قصة قصيرة : تعويض بقلم : حماد صبح
لم يبكي هذا الولد ؟ تساءل أبو إبراهيم بينه وبين نفسه . يقتربان من بعضهما . الولد آتٍ من جهة البلد وأبو إبراهيم في سبيله إليها . استوقفه وسأله : لم تبكي يا بني ؟
كانت عيناه محمرتين والدموع تبلل وجهه الأبيض المشرق بالعافية . أعاد أبو إبراهيم السؤال : كلمني ! لم تبكي ؟ ضربك أحد ؟
رد بين نشيجه وشهيقه : ضاعت مني .
فانحنى أبو إبراهيم ليكون قريبا من وجهه وسأله : ماذا ضاع منك ؟
_ عشرون شيكلا .
_ كيف ضاعت ؟
وفرك عينه اليمنى وأجاب : لا أدري .
_ فتشت كل جيوبك ؟
_ فتشتها . ضاعت في البلد .
_ ماذا كنت تنوي أن تشتري ؟
_ فانلة للعيد . ستضربني أمي ولن أعيد .
_ لن تضربك وستعيد إن شاء الله .
_ جدتي أعطتني عشرة واشتغلت في الخضرة بعشرة .
_ في أي سنة تدرس ؟
_ طلعت على التاسع .
_ درجاتك عالية ؟
_ لا .
وهم بالمشي فاستوقفه أبو إبراهيم . سأله : ماذا يشتغل أبوك ؟
_ ميت . أعرفك . بيتنا في حارة القدس .
تأمله أبو إبراهيم وسأله : أنت ابن خالد ؟
_ نعم .
كان لا يزال يبكي وإن بحدة أضعف ويفرك إحدى عينيه بين دقيقة وأخرى . تذكر أبو إبراهيم والده .
بينهما معرفة عابرة .الوقت ضحى الخميس الثامن والعشرين من رمضان . ينشق من الشارع الذي يقفان
فيه شارع فرعي يقاربه اتساعا . دوريات تزقزق في سيمفونية كثيفة الإيقاعات في شجرة سرو عتيقة في
الجهة اليسرى من الشارع الفرعي . انقض صقر في سرعة قذيفة على السروة وصعد مبتعدا في نفس السرعة .
في مخالبه القوية الإبرية الأطراف الآن دوري تعيس يوشك قدره الدامي أن ينقض عليه متى استقر الصقر في
ذؤابة شجرة أو في وُكنة مجهولة بأحد الأودية . زاد المشهد الوحشي أبا إبراهيم عطفا على الولد . التفت خلفه فرأى سيارة تقدم في اتجاههما . جرافات الاحتلال سبق أن لحست أسفلت الجزء الجنوبي الشرقي من الشارع
قبل الانسحاب من قطاع غزة ، وما فتىء ترابيا يمتلىء بالغدران في الشتاء فيصعب السير فيه . والسيارات التي تسلكه قليلة وأكثرها خاص بالناس المقيمين في النواحي المحيطة به ، وأحيانا تمر فيه سيارة أجرة . قبل أبو إبراهيم رأس الولد وقال ساحبا يده من جيب قميصه : خذ ! مائة شيكل .
عيِد أسعد عيد ! سنركب هذه السيارة . ذاهبة إلى البلد التي ضاعت فيها شيكلاتك .
لم يبكي هذا الولد ؟ تساءل أبو إبراهيم بينه وبين نفسه . يقتربان من بعضهما . الولد آتٍ من جهة البلد وأبو إبراهيم في سبيله إليها . استوقفه وسأله : لم تبكي يا بني ؟
كانت عيناه محمرتين والدموع تبلل وجهه الأبيض المشرق بالعافية . أعاد أبو إبراهيم السؤال : كلمني ! لم تبكي ؟ ضربك أحد ؟
رد بين نشيجه وشهيقه : ضاعت مني .
فانحنى أبو إبراهيم ليكون قريبا من وجهه وسأله : ماذا ضاع منك ؟
_ عشرون شيكلا .
_ كيف ضاعت ؟
وفرك عينه اليمنى وأجاب : لا أدري .
_ فتشت كل جيوبك ؟
_ فتشتها . ضاعت في البلد .
_ ماذا كنت تنوي أن تشتري ؟
_ فانلة للعيد . ستضربني أمي ولن أعيد .
_ لن تضربك وستعيد إن شاء الله .
_ جدتي أعطتني عشرة واشتغلت في الخضرة بعشرة .
_ في أي سنة تدرس ؟
_ طلعت على التاسع .
_ درجاتك عالية ؟
_ لا .
وهم بالمشي فاستوقفه أبو إبراهيم . سأله : ماذا يشتغل أبوك ؟
_ ميت . أعرفك . بيتنا في حارة القدس .
تأمله أبو إبراهيم وسأله : أنت ابن خالد ؟
_ نعم .
كان لا يزال يبكي وإن بحدة أضعف ويفرك إحدى عينيه بين دقيقة وأخرى . تذكر أبو إبراهيم والده .
بينهما معرفة عابرة .الوقت ضحى الخميس الثامن والعشرين من رمضان . ينشق من الشارع الذي يقفان
فيه شارع فرعي يقاربه اتساعا . دوريات تزقزق في سيمفونية كثيفة الإيقاعات في شجرة سرو عتيقة في
الجهة اليسرى من الشارع الفرعي . انقض صقر في سرعة قذيفة على السروة وصعد مبتعدا في نفس السرعة .
في مخالبه القوية الإبرية الأطراف الآن دوري تعيس يوشك قدره الدامي أن ينقض عليه متى استقر الصقر في
ذؤابة شجرة أو في وُكنة مجهولة بأحد الأودية . زاد المشهد الوحشي أبا إبراهيم عطفا على الولد . التفت خلفه فرأى سيارة تقدم في اتجاههما . جرافات الاحتلال سبق أن لحست أسفلت الجزء الجنوبي الشرقي من الشارع
قبل الانسحاب من قطاع غزة ، وما فتىء ترابيا يمتلىء بالغدران في الشتاء فيصعب السير فيه . والسيارات التي تسلكه قليلة وأكثرها خاص بالناس المقيمين في النواحي المحيطة به ، وأحيانا تمر فيه سيارة أجرة . قبل أبو إبراهيم رأس الولد وقال ساحبا يده من جيب قميصه : خذ ! مائة شيكل .
عيِد أسعد عيد ! سنركب هذه السيارة . ذاهبة إلى البلد التي ضاعت فيها شيكلاتك .