الأخبار
اطلع على قائمة رؤساء الولايات المتحدةواشنطن تقدم مساعدات لإسرائيل بنحو 6.5 مليار دولار وتراجعها مع غالانت سطراً بسطرمسؤول أمريكي كبير يطالب بإغلاق الرصيف البحري قبالة شاطئ غزةليبرمان: نحن نخسر الحرب بغزة والردع الإسرائيلي تراجع ونتنياهو يتحمل المسؤوليةجيش الاحتلال يشن عملية عسكرية مباغتة في حي الشجاعية ونزوح آلاف المواطنينمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 16 جندياً باستهدافهم بعبوة ناسفة في جنينأفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزةأردوغان يعلن دعمه لبنان ويستنكر الدعم الأوروبي لإسرائيلمؤسس موقع ويكيليكس "حر" بعد اتفاق مع القضاء الأميركي
2024/6/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجدة والسيرك .... حلقات قصصية (1) بقلم:أحمد الخالد

تاريخ النشر : 2012-06-22
الجدة ... والسيرك
--------------------


1- الساحة
--------------------

رغم التفتيش الذاتي الذي يصل إلى حد إحصاء أعضاء جسد الداخل ، وتصاريح الدخول المختومة من عدة جهات استطاعت الجدة أن تتسلل لتشاهد الحلقة الجديدة من مسلسل : ( مجبر أخاك لا بطل ) من تأليف وإخراج حفيدها الهندام لتكريم يليق بحفيدها المخلوع تحت مسمى المحاكمة كعنوان معلن للإعلام ... كانت الجدة تكتفي بالسمع من جاراتها والهامسات سرا من قبل ، حتى أنها لم تهتم مع المهتمات بمتابعة سرد أحداث تكريم مجرم حرب وهي الحلقات الأولى التي أذيعت مباشرة من داخل سيرك الخدعة المنصوب للتصوير ... لم تهتم جدتنا إذ لم تكن تشك في ذكاء حفيدها الهندام حليق الذقن ، فتوقعت أن ينجو بنفسه على الأقل بعقد محاكمة حقيقية لحفيدها المخلوع يتخلص بها من المخلوع نفسه ويقضي على أمال أتباعه ليخلو له الأمر على الأقل ، أو ليفز برضا أبناء عمومته وباقي الأحفاد والأبناء فيغفرون له كونه دام الذراع الأقوى للمخلوع ما يقرب من ثلثي فترة قبضته على مقاليد أمور العائلة ... بالتأكيد كانت الوساوس تأكل من الجدة الصدر ، إذ لم يبد الهندام طوال حياته إشارة تدل على هذا الذكاء ....
- ولكن عند الخطوب تعلو العقول عن قدرها !!
هكذا قالت الجدة لنفسها ...
أمام قاعة المحكمة بينما كانت الجدة تمر متخفية في هندام رجل دبلوماسي أجنبي لا راد لخطواته الداخلة المتحركة بين جموع أحفادها وأبناء أحفادها ، رأت الجدة عجائب ... رأت أمهات أحفادها التي لطخ حفيدها المخلوع يده بدمهم ينشرون ملابسهم الملطخة بالدم أمام ساحة السيرك ... يستجدون عدلا بدا - أمر تحقيقه - مستحيلا ، ورأت سيدات ورجال يدقون طبول الفرح بجوارهم .... يخرجون الألسن من الحناجر كأطفال يغيظون الأمهات بتدوير الألسن بين الشفاه ويحملقون بكيد في وجوه الأمهات الثكلى .. ويرفعون أعلام العائلة أيضا ...
وارت الجدة وجهها خجلا مما يفعله أحفادها بشريفات بناتها وحفيداتها المملوءة صدورهن الحزن ...
- كم من أعلام ترفع تستحق التنكيس . ... أعلامكم المرفوعة منكسة بدوافعكم أبناء المخلوع ، من ناصر ظالم أكثر ظلما منه ومن عفا بغير وجه حق أكثر عهرا ممن سلب الحق .. العهر خالط دم بعض أحفادك يا جدة ، عاهر من بحث لقاتل عن مخرج وعاهرة من أغمضت العين عن دموع أم ثكلى وولته شطر قاتله تأييدا ولعقا للأقدام .
الجدة لم تستطع أن تقف كثيرا فلملمت دمعاتها حزنا على الفريقين ووارت وجه تأثرها وكمدها ، حتى لا يكتشف أمرها عسس الهندام المرعوبين من هيئتها الدبلوماسية التي لا ترد لها خطوات .
الجدة سمعت أزيز طائرة .. حسبت الجدة أن حربا قامت فجأة وأن حفيدها الهندام أراد أن يعلن توبته عما هو ماض فيه فحرك جيوش رجاله تضبط أسلحتها جهة عدوهم المشترك بدلا من وجوه أبناء عمومته وأحفاد الناعس ، أو لعله أمر طيرانه أن يتحرك شرقا ليقضي على أعداء العائلة ...
كادت الجدة أن تعلن عن نفسها زهوا بما آلت إليه خلافات أحفادها وتصرخ :
- ها هو الهندام يعود لرشده ويعلن توبته عن قتل رجاله لأحفادي ويختار جهته الحقيقية التي يجب أن يوجه إليها قوة رجاله .
لكن هواء حركة الطائرة ألجم صوت جدتنا ؛ إذ رفع تنورات حفيداتها اللاتي وقفن في فرح ينظرن الطائرة تحط داخل ساحة السيرك سعيدات ، شاهقات لذة بعري أفخاذهن ، صائحات :
- شريفات نحن مولانا السلطان المخلوع إذ يعرينا أزيز طائرتك ، شريفات نحن مولانا ....
وأخريات منهن رفعن غطاء بطونهن صائحات :
- لو أن هواء أزيز طائرتك مولانا يملأ منا الأرحام ننجبها أبناءً وأحفاداً لمولانا السلطان المخلوع ...
موليات وجوههن شطر عدسات تلتقط لهن الصور وتشير كل منهن لنفسها باستفهام الرضا .... كأنه توقيع حضور .
وارت الجدة خدها في مزيد من الخجل .... إذ اكتشفت أن حفيدها المخلوع ينزل من الطائرة الحربية في تابوت من ذهب وعلى أكف الضراعة يحمله رجال الهندام ......
-------------------------------------------------

2 - القاعة
-----------------
أخطأت الجدة الطريق للقاعة إذ وجدت قدمها تقودها لما يشبه حظيرة سيرك حيث تتدرب حيواناته على أداء دورها دون مدرب ...
هذا قرد يعد نفسه بأذن الاستماع ؛ يرتدي بزة من حرير ويجلس على كرسي أمام طاولة عريضة تتبعثر أمامها مجموعتان من حيوانات متنوعة تتدرب في فريقين مختلفين على رفع الأيدي طلبا للإذن بالكلام من القرد الذي يتمتم بكلمات لبعضها مبتسما بينما يرفع العين والحاجب للمجموعة الأخرى تحذيرا ... مبتسما في خبث لأسد عجوز ينام على سرير داخل حلقة من خشب ملفوفة بخيوط من حرير ... كادت الجدة تعود أدراجها ، لولا أنها رأت مشهدا عجبا إذ تبادل القرد والأسد دوريهما وتبادلت المجموعات المبعثرة أمام الطاولة الأماكن ... وسمعت الأسد يلقن القرد ملاحظات حول جلسته وطريقة أدائه في حين يمثل القرد للأسد كيف ينام في سريره نوم العاجز ، مشيرا له بأن أدائه دور الأسد الجريح تشوبه بعض الأخطاء .... تركتهما الجدة في جدالهما كل يلقن الآخر كيف يؤدي دوره معجبة بهما متعجبة من حرصهما الشديد على أن يؤدي كل منهما دوره على الوجه الأكمل رغم تعارض دوريهما ....
تركتهما الجدة لترى عجبا أكثر إذ التف الفريقان اللذان تبادلا الأدوار وبدا كل منهما يشرح للآخر كيف يتقن دوره ومتى يدفع بالشك وقت التشكك ويرمي بشبكة مد حبل الحفلة ليمتع الفريقان معا الجمهور المتابع ....
ودت الجدة أن تستمر في متابعة هذا التدريب الشيق دون مدرب ... متمنية وقتا ممتعا لجمهور السيرك الرائع الذي يحرص كل حيوانات السيرك كل هذا الحرص لإمتاعه ؛ لولا خشيتها أن تفوتها جلسة المحاكمة التي لم تخرج إلا لها ...
مفاجأة كانت بانتظار الجدة ، إذ سمعت أزيز الطائرة تغادر ساحة المحاكمة والقاعة تعج بالحضور من فريقين يتبادلان أكف السلام والتهاني ويسر بعضهم من أصحاب الخبرة للبعض من الفريق الآخر بملاحظات حول أدائه أثناء المحاكمة ...
سحبت الجدة قدمها وهي تسب وتلعن تأخرها عن دخول القاعة وخرجت تنظر وجوه الأمهات قد ازدادت سوادا وهن يلطمن خدودهن بينما يتأبط فريقي الدفاع أوراقهم خروجا في مجموعات تبدو وكأنها في خصام ... بينما عاريات الأفخاذ مازلن في محاولتهن اليائسة لرد تنانيرهن إلى أفخاذهن التي رفعها ثانية هواء أزيز طائرة المخلوع في طريقها إلى ... إلى أين ... ؟!
الجدة ضربت رأسها بكفها تحاول أن تتذكر ... لكن الذاكرة لم تسعفها ...!!
--------------------------------

3 - المرآة
-----------------------------
عادت الجدة متعبة ، فلم تستطع أن تظل مخبئة لضفائرها طيلة هذا الوقت مفرودة تغطي ظهرها خلف سترة الدبلوماسي الغربي التي كانت تتنكر في زيه ... خلعته وارتدت زيها المعهود بألوانه الثلاث العتيقة ، شعرت أن جدائلها تهدلت وأن شعرات بيض إليها تسللت إذ كتبت خصلاته البيض لعين الجدة أن ما رأت في الساحة لم يكن تدريبا بل كان مرآة مصقولة تشبه كرة الساحر البلورية لكنها هذه المرة التي لا تعكس صورة قدر ما تكشف مضمونا فتصور المعنى .......
فتشت جدتنا صناديقها المهملة عن مرآتها السحرية التي تستعين بها دوما حين يستعصى عليها الفهم - رغم تعبها – حاولت مرارا وتكرارا فمن زمن طال لم تستخدمها ...
مررت الجدة مرآتها السحرية على صورة لحفيدها المخلوع نزعتها من جرائد ملقاة على الأرصفة كانت تدوسها أحذية أبناء حفيدها الناعس وتقبلها لاعقات لها بنات ليل - كما ارتسمت ملامحهن لعين الجدة - فهال الجدة ما رأت إذ عكست المرآة صورة للقرد خلف الطاولة الممتدة في قاعة التدريب داخل السيرك ...
لم تصدق الجدة المرآة ؛ تشككت فمسحت عنها غبار الزمن وأعادت تمرير المرآة على صورة حفيدها المخلوع فعكست صورة الأسد العجوز داخل القفص الخشبي المزين بخيوط الحرير ،
- هل تاهت المرآة أم أن خطوب الأحداث ثقلت على عقلك ؟!
تساءلت الجدة مندهشة ، غير مصدقة يختلط عليها أمر ساحة التدريب بقاعة المحاكمة حيث لا تجد فاصلا محددا بينهما في المرآة ، فخيل إليها أنها قد دخلت قاعة المحكمة دون أن تدري ، إذ رأت صور للفريقين المتنازعين قد صارت عرائس من خشب تتدلى مرة من سترة القرد الحريرية ، وتتراص مرة أخرى حول سرير الأسد العجوز تلثم مخالبه ، ساجدة بين يديه وهو يربت على ظهورها المحنية علامة رضا القائد عن عبيده المخلصين .... رافعا يد التهديد لفراغ وضح لعين الجدة جموع أحفادها لا يستثنى منهم حتى بنات الليل اللاثمات لصورته ... وقبل أن يرفع يده بعلامة نصر ... لم قبضته علامة تمهل ...
- هان حفيدك المخلوع يا جدة ، هل سترينه بعين أبناء حفيدك الناعس ؟!
قالت الجدة لنفسها وهي تعيد مسح وجه المرآة المصقول في زيها المصقول وأعادت التحديق في المرآة فرأت حفيدها المخلوع على سرير المرض في ذات القفص الخشبي يرقد هذه المرة مومياء تشبه تماما مومياء حفيدا كان من زمن طال وقت العزة ...
وارت الجدة عينها خجلا رغم تحول جثته رميم إلا أنها لم تتخلى عن عورته ، مكشوفة ضامرة متآكلة لكنها بقيت تفوح بنتن الموت وتخرج ديدانا تسعى فوق جثة حديثة عهد شهقت الجدة إذ لمحت فيها صورة حفيدها الهندام حليق الذقن تتراص حولها صور لأجساد مقتولة حول النعش تحمل ملامح أبناء حفيدها الناعس تنظره تلوم ... تحيطه تزوم .... لكنها أبدا لا تنهشه .
مسحت الجدة يائسة على جدائلها سائلة في يأس :
- أهٍ يا جدة هل حكم هامان عائلتك حين قتل حفيدك الفرعون .... ؟!
--------------------------------------------
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف