الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شرف الكلمة بين شجاعة المتنبي وجبن مبارك وثقة مرسي بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2012-09-01
شرف الكلمة بين شجاعة المتنبي وجبن مبارك  وثقة مرسي بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
شرف الكلمة بين شجاعة المتنبي وجبن مبارك وثقة مرسي ( لعادل بن مليح الأنصاري)


كلمة مرسي في مؤتمر دول عدم الانحياز جاءت مزلزلة لكل المراهنين على قبوله للخطوبة الإيرانية السياسية وربما الإيديولوجية , تضخمت تلك العمائم واتسعت لاحتواء حجم مرسي ومصر , وتراقصت الأوراق والأقلام لحساب المكاسب الجديدة وانتظار تطاير الأوراق المطروحة مسبقا لاتجاهات القيادة المصرية الجديدة .
مرسي ذهب بمصر العضو المؤسس في رابطة دول عدم الانحياز , ولسان حاله يقول مكره أخاك لا بطل , ولكنه كان يحمل في أجندته صفعات لم تكن متوقعة من الدولة المضيفة والتي هللت بقبول قدوم زعيم مصر لها وكأنه يرفع آيات الطاعة , شاهت الوجيه بعد خطاب مرسي وتقلصت العمائم واسودت الأوراق ونعق الناعقون .
هل سيكون مرسي ( الحلم العربي ) القادم ؟
مرسي ليس مخلوقا أسطوريا , ولكنه رجل ثم زعيم عربي بدأ يمنح الجماهير العربية المتعطشة للرمز القائد الذي يتحرك بثقة ويتحدث بثقة ويمنحهم الأمل بالكرامة بثقة .
مرسي لم يتجاوز ( سنة أولى زعامة ) ولكنه (وكأنه) نجح بتفوق مع مرتبة الشرف الأولى .
اليوم الجمعة وربما لأول مرة في حياتي اسمع خطيب الجمعة في حيّنا يدعو لرئيس عربي بالاسم , هذه اللمحة تصور عطش الأمة لزعيم يشعرها بأن لهم كرامة ويعمل على استعادتها .
مرسي يخطو نحو التاريخ بخطى وثيقة , ولكن السؤال الأهم هل سيستمر في خطواته تلك ؟
وهل سترمى في طريقه أنواع العقبات والعوائق ؟
وهل ستحدد خطواته ذلك الدعم المتوقع من طبقات المجتمع العربي ؟
نعم الحكم على مرسي ما زال مبكرا , ولكن بدايات مرسي كبيرة وتتوشح بالثقة , تلك الثقة التي تتعاظم خلف شخصية متواضعة ستجد طريقها بسرعة الضوء نحو الطبقات العربية الشعبية البسيطة , تلك الطبقات التي صنعت وستصنع التاريخ .

في مقابلة تلفزيونية قديمة عرضتها العربية لمبارك دار الحوار التالي : نتذكر
? المقدم : هل الرئيس يفكر في الاستمرار في حكم مصر
. مبارك : إنك تكون رئيس مصر دي إرادة شعب , إذا الشعب مش عاوزك لما تعمل إيه مفش فايدة
والشعب إذا كان عاوزك مش حاتقدر تمشي , مش بسهولة تمشي .

تذكرت موقف أخر لأبي الطيب المتنبي , فقد هجا أبو الطيب ضبة الأسدي بقصيدة منها


وَحيلَةً لَكَ حَتّى عُذِرْتَ لوْ كنتَ تَأبَهْ

وَمَا عَلَيْكَ مِنَ القَتْـ ـلِ إنّمَا هيَ ضَرْبَهْ

وَمَا عَلَيْكَ مِنَ الغَدْ رِ إنّمَا هيَ سُبّهْ

يَا قَاتِلاً كُلَّ ضَيْفٍ غَنَاهُ ضَيْحٌ وَعُلْبَهْ

وَخَوْفَ كُلّ رَفِيقٍ أبَاتَكَ اللّيْلُ جَنْبَهْ


فلما كان المتنبي عائدًا يريد الكوفة، وكان في جماعة منهم ابنه محشد وغلامه مفلح , لقيه فاتك ابن أبي جهل الأسدي وهو خال ضبة , وكان في جماعة أيضا فاقتتل الفريقان فقـُـتل المتنبي وابنه وغلامه , لأن المتنبي لما ظفر به فاتك أراد الهرب فقال له ابنه (وقيل عبده) أتهرب وأنت القائل

الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فاستحى المتنبي وعاد وقاتل حتى قتل .
هنا المفارقة بين الموقفين , فالمتنبي دفع حياته ثمنا لشرف الكلمة , ومبارك دفع بحياة المئات من أجل التمسك بشهوة السلطة ولم تكن تلك الكلمات عبر ذلك اللقاء أكثر من (طنطنة) سياسية لا معنى لها , ولم تكن للكلمات عند مبارك أي شرف يذكر , فماذا يريد أكثر من هذا الرفض لغالبية الشارع المصري لحكمه ؟
ولا شك أن المحيط السياسي لمبارك من رجال أعمال وسياسيين أكثر حرصا من مبارك على التمسك بالحكم لأنهم يعلمون أنه بسقوط مبارك سيتساقطون كالذباب واحدا تلو الآخر , وما نراه من سياسة البلطجة وأسلوب الجاهلية من امتطاء الخيول والجمال لقمع التمرد ليس المسئول عنه مبارك لوحده فقط بل كل من يحيط به من متنفذيين يحاولون الحفاظ على كراسيهم التي غرست قوائمها في كبد عيش الإنسان المصري البسيط . ربما جاء مبارك لحكم مصر بعد السادات كبطل , وليته خرج منها كبطل أيضا , ولو كان مبارك يملك رؤية تاريخية حاذقة لسجل لنفسه وأحفاده اسما من ذهب , وذلك بتنحيه فور اندلاع المظاهرات ولأخذ زمام المبادرة من الشارع ليخرج بطلا من أبطال التاريخ المصري , ولكن شهوة السلطة كانت أكبر من نداء التاريخ , فآثر الشهوة العاجلة ( والتي حتما لن تدوم ) عن موقف بطولي بانسحابه بكرامة واحتراما لشرف الكلمة التي وعد بها من قبل .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف