الأخبار
2024/6/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية لمجموعة ( ذات خريف) القصصية بقلم:حليمة جوهر

تاريخ النشر : 2012-07-06
حليمة جوهر:
قراءة نقدية لمجموعة ( ذات خريف) القصصية
(ذات خريف) للكاتبة كاملة بدارنة، مجموعة نصوص تراوحت ما بين القصة القصيرة و ( القصة القصيرة جدا) والخاطرة.
هناك بعض العناوين أدرجت تحت القصة القصيرة، لكنها تفتقد لشروط القصة مثل: نص نور السعادة، الصبار، زيتونة وتينة ورمانة وخضراء الأحلام.
النصوص متنوعة ومكثفة تكشف وتنقد الكثير من القضايا الاجتماعية المختلفة التي تسود مجتمعنا، فهي تذكرنا وتكشف عن حقائق كثيرة ربما نغفل عنها كالسلبية والخنوع والطمع والجشع والجهل... والهروب الى احلام اليقظة أو عالم الغيب او اختلاق الاعذار نتيجة العجز عن مواجهة الحقيقة.
كما قلت النصوص كثيرة ومتنوعة، لذا اخترت بعضا منها للحديث:
ففي القصة الأولى (الامتحان) تخبرنا الكاتبة على لسان البطل بأحداث اليوم الأخير لامتحانات المرحلة الثانوية، البطل يعيد شريط الاحداث في ذاكرته خلال آدائه للصلاة. وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على تأنيب ضميره وانزعاجه لموقفه من زميله الذي لم يستطع مساعدته وإعطاءه قليلا من الماء.
وقد استطاعت الكاتبة أن توقف بأسلوب ذكي بين سرد الأحداث والأدعية والسور القرآنية التي يقرؤها المصلي ولكن يبقى السؤال: هل أرادت الكاتبة أن تنقل لنا هذه الصورة المجردة للقصة أم أن وراءها رمز؟ نعم لقد أرادت الكاتبة أن تكشف وتعري السلبية وظاهرة الخوف من ناحيتين: الأولى خوف البطل من المراقب الذي سيطر على وجدانه وأخافه بمجرد وضع علامة على دفتره وتهديده مما أفزعه ومنعه من الالتفات الى جاره، وهذا ينطبق على حال الكثيرين ممن يخافون من أصحاب السلطة أو على رؤساء وحكومات العرب متمثلة في مصر التي لم تبادر بفتح الحدود مع غزه اثناء الحصار الجائر الذي فرض عليها.
أما من الناحية الثانية فهو خوف الطالب الآخر الذي كان يهمس لجاره همسا لطلب حاجة مشروعة ولا تناقض شروط الامتحان فلماذا خاف الطالب ولماذا همس همسا؟ وكأني بالكاتبة تقول: لماذا لم يدق جدران الخزان؟؟
في قصة " يغضبون":
صورة حقيقية لمعظم الآباء الذين يريدون مصلحة ابنائهم ويرون أن الابن الناجح هو الذي يحصل على معدلات عالية، وان الأهل يدركون مصلحة الابناء أكثر منهم لذا فهم يختارون لهم تخصصاتهم ويدفعونهم لدراستها ضاربين بعرض الحائط رغباتهم واهتماماتهم. وأكثر ما يسيء للأبناء تربويا ونفسيا مقارنتهم بإخوتهم أو بأبناء الآخرين من المعارف والأهل.إضافة الى تقريعهم ونعتهم بالفشل وفي كثير من الأحيان ضربهم، مما يجعلهم يفقدون ثقتهم بالأهل وتبدأ لديهم المشاكل والاضطرابات السلوكية مما يجعلهم يبدأون بالبحث عن مكان يرتاحون فيه بديلا عن البيت ينتمون له بدلا من الاسرة، فتكون النتيجة الجنوح والفساد.
تنهي الكاتبة القصة باستغاثة الابن أين كنت يا أبي؟ أين أنت؟ لماذا تأخرت ص52 الأب الذي تركه لم يتعامل معه بوعي لكنه جاء في الوقت المناسب لينقذه لكن كم من الأباء الذين يضيعون ابناءهم ولا يدركون ذلك الا بعد فوات الاوانّ!!
في القصة استطاعت الكاتبة أن ترسم صورة منفرة ومقززة ومرعبة لجماعة " عبدة الشيطان" صحيح أنه لا يوجد في مجتمعنا مثل هذه الجماعة إلّا أنه يوجد ما هو أشد خطرا منها والنتيجة واحدة الهروب من حضن الأسرة الآمن الى حضن هذه الجماعات.
في قصة " رحل أبوك":
الوجه الآخر للأب الذي يراقب ابنه ويتابع خطواته ويمنعه من السهر ليلا وفيها إشارة للشباب المراهقين الذين يقودون سيارات الأهل وهم غير مؤهلين.
فكم من الضحايا الذين يسقطون نتيجة تهور هؤلاء المراهقين؟ وكم من المراهقين انفسهم كانوا ضحايا لتهورهم؟ّ تنهي الكاتبة القصة باقتناع الابن بأسباب غضب الأب مما يجعله يجري نحو المقبرة نادما باكيا على والده الذي اصيب بالجلطة نتيجة غضبه على ابنه.
في قصة " حقل الغريب":
إشارة واضحة للتمسك بالأرض وعدم التخلي عنها ببيعها أو تأجيرها " فالأرض كالعرض لا تفريط بها ولا مساومة عليها" وهي دعوة الى التمسك بكل ما هو أصيل بعيدا عن مظاهر الحضارة الزائفة، فكما ورد في القصة :" الويل لأمه لا تأكل خبزها من قمح حقلها" ص62.
قصة " ذات خريف" :
هناك مثل يردده بعض العامه:" الشجرة اللي ما بتثمر قطعها حلال" وهو إشارة الى المرأة العاقر ودعوة لزوجها بتركها والزواج من أخرى، لكن التينة هنا مثمرة ولا تزال تجود بثمارها الشهية، وترخي ظلالها الوارفة وهي جذر من جذور الدار لها ماضيها، وجذورها لها عزها ومجدها، شهدت الجلسات السعيدة وسمعت حكايات وقصص أهل الحي وهي الشجرة المباركة التي امتد عطاؤها لأجيال أكلوا من ثمارها الطازجة والمجففة، وهي الشجرة التي ربطتها بصاحب البيت ذكريات الطفولة والشباب تلك الشجرة المباركة التي تمثل الماضي والحاضر يضطر صاحبها لقطعها تحت الحاح زوجته الجاهلة بقيمتها، لكن الزوج يدرك بعد فوات الأوان أنه قطع جذور الماضي وما يربطه به فيندم أشد الندم وهو غير راضٍ عن فعلته لذا يعزو الحادث الذي تعرض له ابنه الى قطع الشجرة والبركه من الدار فيسارع الى العناية بجذورها لإعادتها مثمرة مورقة.
قصة " عصي الدمع":
قصة واقعية تظهر صورة واضحة للاعتقال التعسفي والظلم والتنكيل بالمعتقلين وظروف الاعتقال الصعبة، أسلوبها جميل ومشوق رغم الألم الذي تنضح به كلماتها، استطاعت الكاتبة أن تصور بقدر الامكان ما يحدث داخل المعتقل وفي الزنازين، لكن يبقى السؤال لماذا اختارت الكاتبة للبطل ان يبكي في نهاية القصة بعد كل ما وصفته من صموده وتحديه لجلاديه؟
القصص القصيرة جدا:
بالنسبة لهذه القصص فقد تميزت معظمها بالصور الفنية الجميلة والهادفة حتى إن فكرتها مبتكرة في بعض القصص مثل قصة " ثوب" ص100 حيث يخاطب ثوب الافعى :" يا لتعاسة من خلعتك!! تراها تفعل ذلك بضع مرات في السنة بجهد وحذر أمّا أنا فإني استطيع خلع ثوبي وارتداء آخر كل يوم وأكثر من مرة وبدون صوت" ( انتهى الاقتباس)- طبعا وهنا سر مآسينا.
قصة " يأس كرامة":
فكرتها جميلة ويمكن استخدامها كلغز لغوي تعليمي.
وهناك قصص اخرى جميلة وواقعية مثل قصتي " صمم" ص94 و " جشع"ص99 وخاطرة نور السعادة ص74.
الأسلوب واللغة:
أسلوب الكاتبة سلس وجميل حيث تنوع بين السرد والحوار الخارجي والداخلي" والفلاش باك" يميزه عنصر التشويق. أما بالنسبة للغة فقد استخدمت الكاتبة الكثير من الصور الفنية والأدبية الجميلة، إلّا أنها في كثير من القصص جاءت متكلفة بشكل واضح.
الأخطاء: هناك أخطاء املائية ولغوية ونحوية، مثلا في ص45 ان أباه ستزداد (سورة غضبه) ربما أرادت الكاتبة " صورة غضبه" او "ثورة غضبه".
ص72: انقضت الثلاثة الأيام والصحيح الأيام الثلاثة.
ص79: أفاقتني فزعا والصحيح ايقظتني، ص112: بعد قليل زمن والصحيح بعد زمن قليل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف