الأخبار
إسبانيا تطلب رسمياً الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام "العدل الدولية"إدارة بايدن تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار بغزةاطلع على قائمة رؤساء الولايات المتحدةواشنطن تقدم مساعدات لإسرائيل بنحو 6.5 مليار دولار وتراجعها مع غالانت سطراً بسطرمسؤول أمريكي كبير يطالب بإغلاق الرصيف البحري قبالة شاطئ غزةليبرمان: نحن نخسر الحرب بغزة والردع الإسرائيلي تراجع ونتنياهو يتحمل المسؤوليةجيش الاحتلال يشن عملية عسكرية مباغتة في حي الشجاعية ونزوح آلاف المواطنينمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 16 جندياً باستهدافهم بعبوة ناسفة في جنينأفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزة
2024/6/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

راعية الإوز ترجمة : حماد صبح

تاريخ النشر : 2012-07-15
بسم الله الرحمن الرحيم
راعية الإوز ترجمة : حماد صبح
ذات يوم في خالي الزمان البعيد كان ابن أحد الكونتات الأقوياء يتجول في أرض قفر ، فالتقى امرأة عالية السن
كثيرا تربط حزمة كبيرة من العشب الأخضر ، فسألها : ماذا ستفعلين بكل هذا العشب ؟
_ أحمله إلى بيتي لإطعام إوزي .
_ ثقيل عليك جدا . دعيني أساعدك !
قالت : بكل الرضا .
ثم إنها وضعت حزمة العشب على ظهر الشاب بقوة كبيرة تخالف ما يوحي به جسمها الضعيف وأردفت : احمل
أيضا سلال تفاحي !
فسأل الشاب المسكين المثقل بالحمل : أهي بعيدة ؟
_ لا تزيد على مسير ساعة . هيا ! سر !
ارتفعت الطريق وعرة وسخنت الشمس حرارة وتدحرجت الحجارة تحت الأقدام وثقل العشب رصاصا ، وكان التفاح في ثقل البرونز ، فقال الكونت الشاب متوقفا لالتقاط نفسه : ما عدت قادرا على السير .
فقالت العجوز ضاحكة : آه! آه ! شاب وقوي ولا تستطيع حمل ما أحمله كل يوم . لماذا تقف ؟
وضحكت ضحكة أجمل من الأولى وقفزت واقفة فوق حزمة العشب ، فترنح الشاب ذلك أنها مع صغر حجمها
ونحفها كانت أثقل من برميل مملوء خمرا . صاح الكونت محاولا بكل قواه التخلص من كل حمله : كفى يا ساحرة يا عجوز !
لكن التخلص من الحمل كان مستحيلا . بقيت السلال ثابتة في يديه وبقي العشب ملتصقا بظهره وبقيت الساحرة فوق العشب . قالت له : لا سرور دون ألم . أحتفظ لك بمفاجأة رائعة ، ولكن قبلها يجب أن تمضي في طريقك .
وبعدما قالت ما قالت ألهبت ذراعيه وساقيه بضربات قوية بالشوك . وفي النهاية حين لاح كوخ العجوز على قمة
الجبل كان الكونت في نهاية قواه . ركبتاه ترتجفان ، والضباب ينساب أمام عينيه . وشاهد مع ذلك وسط سرب
من الإوز راعية مرعبة المنظر عالية السن هتماء الفم ، تقدمت إلى الساحرة دون أن تهتم بوجوده قائلة : كم تأخرت يا أماه ! ماذا وقع لك ؟
_ لم يقع لي ما يكدر . بالعكس يا بنتي ! عرض هذا الشاب الودود أن يساعدني ، فمضى الوقت سريعا في صحبته .
وبعد وقت طويل من سرور العجوز بمباهج تلك النزهة وثبت إلى الأرض وحررت حمالها البائس ، فسقط
_ ولا نقول جلس _ على مقعد ونام من فوره وقد أبلاه التعب . وانتزعته يد وحشية بعد وقت مديد من نومه .
كانت يد العجوز التي قالت : هذا جزاؤك . سيجلب لك السعد إن أحسنت استعماله .
ونظر الكونت إلى ما كانت تقدمه إليه . كان علبة زمرد تحوي درة يتيمة ( فريدة ) بيد أنها كانت ضخمة ،
فأثنى على العجوز وغادر المكان في نفس اللحظة . وتبدد إعياؤه الوبيل ، ولكن وجب عليه المسير ثلاثة أيام
بلياليها حتى فارق منطقة الجبل ،فألفى نفسه عندئذ على حدود مدينة لا يعرفها ، فاستفهم عن الطريق إليها
وكان أن قاده إلى قصر . وقد أحسن الملك والملكة استقباله ، ولما كان لا يملك شيئا يقدمه إليهما جزاء حسن
الاستقبال فقد أخذ علبة الزمرد ووضعها فوق ركبتي الملكة ، ففتحتها في الحال فشحب وجهها وغشي عليها .
وبينما كان يجري إنعاشها من غشيتها أخذ الملك العلبة ونظر إلى محتواها وسأل الكونت : كيف حصلت على هذه الدرة ؟ سأعطي كل ما في الدنيا لأكتشف من ضيعتها ؟
قال الكونت : لا أعرف من ضيعتها . أما التي أعطنتيها فلا ريب أنها ليست جديرة بالعجلة في البحث عنها .
وقص ما يعرفه عن الساحرة ، فأصغى إليه الملك باهتمام ورجاه أن يمضي به في اللحظة إليها ، أما الملكة
فبعد أن أفاقت من غشيتها فقد أصرت على الذهاب معهما ، فانطلق ثلاثتهم من فورهم نحوها ، لكنهم ضلوا السبيل إليها بعد أن أرخى الليل سدوله ، ووجد الكونت نفسه وحيدا في وادٍ قفر ، فعزم مبيت الليلة بين أغصان شجرة دردار ضخمة فوق بئر معطلة ( مهجورة ) . وحين شرع يغفو لمح في نور القمر طيف إنسان يهبط الوادي . كانت تلك راعية الإوز . وعند دنوها من البئر رفعت الضفائر الشيباء التي تغطي شعرها الحقيقي
والقناع الجلدي الذي يخفي وجهها ، ومالت على الماء وبللت يديها وذراعيها وسائر بدنها ، ثم بارحت المكان
في بهاء النهار بلونها الذي يشبه زهرة الزئبق ( بالهمزة ) مشرقة العينين واللون الذهبي لشعرها يكسو سائر بدنها
. وكان ذهول الكونت من القوة حتى عجز عن تصديق عينيه بأن ما يراه حقيقة لا خيال ، فأزاح أوراق الشجرة
ومال بجذعه ليرى بصورة أحسن ، فكسرت حركته غصنا ، فأعادت الفتاة قناعها على وجهها في سرعة وعلة نافرة واختفت في الأدغال ، وأقبلت سحابة غمت القمر وسترت فرار الفتاة . نزل الكونت عن الشجرة وتعقب المجهولة المذهلة الحسن ، فلم يدركها إلا أن طريقه أفضى به إلى مكان كان الملك والملكة توقفا فيه ، فأيقظهما
وأخبرهما بما جاء لرؤيته . وزاد كلامه من انفعال الملكة وحماستها فعجزت عن انتظار انبلاج النهار وحضت
الملك على مواصلة البحث دون تأخير . وطال سير الثلاثة في ضوء النجوم حتى إذا بلغوا في النهاية قمة جبل
رأوا نورا . كانت الساحرة ساهرة ترقب القادمين لذا فتحت الباب مع أول دقة منهم . قالت العجوز الشكسة : ما ذا تريدون ؟
فقالت الملكة : سيدتي ! من أين لك هذه الدرة ؟
_ هذه دمعة سكبتها فتاة مسكينة طاردها أبواها .
قالت الملكة : ابنتي أيضا كانت دموعها دررا .
وقال الملك : وأنا الذي طاردتها .
فصاحت الملكة : أخبريني شفقة بي هل ابنتي لا تزال حية أو هل تعرفين مكانها !
لكن الساحرة أبت الإجابة وسألت الملكة عن الجرم الذي اجترحته طفلتها حتى يطاردوها .
فقالت : كان لي ثلاث بنات وكنت أحبهن كل الحب إلا أن صغراهن كانت فضلاهن عندي .
وقال الملك : وكانت أثيرة عندي أيضا إلا أنني وددت يوما أن أعلم مدى حب بناتي لي ، فأجابتني
كبراهن ذات الأناقة بأنها تحبني أكثر مما تحب ثوبها الجميل ، وقالت الثانية التي كانت متأنقة
متغندرة أيضا بأنها تؤثرني على أحسن جواهرها ، وأجابتني الثالثة قائلة : " أحبك حبي الملحَ " ،
عندئذ طردتها وقسمت مملكتي بين الاثنتين الأخريين .
فقالت الساحرة : آه ! آه ! آه ! لا مذاق للأطعمة دون ملح . أرادت ابنتكما أن تقول لكما إن الحياة بدونكما لا
مذاق لها فطردتموها . آه ! آه ! آه !
قالت الملكة : وا أسفاه ! فهمناها متأخرين جدا . نقبناعنها في الغابة والجبل بلا فائدة . لا ريب أن الوحوش
الضواري افترست ابنتنا المسكينة .
قالت الساحرة : لا ريب في هذا .
وقامت وفتحت بابا ونادت : تعالي يا ابنتي !
ولم تدخل عليهم راعية الإوز . دخلت الأميرة الرائعة الحسن التي رآها الكونت على حافة البئر .
ارتمت تبكي فرحا بين حضني والديها فكانت دموعها دررا . وكان الكونت يرقب المنظر صامتا ،
وانتزع عينيه بصعوبة من النظر إلى الأميرة الحسناء . وفكر في طلب عفو الساحرة عنها إلا أنه لم يتعرف
عليها ؛ لأن ابتسامة الفرح بدلت هيئتها ، فأدرك أن تلك العجوز المتناهية الغرابة لم تكن في الحقيقة ساحرة
بل جنية طيبة متخفية . وقد تدخلت في الكلام قائلة : بما أنكما حرمتما ابنتكما المُلك وبما أنني عددتها من ثلاث
سنين في مقام ابنتي ؛ دعاني أقدم لها مهرها قبلكما ! أهبها هذه الكومة من الدرر ثروة لها . هي كل الدموع التي
سكبتها عليكما ، وأمنحها لسكنها كوخ القش هذا الذي عاشت فيه في منجاة من الخطر لا يحزنها سوى فراقكما .
وأقترح عليها أن تتخذ هذا الكونت الشاب الطيب القلب زوجا . لقد أعان عجوزا ترزح تحت حملها وأعان أبوين
أثقل الحزن قلبيهما على ابنتهما .
وما أتمت عبارتها حتى تقوضت أجزاء الكوخ ليحل محله قصر بديع . وأنار النهار الطالع الجبل فأخصب فجأة وعمر بالناس . ولم يعد أحد يرى الجنية الطيبة إلا أن ابنة الملك وابن الكونت عاشا زمنا مديدا سعيدين قويين في نفس المكان الذي كان يصعب فيه في الماضي تغذية سرب إوز .
* الأخوان يعقوب وويلهلم جرم .
* عن النص الفرنسي .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف