الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إسرائيل ( والكلمة الفصل) بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2012-10-12
إسرائيل ( والكلمة الفصل)   بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
إسرائيل ( والكلمة الفصل)
هناك حلقة معتمة في تطورات الأحداث في سوريا وأكثر من علامات استفهام , فمنذ قيام الثورة السورية في 15 مارس 2011م , يستشهد يوميا ما بين ( 100 إلى 200) تزيد أو تنقص , ومن خلال متابعتنا لبعض القنوات الإعلامية توقع الكثيرين أن يجري على نظام الأسد ما جرى على بقية أعضاء نادي الربيع العربي , ودب الحماس في أوصال بعض الأنظمة و الدول في مساندة المعارضة وتوقع الانهيار السريع للنظام الأسدي الفاشي , وكانت أولى المفاجآت التي حيرت العقول تلك الإرادة الباردة من ذلك الجيش الذي كان يعد من أعمدة الصمود العربي ضد الصهاينة , فجاءت ردة فعل قوات الأسد غير متوقعة من وحشية مرضية حاقدة على أبناء ذلك الشعب من قتل وتنكيل وذبح وهدم للقرى والمدن والأحياء وكأننا نشاهد فلما قديما للحرب العالمية الأولى والثانية .
كانت المبررات جاهزة , فالثورة السورية ليست كمثيلاتها من الثورات العربية , بل هي ثورة إرهابية لجماعات إسلامية ( قاعدية ) تريد تأسيس دويلة إسلامية أصولية في سوريا , هذه النغمة التي عزف عليها نظام الأسد لاستجداء ستار دولي غربي لمكينة القتل والدمار الأسدي لتمارس غلها نحو هذا الشعب الذي قرر اللحاق بالربيع العربي الهادر حتى يخرج من الجلباب الطائفي لأسرة استأثرت بمقاليد الحكم لعدة عقود وتحرم الأكثرية من شرف المشاركة البناءة في بناء الوطن السوري .
ويستمر مسلسل الدمار لمقدرات الشعب السوري وكل مكتسباته (على قلتها) عبر عقود في أشهر قليلة , بل وتعدى ذلك لتدمير الإنسان كبيرا وصغيرا رجلا وامرأة , وتظل علامات الاستفهام صارخة تواجه المجتمع الدولي ومؤسساته كافة , لماذا هذا التجاهل ومراقبة العبث الدموي الذي يمارس ضد الشعب السوري من قبل جيش مؤدلج لا يرحم ولا يبقي ولا يذر , إنسانا وشجرا وحجر !
في الأمس القريب انتفض ضمير العالم أجمع (وخاصة الغربي) لثورة الليبيين , وبكل عزيمة وقوة وشجاعة كان القرار بإنهاء تاريخ القذافي قبل أن يسفك الدم الليبي , ولكن هذا الضمير بدا صامتا هنا في سوريا , وكأن الدم الليبي غير الدم السوري , بالنسبة لنا كعرب على الأقل كلها دماء زكية لإخوة في العروبة والدين والوطن العربي الكبير , ولكننا كعرب ندرك أن حل خلافاتنا وثوراتنا يبدأ وينتهي من حيث يريد الآخرون .
الجامعة العربية تنتفض وتتراقص وتثرثر وتجتمع وتخطب وتخاطب , ولكنها لا تستطيع إيقاف دبابة روسية يقودها جندي لا ضمير له في ريف دمشق أو حلب أو أي قرية سورية .
سوريا الأسد تهدد العزيزة تركيا بل وتصل صواريخها واعتداءاتها للداخل التركي الحصين , تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي , وتركيا العضو في المجلس الأوربي , وفي الاتحاد الأوربي , ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية , ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفي مجموعة العشرين .
هذه تركيا التي تعتدي عليها سوريا , والعالم أجمع يهدد ويتوعد الأسد ولكنه لا يتجرأ ويتبنى موقفا فاعلا يوقف الأسد عند حده !
وهذه سوريا الأسد الحليف الاستراتيجي لإيران والتي تهدد الأمن العالمي عامة والصهيوني خاصة كما يشاع عنها !
وهذه سوريا التي يقف العالم عاجزا عن حماية المستضعفين من أبنائها رغم كل تلك الهالة العدائية المتفاقمة ضد قيادتها !
هذه سوريا التي بعثت الروح في أموات الشرق (روسيا والصين) ليقولوا مرة أخرى نحن هنا (لو دعت الحاجة لذلك) !
وربما من المذهل أن ينبئنا المنطق بأن كل تلك الدلائل العجيبة التي سبقت تصب في حتمية ضرب هذا النظام في مقتل وبكل عنف وسرعة بناء على تلك المعطيات !
ولكن ما حدث هو عكس ذلك !
فقد رخصت دماء السوريين أمام تلك الحفنة من السياسيين المجرمين , وتركت الساحة لهم ليصولوا ويجولوا ويستخفوا بالمجتمع الدولي بك إمكاناته الهائلة وقوته الضاربة , هل كل ذلك بسبب تكشير الروس والصينيين لأنيابهم أمام الغرب ورغبته أو وقدرته على التدخل ؟
هل تراخى الغرب ( لأن العرب ليس في يدهم حل أو ربط كما هي عادتهم ) , حتى لا تغضب إيران ؟
هل هو خوف من آلة الدمار السورية المتهالكة والبدائية (بالنسبة لهم على الأقل) ؟
لا ..
نعم ليس لكل ما سبق أي علاقة بإنارة تلك الحلقة المتمة في الشأن السوري أو في شأن (الربيع السوري) ,,, .
إنها العقلية الصهيونية الشيطانية التي تحرك كافة الدمى على المسرح السوري والعالمي !
الصهيونية هي التي دمرت العراق عندما صرح صدام بعداوته لهم ( سأحرق نصف إسرائيل ) , وهي التي شكلت النظام العالمي الجديد بوضع السياسات الخفية لرؤساء شرطي العالم , وهي التي تريد حرق سوريا قبل سقوط الأسد .
هناك عدة أوراق تريد إسرائيل حرقها قبل حرق ورقة الأسد , والتي تعتبر (الجوكر) الذي سينهي اللعبة في الوقت المحدد , فأعداد الشهداء يوميا من الشعب السوري وشهداء الجيش الحر وقتلى جيش النظام كلها تصب في مصلحة صهيونية واحدة , وهي إضعاف الشعب السوري وإغراقه في مشاكل مادية واجتماعية ومصائب لسنوات طويلة قادمة , كما تتم أثناء ذلك حرق ورقة الجيش السوري حتى بعد انتصار الثورة فلن يبقى من ذلك الجيش إلا مجرد بقايا لجيش منهك وغير فاعل ( تماما كما حدث في العراق ) .
ثم حرق ورقة الدولة السورية كما تم إحراق ورقة الدولة العراقية والتي غرقت بين الطائفية وبين الفساد وبين أنياب الإيرانيين .
لقد كان , وحتى زمن قريب الجبهة الشرقية لإسرائيل شامخة وصلبة ولا تنتظر إلا رفع الوصاية الأمريكية حتى يتم محو ما يسمى دويلة إسرائيل من خريطة الشرق الأوسط , وذلك بوجود المارد العراقي والسوري على البوابة الشرقية للصهاينة , ولكن الصهاينة لم يستسلموا لعجلة الزمن , بل سبقوها واستغلوا كل حدث وحتى صناعة ذلك الحدث حتى يصل الشرق الأوسط لما وصل إليه , وربما مازال الكثير لدى تلك الدويلة من أوراق ستحرقها في وقته ومتى أرادت ذلك .
ومن مكتسبات التأخير الصهيوني لسقوط (سفاح دمشق) تزامن العقوبات الدولية على إيران بالتضامن مع الاحتقان الداخل الإيراني وإنهاك الاقتصاد الإيراني بالوقوف أطول فترة ممكنة مع نظام الأسد وما يترتب على ذلك من استنزاف جديد لمقدرات الملالي , ربما يعجل بسقوطهم عندما يأتي دورهم على طاولة اللعب .
ولا ننسى الورقة الأخرى , وهي ورقة حزب الله (الهم الأكبر لإسرائيل) , فهي أيضا ينهكها ما ينهك القيادة السورية والإيرانية , ويضعف معنوياتها كلما قربت نهاية القيادة السورية ثم التفرغ لنظام الملالي , ولن يبقى أمام الصهاينة غير (حزب الله) والذي سيكون ضعيفا تائها كورقة في مهب الريح بعد قطع الأيدي التي تبنته منذ قيامه وحتى الساعة .
ربما لم تهتم إسرائيل كثيرا بالربع العربي , ولكنها حتما رقصت فرحا بالربيع السوري , والذي جاء كهدية قدرية لهم بعد الانتهاء من صدام وجيشه والعراق كدولة تمثل خطرا حقيقيا عليهم فيما نشبت حرب عربية صهيونية يوما ما , وأرادت الربيع السوري طويلا جدا على قدر الإمكان , فكلما طال الربيع السوري تأخرت الدولة السورية بعد الثورة في النهوض على قدميها فترات أطول وستواجه مشاكل لا نهاية لها مما تعجز معه فيا لتفكير في أي نوع من أنواع المقاومة التاريخية الممكنة .
حتى لو كانت هذه الرؤية واقعية وحقيقية , المؤسف أنها ماضية في الشعب السوري الذي يدفع وسيدفع دمه ثمنا هيّنا , ويدفع روحه رخيصة لسياسات الصهاينة أولا , ولسياسات التهاون الإنساني ( عالميا وإسلاميا وعربيا ) أمام دمه الطاهر .

فهل سيدرك المؤججون والراقصون للثورة السورية ثم الهاربون من رائحة دماء أبناء سوريا انتظار لكلمة الفصل (الصهيونية) لتنهي معاناتهم الدموية وتبدأ معانات البناء والبحث عن مكان لائق تحت شمس الشرق الأوسط البائس ؟
متى ستخرج تلك الكلمة (الفصل) من دهاليز (تل أبيب) ؟
وما الذي سيبقى من سوريا حتى وقتها ؟؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف