الأخبار
اطلع على قائمة رؤساء الولايات المتحدةواشنطن تقدم مساعدات لإسرائيل بنحو 6.5 مليار دولار وتراجعها مع غالانت سطراً بسطرمسؤول أمريكي كبير يطالب بإغلاق الرصيف البحري قبالة شاطئ غزةليبرمان: نحن نخسر الحرب بغزة والردع الإسرائيلي تراجع ونتنياهو يتحمل المسؤوليةجيش الاحتلال يشن عملية عسكرية مباغتة في حي الشجاعية ونزوح آلاف المواطنينمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 16 جندياً باستهدافهم بعبوة ناسفة في جنينأفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزةأردوغان يعلن دعمه لبنان ويستنكر الدعم الأوروبي لإسرائيلمؤسس موقع ويكيليكس "حر" بعد اتفاق مع القضاء الأميركي
2024/6/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فصل من رواية صبحي فحماوي السابعة

تاريخ النشر : 2012-08-05
  مزرعة نموذجية!

فصل من رواية صبحي فحماوي السابعة قبل النشر بعنوان(على باب الهوى)

بعد ظهر السبت الذي يسبق عطلة الأحد، تأتي سيدة ألمانية إلى (معهد قادة شباب الأرياف في ميونيخ) بتنسيق مسبق، يعرّفنا المشرف عليها أنها متطوعة ريفية لخدمة أغراض المؤتمر، وأن اسمها مونيكا.. ويقول إنها ستأخذ ثلاثتنا لزيارة بيتها لمدة أربعة وعشرين ساعة، بهدف التعرف على نموذج لحياة عائلة ريفية بافارية، أنا وصبية هولندية جميلة اسمها أنجليكا، وأوشر.. السيدة مونيكا في الأربعينات من عمرها، نشيطة مرحة وباسمة، تتحرك بكل ثقة في النفس، شكلها جميل، وطولها معتدل، وتبدو ذات شخصية قيادية..

وقبل أن ندخل إلى سيارتها المرسيدس البيضاء من آخر طراز، ودون تبريرات تدعو أوشر ليجلس إلى جوارها، فيستجيب الشاب بكل ثقة، ويجلس في المقدمة، ودون تكريم  الهولندية لأن تكون أولاً، تشير السيدة مونيكا إلى أنجليكا لتجلس إلى جواري في المقعد الخلفي، فنربط الأحزمة حسب أوامرها، فتنطلق بنا على طريق البراري المفتوح للسيارات المسرعة في سهوب بافاريا الجميلة، وغاباتها المتداخلة مع المزارع الواسعة، فنصل بعد ساعة ونصف من الانطلاق في الطبيعة الساحرة، إلى مزرعة ريفية منعزلة بين الأراضي الزراعية.

يستقبلنا زوجها بطوله الفارع، وضخامة جسمه المتمرس بالعمل، بكل حفاوة وترحيب، فيعرّفنا على أن اسمه مايكل، ويدعونا للجلوس والاستراحة من السفر، ويستقبلنا أيضاً رجل عجوز يتحرك جالساً على كرسي عجلات المعاقين، نفهم بعد تقديمها له أنه والد السيدة.. تقدمه ابنته ليرحب بنا، فتقول له:

" هذه أنجليكا  من هولندا،" فيرحب بها بابتسامة مُجهدة من رأسه..

 "وهذا خليل عربي،" فيرحب بي بإيماءة متعبة..

" وهذا أوشر من إسرائيل...."

أشاهد العجوز يتمسمر على مقعده، ويتصلب رأسه المشدود على جسده المهدود، ثم يدور دورة بعجلاته إلى الخلف، وبعد ثانيتين من الهروب، يستدير المُقعدُ بعجلاته بحركة مسرحية قوية، ويرفع يده باتجاه أوشر، ويقول بالإنجليزية: "ولكن أنت من دعاك لتأتي إلى بيتنا؟ أنت غير مرحب بك هنا!" فتسرع السيدة لتشجب حديث أبيها المُقعد، وتكلمه بلغتها الألمانية التي لا أفهمها، ولكنني فهمت من زوجها فيما بعد أنها طالبته باحترام الضيوف دون تمييز، وأن أوشر مرحب به في بيتهم، ليحظى بالضيافة الأرحب!

أُدهش لما أشاهد وأسمع، ومع هذه المفارقة لا أعرف كيف اختفى أوشر من المكان بطريقة سحرية، كل الذي أعرفه أنه لم يعد بيننا، ويبدو أنه قد رجع إلى المعهد في (هيرشنج)! لماذا رجع؟ وكيف رجع؟ ومن الذي أرجعه؟ لا تسألني! لأنني لست مهتماً بغير التعرف على هذه المزرعة النموذجية، والاطلاع على كيفية ممارسة حياة ريفية حضارية حديثة فيها.

تبقى أنجليكا في البيت مع السيدة مونيكا، لتتعرف على مطبخهم وطعامهم وشرابهم،  بينما يأخذني الرجل القوي المرح مايكل في جولة بين أبقاره، حيث ندخل اسطبلاً كبيراً جداً، لا أعرف لماذا يرفعون سقفه إلى السماء، على شكل هيكل صفيحي مجسم هابط من الفضاء، وفي قلبه خمسون بقرة حلوباً..

 وبين أبقاره التي يستعرضها لي فخوراً يسألني مازحاً، هكذا ودون مواربة:

"هل نكحت هذه الصبية الهولندية الجميلة؟" فأقول:

"لا طبعا!" فيقول: " إذن لا خير فيك، ولا في علومك!" ويقهقه عالياً!

أشاهد الأبقار تأكل السيلاج المجفف، وفوقه العلف المُركّز، وإحداها تشرب من صحن مثبت على عمود أمامها، تضغط عليه البقرة بذقنها، فيصب الماء في الصحن، وعندما ترتوي ترفع رأسها، فيتوقف صنبور الماء عن التدفق..

يأتي موعد الحليب المسائي، فيُلبس مايكل شفاطات الحليب بأضرع الأبقار، كل اثنتين ثلاث بقرات يسيطر عليهن معاً، وأما الحليب الممتص، فهو يذهب داخل الهيكل عبر مواسير صاعدة منتشرة هابطة متجمعة، مثل أوردة الدم المنتشرة داخل الجسم، لتصل في النهاية إلى القلب..أقصد إلى خزان الحليب الذي نصل إليه معاً خارج الهيكل، وهو عبارة عن ثلاجة أسطوانية كبيرة من الحديد غير القابل للصدأ، تحفظه بارداً إلى أن تأتي سيارة جمع الحليب، والتي هي أيضاً ثلاجة دائمة التبريد، على شكل خزان أسطواني كبير تمر على المزارع بشكل دوري، فتشفط حليب خزان كل منها، ويسجل العداد الآلي فاتورة، فيعطيها سائقها إلى صاحب المزرعة، أو يضعها فوق الخزان، وينطلق إلى مزرعة أخرى..

يقول لي المزارع مايكل الذي يبدو هانئاً سعيداً وهو يعرض حال مزرعته: "هذه دورة يومية للحليب..وأما الأعلاف المركزة، فإن شاحنات توصلها إلى مزرعتنا بناء على طلبنا بالهاتف." ولدى سؤالي، أفهم منه أن لا صراع على مصادر الأعلاف، بعكس ما هو عندنا في بلاد العرب، ولا صراع على بيع الحليب الطازج، الذي كثيراً ما يُغشُّ عندنا، أو يستبدل تماماً بالحليب المجفف الذي لا هو حليب، ولا ما يحلبون، بل قد يكون زيوتاً مهدرجة، أو لا أعرف كيف يغشونها، لتكون على هذا الشكل الذي يشربه العرب "هنيقاً مريقاً، وفي بطونهم يستنصحون!"

هذه التقنيات الحظائرية الألمانية في عامنا 1982م، والتي لا أتوقع أن تؤهل حكوماتنا العربية مزارعينا، ليكون لديهم مثلها، ولو في عام 2050، إذ ما تزال سيارات نقل الحليب بالبراميل- في عز الحر-من المزارع إلى المصانع، حتى اليوم هي شاحنات غير مبردة، فيصل الحليب ساخناً من حرارة الإيمان، وفيه مليارات الجراثيم المتكاثرة على الطُرُقات، بينما أصحاب المليارات لا يخافون من رقابة المواصفات والمقاييس، ولا يحسبون حساباً لعمارات مكافحة الفساد التي تجدها متضخمة بضخامة في أضيق الأماكن السكنية، ولا يأبهون لكل الحكومات مجتمعة! ما هو السبب؟ أنت أعرف مني بذلك!

يجيء الليل فنجلس نسهر.. فتحضر السيدة مونيكا العشاء هي وأنجليكا، فأرافقهما لأتعرف على طريقة صناعتها للطعام، فترحب بي قائلة:

 "هل تريد أن تشارك بصناعة شيء من طعامكم لتقديمه في العشاء؟" فأقول:

"إن الوقت لا يسمح، وحتى لو سمح فلستُ طباخاً ماهراً، ولكنني أستطيع أن أصنع لك صحن سلاطة عربي." 

أطلب قفازات بلاستيكية رقيقة، فألبسها، وأفرم البندورة والبصل فرمة ناعمة، وأضيف إليها بعض أوراق النعناع المفرومة، ولا بد من إضافة شريحة من الفلفل الأخضر الحار مفرومة فرمة ناعمة، وأرش عليها الملح، ثم أخلطها بيدي المغلفة بالقفاز البلاستيكي، فأعصرها وأعصرها، ثم أخلطها وأخلطها، وأصب عليها ثلاث ملاعق من زيت الزيتون، وبالملعقة الصغيرة أتذوقها، لأتأكد من توازن ملحها وحرارة فلفلها، ثم أقول لها: "ما رأيك؟" تنظر طفلتها إلى أمها التي يبدو أنه لم يعجبها الصحن المملوء بالسلاطة الشهية، فتقول:

"خرائي!" هكذا تقولها بكل بساطة غير طفولية:(شايزي!) فتؤنبها أمها المضيفة لنا، مستنكرةً هذا التعبير(الشايزي)!

لا أذكر مَن أكلَ السلاطة اللذيذة، التي لا يعرف ميزتها إلا المتذوقون لأطايب الطعام!

وخلال السهرة، أقتربُ من الرجل العجوز، وأسأله باسماً:

 "لماذا لم ترحب بضيفك أوشر؟" فيقول العجوز منفعلاً:

" أولاد ال.... يقولون إن النازي قتلهم، فسكتنا ولم نقل شيئاً بصفتنا مهزومين، ولكنهم انتقلوا إلى فلسطين ليقتلوا أبناءها، ويشردوا كل من لم يُقتل منهم! المخيف في الأمر أنهم يُظهرون أنفسهم ضعفاء مساكين، باحثين عن السلام، بينما هم لا يفعلون شيئاً سوى القتل والدمار، وإثارة القلق والتوتر في العالم! الفلسطينيون الذين استقبلوهم في بلادهم، وتعايشوا معهم، واستضافوهم خير استضافة، لا يستحقون منهم كل هذا القتل والتشريد!" ينفعل العجوز بهزهزة مقعده المتحرك على عجلات، وهو يتابع قائلاً:

"هم لا يعرفون أن صورة اليهودي الذي كان مسكيناً محاصَراً في الجيتوهات الأوروبية قد تغيرت في عقول الناس الذين يشاهدونهم بالتلفازات على كل الكرة الأرضية وهم لا يقدمون شيئاً للإنسانية سوى القتل.. تراهم لا يعبأون بأحد وهم يعتقلون ويسجنون ويُعذِّبون ويقتلون! هم لا يدركون أن العقل البشري يُسجِّل ويُضمِر، ويُكوِّن انطباعاً لا يمحى من ذاكرته، وأن التاريخ لن يغفر لهم هذا القتل المستمر! هم لم يقرأوا فاوست الذي باع نفسه للشيطان من أجل المعرفة.. ولكن هؤلاء باعوا أنفسهم إلى الشيطان من أجل التحكم في رأس المال العالمي، وللسيطرة على منابع النفط، والمصادر الطبيعية المتواجدة في الصحاري العربية، لينطلقوا من هناك حسب أطماعهم، فيسيطروا على العالم كله! لقد استطاعوا الهيمنة علينا، وإقناعنا برفض هتلر الذي دمرَنا بسلوكه الفردي! قلنا آمين! ولكنهم لم ينتبهوا إلى أنهم يقومون بتدمير وقتل أكثر بشاعة، وأنهم سيواجهون النهاية المحتومة نفسها!" يفجر هذه العبارات العجوز وهو متوتر.. ولإنهاء هذا الحديث الذي أحرجها، تقوم ابنته،  فتوجّههه بعجلات كرسيه إلى غرفة نومه، وتغلق الباب عليه!

 أحاول الخروج من تأثير حديث العجوز على حضورنا، فلا أجد غير سؤال مايكل ومونيكا عن قصة حبهما وزواجهما، فتقوم المرأة وقد احلوّ الكلام، وتحضر لنا نوعاً من الجعة التي لا يستغني عنها بيت ألماني،  ومشروباً منعشاً مسكراً إذا زيد عن حده، يدعى (شنوبس)، وهو نوع من الفواكه المخمّرة، بالصنعة الألمانية المنزلية، تقدمهم على المنضدة إلى جوار إبريق ماء وعدة كؤوس، ليختار كل منا ما يناسبه، فأفضلُ شرب الماء، فيقول لي مايكل الذي كسر الحواجز الرسمية فصار صديقي:

 "لماذا الماء؟" فأقول وأنا أتناول كأس الماء خجِلاً:

"عندنا مثل يقول: (لا شيء يروي كالماء)" فيقول ضاحكاً وهو يرفع كأس الجعة:

"وعندنا مثل يقول: لا شيء يروي كالبيرة!"

تقدّم السيدة كأساً صغيراً من (الشنوبس) إلى الصبيّة الهولندية، بحجم فنجان القهوة التركي، وتدلق في فمها محتويات كأس آخر، بينما يحدثنا زوجها عن قصة غرامهما، وهي تنظر باسمة إلى أنجليكا التي تجلس بيننا بكل صمت وأدب، فيقول:

 "كنا قد ذهبنا صبيين فقيرين إلى معهد تعلُّم الحلب وخدمة الأبقار في منطقة قريبة من هنا، ونظراً لابتداء اسمينا بحرف الميم، كان عملنا يأتي دائماً في مكان واحد، وبعد تخرُّجنا، جاء ترتيبنا في العمل معاً لدى رجل عجوز يملك هذه المزرعة، فعملنا لديه عدة سنوات، إلى أن وقعنا في الحب، بينما وقع العجوز في الوفاة.. حزِنّا عليه كثيراً، ولكننا فرحنا كثيراً عندما أعطونا حق الأولوية في تملكها بسعر مخفض، وبالتقسيط المريح، الذي رحنا نجمعه معاً من توفير المزرعة..وبعدها صرنا نُحَسِّنُ ونطور..إلى أن أحدثنا بيت السكن، وأنجبنا هذه الطفلة الجميلة، وها نحن نستمتع بتضييفكم معنا!"

بعد دورة الحلب الصباحية، تشرب الأبقار ثم تُخرج من الخان، فتسير في موكب "تغيير جو" مشمس رطب دافىء جميل، وكأنها تعرف طريق نزهتها، وتسعى للتمتع برعي طعام شهي في الهواء الطلق، ويسير مايكل خلفها بجرّاره متعدد الأغراض، بالطبع أنا أركب إلى جواره، بينما هو يوجّه أبقاره إلى أرضه المسطيلة الشكل، وذات العشب الأخضر، المسيجة بأسلاك شائكة، والتي مساحتها حوالي مائة دونم، وهو يجعل لها في كل يوم مساحة محددة لترعاها.. بحيث يضع أمامها سلكاً كهربائياً، ومثله خلفها، يعملان ببطارية ذات ذبذبات منخفضة، تلسع، ولكنها لا تؤذي..فترعى الأبقار اليوم في هذه المساحة المحددة بالأسلاك الأربعة، وغداً في المساحة التي تليها، وما أن ينتهي الشهر، حتى تنتهي أجزاء الرعي المحددة، فيعيدها لترعى في المساحة الأولى، التي رعتها قبل شهر.. كل يوم مساحة جديدة، والسماء هناك تمطر يومياً يا حبيبي، أو يوماً بعد يوم، فتنبت الأعشاب، وتغسل ما علق عليها من روث الأبقار وبولها خلال الشهر الماضي، الذي يتحول إلى سماد عضوي طبيعي، فتعود الأعشاب بعد الشهر نقية خضراء نضرة يانعة! ماذا تريد أجمل من هذا المرعى، وأنظف من هذا الحليب؟

يتركها السيد مايكل ترعى على مهلها، بينما نعود معاً إلى هيكله الفضائي الكبير، فيغسل الأرض وينظفها تحت مهاجع الأبقار بكل جد وإتقان، ثم تتبعه زوجته برش القش على الأرض النظيفة المبلطة بالإسمنت، وتعبئة المعالف بأغذية السيلاج المجفف، أو بالتبن والأعلاف المركزة، فيتعاونان على الحياة التي تزهو لهما مع الطفلة السعيدة، التي كنا قد شاهدناها هذا الصباح وهي تذهب إلى الروضة بحافلة صفراء جميلة تتوقف عند باب بيتهم، فتزوِّدها الأم بحاجياتها، وتمسكها بيدها وهي تصعدها إلى الحافلة، ثم تستقبلها بعد الظهر فرحة سعيدة بعودتها.. أنتبه إلى عدم وجود عمال وافدين للخدمة في مزرعة السيد، ولا خادمات شرقيات في مطبخ السيدة!

أسأل مايكل عن المشاكل التي يتعرضون لها في حياتهم المزرعية، فيقول بكل ثقة وسعادة باسمة على وجهه:"لا مشاكل لدينا، فلوازم المزرعة تصلنا بسعر ثابت، وبشكل منتظم، ومبيعاتنا تتم أيضاً بسعر ثابت وبشكل منتظم، وكما تشاهد، فكل ما نحتاجه نجده بين أيدينا." يضحك فيقول:

 "لا تستهن بالمزارعين، فنحن في اتحاد المزارعين وحدنا نستطيع إسقاط الرئيس اليوم، وذلك بسحب الثقة منه في البرلمان، ولذلك تجده شديد الحرص على إرضاء فئة الفلاحين والمزارعين، أكثر من حرصه على إرضاء أهل المدينة، رغم كثرتهم العددية، ذلك لأنهم لا يتكاتفون معا في مثل هذه الأحزاب، بقدر ما يبحث كل منهم عن مصلحته الذاتية في الصناعة، أو التجارة، أو السياحة!"

لا أستطيع أن أقول له إن المزارعين والفلاحين عندنا يتم إفقارهم لمصلحة أصحاب رأس المال، المتربصين بالبقرة الواقعة، ليهجموا عليها، ذلك لأن رأس المال المتوحش ينطلق من بلاد العم كارل ماركس الألماني، ليبول في بلادنا!

بعد قضاء أربعة وعشرين ساعة في بيت المزارعين الأكارم، تعيدنا السيدة مونيكا إلى المعهد، فتجلس أنجليكا هذه المرّة إلى جوارها، بينما أعود جالساً في المقعد الخلفي كما أتيت، وكل منا يفكر في شيء مختلف!

 

 

 

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف