الأخبار
رويدا عطية تودّع الفن وتعلن الاعتزال رسمياتعرف على فوائد بيض السمان والتي لا تغادر سفرة الرئيس الروسي بوتينماء بذور الكزبرة الدافئ.. السر للصحة والتخلص من السموم بشكل طبيعيسنتكوم تنفي استهداف "الحوثي" حاملة طائرات أمريكيةإعلام إسرائيلي: حماس تسيطر على معظم مناطق غزة ونتنياهو يقودنا إلى الفشل المطلقغموض كائنات بحرية غريبة في الساحل الشمالي لمصر: هل هي حيتان أم قروش؟السفير الإسرائيلي يغادر كولومبيا بسبب الحرب على غزةهجوم بمسيرة انتحارية على قاعدة أمريكية بسوريابلجيكا تشعل صراع التأهل بالمجموعة الخامسة في "يورو 2024"مبابي يشارك في مباراة ودية استعدادا لمواجهة بولندا"الصحة" بغزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفاً و598 شهيداً منذ 7 أكتوبرمصر: لتقديم جثته لمقبرة أثرية.. ذُبح الطفل ونزعت أطرافه والقاتل أحد الأقاربالأردن: الكشف عن حقن مغشوشة تستخدم لفقدان الوزنخمسة شهداء في قصف للاحتلال على مقر (أونروا) جنوب غزةلواء إسرائيلي: إسرائيل غارقة في الوحل
2024/6/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خالتى فلسطين بقلم:توفيق عبيد

تاريخ النشر : 2012-08-22
"قصة قصيرة" "خالتي فلسطين "
الكاتب: الروائى توفيق عبيد
بعد قصة حب طويلة , أنهكها طول انتظار , أخذ لهيب الحب يخبو أمام سيل طلبات الحباة الجارف ’ اخترقت عقبة الشقة , وعبرت حدود المهر و العفش و الشبكة بمساعدة الأهل و الأقارب و الأصدقاء و الجيران ……خمس سنوات من الخطبة توجت بزواج مصطفى و أمل , مصطفى من حي السيدة و أمل من حي الحسين , مصطفى خريج كلية هندسة – قسم مدني و أمل خريجة كلية آداب قسم تاريخ .

اعتقل مصطفى مرات عديدة للاستجواب , أصبح مصطفى معتاداً على طعم الهروات التي كانت تنهال على رأسه و مؤخرته كلما اشترك في مسيرة احتجاج على ظلم أو مظاهرة سلمية تطالب بالعمل و السكن !!! بداخله مارد عملاق مكبل بأغلال القمع و مقيد بسطوة الحاكم و سجنه...يصرخ بصوت يصم الآذان...صراخ يضج بالرفض و الثورة و التمرد على سطوة المتجبر, وأمل ضاقت ذرعاً… قبل أن تجد فرصة عمل !!! سنوات طويلة وهى تدور في مكاتب الدولة تقدم طلبات عمل و تسأل دائماً عن وظائف شاغرة في الحكومة و القطاع الخاص …دائما كانت تصطدم بالرشوة و المحسوبية و يظلل هذه و تلك الفساد الذي يعشعش في جنبات و هياكل البناء التنظيمي للدولة .

بعد سنوات طويلة وجد مصطفى فرصة عمل كمهندس مدني في شركة انشائات خاصة و لاح الأمل لأمل بتلقي جواب التعيين من القوى العاملة و أصبحت أمل معلمة تاريخ في مدرسة ابن النفيس الاعدادية .

رزق مصطفى و أمل بطفل ذكي و جميل أسمياه ( رضا ) وفي 25 يناير 2011 احتفلت الأسرة بعيد ميلاده الرابع …..وكانت لا تدري أنها تحتفل بموعد مع القدر …. موعد مع الحرية… تجمع شباب متحمس في ميدان التحرير يطالبون بفرص عمل …سكن…كرامة و حرية , قمعوا بشدة … سالت الدماء زكية , سقط منهم شهداء و جرحى ... الدماء التي سالت أججت المشاعر و حركت الغضب على الظلم و الخوف و الاضطهاد ,دماء دفعت مهراً للانعتاق و الحرية و الكرامة.

وفي اليوم الثاني لحركة الاحتجاج دب الخلاف بين مصطفى و أمل , علا صراخهما…

لا عمل بعد اليوم … سأذهب للاشتراك في المظاهرات ضد النظام و أنت تبقين في المنزل لرعاية رضا !! لا .. لاتحرمني من شرف المشاركة في عرس حرية مصر …. سأذهب !!!

لن تذهبى … قلت كلمة واحدة لا تذهبي !!

لا سأذهب !!

من سيرعى رضا ؟!!

و أخيراً تدخل رضا و فض الإشكال قائلاً:

بابا العزيز … ماما الحنونة … أنا بحبك يا بابا … أنا بحبك يا ماما … ماما تشارك بالنهار … و بابا يشارك بالليل ... نظر كل الى الآخر … ضحكاً..احتضنته أمه و أخذا يقبلانه … فرحاً به ورقصوا .

لكن يا بابا نسينا خالتي ( فلسطين ) من سيرعاها ؟
كيف سنزورها ؟
حتى تزول هذه الغمة … لها الله يا ولدي !!!
تداول مصطفى و أمل على المشاركة بالتظاهرات , أمل في النهار حتى مغيب الشمس و تعود لرعاية رضا , و مصطفى من المغرب حتى الصباح مرابط في ميدان التحرير .

في أحد الأيام العصيبة و بعد احتدام المظاهرات … سيل جارف من البشر يشارك … القمع أيضا ازداد شراسة وسالت الدماء غزيرة .

تأهبت أمل في الصباح للخروج و لكن مصطفى تأخر … أخذت تنتظر على أحر من الجمر حتى تعلقت الشمس في كبد السماء , أخذ القلق منها كل مأخذ و علامات الاضطراب أصبحت بادية على و جهها , تركت رضا وحيداً قائلة : أنت رجل يا رضا !! لن يتأخر بابا كثيراً !!! سأذهب لعرس الحرية … اجلس و شاهد الصور المتحركة حتى يعود بابا … لا تخرج من البيت يا رضا !!!

أسرعت أمل إلى ميدان التحرير, آلاف البشر… أمواج من البشر تتداخل , أخذت تشق طريقها بين الصفوف وتنظر في الوجوه … لم تجده … أخذ القلق طريقه إلى نفسها , ازدادت شراسة و عصبية , أخذت تخترق الصفوف حتى وصلت النهاية … آلاف من قوات الأمن المركزي في الأمام …تقدمت بعنف و أخذت بالصراخ و تنادي مصطفى … مصطفي … و فجأة انطلقت رصاصة غاشمة من بندقية ضابط في الأمن المركزي , اخترقت فخدها الأيمن … صرخت …سقطت أرضاً و الدماء تسيل منها غزيرة .

حملت أمل على الأكتاف إلى المستشفى الميداني في ميدان التحرير , إسعافات أولية , أوصى الطبيب بتحويلها الى المستشفى … و ضعت على سرير في قسم العناية المركزة التفتت إلى المصاب بجوارها , مصاب التصقت بأجزاء كثيرة من جسده أسلاك و خراطيم … نظرت جيداً …اتسعت حدقة العين , فغرت فاهها , إنه وجه تعرفه … ركزت في ملامح الوجه و صرخت …مصطفى … مصطفى … و راحت في غيبوبة .

تلاحقت الأحداث و مرت الأيام … و حصلت أمل على غرفة خاصة مع مصطفى فى المستشفى , تحسنت حالتهما و تحسن حال ثورة الشباب في ميدان التحرير , أخذت تستعطف الأطباء حتى وافقوا أن تحضر رضا الى جوارها .

يعلن التلفزيون في الغرفة خبر عاجل … و يدخل الطبيب , يشحذ الجميع الهمم و الحواس … يعلن نائب الرئيس خبر تنحي الرئيس … سقط رمز النظام … و سقط النظام فيقول الطبيب :

حصلنا على الحرية و سقط النظام و أنتما حصلتما على الحرية من المستشفى … اذهبوا الى البيت !!! بعد سقوط النظام و بعد الشفاء … صاح رضا …
لماذا لا نزور خالتي ( فلسطين) ؟ لماذا النسيان ؟!!! وافق الجميع … وفي طريقهم إلى بيت الخالة ( فلسطين ) , البيت الذي لاح لهم من بعيد … تغطيه شجرة عظيمة اسمها( الغرقد) وارفة الظلال , كثيفة الأغصان … تخالها مزروعة منذ آلاف السنين , تهيمن على بيت الخالة من كل جانب و تغلق عليه المنافذ … تحاصره … تمنع عنه أسباب البقاء , يرتفع في وسط هذه الشجرة سارٍ طويل مغروس في قلب قاهرة المعز … علم أزرق كبير … تتوسطه نجمة داوود … و أثناء السير أخذ الطفل رضا يحاور والدته …

مش ده يا ماما بيت خالتي فلسطين ؟!!!

نعم يا ماما هو بعينه !!!

لكن ليه يا ماما الشجرة الكبيرة دى مسيطرة على البيت كله و قاطعة عنه المية و النور و الهوا ؟!!!

ليه كده يا رضا … إنت كتير غلبة … و بتسأل كثير , و بتسأل دائماً في اللى ملكش فيه … ده بيت جيراننا في الطرف الآخر !!!
أنا عايز أفهم ...هو بيت خالتي ولا بيت الجيران ؟ !!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف