الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مرسي بين الرمز والرمزية في شرقنا العربي بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2012-09-02
مرسي بين  الرمز والرمزية في شرقنا العربي  بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
الكلمة , الموقف , الرجل الرمز
هي مفردات متوارثة ومتأصلة في عقلية الفرد العربي منذ ظهوره على مسرح المجتمع البشري , التاريخ العربي حُفظ بالكلمة وبالموقف وبالرجل الرمز .

الكلمة والتي تمثلت بالشعر .
والموقف والذي تمثل بالحروب والفروسية وغيرها .
والرجل الرمز تمثل بالكثير من الشخصيات بدءا من مهلهل وعنترة ومرورا بمحمد عليه السلام وصحابته وانتهاء بالكثير من القوميين والقادة والسياسيين والمفكرين كل حسب اختياره من كتبة التاريخ .

مرسي قطعة فسيفساء داخل تلك المنظومة العربية الأزلية , كما كان فيصل وعبد الناصر قبله وربما غيرهم .
ولكن المتغيرات الزمنية والسياسية والمرحلية تصنع مزيدا من الهالات وربما تبهت مزيدا من الهالات حول تلك الشخصيات ومواقفهم .
تلك الرمزية ربما شاركنا فيها الكثير من الشعوب عبر التاريخ , ولكن المتأمل للتاريخ يكاد أن يلاحظ أن تلك الرمزية تضمحل مع تقدم الدول حضاريا وإنسانيا , وكلما اقترب المجتمع من دولة المؤسسات والقانون , هنا يحتل القانون محل الرمزية البشرية ليتصدى للكثير من الخرافات أحيانا والمبالغات أحيانا أخرى وربما يتعدى على بعض الحقائق والاستحقاقات للرمزية محل النقاش .
ربما في المستقبل القريب ستختفي الرمزية بكل أنواعها من التاريخ البشري لو دارت عجلة التقدم سريعا , وستبقى تلك الرمزية مجرد إطارات تاريخية , ولا يبقى منها إلا تأثيراتها القوية والتي فرضت نفسها على التاريخ وعلى العدم .
عند ظهور المجتمع الألكتروني ( مهما طالت الأزمنة ) وتربع النظام والقانون والدساتير على تسيير عجلة المجتمع الإنساني , عندها فقط سيوقف التاريخ ظهور الرمزيات , وسيكتفي البشر برمزية القانون الصارم فقط .
ربما ستظل نظرة بعض المجتمعات للرمزيات التاريخية المختلفة نظرة احترام , وحنين , وربما حاجة , لكسر العجز المتنامي في نفس الإنسان نحو تحقيق أحلامه ألا متناهية .

ولكن الخوف من المستقبل يظل ضبابيا وغير متوقع أبدا , فخضوع الإنسان للآلة و (مكننة) المجتمع والقانون , ربما سيحولنا كما نرى في أفلام الخيال العلمي , أي الخضوع لنوع من استعباد الآلة , واختفاء الارتجال البشري والتخطيط القائم على نوع ما من العواطف البشرية التي ترى ما لا تراه الآلة .
إن اختفاء الرمزية وقصص ألف ليلة وليلة وقصص عنترة والزير وأبو زيد الهلالي وروميو وجوليت وهرقل وسندريلا وهاملت وغيرها من الرمزيات يحولنا آلات لا تؤمن إلا بالأرقام , وتحول ليالينا لحسابات رياضية عن يومنا الفائت ويومنا القادم .
ولكن وفي شرقنا العربي ستظل الرمزية جزء من تكويننا برغم محاولات التشويه أو ربما أحيانا , اكتشاف التشويه الذي لم تره عين التاريخ ذات زمن , هذه خصوصية الشرق العربي الذي نشأ في كنف الصحراء , ولم يتغلب على وحشة هذه الصحراء إلا بالمواويل حينا أو أبيات من شعر حينا آخر , أو التغني بالرموز في كثير من الأحيان .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف