الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحاذق بقلم:نبيه إسكندر الحسن

تاريخ النشر : 2012-06-29
نبيه إسكندر الحسن
الحاذق
لقبه أهل الحي بالحاذق ،فهذا اللقب يعود إلى زمن طويل ، لأن ولادته تمت بعملية قيصرية مما جعله وحيدا لوالدته وعلينا أن لا ننسى السبب الذي ، جعل والده أن بصطحب والدته إلى طبيب نسائي حبن زرع البذرة في رحمها ،لقد تعرف على الطبيب من خلال أحد أصحابه ، يومذاك اقترح عليه أن بستأجر غرفة في المدينة ويوكل للحاذق بإدارة الدكان في القرية ،وحين تسنح الفرصة يقوم بزيارتهما ...وقبل أن يرحل والده أخبره أن جده أحد رجال الآغا الذين يعرفون أسلوب التعامل مع الفلاحين وبعد موتهما لم يبق لهما آثر سوى بعض التجار والأطباء ،وكما يقول المثل (كرمى عين تكرم مرج عيون ) .
هذا ما جعل والده موفقا بالتعامل مع أصحاب جده ، منهم الطبيب المشرف على معالجة والدته ،فطيلة أيام الحمل وهي تقف على يد الطبيب الذي قام بمعجزة ولادته سليما معافى ، وقد نذر والده عجلا من البقر وأقسم أنه سوف يذبحه عندما يدخل المدرسة ، لهذه الأسباب أطلق عليه اسم الحاذق ومع أن هذا الاسم لا يختلف عن باقي الأسماء .فقال :" لهذا كان للاسم عندي أهمية خاصة لأنه يذكرني كيف تمت ولادتي ، ومن ناحية ثانية دفعني لأكون حاذقا .لقد درست وسافرت حتى تعلمت أشياء كثيرة ، فاكتسبت من العلوم والمعارف ما عجزت عنه عائلة الآغا طيلة قرن... حين عدت إلى الوطن عملت قصارى جهدي لأرتب تحت أنفي شاربين عربيين ،وجلبت معي من كل بلد أوروبي خفيف المحمل غالي الثمن نظارة ألمانية شفافة لا هي طبية ولا شمسية ،وعدد من الأحذية الإيطالية وأشياء كثيرة... ولم يكن يخلو عقلي من الثقافات الروحية المتعددة ولا من الأفكار الاشتراكية، وخصوصا الفوضوية ،فأنا من التصق بالأصل أما قلت أنني الحاذق .وأنتم على دراية أن المرء بحاجة للعمل، لذا شحذت براعتي وبحثت عن عمل ،وبعد جهد حصلت على وظيفة في الشؤون ولكن لا لشيء سوى أن أكون صادق معكم وللأمانة التاريخية لقد اشتريت الوظيفة ...ولم لا ؟أليس ممن علمتهم التجارة دفع التسعة مقابل الحصول على العشرة ؟ألم ترضيكم براعتي ؟وربما أنني أتمتع بالإخلاص للعمل ..تركت كافة الأعمال الهامشية وتفرغت إلى أعمال الوظيفة ،مما جعلني أفوق زملائي تألقا بسبب قانون التسعة من العشرة ،هذا قانون علم الرياضيات ونحن في زمن معجزات الرياضيات ـ دون يمين بالله العظيم ـ فهمت كل الأمور التي تتعلق بالوظيفة ،لذلك أغدق الله علي بثروات لم تحلم بها قبيلة ثمود وعاد فأرجو عدم إساءة الظن ،لذلك أقول :" أتحدى كل من يقول أنها رشوات لا لا (لعن الله الراشي والمرتشي )...
- إذا هدايا ...
- لا..لا أبدا
- كيف ؟.
ببساطة كنت أوظف أموال الصندوق بالفائدة ،هذه العملية لا تحتاج إلا عملية رياضيات ولجان التفتيش ،أدفع التسعة لأحصل على العشرة فالكرم يغطي جميع العيوب .
هز رأسه قليلا ثم أردف قائلا :" أكرموا عزيزا قوم ذل ".
كانت اللجان تزوره إلى البيت قبل مجيئها إلى العمل ،مما يفسح المجال له بتغطية أي نقص في الصندوق ،حيث يحصل على مكافأة بعد كل تفتيش ...أوليس هو الحاذق !...ولكن المهم الآن لقد أصبح على باب التقاعد وبفضل الله وحذاقته جمع ثروة تضاهي ثروات ملوك البترول ،وقد حافظ على ميزة الكرم فما من أحد يشرف بيته أو الشاليه أيام الصيف من أصحاب الشأن إلا ويكون راضيا ،وإذا سألته عن والده ستعرف بأنه عهد به لرجل بارع، استخدمه في مكتب عقاري إضافة لتأجير السيارات واتخذ من السقيفة مكانا لمعاملات الزواج والطلاق، ولم ينس عرض المجوهرات وأشرطة " الكاسيت وال سيدي "،وما إن تسأله حتى يتحفك بمقولة (سبحان الله ما إن يسعى المرء حتى يدفع الله ثمن سعيه).وكتب على باب منزله (هذا من فضل ربي) .فما رأيكم أليس هو الحاذق ؟. المهم أنه سعيد لولا المرض .لكن هذا المرض لا يصيب إلا العظماء ...ثمة أمثلة من التاريخ كثيرة ،لكنني لا أحب التاريخ كثيرا لأن التاريخ كتبه القوي وأرجو من القارئ بأن يعفني من هذه الذاكرة ، قسما ما إن أضع رأسي على الوسادة حتى تراودني الوساوس ،و ترتسم أمام ناظري أشباحا خرافية تثير من روعي ... منها صور لعامل تقبض يده على مطرقة تليق بساعده الأسمر كمدخنة لمصنع الفولاذ ،وفي الجهة الثانية صورة فلاح تشد يده على قبضة المحراث ،وثمة امرأة تميل بمنجلها على سوق القمح ،يلمع تحت أشعة الشمس كأنه سيفا من سيوف أبي " ذر "،فلم الخوف أليس هي مجرد أحلام ؟!.فلم أكتمكم سرا لقد استدعيت الطبيب النفساني ،فنصحني بالنوم منبطحا على مبد أ الرمي منبطحا ،طبقت الطريقة ،فرأيت نفسي في الأتون أشوى على نار هادئة كفروج بلدي ،فاضطررت اللجوء إلى مهندس الديكور بحيث أبتعد عن الطبيب النفساني ،فأخبرته بأن طلاء البيت من ماء الذهب والسقف لونه زهر ...و اقترح بأن أبدل الطلاء بالازوردي ، أخذت بنصيحته ،لكن دونما جدوى من تلك الوصفات ...فجأة كنت على شاطئ البحر فإذا بالعامل يشق الماء ويلوح بمنديل احمر.. غيرت غرفة النوم لكن دونما جدوى ...وضعت البيت برسم البيع ...وأصبحت أنام في المكتب ، لكن أولاد الحرام لا يتركون أولاد الحلال ،ما إن أغفو للحظات حتى يأتي من يعكر صفو نومي ..فمن باب الانتقام أرفض معاملته ،و ثمة بارعون يعرفون السر ...لكن قاتل الله العصبي الذي يجعل يدي ترقص كعقرب الثواني ...أرجوكم فهل من وصفة أنجع ؟.. لكن أرجوكم لا أحبذ كلمة اترك الوظيفة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف