الأخبار
2024/6/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أرابيسك

تاريخ النشر : 2012-08-19
أرابيسك : قصة قصيرة
=======
انتهزت فرصة اللحاق بها حتى أدركتها. كانت تخطو بسرعة علي الرغم من صغر سنها . نظرت للخلف خشية أن تصدمها سيارة مارة وهي للرصيف المقابل . عاقدة العزم علي المضي قدماً في طريق مستقيمة مثل سطر في كراسة تلميذ .
وقفت قليلاً وجعلت تعد علي أصابع يديها . قطبت جبينها بتكشيرة جادة كسيدة وقور .
كانت نحيلة القوام لكن ضفائرها المتدلية كحبال سوداء متقنة الصنع كانت تتجاذب وتتنافر كلما شدت من العزم ووسعت الخطو .
أشرت لها فلم تعبأ ولم ترد . فرت بعينيها الواسعتين بعيداً وأشاحت بوجهها بعيداً عني تصطنع الصمم .
عيناها قمران بازغان يشعان بضوء ثاقب وألق جذاب وذكاء حاد .
ضمت الصحيفة أكثر . طوت المجلة عند صفحة أعجبتها . حملقت فيّ جيداً . وسالتني عما أريد بعد أن نزعت من أسنانها قطعة العلك التي كانت تمضغها برفق وانقطعت عن ترديد أغنية جديدة .
لم ترتعد ولم تندهش وظلت قابضة علي أشيائها بأصابعها النحيلة . كان رأسها الصغير مشغولاً بمراجعة المبلغ المتبقي بعد عملية الشراء . تذكرت أن بائع الصحف أخطأ . قالت لي بضعف :
ـ هل تراجع من فضلك المبلغ المتبقي معي ؟
اشتركنا في المراجعة . كادت أن تصرخ :
ـ لابد من العودة للبائع .
ركضت مثل غزالة وأنا من خلفها أعدو لألحق بها خشية أن تفر مني . نوقفت بين سيارات التحمت ببعضها البعض ومرت عبر الخطوط البيضاء :
ـ أبي سيعاقبني لو عدت للبيت .
راجعت البائع وقالت تستعطفه :
ـ سامحني من فضلك .
ابتسم بائع الصحف الذي وخط الشيب كل رأسه وأحني الدهر هامته . قال في سعادة :
ـ لا بأس . أشكرك يا ...
قالت تذكره :
ـ عايدة .
شكرها :
ـ سامحيني . نظارتي انكسرت .
سألتها :
ـ اسمك عايدة .
اتسعت ابتسامتها واستأذنتها كي ألتقط لها صورة بالتليفون المحمول . وافقت علي الفور واشترطت أن تراها فإن أعجبتها سكتت .
وقفت تحت شرفة حليت بالأرابيسك . رأتها فانفرجت أساريرها أكثر . قالت :
ـ هل ستنشرها علي صفحة الفيس بوك .
طمأنتها . قالت :
ـ ماذا ستكتب بجوارها ؟
ومضت .ترسل لي في الهواء تحية .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف