الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شوربة عدس بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2012-10-03
شوربة عدس  بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
شوربة عدس
اجتمع نفر من الإنس ذات أمسية في محفل عجيب , جمع أطيافا وجماعات ليس بينها جامع إلا جدار المحفل العظيم , أو ربما تجتمع على شيء من هذا وذاك أو من هذه وتلك , كل حسب ميوله وأهوائه وما كان قد عوده أبوه , اعتلى هذا الولد , الذي لم تنجب مثله البلد , منصة مصانة من كل لوثة أو عفانة , ووضع قدرا من شربة العدس وبدأ في الصياح والإلحاح أن هذا العدس ذا طعم فريد ونكهة مميزة , كان هذا الولد يتحدث من مكانة عالية وتحتاج لبعض جهد حتى تصل الأيدي لقدره المبارك , واستمر في المديح وفي النفاق الصريح لقدره المقفول وما مل أن يقول : من ذاق شربة العدس سيأمن الفلس ويصيبه الهوس .........
انقسم الحاضرون فمنهم من قال : أظن أنه يكذب , فعدسه لا طعم له .
ومنهم من قال : ربما كان هذا العدس طيب الطعم .
وقال آخرون : لقد سبق أن ذقت هذا العدس إنه كما قال لذيذ ورائع النكهة .
ورد آخر : وأنا سبق أن ذقته , إنه سيء الطعم و عديم النكهة .
وبعد مداولات ومشاورات ونقاشات انفض الحفل ومضى كل إلى غايته , ولم نعرف ما إذا كان هذا العدس لذيذ الطعم أم أنه سيء الطعم .

التفت الفتى لعامل النظافة الهرم والذي أخذ ينظف المكان بعد مغادرة الجميع وقال له :
لماذا لم أعرف رأي الجميع في (شوربة العدس) التي قضيت وقتا في إعدادها ؟
رد عليه العامل الهرم : لأنك لم تذقهم منها , بل اكتفيت بالحديث عنها دون أن تقدم لهم تطبيقا عمليا لصحة دعواك !

من مميزات القصص الرمزي أن المتلقي يحق له وضع الشخوص مكان الشخوص , والأحداث مكان الأحداث , والمعاني مكان المعاني , ولكل حرية التفسير والفهم , فربما يخرج أحدهم بتحليل عميق ومؤلم لواقع مرير , وربما يخرج آخر بتحليل سطحي ويشعر أنه أضاع وقته فيما لا فائدة منه , وثالث ربما يجد الأمل يتسلل من بين معاني تلك القصة .
ولكن بعض معاناتنا اليومية كمواطنين عرب وتعاملنا مع واقع يتحكم في أدق تفاصيل حياتنا ربما لا يخرج عن رمزية تساؤلاتنا عن حقيقة مدى سوء أو جودة (شوربة العدس) التي نسمع عنها سواء عبر وسائل إعلامنا أو عبر منتدياتنا , أو عبر محاضراتنا , وحتى عبر نقاشاتنا المباشرة .
لن تعرف المجتمعات طعم السعادة والهدوء والرضا حتى يتذوق كل فرد فيها طعم تلك (الشوربة) ويمتلك الحرية الكاملة لإبداء رأيه فيها , وتبعا لتلك الآراء يقرر الجميع إما الشراكة في تناول (شوربة العدس) أو إراقتها وإعداد (شوربة)جديدة يتفق الجميع على (نكهتها وتذوقها) .
ولكن ينبغي التنبه أن (شوربة العدس) هنا , لا تعني الطعام فقط ولا ينبغي ربط الرمزية لحاجات المعدة فقط .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف