الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل سيكون الأدب المعادلة التي ننطلق منها لحل الأزمات على جميع الأصعدة بقلم:نادية مداني

تاريخ النشر : 2012-07-04
هل سيكون الأدب المعادلة التي ننطلق منها لحل الأزمات على جميع الأصعدة نادية مداني
إنّ في خلق الكون حكمة دقيقة، أرادها الخالق صورة من صور معجزاته وجعل للجاحدين التفوق العلمي ، ليلمسوا معجزاته بعين الحقيقة المجردة، لأنهم يفتقدون للإيمان الروحي ، فجاءت العلوم بمعطياتها وغيرت طريقة التفكير بل تعدتها إلى طريقة العيش، فبالغت وقصرّت حتى أحدثت مضاعفات متجاهلة " مبدأ الوسطية" الذّي نادت به الشريعة الإسلامية قبل ظهور فكرة المعادلات ، وما حوته من ثوابت ومتغيرات على جميع الأصعدة والجوانب والعلوم.
- فجاء علم الاقتصاد بعوامله الإنتاجية وتفاعلاتها فيما بينها من ( عمل، أرض ،تكنولوجيا،رأس المال ، تنظيم" حيث أنّ أي زيادة في نسبة أو نقصان يحدث الخلل وبالتالي ظهور الأزمة، وجاء الاقتصاد الكلي بمعدلاته من ( استثمار، بطالة ، دخل...)
فأضحت المعادلة الاقتصادية ومعادلة العلوم الأخرى لها نفس المنطق والفلسفة والرؤى....
فمثلا لا يتم القضاء على البطالة مائة بالمائة لأنه يحدث مضاعفات ويخلق بطالة أخرى ..
حالها حال المعالج البشري الذي إذا نصح للمريض بالدواء فعليه ان يحرص بعدم خلق داء آخر وهكذا.
الإصدار النقدي ووجود سيولة نقدية في السوق يؤثر على منحى العرض والطلب والعكس .
إن السيولة النقدية في السوق أصبح يهدد تعادلها عالم الاتصال والهوس الذي أصاب الشعوب الذي أحدثه الهاتف النقال وكيف امتص السيولة النقدية بطريقة عجيبة عوض توجهها للادخار الشريان النابض للاستثمار هذا الأخير الذي يسبب انتعاشه كساد في الإنتاج وسوء التسويق الذي يتحكم به اليوم والذي بدوره يتحكم فيه الطلب الذي يخضع لذوق المستهلك وبالتالي النفسية التي يتمتع بها المشتري ، لنجد أنفسنا في علم النفس نجول ونغوص بين داء الاكتئاب والانفصام فتكون نتائج الاكتئاب الثرثرة والانفصام الانتقام الذي لاتخمد نارهما إلا في السوق والتسوق العشوائي دون ترشيد للاستهلاك
هكذا بدأت بوادر المضاعفات تظهر في الاقتصاد وعلم النفس والطب ثم إلى الفلسفة عندما يتحول مصطلح الجرأة إلى وقاحة والحياء إلى الخجل والدين إلى الغلو والصح إلى الإرجاف ، عندما تتعدى الأفكار عتبة الفهم
دون مراعاة للقياس والتنظير والوزن والإسقاط تخلق أزمة ...
أما أن تصيب المضاعفات التاريخ فتلك الكارثة والنتيجة التي أفنى العدو عمره فيها من تغيير في الأبطال والحوادث إلى التشكيك والتمويه فكانا لغته وخلق الغموض والتناقض أسلوبه ومنهجه، لذلك فإن التاريخ يقرأ ولا يكتب ، بل يجب أن تكون القراءة فيه أكثر من مرة ، لإحداث المقارنات وتجنب تكرار الأخطاء البدائية الساذجة التي يحكمها الساعة القانون المشبه بالعصا التي تمسك من الوسط وأي انحراف يحدث مضاعفات
من خلال هذا الطرح نتبين قيمة الوسطية والمعادلة بين الطرفين وهكذا نرى مفهوم المضاعفات أثر على كل المفاهيم والسؤال الذي يطرح نفسه
كيف تحدث المضاعفات في الأدب؟
للإجابة على السؤال نبدأ أولا بتعريف الأدب ، فالأدب اصطلاحا معناه أدب ، مأدبة أي أَدَبَ إلى الشيء دعاه إليه.
حتى إن ّ أحد النّحويين دخل على جماعة تقرأ الشعر
فقال: شعركم كثير الملح، فقالوا: لما
فقال : إنّ النّحو كالملح في الطعام إذ زاد عن حده جاء مبالغ فيه ، حتى الكلمة عن جاءت بعيار ثقيل ، تثمل القارئ فيعود إليها عده مرات كالمدمن الضائع ، فلا يستغنى عنها ولا يستسيغ طعما آخر سواها، أما الكلمة الغامضة فتأخذك إلى أبعد نقطة في البحر فلا تصبح بعدها تفقه طريق العودة ولا الاستمرار في مسيرك ، حتى تأخذك شمسها الراحلة إلى المصير المجهول ...
أما اصطياد القوافي لاصطياد السمع فذاك هو الفخ العميق الذي يسكن في جوفه ثعابين التمويه ...!؟
والغموض في الشعر يغير المفاهيم فالمصطلحات والولوج إلى فلسفة مجنونة لاجذور لها ولا سقف وهنا تظهر المضاعفات وإلغاء وظيفة الشعر التي ولد من اجلها وتلقي بضلالها على البلاغة والصرف
أما عن القصة فلا يمكن أن نرمي بنوازعنا الشخصية في قوالبها وتوخي الشروط منها ( المكان ، الشخصية ، الزمن "شروط تقليدية" المقدمة ، العقدة ، الحل)
وهذا يكون في القصة القصيرة التي تمتاز بلحظة التنوير وعدم تغطيتها بعباءة التجديد لتبرير نقائصنا لأنه سيحدث نقائص ويؤدي بنا إلى جنس آخر من الأدب نجهله وربما لاوجود له أصلا، حالها ،حال الرواية التي نغوص في فيافي حروفها بنفس طويل وبوصلة النقد البناء مرشدنا ، فوجب تقبل التوجيه والنصح ، لنقدم لضيفنا الذي دعوناه وجبة طيبة، نافعة، تمنعه الداء وتعوض الدواء بمقبلات من بديع وطباق وسجع وكناية على الجناس والمقابلة ، فتسيل لعاب قارئها ليقبل عليها بعين الولهان ويبقى يجول بين شوارع أوراقها كزائر مشتاق لا يعرف الملل فتنتعش حواسه ويكون الإدراك مصيرها ونكون بذلك أصبنا الهدف وربحنا مستثمرا جديدا بأسواقنا يتمتع بذوق سليم ونفس مشرقة وقلب صبوح لا يكدر صفوه احد ولا يلعب بمزاجه مازح أو مستفز...
- إن الأدب علم إنساني يستمد روحه من حروف الفرقان الكريم ، فينأى عن الغموض والالتباس ويتحلى بالوضوح والفهم الحقيقي
لأن الوسطية منهجه وأسلوبه وليس للمضاعفات بأفنان دخيلة على وريقاته وأزهار ه ليكون لباب أفكاره الزهرة البرية التي لا تموت.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف