامله مع آلات الدمار , فقلص كثيرا من صرفه على إطعام تلك الآلات وترك تلك المهمة لإنسان العالم الأخير , الإنسان الأول اكتفى بجعل إنسان العالم الأخير يشغل مصانعه وإنسانه في تلك المصانع لإطعامه فقط , ولا يهم كيف يستخدمها إنسان العالم الأخير سواء في قتل نفسه أم قتل أبنائه , أم بتهديد أعدائه من نفس العالم الأخير !
ولكن هذا الإنسان الأخير لو حاول تهديد إنسان العالم الأول ستنتقل عجلة الدمار لمواجهة (الكيف بالكم) وهنا تكمن المأساة .
هذا (الكيف) الصغير الغير مكلف لجيوب العالم الأول يستطيع وبسهولة أن يبتلع ذلك (الكم) الذي استأثر بمعظم مقدرات الإنسان الأخير , والذي تراكم (وربما يكون مجرد حديد خردة) على حساب إطعام الإنسان , وتهيئة البنى التحتية والخدمات والرفاهية التي تعثرت في تلك الدول برغم تسارع الزمن .
الإيرانيون نزلوا للشارع هذه المرة ليس للتظاهر السياسي حول الفساد أو البطالة أو الإصلاح , كما تعودنا , لقد نزلوا للشارع من اجل (الخبز والدجاج) !
ولكن حكومة الإنسان الأخير تصم أذنيها عن ثورة الجياع من أجل إطعام المارد النووي (المعاق) رغم كل أحلام الإيرانيين , فمازال إنسان العالم الأخير يتعامل مع التكنولوجيا بمنظور الكم قبل الكيف .
الإيرانيين يدركون تماما أن إنسان العالم الأول لن يتركهم مهما قدموا من طعام لآلتهم الموعودة أن تستطيع تحقيق مطامعهم التوسعية على حساب مصالحهم حتى وإن كانت مصالح قذرة , ومازالوا يراهنون على أن ثورة الجياع لن تسرق اللقمة الكبيرة من فم الآلة لفمهم الجائع .
ربما ستكون هناك حرب مستقبلية بين الإنسان الجائع في العالم الأخير وبين القادة الذي يصرون على سرقة تلك اللقمة من أفواه مواطنيهم لإطعام آلاتهم التي لا تستطيع حتى مجابهة أعدائهم الذين تجاوزوهم بسنوات ضوئية نحو الردع (بالكيف وليس بالكم) .
ولكن لماذا يصر مسئولي العالم الأخير بإطعام مارد الآلة بدل إطعام مواطنيهم , رغم تلك المعرفة التي يدركونها ولو سرا في خواطرهم ؟
لأنهم يدركون أن ذلك المارد (المعاق) يستطيع تدمير الأقربون من العالم الأخير (فقط ) .
ولأن إطعام ذلك المارد يعود عليهم بفوائد هم يسعون إليها بمعرفة واقتدار , فإشغال مواطنيهم بالبحث عن تلك اللقيمات أفضل من أن يشبع ثم يبحث عن رفاهية الديمقراطية أو الحقوق والخدمات واللحاق بإنسان العالم الأول .
إشباع المارد المعاق سيترك الباب مفتوحا لشبعهم هم فقط , ومهما شبع ذلك المارد لن يهتم (بترهات الحرية والحقوق) , كما أن في إطعامه تثبيت الأرضية لتكون صلبة ( تحت أقدامهم ) ضد الهزات البشرية التي يتطلع إليها ذلك الإنسان الجائع فلا يقدم صانع المارد المتهالك ( الإنسان الأول ) يد العون لطالبي (تلك الترهات) .

ربما كانت هذه الرؤية واقعية قبل هبوب رياح الربيع الذي اجتاح المنطقة (الأخيرة في العالم) , ولكن التغيرات تلك بدأت تدير عجلة التاريخ نحو مسارات لم تتضح بعد , فبعض الشعوب بدأت تتململ من ذلك التجاهل لمتطلباته وتقاسمها بين الآلة وبين حاضنها , وربما لم تكتمل تلك العجلة بعد من دورتها التاريخية المفاجئة , وربما تتنامى (ثورة الجياع لأشياء كثيرة ) لتأتي على مسلمات كانت لوقت قريب صعبة التغيير والتبديل .
قال تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) , ولكن هل هذه القوة المقصودة في الآية هي القوة المعدة من قبل بعض الدول الإسلامية مقابل القوة التي يمتلكها العالم الأول (سواء كان عدوا أو صديقا ) , هنا السؤال الأهم قبل الاستدلال بما يفعل قادة العالم الأخير تشدقا بهذه الآية الكريمة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف